ما حقيقة طلب الحوثيين من بوتين تدخلاً روسيّاً في اليمن؟

اليمن وروسيا

ما حقيقة طلب الحوثيين من بوتين تدخلاً روسيّاً في اليمن؟


22/07/2018

طلب رئيس ما يسمّى "المجلس السياسي الأعلى" لجماعة الحوثيين، مهدي المشاط، تدخلاً روسياً لوقف العمليات التي ينفذها الجيش الوطني لتحرير مدينة الحديدة ومينائها الإستراتيجي غرب اليمن، وذلك في برقية بعث بها الخميس الماضي إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في وقت جدد القائم بأعمال السفير الروسي لدى اليمن أندريه تشيرنوفول، وقوف بلاده إلى جانب الحكومة الشرعية.

وأكد عبد العزيز جباري، مستشار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أنّ "أي حوار قبل كسر ميليشيات الحوثيين عسكرياً هو هدر للوقت وتكرار لفشل مشاورات وحوارات سابقة".

جباري: أي حوار قبل كسر ميليشيات الحوثيين عسكرياً هو هدر للوقت وتكرار للفشل

مساعي الحوثيين لاختراق الإجماع الدولي

ونشرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"-الخاضعة لسيطرة الحوثيين- نص برقية المشاط إلى الرئيس بوتين، التي أعرب فيها عن أمله بأنْ "يكون لروسيا بحكم موقعها وتأثيرها الدولي، دور بارز في العمل لإنجاز تسوية سياسية شاملة". وزعم المشاط وجود "مؤامرة" أمريكية لإحكام واشنطن "السيطرة على البحر الأحمر".

تتمسك روسيا بمبدأ وحدة الأراضي اليمنية و دعمت منذ عام 2011 المبادرة الخليجية لحلّ الأزمة اليمنية

وعلى الرغم من نشر المواقع الإخبارية الروسية الصادرة في اللغة العربية (مثل "روسيا اليوم" و"سبوتنك") لمضمون الرسالة الحوثية إلى بوتين، فقد أكد تشيرنوفول خلال لقاءين منفصلين عقدهما مع وكيل وزارة الخارجية اليمنية للشؤون السياسية منصور بجاش، ووزير الإدارة المحلية عبدالرقيب فتح، أنّ "موقف الحكومة الروسية ثابت في دعم الحكومة الشرعية والحل السياسي في اليمن، بما يعيد الاستقرار والأمن ويتيح تجاوز الأزمة الإنسانية". وأعرب عن أمله بأن "يتحقق السلام والاستقرار لليمن في القريب العاجل".

اقرأ أيضاً: كيف ردّ التحالف العربي على تقرير الأمم المتحدة وانتهاكات الحوثيين؟

وفي تعليقها على الرسالة الحوثية قالت صحيفة "الشرق الأوسط" أمس إنّه وبرغم "أنّ مساعي الجماعة الحوثية لاختراق الإجماع الدولي، قوبلت بالصد، غير مرة، من قبل الصينيين والروس، لكن كما يبدو، أنّ اليأس لم يساور الميليشيات بعد، خصوصاً بعد أن بدأ تركيزها على استثمار الجانب الإنساني والمتاجرة به يؤتي أكله إلى حد ما لدى الدوائر الغربية والمنظمات الإنسانية، إلى جانب ما بات يحدثه العزف الحوثي على هذا الوتر، من اختراقات للدبلوماسية الغربية، التي صارت في الآونة الأخيرة لا ترى غضاضة في التواصل المباشر مع قادة الجماعة وعبر القنوات الرسمية الممثلة في السفراء".

زعم المشاط وجود مؤامرة أمريكية لإحكام واشنطن السيطرة على البحر الأحمر

ركائز الموقف الروسي

وتتمسك روسيا بمبدأ وحدة الأراضي اليمنية والاتجاه نحو حلول سياسية للأزمة في اليمن، وهي دعمت منذ العام 2011 وأيّدت "المبادرة الخليجية" لحلّ الأزمة اليمنية، بل كانت السفارة الروسية في العاصمة اليمنية صنعاء (قبل سقوطها فيما بعد بيد الانقلابيين الحوثيين) غرفة عمليات الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي الرّاعية للمبادرة الخليجية، إلى جانب السفارة الإماراتية التي أدارت منها دول الخليج الرّاعية للمبادرة نفسها سياستها تجاه اليمن حينها.

أيدت موسكو في مجلس الأمن الدولي القرار الأممي الذي صدر في نيسان (أبريل) 2015 ويمنح الشرعية للتحالف العربي

ويؤكد الباحث اليمني فارع المسلمي ("السفير" اللبنانية، 2/9/2016) أنه لطالما كان "هناك تناغم واضح بين مواقف الإمارات وروسيا في بعض تفاصيل الملف اليمني، برغم تباعد مصالحهما نظرياً. كما صوتت روسيا في 2014، لصالح 4 قرارات أممية بشأن اليمن، بما فيها قرار فرض عقوبات على قيادات حوثيّة وعلى الرئيس (الراحل) السابق علي عبد الله صالح". كما أيدت موسكو في مجلس الأمن الدولي القرار الأممي 2216 الذي صدر في نيسان (أبريل) 2015 ويمنح الشرعية الدولية للتحالف العربي الذي تقوده الرياض للتدخل في اليمن بناء على طلب من الحكومة الشرعية في اليمن بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي.

منظوران

ينطلق موقف موسكو، سواء من الأزمة القطرية منذ حزيران (يونيو) 2017 وكذلك من الأزمة اليمنية منذ الانقلاب الحوثي في أيلول (سبتمبر) 2014، على ما يبدو، من منظورين: الأول إقليمي يتعلق بمدى تأثير الأزمتين في الملف السوري والعلاقة الروسية مع إيران وتركيا، والثاني دولي يتعلق بعلاقة روسيا مع الولايات المتحدة وأوروبا.

نهاية آذار الماضي دانت الخارجية الروسية الهجمات الصاروخية الحوثية على الأحياء السكنية والمدنيين

وقد ظهر أن تداعيات الأزمتين واشتعالهما لم يتركا أثراً سلبياً في خطط موسكو في سوريا؛ بل جرت محاولات توسيع إطار "خفض مناطق التصعيد" بنجاحٍ ما يزال مستمراً، كما جرى تشجيع كل من الأردن وتركيا والسعودية على تسهيل الطريق أمام فصائل المعارضة السورية المعتدلة نحو تضييق خلافاتها وتوسيع توافقاتها باتجاه التهدئة والحلول السياسية، وقبول التحولات الدراماتيكية على الأرض عقب التدخل العسكري الروسي في سوريا منذ أيلول (سبتمبر) 2015، وهو ما لفت إليه وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في تصريحاته خلال جولته الخليجية وكذلك إلى الأردن قبل عام تقريباً. وعند هذا الحدّ فُهِم أنّ "بقاء الوضع الراهن" في الأزمة الخليجية، وإلى حدّ ما في اليمن، لا يُعطّل مساعي موسكو وخططها في الملف السوري، ومن ذلك توافقاتها مع إيران وتركيا، وتفاهماتها مع الولايات المتحدة.

تواصل مع حزب المؤتمر الشعبي العام

وكان أحمد صالح، نجل الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، قد التقى في كانون الثاني (يناير) 2018 في مقر إقامته في دولة الإمارات، نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف في اجتماع نادر بين القائد السابق لقوات الحرس الجمهوري ومسؤول أجنبي.

عبدالملك الحوثي بحوار في 23 آذار: للروسي حساباته واهتماماته وسياساته، ولسنا مراهنين عليه ولا نعوّل عليه

وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام" حينها أنّ بوغدانوف قدّم لأحمد صالح واجب العزاء في مقتل والده في كانون الأول (ديسمبر) 2017 على أيدي مليشيا الحوثيين بعد انفراط تحالفه معهم. ونقلت الوكالة عن المسؤول الروسي تأكيده "الدور الذي يمكن أن يلعبه" حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يتزعمه الرئيس اليمني السابق "من أجل التوصل إلى حل في اليمن".

أكدت مصادر روسية، أيار الماضي، إلغاء زيارة لوفد من الحوثيين، فيما قال المصدر الحوثي إنّها تأجلت

موسكو ألغت زيارة وفد حوثي

وكانت صحيفة "الحياة" اللندنية نقلت في (27/5/2018) عن مصدرين في موسكو تأكيدهما أنّ الجانب الروسي ألغى في أيار (مايو) الماضي زيارة كانت مقررة لوفد من الحوثيين. وفي حين قال مصدر مقرب من جماعتهم وقتها إنّ "الزيارة تأجلت إلى موعد غير محدد"، أوضح مصدر روسي أنّ "السفارة الروسية لدى اليمن أخبرت الجماعة أن تأشيرات كانت منحتها لوفد من قيادتها باتت لاغية". ورجح مصدر آخر روسي أن يكون "إلغاء زيارة الوفد نتيجة تغيرات في موقف روسيا من الجماعة"، لافتاً إلى أنّ "موسكو دانت أكثر من مرة وبشدة إطلاق الحوثيين صواريخ باليستية باتجاه أراضي السعودية". وأشار المصدر إلى "علاقات متنامية تجمع السعودية وروسيا التي ترفض إطلاق الحوثيين صواريخ باليستية على أراضي المملكة".

اقرأ أيضاً: هل حانت الفرصة لعزل الحوثيين ووقف الحرب في اليمن؟

وفي نهاية آذار (مارس) الماضي، ورداً على استهداف المملكة، أعربت الخارجية الروسية عن إدانة موسكو بشدة "الهجمات الصاروخية العشوائية الحوثية التي تستهدف الأحياء السكنية والمدنيين". وكان زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي قال في حوار في 23 آذار (مارس) إنّ "للروسي حساباته واهتماماته وسياساته، ولسنا مراهنين عليه ولا نعوّل عليه".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية