هجوم الأهواز.. إيران تتخبط وتتهم وتتوعد دولاً عربية

إيران

هجوم الأهواز.. إيران تتخبط وتتهم وتتوعد دولاً عربية


23/09/2018

لم تمض ساعاتٌ قليلة على قيام الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بتهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنّه سوف يفشل مثلما فشل الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، في حال مواجهته إيران، حتى جُنّ جنون المسؤولين الإيرانيين، وأخذوا يطلقون الاتهامات هنا وهناك، بعد هجومٍ مسلح أمس على عرضٍ عسكريٍ إيراني في منطقة الأهواز جنوبي إيران، أسفر عن مقتل 29 شخصاً، على الأقل، وجرح العشرات، معظمهم من العسكريين ورجال الحرس الثوري المشاركين في العرض.

اقرأ أيضاً: السلطات الإيرانية تقمع مظاهرة سلمية للعرب الأهواز

العرض العسكري، الذي كان يقام بمناسبة ذكرى الحرب العراقية الإيرانية التي جرت أحداثها خلال الثمانينيات. تعرض لهجومٍ أصاب المسؤولين الإيرانيين في نقطة ضعفٍ واضحة؛ حيث لم تمض أكثر من ساعة، حتى بدأوا يتخبطون، مطلقين اتهاماتٍ لدولٍ وجهاتٍ عربية ودولية، وبلغت رقعة الاتهامات إلى الحد الذي يوحي وكأنّ نصف العالم عدوٌ لإيران، ونصفه الآخر يتربص بها، وذلك في محاولةٍ أساسية، لصرف الانتباه عن القمع الداخلي في منطقة الأهواز، وعن انتفاضات مقموعي الداخل، الذين أوجدهم نظام الملالي بسبب سياساته.

من أين تؤكل الكتف؟

بعد إطلاق النار على العرض العسكري الإيراني، من حديقةٍ قريبة من مكان الحادث، وفقاً لما نقله أمس موقع "روسيا اليوم"، تدخل إيران فصلاً جديداً من فصول ارتدادات العنف والقمع الذي مارسه نظامها ضد شعبه عموماً، وضد إقليم الأهواز خصوصاً؛ إذ ومنذ تولي الخميني دفة الحكم في إيران العام 1979، عانى الإقليم الذي يشكل العرب معظم سكانه، من تهميشٍ اقتصاديٍ وسياسيٍ وديني، إضافةً إلى الممارسات العنيفة ضده، والإعدامات التعسفية، وفض المظاهرات بالرصاص الحي طوال أعوام، كان آخرها في شهر أيار (مايو) الماضي.

زعم الجيش الإيراني أنّ الهجوم تم تمويله وتوجيهه من دولتين خليجيتين لم يذكرهما لكنه قال إن لهما صلاتٍ بإسرائيل وأمريكا

هذه السياسة الإيرانية تجاه انتفاضاتٍ عديدةٍ خاضها الإقليم الذي يعتبر محتلاً من الناحية التاريخية، ليست جديدة، ففي حين أن الإقليم وقف مع الثورة الإيرانية نهاية السبعينيات، من أجل حياةٍ أفضل واستقلالية، قام النظام الإيراني بالرد على هذا الدعم بعد ذلك، بتغيير اسم الإقليم إلى (خوزستان)، واعتباره غير عربي، والعمل بشكلٍ منظم على محو آثاره العربية، كما تم إفقار الناس بشكلٍ متواصل، رغم أنّ ما يزيد عن ثلث إنتاج إيران من النفط، يأتي من الأهواز.

اقرأ أيضاً: خامنئي وتسييس محاربة الفساد في إيران

وبالعودة إلى الهجوم، قال المرشد الأعلى (للثورة الإيرانية)، آية الله علي خامنئي، إنّ الهجوم على عرض عسكري في جنوب غرب إيران "مرتبطٌ بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة". فيما صرّح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قائلاً إنّه "يوجد نظام أجنبي يقف خلف تدريب وتسليح أربعة إرهابيين نفذوا الهجوم" متوعداً بردٍ ساحق، مركزاً على أنّ جزءاً من الضحايا كانوا مدنيين وصحفيين، بحسب ما نقلته شبكة "بي بي سي" أمس.

الرعب تملّك الملالي وحرسهم في أرضٍ طالما ظلموها

من جهته، قال الجيش الإيراني خلال تصريحٍ رسمي له، أنّ "الهجوم تم تمويله وتوجيهه من دولتين خليجيتين" لم يذكرهما، لكنه قال إنّ لهما صلاتٍ "بإسرائيل وأمريكا" وفقاً لما نقله موقع "الحرة" أمس. ويحاول المسؤولون الإيرانيون تضليل الرأي العام الإيراني والعالمي بشأن الهجوم، ظانّين أنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف.

قام النظام الإيراني بتغيير اسم الإقليم إلى خوزستان والعمل بشكل منظم على محو آثاره العربية كما تم إفقار الناس بشكل متواصل

لكن تبريراتهم الرديئة، ترد إلى مهدها بعد إعلان حركة "جبهة النضال العربي لتحرير الأهواز" مسؤوليتها عن العملية، إضافةً إلى منظمة "الأحوازية"، وهما حركتان محليتان أهوازيتان، تسعيان إلى مقاومة النظام الإيراني. لكن تنظيم داعش الإرهابي، سارع هو الآخر لإعلان مسؤوليته عن الهجوم وفقاً لموقع "الحرة"، وهو ما يبدو مستحيلاً داخل الإقليم المحتل والمعزول. مما يثير تساؤلاً جانبياً، عمن حرض التنظيم لإعلان مسؤوليته عن الهجوم، حتى يخرج القضية الأهوازية والمشاكل الداخلية الإيرانية من المعادلة؛ حيث لا يوجد أحد بقدرة إيران على التواصل مع تنظيماتٍ إرهابية، في أراضي العراق واليمن وسوريا.

ترك أفراد الحرس الثوري العرض واختبؤوا

ملائكة وشياطين

رغم المشهد المرتبك في مكان الهجوم، وارتماء عددٍ من جنود الحرس الثوري الإيراني في قنوات تصريف المياه خوفاً من الرصاص الذي فاجأهم، ووضوح العلاقة بين القمع، وإقليم الأهواز، والرسالة التي أراد المهاجمون إيصالها، غير أنّ أركان النظام الإيراني، سارعوا لمهاجمة دول الخليح العربي، محاولين ربطها بأمريكا وإسرائيل، بل ولم يجرؤ أي من المسؤولين تحميل أمريكا وإسرائيل مثلاً، مسؤولية الهجوم مباشرةً، فهل هذا بدافع الخوف؟ أم أن تصدير أزمات النظام الاقتصادية والسياسية المتفاقمة، باتت توحي بنهايته؟

اقرأ أيضاً: الرقابة الإيرانية على الإعلام... قصص ووقائع تثير السخرية

حجم الإرباك، والتصريحات المتسرعة، فضحت جميعها النظام الإيراني من جديد؛ حيث إنه اتهم نصف العالم من حوله تقريباً، بالمشاركة في هذا الهجوم!  فسعى للنيل من دول الخليج التي تواجه دعمه للإرهاب الحوثي في اليمن والعراق، وسعى ألا يبدو صاغراً، ولو إعلامياً، قبل اللقاء المرتقب لرئيسه "روحاني" مع الرئيس الأمريكي في الفترة المقبلة. كما أنه ربط دولاً عربية بأمريكا وإسرائيل وحلفائهما، وبعزل إسرائيل عن المشهد، يصبح العرب، وحلفاء أمريكا، وأمريكا ذاتها، عدداً هائلاً من (الشياطين) الذين يستهدفون الملاك الوحيد، المدعو إيران.

أعلنت حركتان محليتان هما جبهة النضال العربي لتحرير الأهواز ومنظمة الأحوازية مسؤوليتهما عن الهجوم

الحيرة التي بدت على المسؤولين الإيرانيين في وكالات الأنباء كبيرة، بعد تلقيهم ضربةً وهم يستعرضون قوتهم العسكرية في عدة مدنٍ إيرانية، خصوصاً أمام أهل الأهواز المستضعفين، يبعث برسالةٍ واضحةٍ لهم، أن طرفاً خارجياً أياً كان، لو أراد استهدافهم، لفعل ذلك في أي مكانٍ يتمدد فيه وكلاء إيران وإرهابيوها من بعض الدول العربية والإسلامية؛ حيث يكون العمل أسهل ربما، لكن ما حصل، هو احتجاجٌ صارخ وواضح كما يبدو، على سياسات إيران تجاه شعبها، ومن قبل شعبها ذاته.  ولعلها مثلما تجعل من العالم كله شيطاناً في مواجهة ملائكيتها المزعومة، فإنها تخلق في أرضها أناساً ممزقين.

وهؤلاء، ربما يتحولون إلى وحوش في أي لحظة بسبب القمع الدائم؛ إذ لا يمكن تجنب ما سببه الهجوم من إصابة ومقتل بعض المدنيين، ومنهم نساء وأطفال، رغم الاستهداف الواضح للعرض العسكري. وللحرس الثوري الإيراني تحديداً، وهو القوة التي تقوم بأعمالٍ إرهابية مباشرة، وتمولها كذلك وتدعمها، في العراق واليمن وسوريا على الأقل.

الصفحة الرئيسية