رفاهية رجال السلطة والدين تثير سخط الإيرانيين

رفاهية رجال السلطة والدين تثير سخط الإيرانيين


07/11/2018

في ظلّ الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي تعانيها الغالبية الإيرانية، إثر العقوبات الأمريكية الصارمة على إيران، يصبّ الإيرانيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، غضبهم مما يرونه فساد وإسراف القلة صاحبة الامتيازات في البلاد.

ومع تزايد الضغوط الاقتصادية؛ يشير الناس بأصابع الاتهام، بشكل متزايد، إلى أصحاب المال والنفوذ، ومنهم رجال الدين والدبلوماسيون، والمسؤولون وأسرهم، بعد موجة احتجاجات وغضب شهدتها البلاد، العام الماضي.

مع تزايد الضغوط الاقتصادية يشير الناس بأصابع الاتهام بشكل متزايد إلى أصحاب المال والنفوذ ومنهم رجال الدين والدبلوماسيون

وقد تزايد الغضب العام بين الإيرانيين منذ بعض الوقت؛ فقد بدأت الاحتجاجات بسبب الصعوبات الاقتصادية في أواخر العام الماضي، وامتدت في أكثر من 80 مدينة وبلدة، وأسفرت عن مقتل 25 شخصاً على الأقل.

ومن بين المعبّرين عن هذا الغضب؛ سيد مهدي صدر الساداتي، رجل دين مغمور نسبياً، لديه أكثر من 256 ألف متابع لحسابه على موقع إنستغرام؛ حيث يكتب منشورات لاذعة تستهدف أبناء الصفوة.

وقد انتقد، في أحد منشوراته، "حياة البذخ" التي يعيشها قائد الحرس الثوري وابنه، الذي نشر صورة شخصية على الإنترنت، وهو يقف أمام نمر مستلق في شرفة قصر.

اقرأ أيضاً: العقوبات على إيران: 5 أشياء يجب أن تعرفها

وكتب صدر الساداتي: "نمر في المنزل! ماذا يحدث؟"، وأضاف "وهذا كلّه لشاب عمره 25 عاماً، لا يمكنه كسب مثل هذه الثروة، الناس تواجه صعوبات كبيرة للحصول على حفاضات لأطفالهم"، وفق ما أوردت وكالة "رويترز" للأنباء.

وتعرض أبناء أكثر من عشرة مسؤولين آخرين للانتقادات على الإنترنت، وأصبح يشار إليهم كثيراً بتعبير "أغا زادة"؛ الذي يعني حرفياً بالفارسية: "من نسل النبلاء"، لكنّه تعبير ازدرائي كذلك، يستخدم لوصف ما يبدو عليهم من مظاهر البزخ.

وبلغ سعر العملة الإيرانية (الريال)، في السوق السوداء، 149 ألف ريال للدولار، من نحو 43 ألفاً في بداية العام الحالي؛ بعد توعّد الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي بين طهران وقوى عالمية، الذي يهدف إلى كبح برنامجها النووي.

سلطان العملة

خوفاً من تنامي السخط من الثراء النسبي لقلة من سكان البلاد، البالغ عددهم 81 مليون نسمة، وافق الزعيم الأعلى على تأسيس محاكم خاصة يتركز عملها على الجرائم المالية.

وأصدرت هذه المحاكم سبعة أحكام بالإعدام، على الأقل، منذ تشكيلها، في آب (أغسطس) الماضي، وبعض المحاكمات أذاعها التلفزيون على الهواء.

اقرأ أيضاًَ: هل تستمر إيران في تمويل الإرهاب؟

ومن بين المحكوم عليهم بالإعدام؛ وحيد مظلومين، الذي أطلق عليه الإعلام المحلي لقب "سلطان العملة"؛ وهو متعامل متهم بالتلاعب في سوق الصرف، ومن المزعوم أنه ضُبط بطنّين من العملات الذهبية، وفق ما نقلت "رويترز" عن وكالة "الطلبة" للأنباء.

لكنّ العقوبات المشددة لم تكن كافية للحدّ من السخط، وأصبح كبار المسؤولين ورجال الدين في مرمى نيران الانتقادات.

يقول المحلل الاقتصادي والسياسي المقيم في طهران، سعيد ليلاز: "بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، يبحث الناس عمّن يلقون اللوم عليه، وبهذه الطريقة ينتقمون من الزعماء والمسؤولين في البلاد".

وتأمل واشنطن، التي ترحّب بإشارات تعرّض المؤسسة الدينية والسياسية في البلاد لضغوط؛ أن تجبر طهران، من خلال الضغوط الاقتصادية، على كبح برنامجها النووي والتراجع عن خططها في مدّ نفوذها العسكري والسياسي في الشرق الأوسط.

رجال الدين

نشر صدر الساداتي، إضافة إلى إسهاماته المكتوبة، فيديوهات لمناظرات بينه وبين بعض منتقديه.

وفي إحدى هذه المناظرات؛ واجه الساداتي ابن محافظ سابق في البنك المركزي، يدعى مهدي مظاهري؛ الذي كان تعرض لانتقادات على الإنترنت بعد نشر صورة له يرتدي فيها ساعة ذهبية ضخمة.

العقوبات المشددة لم تكن كافية للحدّ من السخط وأصبح كبار المسؤولين ورجال الدين في مرمى نيران الانتقادات

وصاح صدر الساداتي وسط النقاش المحتدم: "كيف أصبحت غنياً؟ بكم من المال بدأت حياتك؟ وكم لديك الآن؟ كم قرضاً أخذت؟".

وأبدى مظاهري، الذي كان وكأنه غير قادر على الردّ؛ أنّه مستعد لنشر وثائق عن أوضاعه المالية.

واستهدفت الانتقادات كذلك رجال دين بارزين؛ وكانت السبب في استقالاتهم، العام الأخير، بعد اتهامهم على مواقع التواصل الاجتماعي بالسفه وبمخالفات مالية.

اقرأ أيضاً: 4 سيناريوهات ما بعد فرض العقوبات على إيران

ومحمد ناجي لطفي، من بين أربعة رجال دين قدّموا استقالتهم، وكان يتولى منصب خطيب الجمعة في مسجد في إيلام، غرب إيران، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعد تعرضه لانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب صورة له تظهره خارجاً من سيارة رياضية فارهة.

ووصفت منشورات على فيسبوك لطفي بالمنافق، لإلقائه الضوء في خطبه على سبل تمكّن المواطن الإيراني العادي من التغلب على الأزمة الاقتصادية، وموجة الغضب كانت عاملاً رئيساً في استقالته من منصبه، الذي شغله منذ 18 عاماً.

وقال لطفي لوسائل إعلام حكومية بعد استقالته: "الضجيج الذي أثير ضدّي وأنا في هذا المنصب، دفعني للاستقالة، خشية أن تتضرر مكانة الزعيم الأعلى للثورة الإسلامية، وسط تشكل هذا الضجيج"، مضيفاً "مسألة السيارة محض أكاذيب لفّقوها على الإنترنت".

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية