"تيار التغيير".. العنف وسيلة الإخوان لاكتساب الشرعية

"تيار التغيير".. العنف وسيلة الإخوان لاكتساب الشرعية

"تيار التغيير".. العنف وسيلة الإخوان لاكتساب الشرعية


19/10/2022

مع وصول الصراع داخل جماعة الإخوان إلى طريق مسدود بين جبهتي لندن وإسطنبول، أعلن التيار الكمالي عن نفسه بقوة، عبر الإعلان بشكل رسمي، من قبل أتباع القيادي الإخواني الراحل محمد كمال، عن ظهور الجبهة الثالثة، والمعروفة باسم "تيار التغيير"، ودخول المشهد الإخواني، بعد نحو 6 أعوام من تأسيس هذا التيار، من خلال وثيقة أصدرها التيار يوم 15 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بالتزامن مع اجتماع قيادات الجبهة الثالثة، التي يتزعمها عدد من قادة الجماعة، من بينهم: نزيه علي، ومحمد منتصر، المتحدث الرسمي السابق باسم الإخوان.

الجبهة كشفت عن أيديولوجيتها الراديكالية، من خلال إعادة قيامها بتعريف الجماعة، كهيئة إسلامية تؤمن بشمولية الفكرة الإسلامية، وتهدف إلى تحرير الأوطان "من كل سلطان أجنبي، أو مستبد ظالم، وتمكين المجتمع، وإقامة نظام يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية".

غلبة النزعة القطبية

اشتملت الوثيقة المكونة من 6 فصول، على تشديد التيار على رفض التعامل مع الدولة المصرية، وانتهاج مسار متطرف، وإصدار دعوات للتظاهر، بالتزامن مع مؤتمر المناخ المقرر في مدينة شرم الشيخ، في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

ويبدو أنّ التيار القطبي، يسعى من خلال الجبهة، إلى إعادة تنظيم نفسه، وقطع الطريق أمام جبهتي إبراهيم منير ومحمود حسين، وضم القواعد الشعبية الغاضبة، في ظل حالة الانشقاق، ويأتي كلّ هذا بالتزامن مع الحوار الوطني، حيث تعلن الجبهة رفضها القاطع للحوار، الذي أعلن القيادي يوسف ندا قبل فترة، عن رغبة الجماعة في المشاركة فيه.

يبدو أنّ التيار القطبي، يسعى من خلال الجبهة، إلى إعادة تنظيم نفسه

التيار هاجم قرار مكتب الإرشاد بالانسحاب من العمل السياسي، والذي أعلن عنه مؤخراً، إبراهيم منير، وقال بيان الجبهة مستشهداً بمقولة المؤسس حسن البنا: إنّ "أيّ حركة إسلامية تستعبد السياسة من أهدافها، لا تكون إسلامية". وعليه فإنّ الجبهة تعبر عن تيار ثوري داخل الإخوان، يتمسك بحرفية التراث السياسي للجماعة، وهو تيار لا يستبعد العنف في مواجهة الدولة والمعارضين له.

الدعم المالي

تقارير متعددة أكدت أنّ جبهة التغيير استفادت من حالة الصراع داخل الجماعة، والتي أدت إلى رفض كثير من الممولين دفع الحصص الخاصّة بهم لأيّ من التيارين المتصارعين، ما أدى إلى تدفق الأموال على هذا التيار، الذي تشكل في الخارج ما بين تركيا وعدة عواصم أوروبية، ومع التدفق المالي، وترتيب الهيكل الإداري للجبهة، جرى الإعلان العلني عن وثيقة الإصدار السياسي، وسط أنباء تشير إلى حدوث تقارب بين هذه الجبهة، وجبهة إبراهيم منير، لكنّ الواضح أنّ الجبهة استفادت جيداً، على الصعيد المالي والدعائي داخل الجماعة، من حالة التصعيد بين الجبهتين.

يبدو أنّ التيار القطبي، يسعى من خلال الجبهة، إلى إعادة تنظيم نفسه، وقطع الطريق أمام جبهتي إبراهيم منير ومحمود حسين، وضم القواعد الشعبية الغاضبة، في ظل حالة الانشقاق

 

التقارير تؤكد أنّ الوثيقة صدرت عقب اجتماع عقدته الجبهة في تركيا، بداعي تنفيذ تعاليم الآباء المؤسسين، حسن البنا وسيد قطب، وأنّها حصلت على مباركة القيادي المسجون، محمود عزت، وقالت تقارير صحفية مصرية إنّ هذا التيار عقد اجتماعه بمشاركة "محمد منتصر المتحدث السابق للجماعة، فضلًا عن رضا فهمي، وعمرو دراج، وحمزة زوبع، وجمال عبد الستار، وعمرو حام".

الوثيقة لم تتجاوز فكرة الجهاد، بل ركزت عليها في أكثر من موقع، ما يعني أنّ التيار ربما يحاول الإعلان عن نفسه بقوة، من خلال التخطيط لعدد من العمليات الإرهابية، في ظل ارتباطها بحركة حسم الإرهابية، حيث ضمت الجبهة العناصر التي تمكنت من الهرب إلى تركيا.

متغيرات إقليمية

وبحسب الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسية، فإنّ وثيقة الإصدار السياسي لتيار التغيير، تتفق مع رؤية الجبهة الكمالية، القائمة على راديكالية المواقف، والإحالة على نهج حسن البنا، كوسيلة لاكتساب الشرعية، رغم أنّها تقوم في مجملها، أي الجبهة، على منهج سيد قطب.

ومن الملاحظ أنّ التيار يتقدم باسم المكتب العام لجماعة الاخوان المسلمين؛ كبديل للجبهتين المتناحرتين، في رسالة إلى كليهما بأنّ البديل أصبح جاهزاً ومستعداً لقيادة الجماعة، في رسالة واضحة لقيادات الجماعة بالسجن، وللقواعد المنضوية تحت لوائها، بضرورة الالتفاف حول التيار، الذي يحاول احتكار الصوت الإخواني، في الداخل والخارج، قبل أن يوجه رسالة للحكومة المصرية، بأنّ أي "مشروع مصالحة لن يتم بتجاهل الجبهة، التي ترفض المصالحة شكلاً وموضوعاً.

ملاحظة أخرى أبداها القصاص، وهي التقارير التي أكدت أنّ الجبهة تتخذ من تركيا مقراً لها، وأنّ اجتماعها التأسيسي الذي صدرت عنه الوثيقة، عُقد في تركيا، وهو في رأيه أمر يرتبط بالتحولات الجارية في الملف الليبي، والاتفاقيات التي عقدتها تركيا مع حكومة الدبيبة، فيما يتعلق بالنفط والغاز، الأمر الذي رفضته كل من مصر واليونان، في اجتماع مشترك لوزيري خارجية البلدين، ويبدو أنّ النظام التركي، وبعد شهور من تقييد عمل الإخوان في أراضيه، قرر اللعب من جديد بورقة الإخوان، من خلال تمرير الاجتماع، والذي ولابد أنّه حصل على تصريح من السلطات الأمنية هناك، وبالتالي فإنّ دلالة ذلك لا تخرج عن جملة التحولات الجارية في الملفات الإقليمية ذات الصلة.

الوثيقة لم تتجاوز فكرة الجهاد، بل ركزت عليها في أكثر من موقع، ما يعني أنّ التيار ربما يحاول الإعلان عن نفسه بقوة، من خلال التخطيط لعدد من العمليات الإرهابية

 

القصاص لفت إلى أنّ المحاولة الأخيرة لا تخرج عن كونها محدودة، ذلك أنّ الجبهة الرئيسية في لندن ما تزال تحظى بدعم قيادات الجماعة، بينما تعاني جبهة محمود حسين من ضمور هيكلها الحركي، مع فشلها في حسم الصراع، وجبهة التغيير لن تكون، بحسب القصاص، مؤثرة في حسم الملف؛ لأنّها تفتقد إلى العمل في الداخل، ووجودها في المنفى ينزع عنها القدرة على التأثير، في المشهد الإخواني المضطرب، وكذا في المشهد السياسي المصري الذي أصبحت الجماعة خارجه منذ أعوام.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية