مع قرب الانتخابات.. هل تنجح الأحزاب الليبية بإقصاء تيار الإسلام السياسي؟

مع قرب الانتخابات.. هل تنجح الأحزاب الليبية بإقصاء تيار الإسلام السياسي؟


25/08/2021

تشهد الحياة الحزبية في ليبيا تطوراً ملحوظاً في ظل مساعي الكثيرين لاستكمال المسار السياسي والوصول بالبلاد إلى بر الأمان، عبر المشاركة في انتخابات برلمانية ورئاسية من المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

 وفي السياق، اعتمدت لجنة شؤون الأحزاب السياسية التابعة للمجلس الأعلى للقضاء الليبي ولوزارة العدل 8 أحزاب لممارسة العمل السياسي، بعد تلقيها 13 ملفاً للحصول على الاعتماد، لممارسة الحياة النيابية داخل البلاد، وإجراء الانتخابات في موعدها، وذلك من أجل وأد خطط جماعة الإخوان لوقف العمل السياسي في الداخل الليبي، وتعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر.

 وقالت اللجنة: "إنها وافقت على منح 8 أحزاب لممارسة العمل السياسي، بعد تلقيها 13 ملفاً للحصول على اعتماد"، وفق ما أوردت صحيفة "بوابة الوسط".

 وقال رئيس مصلحة الأحوال المدنية وعضو اللجنة محمد بالتمر: إنّ اللجنة عقدت يوم الأحد الماضي اجتماعها الثالث لهذا العام، واستعرضت خلاله نتائج أعمالها في الفترة الماضية، ودراسة الطلبات المقدمة إليها من الأحزاب لتسجيلها ومنحها التصريح لممارسة العمل السياسي.

 وأوضح بالتمر في تصريحات صحفية، نقلتها وكالة (وال) الرسمية، أنّ الأحزاب التي حصلت على الموافقة هي تكتل إحياء ليبيا، وتجمع معاً لأجل ليبيا، والحزب الوطني الليبي، وليبيا للجميع، ونداء القرضابية، والحركة الوطنية الليبية، وصوت الشعب، وتجمع تكنوقراط ليبيا.

 وأشار بالتمر إلى أنّ اللجنة رفضت طلب 5 أحزاب لتخلف بعض الشروط، وهي: ليبيا الوطن، وحزب الجموع، وتيار يا بلادي، والتجمع الوطني الحر، وحزب القمة.

 وأضاف عضو لجنة الأحزاب أنّ اللجنة تهيب بالراغبين في تأسيس أحزاب سياسية في ليبيا بضرورة مراعاة الشروط المنصوص عليها قانوناً عند تقديم ملفاتهم إلى لجنة شؤون الأحزاب السياسية التابعة لوزارة العدل.

 

لجنة شؤون الأحزاب السياسية تعتمد 8 أحزاب لممارسة العمل السياسي، بعد تلقيها 13 ملفاً للحصول على الاعتماد

 

 وأعلنت لجنة شؤون الأحزاب الليبية مباشرة عملها بمنح تصاريح للأحزاب لممارسة عملها السياسي منذ 1 حزيران (يونيو) الماضي في مقرها بوزارة العدل في العاصمة طرابلس.

 وطوال الفترة الماضية كان للأحزاب في ليبيا موقفها من محاولة تدخل الميليشيات المسلحة في المنطقة الغربية في الشأن التونسي، وقد أصدرت مجموعة من الأحزاب والتكتلات السياسية أمس بياناً أكدت فيه متابعتها الأخبار المسرّبة عن الأحداث التي من شأنها زعزعة أمن واستقرار تونس، وقالت الأحزاب والتكتلات السياسية الموقعة على البيان إنّ أمن ليبيا واستقرارها من أمن دول الجوار، معلنة إدانتها لمحاولات استهداف أمن واستقرار الشعب التونسي، على يد ميليشيات موالية لتنظيم الإخوان في ليبيا الرافض كل قرارات الرئيس قيس سعيد القاضية بتجميد مجلس النواب الذي تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية.

 

بالتمر: اللجنة رفضت طلب 5 أحزاب لتخلف بعض الشروط المنصوص عليها قانوناً

 

 وتعليقاً على فتح باب التسجيل للأحزاب والكيانات السياسية، قال وزير خارجية ليبيا السابق محمد الهادي الدايري: "إنه يقع لزاماً على الأحزاب المعتمدة أن تقوم بطرح مشاريعها للنهوض بالبلاد من محنتها، سواء تعلق الأمر بالانتخابات النيابية أو الرئاسية، ذلك أنّ الأمر لا يحتمل أن يستمر الارتجال في إدارة شؤون الدولة والعبث بمقدرات الشعب. لا بدّ أن تكون السياسة بمعناها ومضامينها الحقيقية حاضرة وبقوة لتتغلب على أجندة "الأفراد" التي سادت في الأعوام الماضية".

 وتابع الدايري في مقالة نشرت عبر صحيفة الشروق: "هناك أمر آخر لا يقل أهمية عن الدور المنوط بالأحزاب والكيانات السياسية وأجندة ملموسة وفعالة نتوق أن تطرحها على جموع الشعب الليبي؛ فإنّ منح نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان المقبل إلى "الأفراد" و"المستقلين"، مثلما حدث في انتخابات 2012؛ حيث منح 120 مقعداً إلى الأفراد في مقابل 80 مقعداً إلى الكيانات السياسية، سيكون كارثياً، ذلك أنّ قانون الانتخاب الذي سيصدره مجلس النواب الحالي بعد إقرار القاعدة الدستورية قد يمنح نسبة معينة من المقاعد لهذه الفئات، وهو أمر يدعو للاستغراب، خاصة بعد تجربتنا المريرة مع الترشيحات على أساس فردي في انتخابات 2014 وانعكاساتها الوخيمة التي شهدناها.

 

الأحزاب والتكتلات السياسية تصدر بياناً تؤكد فيه أنّ أمن ليبيا واستقرارها من أمن دول الجوار، وترفض ممارسات ميليشيات الإخوان وتدخلهم بالشأن الليبي

 

 وأضاف وزير الخارجية السابق: إنّ غياب الخبرة الحزبية التراكمية في ليبيا وما تجلبه معها من إثراء للحياة السياسية في أي دولة لا يشرعن أساساً حصول المستقلين أو "القوائم الفردية" على نسبة كبيرة من المقاعد في مجلس النواب القادم، لأنّ دول العالم تكتفي عادة بالسماح للمستقلين للترشح في كل الدوائر الانتخابية، بدون تخصيص أي نسبة لهم.

 إنّ الأولوية هذه المرة تكمن في تخصيص نسبة مهمة للمرأة التي أثبتت من خلال ملتقى الحوار السياسي الأخير أنها قادرة على وضع الكثير من الأمور في نصابها، وعلى تمثيل الشارع الليبي أفضل تمثيل بإيصال صوته إلى داخل أروقة الملتقى.

 

الدايري: على الأحزاب المعتمدة أن تقوم بطرح مشاريعها للنهوض بالبلاد من محنتها، سواء تعلق الأمر بالانتخابات النيابية أو الرئاسية

 

 وتابع قائلاً: "لقد علمتنا مسيرة الديمقراطية التي انتهجتها الدول الديمقراطية أنّ الأحزاب السياسية تعتبر ركناً أساسياً لأيّ عملية ديمقراطية، إذ إنها تشكل همزة الوصل الحقيقية بين الشعب وحاكميه، لأنّ تمثيل الشعب قد يأتي من خلال شخوص لهم أجندات ذاتية.

كما أنّ الوقت قد حان لتشرع ليبيا في اللحاق بركب الديمقراطية التي تتطلب فعلاً وقتاً طويلاً لبلوغ مرحلة النضج، ولكن لنبدأ هذه المسيرة بطرح الكيانات السياسية لأفكار ورؤى تساعد في إخراج البلاد من محنتها الخانقة الحالية".

 ومع اقتراب الموعد المحدد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية في نهاية العام الحالي، قالت بعض الأحزاب السياسية التي تسعى لتجميع صفوفها إنها تنتظر الآليات القانونية التي ستدير هذا الاستحقاق، لكي يتسنى لها خوض غماره على مستوى البرلمان، لكن هناك من يشكك في قدرتها على المنافسة أو الوصول حتى إلى المواطنين في الشارع.

وقال رئيس الهيئة العليا لـ"تحالف القوى الوطنية" توفيق الشهيبي: إنه يجري الآن التنسيق مع "تكتلات مدنية" بهدف الضغط لإجراء هذه الانتخابات في موعدها، نظراً لحالة التباطؤ في تهيئة الأجواء الملائمة، وما يتعلق بها من توفير الأمن اللازم، مشيراً إلى تأخر في إخراج المرتزقة من البلاد، وهي أمور تؤثر على المناخ العام لعملية التصويت.

 

الشهيبي: سيتم الدفع بعناصر من الحزب أو قريبة منه لخوض السباق، وعدم ترك الساحة خاوية أمام ممثلي تيار الإسلام السياسي

 

 وأضاف الشهيبي في تصريح لـ"الشرق الأوسط": "نحن في انتظار إقرار القاعدة الدستورية، ومن ثم إصدار القانون الذي سيحدد شكل النظام الانتخابي، سواء اعتماد الترشح الفردي أو المختلط الذي يسمح للأحزاب بالمشاركة في قوائم إلى جانب المستقلين".

 وفي كل الأحوال، وفقاً للشهيبي، فإنه "سيتم الدفع بعناصر من الحزب أو قريبة منه لخوض السباق، وعدم ترك الساحة خاوية أمام ممثلي تيار الإسلام السياسي".

 وحذر من أنّ العزوف عن التصويت في الانتخابات البرلمانية يعني تزايد فرص تيار الإسلام السياسي في الاستحواذ على عدد كبير من المقاعد.

 ولم يبتعد رئيس حزب "الائتلاف الجمهوري" عز الدين عقيل عن الطرح السابق، ولمح في تصريح صحفي إلى "وجود اتجاه داخل الحزب للمشاركة في الانتخابات، حتى لو بدعم بعض المستقلين، إن لم يكن هناك مرشحون من داخل الحزب".

 ورأى عقيل أنّ "العامل الرئيسي في حسم قرار حزبه بالمشاركة من عدمها سيظل مرتبطاً بتوجهات عملية التقييم الداخلي، وإمكانية إيجاد تحالف كبير بين القوى المدنية يكون قادراً على حصد كتلة مؤثرة من المقاعد تحت قبة البرلمان، ليتمكن من خلالها من التأثير في صناعة القرار السياسي".

 

عقيل: العراقيل التي تواجه الأحزاب هي نقص التمويل بسبب معارضتها لتيار الإسلام السياسي، وتخوفهم من الاعتداء عليهم من قبل أنصار وميليشيات هذا التيار

 

 وتحدث عن "العراقيل التي تواجه كثيراً من الأحزاب المدنية، ومنها نقص التمويل بسبب عزوف رجال الأعمال الليبيين عن دعمها، كون بعضها يعارض تيار الإسلام السياسي، وتخوفهم من الاعتداء عليهم من قبل أنصار وميليشيات هذا التيار، فضلاً عن تطلع أصحاب الأموال لتوجيه دعمهم لأحزاب كبيرة، ليضمنوا رد عوائد مساهمتهم بأشكال عدة، كالمناصب الوزارية التي تمنح لأقاربهم أو الصفقات".

 ورأى عقيل أنّ "تحالفاً يضم تيار الإسلام السياسي وجماعات جهوية تستعد لخوض معركة شرسة في هذه الجولة الانتخابية لضمان عدم إفلات السلطة التي يقبض عليها منذ عام 2011 من بين يديه"، وتوقع لجوء هذا التيار "إلى أشكال العنف السياسي كافة الذي يرافق الانتخابات، من اغتيالات لشخصيات معارضة له، أو مداهمة وتدمير التجمعات والخيام الانتخابية لبعض المرشحين، وسيساعده على ذلك عدم وجود أي منظومة أمنية".

 وفي مقابل ذلك، رفض رئيس حزب "التغيير"، جمعة القماطي، المقرب من تركيا، الحديث عن وجود صراع بين التيارات السياسية بمختلف توجهاتها في ليبيا، وقال لـ"الشرق الأوسط": "نعدّ حزبنا جزءاً من التيار المدني، ولكننا لا نؤمن بوجود صراع بين التيارات جميعاً، إذا ما التزمت بأسس الدولة المدنية والديمقراطية، واحترمت نتائج صندوق الاقتراع، بعيداً عن استخدام السلاح والانقلاب على السلطة".

 وأشار إلى أن حزبه الذي سبق أن قاطع الاستحقاقات السابقة "حسم قراره بالمشاركة في الانتخابات المقبلة، وبدأت لجانه منذ العام الماضي في الاستعداد لخوض المعركة بجميع الدوائر الانتخابية"، لافتاً إلى أنه في حال تم إقرار النظام الفردي، فإنّ الحزب "سيترك لأعضائه الحرية للمشاركة بصفتهم مستقلين".

 أمّا الكاتب والمحلل السياسي سليمان البيوضي، فقد شكك في قدرة الأحزاب المدنية على الظهور أو تنظيم الصفوف استعداداً للتنافس بالانتخابات، وتساءل البيوضي في تصريح صحفي: "هل لدى هؤلاء قدرة على التواصل مع المواطنين والتعامل معهم وفهم ديناميكية الوعي الجمعي؟ وهل يوجد في ليبيا حياة حزبية أصلاً؟".

 وتابع أنّ "شكل النظام الانتخابي لم يتحدد بعد، ولكننا نفضل أن تُجرى وفقاً للنظام الفردي، بعيداً عن نظام القوائم ومشاركة الأحزاب والكيانات، لأنها غير موجودة أصلاً، وإن وجدت، فهي لا تعبر عن الديمقراطية بوجهها الحداثي".

 وفي النهاية، هل سيكون للأحزاب السياسية أي تأثير في الانتخابات المقبلة؟ وهل ستساهم في تغيير الواقع السياسي المرير؟ وهل سينصف قانون الانتخابات الذي سيصدر قريباً تلك الأحزاب؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية