كيف تعاطى الإخوان مع زيارة الرئيس المصري لأنقرة؟

كيف تعاطى الإخوان مع زيارة الرئيس المصري لأنقرة؟

كيف تعاطى الإخوان مع زيارة الرئيس المصري لأنقرة؟


05/09/2024

لا شك أنّ التقارب المصري التركي يشكل هاجساً لدى جماعة الإخوان، التي تعتبر تركيا ملاذاً آمناً، هرعت إليه قيادات التنظيم في أعقاب ثورة 30 حزيران (يونيو) التي أسقطت التنظيم عن حكم مصر، وما أعقبها من تحقيقات واسعة حول التنظيم أثبتت تورط قادته في عمليات إرهاب وتخريب. 

وتشكل زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، وهي الأولى من نوعها منذ توليه حكم البلاد منذ عام 2014، حدثاً مفصلياً في عملية التقارب بين البلدين، بعد زيارة مماثلة أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في شباط (فبراير) الماضي، عقب أعوام من القطيعة على إثر الدعم التركي لجماعة الإخوان المصريين، وتبنّي حالة عداء للدولة المصرية. 

وقد سبق زيارة أردوغان إلى مصر أكثر من عامين من المفاوضات بين البلدين، للتقارب وإنهاء الخلافات، تزامنت مع إجراءات تركية صارمة ضد التنظيم، شملت وقف النشاط الإعلامي، وطرد عدد من القيادات خارج البلاد، ومنع جميع عناصر التنظيم من توجيه أيّ انتقادات للدولة المصرية من داخل الأراضي التركية، وتشير توقعات إلى مزيد من الإجراءات خلال الفترة المقبلة، لكنّها لن تشمل تسليم قيادات التنظيم المطلوبين لدى القاهرة. 

كيف تعاطى الإخوان مع زيارة السيسي؟ 

بحسب مصدر مقرب من الإخوان، من داخل تركيا، أصدرت السلطات، تزامناً مع زيارة أردوغان للقاهرة، تعليمات صارمة لعناصر التنظيم بعدم تناول العلاقات مع مصر، سواء من خلال منصات التواصل الاجتماعي أو المنصات الإعلامية التابعة للإخوان، وتوعدت بملاحقة المخالفين. 

 الأولى من نوعها منذ توليه حكم البلاد منذ عام 2014

ويوضح المصدر لـ (حفريات) أنّ قيادات أمنية تركية اجتمعت في وقت سابق مع قيادات من التنظيم وأبلغتهم تعليمات صارمة بشأن ملف المفاوضات مع مصر، وحذرت من تناول التقارب بأيّ شكل، كما طالبت بإبعاد مجموعة من عناصر الإخوان خارج البلاد، لكنّها تعهدت في الوقت ذاته بعدم تسليم المطلوبين للقاهرة، والاكتفاء بوقف أيّ نشاط يتعلق بالإخوان من داخل الدولة التركية، وبشكل محدد التوقف عن مهاجمة القاهرة. 

 

السلطات التركية أصدرت منذ عدة أشهر، تزامناً مع زيارة أردوغان للقاهرة، تعليمات صارمة لعناصر التنظيم بعدم تناول العلاقات مع مصر، سواء من خلال منصات التواصل الاجتماعي أو المنصات الإعلامية التابعة للإخوان، وتوعدت بملاحقة المخالفين. 

 

وقد وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ظهر الأربعاء إلى أنقرة في أول زيارة رسمية له إلى تركيا منذ توليه الرئاسة، وذلك بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في استقبال الرئيس المصري لدى وصوله إلى المطار.

وكتب الرئيس المصري على حسابه الرسمي بمواقع التواصل الاجتماعي: "أعرب عن سعادتي البالغة بزيارتي الأولى للجمهورية التركية، ولقائي مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث تجمع بين دولتينا العريقتين علاقات تاريخية وشعبية متأصلة الجذور، كما تربطهما علاقات سياسية قوية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد الزعيم المؤسس مصطفى كمال أتاتورك".

وأضاف الرئيس السيسي: "لعل زيارتي اليوم، ومن قبلها زيارة فخامة الرئيس أردوغان للقاهرة، تعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا، استناداً لدورهما المحوري في محيطهما الإقليمي والدولي، وبما يلبي طموحات وتطلعات شعبينا الشقيقين".

ووفقاً لوكالة أنباء الأناضول التركية، من المقرر توقيع نحو (20) اتفاقية بين مصر وتركيا في مجالات الدفاع والطاقة والسياحة والصحة والتعليم والثقافة، ويستهدف البلدان زيادة حجم التجارة بينهما من (10) مليارات دولار حالياً إلى (15) مليار دولار خلال المرحلة الأولى من خطة دعم العلاقات بين البلدين بعد قطيعة دامت أكثر من (11) عاماً. 

ماذا ينتظر الإخوان؟ 

يقول الصحفي المصري المختص بالشأن التركي حمادة عبد الوهاب لـ (حفريات): إنّ العلاقات المصرية التركية شهدت تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث تقاربت وجهات النظر بين البلدين بعد أعوام من التوتر والقطيعة. 

هذا التقارب، وفق عبد الوهاب، له تأثير مباشر على جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها السلطات المصرية تنظيماً إرهابياً، بينما كانت تركيا في السابق ملاذاً آمناً لكثير من قادة وأعضاء الجماعة بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر عام 2013، ومع تحسن العلاقات، بدأت تركيا في اتخاذ إجراءات تضييق على أنشطة الجماعة على أراضيها، ممّا أدى إلى تقييد حرية الحركة والأنشطة الإعلامية لكثير من قادة الجماعة. 

🎞

وبالطبع هذه التغيرات تعكس تحولاً في موقف أنقرة، فقد أصبحت تولي أهمية كبرى لتحسين علاقاتها مع القاهرة على حساب دعمها السابق للإخوان المسلمين.

في السياق نفسه، شهدت الجماعة تضييقات أمنية ملحوظة من قبل السلطات التركية، حيث طُلب من العديد من أعضاء الجماعة إيقاف أنشطتهم السياسية والإعلامية، كما تم إغلاق بعض القنوات الفضائية التي كانت تروج لأفكار الجماعة وتنتقد النظام المصري. 

هذه الخطوات أثارت قلقاً بين صفوف الجماعة، بحسب الصحفي المصري، حيث يرون في هذه التحولات تهديداً مباشراً لوجودهم ونشاطهم السياسي داخل تركيا. 

 

حمادة عبد الوهاب: التقارب المصري التركي له تأثير مباشر على جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها السلطات المصرية تنظيماً إرهابياً، بينما كانت تركيا في السابق ملاذاً آمناً لكثير من قادة وأعضاء الجماعة بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر عام 2013. 

 

وأدى ذلك إلى حالة من الترقب والحذر بين أعضاء الجماعة، خاصة مع تزايد الضغوط عليهم لتقليص أنشطتهم العامة وتحركاتهم داخل تركيا. ويُعدّ هذا التضييق جزءاً من إعادة ترتيب الأوراق في السياسة التركية، وتسعى أنقرة إلى تحقيق توازن دقيق بين مصالحها الاستراتيجية وعلاقاتها مع دول المنطقة.

أمّا بالنسبة إلى مستقبل الإخوان المسلمين المقيمين في تركيا، فيقول عبد الوهاب: إنّ التقارب المصري التركي يضعهم أمام تحديات كبيرة. وقد يجد بعض أعضاء الجماعة أنفسهم مضطرين للبحث عن ملاذات جديدة، إذا استمرت الضغوط التركية في التصاعد. 

في الوقت نفسه، قد يسعى بعضهم إلى التأقلم مع الواقع الجديد من خلال تقليل أنشطتهم العلنية والتركيز على العمل التنظيمي الداخلي. وعلى المدى الطويل، قد يؤدي هذا التقارب إلى إعادة تشكيل وضع الجماعة داخل تركيا، وربما دفعها إلى البحث عن استراتيجيات جديدة للبقاء والنشاط، سواء داخل تركيا أو في بلدان أخرى. 

تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات التركية شنت خلال الأشهر الماضية حملة مداهمات واسعة النطاق على عناصر الإخوان، وقامت باحتجاز من لا يحمل أيّ هوية أو إقامة أو جنسية، كما طلبت من بعض عناصر الجماعة مغادرة أراضيها، وقيدت أنشطة الجماعة إعلامياً، وسمحت بمغادرة بعض الإعلاميين مثل معتز مطر ومحمد ناصر وغيرهما، وفق (العربية).

كذلك فرضت قيوداً مشددة على عناصر الجماعة، وطالبتهم بعدم نشر أيّ أخبار مسيئة أو تدوينات أو تغريدات تنتقد النظام في مصر، أو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهددت المخالفين لتعليماتها بالمغادرة فوراً والترحيل من البلاد.

وكان الرئيس التركي قد زار القاهرة في شباط (فبراير) الماضي لأول مرة بعد قطيعة دامت أكثر من (11) عاماً، ووقّع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما تقرر إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية