هل يشكل "الناتو" العربي منصة ردع إستراتيجي لتعديل سلوك إيران؟

إيران

هل يشكل "الناتو" العربي منصة ردع إستراتيجي لتعديل سلوك إيران؟


02/08/2018

تواترت عدة أنباء صحافية، كشفها مسؤولون أمريكيون وعرب، عن وجود نية لتدشين تحالف إستراتيجي، يضم دول الخليج العربي ومصر والأردن، ويهدف إلى بناء تكتل عربي، يعزز من التعاون السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي، بين تلك الدول، فيما عرف إعلامياً بـ "ناتو عربي"، على غرار حلف شمال الأطلسي.

ويتصدى "تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي"، وهي التسمية التي أطلقها جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي، عن التحالف العربي، في المقام الأول، إلى المشروع الإيراني، في المنطقة، ودورها السياسي والعسكري المتنامي، عبر وكلائها، فيما يعد، من ناحية أخرى، جزءاً من الضغط الذي تفرضه واشنطن ضد طهران، منذ بدء الحصار الاقتصادي عليها، وسياستها الجديدة، بغية "تغيير سلوك" طهران، وتهديداتها المستمرة، كما أعلن وزير الدفاع الأمريكي.

ستتعدد سيناريوهات مواجهة إيران في المنطقة ولكنها ستظل مرهونة بمدى التفاهم بين القوى الكبرى في الملف السوري تحديداً

وكان ماتيس صرح في 26 الشهر الماضي، بأنّ "الهدف لا يزال تغيير سلوك إيران في الشرق الأوسط، ونريدهم أن يغيروا سلوكهم، فيما يخص عدداً من التهديدات، التي يمكن أن يشكلها جيشهم ومخابراتهم ومن ينوبون عنهم ووكلاؤهم".

ما وراء "الناتو" العربي؟

ومن بين الأهداف، التي يرمي إليها التحالف العربي، كما أعلن عنها، هو سعيه لبناء تعاون عسكري، حول ما يتعلق بالدفاع الصاروخي، والتدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن قضايا أخرى؛ مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية.

وبالتالي؛ فالنسخة العربية من حلف "الناتو"، تتوجه نحو إقامة درع من أنظمة الدفاع الجوي، حتى تكون بمثابة حماية، لكل دول الحلف، من الصواريخ البالستية الإيرانية، بالصورة التي تفقد طهران قدراتها الصاروخية، وفعاليتها الإستراتيجية، بشكل كبير.

ومن المتوقع أن تتم مناقشة فكرة إنشاء التحالف العربي، خلال قمة، تقرر مبدئياً، أن تنعقد في واشنطن، في الفترة بين 12 و13 تشرين الأول (أكتوبر).

يسعى التحالف لمكافحة الإرهاب وبناء تعاون عسكري، فضلاً عن قضايا أخرى

وبحسب تقرير صحافي في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإنّ هذا المشروع  قد تمت مناقشته مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بعد فوز ترامب، في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، كما جرت مناقشة التفاصيل، في لقاءات لوفد سعودي، أرسله الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، والتقى مطولاً مع صهر ترامب، المستشار الرئيسي في البيت الأبيض جاريد كوشنر.

اقرأ أيضاً: ما الجديد على الساحة الإيرانية؟

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنّ الحلف العربي يراد له، أن يتشكل من الدول العربية، التي تتبع المذهب السني، والتي تستشعر مخاطر التمدد الإيراني، الذي تستعين بالعصبيات المذهبية، والولاء الشيعي، وهو ما يتقاطع في تهديداته للأمن الإقليمي، مع مخاطر الإرهاب، وتشكيلات العنف المذهبي، والإسلام السياسي.

وإلى ذلك، صرح متحدث باسم مجلس الأمن القومي، التابع للبيت الأبيض أنّ "تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي، سيشكل حصناً في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط".

مواقف إقليمية متفاوتة وردود فعل إيرانية منفلتة

حالة من الاحتقان تتجلى بين إدارتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الإيراني حسن روحاني، والمواقف المنفعلة، التي تغلب على خطاباتهما، التي تعكس مناوشات حادة وغضباً معلناً، خاصة، بعد انسحاب الولايات المتحدة، من الاتفاق النووي الإيراني، وبرز ذلك في التغريدات، التي أطلقها ترامب، رداً على الرئيس الإيراني، وتهديداته، عندما حذر الأخير، ترامب، من إستراتيجيته، تجاه الجمهورية الإسلامية، قائلاً إنّ "الولايات المتحدة الأميركية، أسست إستراتيجيتها، على العقوبات وإسقاط النظام، في طهران، وتفكيك إيران". فيما أكد ترامب عبر تويتر: "لن نقبل بأي تهديد للولايات المتحدة مجدداً"، وخاطب روحاني في تغريدة أخرى: "إياك أن تهدد الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا ستواجه عواقب لم يواجهها سوى قلة عبر التاريخ". وأضاف: "لم نعد دولة تتهاون، مع كلماتكم المختلة، بشأن العنف والموت. احترسوا!".

النسخة العربية من حلف "الناتو" تتوجه لإقامة درع من أنظمة الدفاع الجوي للحماية من الصواريخ البالستية الإيرانية

وعلى المنوال نفسه، جاءت ردود فعل إيران، في ما يتعلق بإعلان "الناتو" العربي، معادية وتحمل هجوماً، حيث قال القائد العام للحرس الثوري، اللواء محمد علي جعفري، إنّ "التهديدات العسكرية الأجنبية التي يطلقها الأعداء ليست جدية للغاية، ولدينا القدرة على التصدي لها، إنها تهديدات فارغة وواهية"، في حين دعا وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إلى تحويل "الضغط الحالي على إيران إلى فرصة، في الأشهر القليلة القادمة، لكي نبرهن للولايات المتحدة، أنه يتعين عليها التخلي عن إدمان فرض العقوبات".

اقرأ أيضاً: خطر إسرائيل وخطر إيران

ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية، عن وزير الدفاع الإيراني، للشؤون القانونية والبرلمانية، رضا طلائي، قوله "على ترامب أن يشعر بقلق بالغ"؛ لأنه "كان ينبغي على ترامب على الأقل أن يستفيد من تجارب رؤساء أمريكا السابقين؛ لأنّ أي رئيس أمريكي وأي صهيوني، هدد إيران حصل على نتيجة معاكسة تماماً، وهو ما سيتلقاه المسؤولون الأمريكيون أيضاً".

مصر تؤكد على أنّ أمن الخليج هو ركيزة أساسية لأمنها القومي

التهديدات والتهديدات المضادة

ويربط الكاتب الصحفي المصري رامي محمد هذه التهديدات والتهديدات المضادة بجملة من المتغيرات إقليمياً ودولياً، رافقت انتخاب الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، الذي كان عليه أن يواجه عدداً من التحديات السياسية، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، التي واجهت سقوط عدد من الأنظمة العربية، إبان الربيع العربي، "ما خلق فراغاً جيوإستراتيجياً، سمح لقوى إقليمية، أن تطمح في التاثير على المنطقة، الأمر الذي أثار قلق الرياض وأبوظبي والقاهرة، على أمن واستقرار الشرق الأوسط".

اقرأ أيضاً: ترامب يطلب وإيران تتمنّع... فهل يحدث اللقاء المنتَظر؟!

ويقول محمد في تصريح لـ "حفريات"  بأنّ المشهد اليمني "كان باعثاً للقلق في الشرق الأوسط، مثلما كان المشهد السوري، يملاً شاشات العالم، ويستدعي مشاعر ومصالح القوى الكبرى، بيد أنه على تخوم المنطقة العربية، تتمترس قوى إقليمة، تحاول احتواءها، عبر توظيف عنصر الدين، واستخدامه مرة، وهو يحمل لواء السنة (تركيا)، ومرة أخرى المذهب الشيعي (إيران)؛ وكلاهما يدغدغان مشاعر المنطقة، من خلال القضية الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: تقرير سرّي دولي حول الحوثيين يدين إيران.. هذا ما جاء فيه

لكن طهران، التي أبرمت مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، اتفاقاً نووياً، "أصبحت ذات يوم مع رئيس جديد، ألغى الاتفاق النووي، وأضحى يناصب طهران العداء، بينما تبدو واشنطن، حريصة على إلقاء تبعات مخاطر مواجهة التحديات الإقليمية، على عاتق أصحابها، وهو ما يتوافق وتصريح أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، بأن بلاده مستعدة لنشر مزيد من القوات في الشرق الأوسط لمواجهة خصومها".

اقرأ أيضاً: هل تعمّق مناورات ترامب أزمات القيادة الإيرانية؟

وأضاف الكاتب المصري، أنّ واشنطن، التي تستعد لإطلاق الحزمة الأولى من العقوبات، ضد طهران، الشهر الجاري، بينما تنطلق الحزمة الأخرى منها، في تشرين الثاني (نوفمبر)، "ستسعى نحو ممارسة أقصى درجات الضغط، على النظام الايراني، من خلال حلف عربي، يتشكل من دول متاخمة جغرافياً، لطهران؛ كالسعودية والإمارات، بجانب القاهرة، التي تعلن أنّ أمن الخليج، هو ركيزة أساسية من مرتكزات الأمن القومي، فضلاً عن الأردن، ومن ثم، ستتعدد سيناريوهات مواجهة المد الإيراني في المنطقة، سياسياً وعسكرياً، ولكنها ستظل مرهونة بمدى التفاهم بين القوى الكبرى في الملف السوري تحديداً".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية