برامج "الجزيرة" .."الاتجاه المعاكس": صراخ تمرير رسائل الطائفية والعنف

قناة الجزيرة

برامج "الجزيرة" .."الاتجاه المعاكس": صراخ تمرير رسائل الطائفية والعنف


23/11/2017

يعد برنامج "الاتجاه المعاكس" الذي بدأت قناة "الجزيرة" بثّه منذ نهاية العام 1996، واحداً من أهم برامج القناة التي نجحت في جذب نسبة مشاهدة عالية لصالحها، بسبب ما قيل في حينه من أنّ البرنامج يكسر حواجز التابوهات، ويفتح ملفات ثقافية وسياسية ودينية ساخنة وممنوعة، من خلال استضافة شخصيات مثيرة للجدل في أغلب الأحيان.
ورغم بدايته المدويّة كبرنامج مختلف  على ساحة الشاشات العربية، باعتباره حوارياً وجريئاً، إلا أنه وفيما بعد، بدأ يتخذ طابعاً مختلفاً تبعاً للأحداث السياسية الكبرى في المنطقة العربية منذ أحداث 11 أيلول (سبتمبر) وما بعدها، ومع مرور الزمن على البرنامج الذي مايزال يقدمه الإعلامي السوري فيصل القاسم كل ثلاثاء، تحولت سمته الأساسية إلى الصراخ والتحريض الممنهج.

تحول البرنامج  إلى ما يشبه برامج المصارعة التي يترقبها البعض بتوقع مسبق لانتهائها بالعراك

تصنيفه واحداً من برامج الصراخ، وفقاً لمتابعين ومثقفين عرب، أو وصفه ببرنامج "للمهاترات"، كما كتبت روان أحمد في مقالتها المنشورة على موقع صحيفة "العربي الجديد" بتاريخ 19 حزيران (يونيو) 2014، أثار علامات استفهام حول الرسائل التي يريد تمريرها إلى المشاهد العربي، الذي يتسمر مشدوهاً أمام أصوات السجالات الصاخبة التي تنتهي غالباً بالمشاجرات بين المتحاورين.
وتقول روان أحمد في مقالها: "تحول البرنامج  إلى ما يشبه برامج المصارعة التي يترقبها البعض بتوقع مسبق لانتهائها بالعراك، وهذا ما تفعله صفحات التواصل الاجتماعي، فقد روج أحد المواقع اليمنية مرة لحلقة ضيفاها من اليمن، بعنوان: "ترقُّب في اليمن لحلقة حامية الوطيس من برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة". وتناولت كاتبة المقال "حلقة الردح" التي استضافت الكاتب الراحل محمد أركون قبل سنوات، حيث بدا المفكر العربي المرموق بلا حول ولا قوة أمام زعيق الضيف الآخر .

ثمة أمثلة عديدة مأخوذة من حلقات كثيرةٍ من البرنامج ومعروضة على موقع يوتيوب يظهر فيها صراخٌ واشتباكات بالأيدي أحياناً، وسبابٌ في أحيان أخرى، أما مقدم البرنامج؛ فإنه يبدأ كدأبه دوماً بأسئلة مستفزة مثيرة للجدل، تحمل في طياتها رسائل مطلوب تمريرها، وتصاعد هذا النهج بشكل مكشوف في السنوات الأخيرة.
ولعل الحلقة المعروضة على قناة "الجزيرة" في موقع يوتيوب يوم 26 أيار (مايو) 2015 والتي تحمل عنوان: "هل حقق تنظيم الدولة شعاره: باقية وتتمدد"، تعد واحدة من الأمثلة القوية على التحريض من خلال تبرير العنف بالعنف، إذ يقول القاسم في مقدمته لبداية الحلقة: "ألم تصبح دولة مترامية الأطراف، فيما أصبح شعارها: باقية وتتمدد حقيقة واقعة، فهل كان لها أن تتمدد بسرعة لولا حواضنها الشعبية في سورية والعراق؟، ثم ماذا يمكن أن تفعل أكثر مما فعله برابرة العراق الطائفيون، والنظام الطائفي في سورية".

يبدأ البرنامج بأسئلة تحمل في طياتها رسائل مكشوفة مطلوب تمريرها وقد تصاعد هذا النهج مؤخراً بشكل مكشوف

هذا الخطاب المكثف الذي يبرر العنف والطائفية بحالات عنف وطائفية أخرى، ليس وليد الصدفة؛ إذ نقل القاسم مقولة لأحد إرهابيي داعش بأنّ "الدولة تملك مشروعاً وبرنامجاً على عكس ما يفعله المرتزقة" دون أي تعليق منه بأنّ داعش تمثل مقاتلين مرتزقة مدفوعي الرواتب أيضاً! ليتسق ذلك كما يبدو مع الاتهامات التي يوجهها البعض لخط قناة الجزيرة الإعلامي تجاه هذا التنظيم الإرهابي، الذي تصر خلال نشرات أخبارها وبرامجها على وصفه بـ"تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق".
هذا التعامل الإشكالي مع التنظيمات الإرهابية، يمكن رصده منذ السنوات المبكرة من عمر البرنامج، فمثلاً في الحلقة التي حملت عنوان: "القضية الفلسطينية وأسامة بن لادن"، وعرضت بتاريخ 27/11/2001، تم الربط بين الإرهاب والقضية الفلسطينية بشكلٍ مباشر، وتولى أحد ضيوف الحلقة "محمد بيوض التميمي"، مهمة الدفاع عن هذا الزعم.
وإذ تبدأ الحلقة، يبدأ القاسم بتمرير رسائله لضيوفه، فيسأل التميمي: "هل نجحت خطابات بن لادن في تحريك الغرب تجاه فلسطين وقضيتها"؟ ليجيب التميمي بحماس أن "اسم فلسطين عاد ليذكر بوضوح وتكرار في الدبلوماسية الأمريكية بعد تفجير البرجين".
يحدث هذا، والجزيرة دخلت إلى العالمية من بابها الواسع، باحتكارها لتصدير صورة العربي المسلم الإرهابي "أسامة بن لادن" وهو يطل من أمكنة توحي برجلٍ قادم من عصورٍ غابرة، ولا يملك من الحداثة، إلا تلك البندقية المركونة إلى جانبه أمام عدسة الكاميرا، لكن ضيفه التميمي، يستمر معتبراً أن بن لادن سبب تغيراً في الموقف السياسي الأمريكي تجاه فلسطين. ورغم أنه يبدو غريباً أن يتغير الموقف بسبب تفجير برجين وقتل مواطنين عاديين بسببه، إلا أن الحلقة رسخت فكرة ربط بن لادن وتنظيمه الإرهابي بقضايا حقوق الإنسان العربي!

خطاب البرنامج المكثف الذي يبرر العنف والطائفية بحالات عنف وطائفية أخرى ليس وليد الصدفة

وفي حينِ تعاني الساحة العربية من صراعاتٍ سياسية واجتماعية وطائفية واقتتال في مناطق عديدة، فإن عبارات شتم واتهام متطرفة طالت السنة والشيعة والبهائيين والعلويين وسواهم، أو أخرى شتمت وجرمت مثقفين وسياسيين سواء كانوا ضمن الحكومات العربية أو مستقلين، تكثفت خلال البرنامج وتكررت مراتٍ عديدة، معتمدة كذلك على شخصيات ضيوف البرنامج، التي خضعت هي الأخرى إلى عنفٍ لفظي ورمزيٍ مباشر، مارستها ضد بعضها البعض.
وبالتالي، تم اختزال العنف والتطرف وإعادة إنتاجهما على شاشة الجزيرة، مضافاً إليهما مجموعة من الرسائل الموجهة لربط جماعات إرهابية كالقاعدة وتنظيم داعش بالقضايا السياسية العربية؛ كالحرية والدفاع عن حقوق الإنسان العربي، إذ تم تصوير هذه الجماعات كعناصر فاعلة ضمن هذه القضايا، حيث بررت القناة ببرامجها هذه، عنف الحركات والتنظيمات الإرهابية ضد الإنسان العربي وغيره، على أنه رد فعل طبيعي ويشكل حالة دفاعٍ عن الأمة.

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية