حمزة الخطيب: هولوكست "الأسد" في عرض مستمر

حمزة الخطيب: هولوكست "الأسد" في عرض مستمر


19/07/2018

قبل أيام قليلة، تواترت على عدة مواقع صحفية، ومنصات التواصل الاجتماعي، صورة، تبرز تهدم أجزاء من قبر الطفل السوري، حمزة الخطيب، الذي مات في السجون السورية، إثر تعذيب مروع، وعمره لا يتجاوز الـ14 ربيعاً.

الصورة التي تم تداولها، على نطاق واسع، إبان دخول القوات السورية، إلى ريف درعا الشرقي، تتفاوت الآراء حول مدى حداثتها؛ حيث يشير البعض إلى أنها قديمة، ونشرت، للمرة الأولى، عام 2014، أثناء تعرض المنطقة، الواقعة بالقرب من القبر لقذائف، كان يطلقها النظام، وتسببت في تدمير أجزاء من الشاهد.

صفحات تابعة وموالية للنظام السوري نشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" شتائم ضد الطفل السوري حمزة الخطيب

وفي الحالين، ليس هناك ما ينفي حدوث الواقعة، ودلالتها. بيْد أنّ الحادث الجديد، الذي ترافق مع دخول الجيش السوري بغطاء روسي ودعمه، إلى درعا، كشف عن وحشية النظام السوري، وهمجيته، وعدوانه، الذي ما يزال يسفر عن وجهه القبيح بطبقات سميكة، وطابعه الانتقامي الفاشي، وتمثل الحادث الجديد بما نشرته صفحات، تابعة وموالية للنظام، عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وتحمل سباباً وشتائم ضد الطفل السوري، وهجوماً عليه وضد الثورة، الذي اعتبر الطفل حمزة، أحد أيقوناتها، كما تدعو إلى "التبول والتغوط" عند قبره.

توحش النظام "الأسدي"

وجاء في التغريدة المنشورة، التي وصفت الخطيب بـ"النافق": "رجال الله" ورجال الجيش السوري، قاموا بتدمير القبر، كإشارة لتدمير "مهد الفورة" (يقصد الثورة السورية).

وفي تغريدة أخرى، اعتبرت أنّ الهدف من تدمير القبر يأتي جزءاً من عملية "البحث عن أظافر أطفال درعا"، في إشارة منها لواحدة من الحوادث، التي دشنت التظاهرات، وتسببت في اندلاع الاحتجاجات، ضد النظام في درعا، منذ آذار (مارس) العام 2011.

اقرأ أيضاً: ترحيل السكان وتغييرهم خيار نظام الأسد للإمساك بالأرض

في السنة الأولى للثورة، خرج حمزة الخطيب من بلدته الجيزة، في ريف درعا، ليفك الحصار، الذي فرضته ميليشيات الأسد وحلفائه الطائفيين، ليتم اعتقاله، عند أحد أفرع الحواجز الأمنية، بالقرب من مساكن صيدا العسكري.

عدة رصاصات، اخترقت أعلى الصدر والعضدين، بينما تبدو فجوة في مؤخرة الرأس، ناجمة عن ضربة من آلة حادة، أو رصاصة، ربما، بينما آثار الدماء تغطي ما حوله، كان ذلك حال، الطفل حمزة الخطيب، كما تكشفه الصور الملتقطة له، عقب خروجه من مراكز الاعتقال "الأسدية"، التي تعد بمثابة "سلخانات" بشرية، يمارس داخلها صنوف التعذيب الوحشي، وتسلمه أهله، جثة مشوهة، بعد أسبوع، فقط، لتفضح هذا النظام المافياوي، الذي يحكم منذ أربعة عقود، ويلهث وراء القتل ويشتهي ذبيحته.

سجون الأسد

لطالما وُصف نظام البعث، بأنه "يكذب حتى في النشرات الجوية"، فخرجت الرواية الرسمية من النظام، تتهم الطفل، ابن الثلاثة عشر عاماً، بأنه كان متوجهاً لاغتصاب نساء ضباط الجيش، في مساكنهم بدرعا.

وبحسب منظمة العفو الدولية، فقد شاهدت صور وفيديو، لنحو خمس وأربعين حالة منها- التقطها أقرباء أو نشطاء أو أفراد آخرون-، وطلبت من اختصاصيين في الطب الشرعي من الخبراء المستقلين، مراجعة عدد من تلك الحالات، حيث تبينت الإصابات الظاهرة على جثث العديد من الضحايا، وأنهم، ربما، تعرضوا للضرب المبرح أو غيره من ضروب إساءة المعاملة.

اقرأ أيضاً: هذه هي الدولة التي صدّرت مكونات غاز السارين إلى سوريا

ومن بين العلامات، التي تدل على تعرضهم للتعذيب: الحروق والإصابات بأدوات غير حادة، وآثار الجلد والشروخ.

ووصفت المنظمة، حوادث التعذيب والقتل في السجون السورية، بأنها تأتي ضمن سياق الانتهاكات المنهجية والواسعة النطاق، التي ترتكب في سوريا، والتي تعد بمثابة جرائم ضد الإنسانية.

أطفال رهن الاعتقال في سوريا

وبحسب مركز "توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين في سوريا"، فهناك 790 طفلاً، واصل النظام السوري اعتقالهم، منذ بداية أحداث الثورة.

ووثق المركز، حالات لما يقرب من 55 طفلاً، قضوا تحت التعذيب، ولم تتجاوز أعمارهم الـ13 عاماً.

يقوم رجال الأمن في نظام الأسد بحبس الأطفال في غرف الاحتجاز للمعتقلين المرضى الذين قاربوا على الموت

وتبين من الحالات التي تم العثور عليها، وتوثيق ملابسات القبض عليهم، أن بعضهم من ذوي عائلات، جرى اعتقالهم بالكامل، وآخرون، اعتقل أطفالهم، بغرض الضغط عليهم، ناهيك عن غيرهم، ممن جاء اعتقالهم بصورة عشوائية، أو لمجرد كونهم فلسطينييين فقط، بحسب المركز.

وإذا كان الطفل حمزة الخطيب، من بين ما تعرض له من تعذيب، هو بتر عضوه التناسلي، فيوضح تقرير مركز توثيق المعقلين والمفقودين الفلسطينيين، أن الأطفال الذين جرى اعتقالهم، بصورة تعسفية، يتعرضون لأساليب مختلفة من التعذيب الوحشي؛ كالضرب، في أنحاء متفرقة من أجسادهم، واقتلاع أظافر اليدين والقدمين، وسمل العينيين، بالإضافة إلى الانتهاكات الجنسية، من الذكور والإناث، وإرغامهم على التوسل إلى سجانهم، لتلبية رغباتهم، كالحصول على وجبة طعام.

اقرأ أيضاً: ارتكاب أكثر من 374 مجزرة في سوريا عام 2017

بيد أن ثمة صور تعذيب أخرى، أكثر قساوة، يعرضها التقرير، لا تبدو معقولة وعبثية، تندرج ضمن التعذيب النفسي، وتتجاوز فكرة إيلامهم بدنياً، فقط، كمثل إرغامهم على مناولة السجان، أدوات التعذيب.

كما يقوم رجال الأمن، بحبس الأطفال، في غرف الاحتجاز، للمعتقلين المرضى، الذين قاربوا على مفارقة الحياة، لإجبارهم على تفقد لحظات موتهم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية