
استعرض الأكاديمي الكويتي من أصل فلسطيني سامي العريان الأيام الأولى لظهور جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، في حلقة من بودكاست، بدون ورق، نُشرت على موقع (يوتيوب) في حزيران (يونيو) الماضي، وقال إنّ الحركة تأسست في الولايات المتحدة في الستينيات، واكتسبت قوة دفع كبيرة في السبعينيات.
وأوضح العريان أنّ الجماعة تألفت هناك من طلاب ناشطين في الأوساط الأكاديمية، من الذين قدموا من الدول العربية، وكشف عن وجود توترات بين الطلاب الذين كانوا ينوون العودة إلى بلدانهم، وأولئك الذين يخططون للاستقرار في الولايات المتحدة.
وأوضح أنّ أولئك الذين خططوا للبقاء في الولايات المتحدة، أطلقوا على الحركة اسم "توطين الدعوة"، في حين أنّ الطلاب الذين خططوا للعودة إلى الشرق الأوسط، وخاصة من دول الخليج، كانوا يرغبون في إبقاء مشاركتهم في الجماعة طي الكتمان، بسبب الخوف من الاضطهاد عند عودتهم.
بنية التنظيم داخل الولايات المتحدة
سامي العريان هو أستاذ سابق في جامعة جنوب فلوريدا، كان ناشطاً سياسياً في الولايات المتحدة، ودعي إلى البيت الأبيض عدة مرات خلال إدارتي بيل كلينتون وجورج دبليو بوش. وفي عام 2015 تم ترحيل العريان إلى تركيا، بعد إجراءات جنائية تتعلق بصلاته بجماعات المقاومة الفلسطينية.
العريان أكد أنّ جماعة الإخوان المسلمين كانت موجودة في أمريكا، وكانت تتكون من أشخاص كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين في بلادهم، وجاؤوا إلى الولايات المتحدة للدراسة، أو من أشخاص درسوا هناك. لكنّ هذه الحركة لم يكن لديها خطة واضحة لما يجب القيام به، حيث كان العديد من الطلاب الذين ينتمون إلى الجماعة يخططون للعودة إلى ديارهم، والبعض الآخر لم يكن يريد العودة.
وتابع: "انضممت إلى الجماعة من الناحية الإيديولوجية في سن مبكرة، كنت أعتبر نفسي جزءاً من هذا، لكنني انضممت رسميّاً في العام 1978. كان لديّ صديق هناك، سألته من المسؤول؟ فقال كذا وكذا، لذلك انضممت إلى الجماعة، فقد ذهبت إلى ذلك المسؤول، وأخبرته أنّني أريد أن أصبح عضواً، ففتح لي الطريق، وانضممت إلى الإخوان المسلمين".
ولفت سامي العريان إلى أنّ الجماعة في الولايات المتحدة لم تعرف نظام البيعة، وقال: "لم يسبق لي أن واجهت هذا. في أمريكا لم يكن هناك شيء من هذا القبيل. في عام 1978 كان هناك خلاف واضح وكبير في التنظيم، بين أشخاص استقروا في أمريكا وأرادوا فتح الجماعة، وتحويلها إلى حركة محلية، أطلقوا عليها "توطين الدعوة". وكان لديهم نزاع مع الأشخاص الذين أرادوا إبقاء الأمر سراً. وكانت حركة "توطين الدعوة" يغلب عليها الإخوان من بلدان: العراق ومصر والسودان وفلسطين.
انقلاب فاشل داخل التنظيم
العريان أكد أنّه شخصياً لم يكن لديه أيّ فكرة حول الصراع داخل الجماعة، قائلاً: كنت ما أزال طالباً جامعياً. في الواقع، لقد بدأت بالفعل دراسة الماجستير. وكانوا آنذاك يخططون للقيام بانقلاب. خططت إحدى المجموعات لانقلاب ضدّ الأخرى. أراد قادة الانقلاب التوطين والعمل علانية، وحذر الآخرون من ذلك. واعتقدت أنني أستطيع مساعدتهم، لكن بالطبع طلبت من الإخوة أن يكونوا حذرين لأنّ الانقلاب قادم".
ولفت العريان إلى أنّ أحد الإخوان من السودان جاء في هذا الوقت إلى الولايات المتحدة، وكان على دراية جيدة بالنقابات المهنية، ونجح في إحباط الانقلاب، وأظهر مهارات قيادية مثيرة للإعجاب للغاية، لذلك تم انتخابه على الفور ليكون القائد، وقد قام بدوره بوضع خطة رئيسية للمستقبل. و"كان ذلك في الفترة 1979-1981، وتحت قيادته تقدمت الجماعة في أمريكا بشكل ملحوظ، وتضاعف عدد أعضائها، وأصبحت أكثر تنظيماً".
توظيف القضية الفلسطينية
في ذلك الوقت، كان العديد من الطلاب الفلسطينيين يأتون إلى الولايات المتحدة في الثمانينيات؛ وأنشأت الجماعة مؤسسة مستقلة للتركيز على القضية الفلسطينية، وكان عددهم حوالي (1000-3000)، وقد حاول الإخوان استقطابهم جميعاً، عبر العمل على دعم القضية الفلسطينية.
يقول العريان: "ما رأيته مهمّاً في الجماعة هو القضية الفلسطينية. كنت جزءاً من جمعية الشباب المسلم الكويتي التي أصبحت الرابطة العربية". وأضاف: "كانت الإيديولوجية هي نفسها، لذا لم يكن هناك أيّ جدوى. لقد تم انتخابي لفترتين، في الفترتين الأوليين كنت هناك مدة (3-4) أعوام، وكنت عضواً في اللجنة التنفيذية".
وحول الكيفية التي عمل من خلالها الإخوان على توظيف القضية الفلسطينية، يقول العريان: "في أحد مؤتمراتنا في العام 1980، وكان العديد من الطلاب الفلسطينيين يأتون إلى الولايات المتحدة، وفي ذلك المؤتمر لم يكن هناك أيّ نشاط فلسطيني، وأصبح الأمر مشكلة؛ لذلك قمنا بتشكيل لجنة وكنت رئيسها، وقررنا إنشاء مؤسسة مستقلة تركز على فلسطين، وتأسست بالفعل في العام 1981، وقد استثمرت فيها الكثير من الجهد". وتابع: "كانت لدينا مطبوعة، ورفعنا شعاراً يقول إنّ القضية الفلسطينية هي المنبع الأساسي للحركة الإسلامية والأمة الإسلامية. لاحقاً، واجهت مشاكل إيديولوجية كبيرة وقضايا أخرى تتعلق بالسلوك، لذلك قررت الرحيل، وتركت الجماعة في العام 1983."