هل يسمّي قاسم سليماني رئيسَ الوزراء العراقي الجديد؟

إيران والعراق

هل يسمّي قاسم سليماني رئيسَ الوزراء العراقي الجديد؟


04/12/2019

في حين بدت إيران عاجزةً عسكرياً عن وضع الحدّ للانتفاضة العراقية التي تهدد الحكمَ الموالي لطهران، رغم سقوط آلاف القتلى والجرحى على مدى الشهرين الماضيين في بغداد ومحافظات وسط العراق وجنوبه، إلا أنّ المعلومات المتواترة هذه الأيام تكشف عن دخول إيران بقوة لإفشال التظاهرات سياسياً هذه المرة وعبر تشكيل الحكومة الجديدة التي ستخلف حكومة المستقيل عادل عبدالمهدي؟

اقرأ أيضاً: نصر الله ومشروع العراق الحلوب
وكان قذف قنابل المولوتوف ضد القنصلية الإيرانية في النجف الأربعاء الماضي، وهو حدثٌ يعبّر عن مشاعر متصاعدة من الغضب الموجّه ضد إيران، أنتج حماماً دموياً بامتياز في النجف والناصرية حين سقط نحو 100 قتيل وألفي جريح في يومين.

لكنّ محللين غربيين وعراقيين يرون أنّ "محاولات قمع الاحتجاجات بالقوة الغاشمة لم ينتج عنها إلا مزيدٌ من الغضب في وسط العراق وجنوبه وتعميق الفجوة بين المتظاهرين المتشبّثين بالشوارع والطبقة السياسية" كما ذهبت إلى ذلك صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير يؤكد أنّ "إيران لعبت دوراً محورياً في محاولات قمع الاحتجاجات في العراق، بالرغم من أنّ المتظاهرين الذين انتفضوا كانوا من الشيعة".

اقرأ أيضاً: هل تقرر انتفاضة العراق مصير النفوذ الإيراني بالمنطقة؟
وعلى الرغم من أنّ تقرير الصحيفة يشير إلى أنّ "الجنرال الإيراني قاسم سليماني هو الشخصية المحورية وراء قمع الاحتجاجات وتوجيه البنادق إلى أدمغة المتظاهرين" لكنه يستدرك "إيران قد تنجح في لبنان لكنها لن تنجح في العراق".
هنا يحيل التقرير إلى مسؤول إقليمي متخصص في شؤون إيران يعتقد أنّ "المتظاهرين في العراق يحمّلون إيران المسؤولية عن الدم الذي يسيل ومقتل المئات، وجرح الآلاف، وهو واضح من إقدامهم على إحراق القنصليتين الإيرانيتين في النجف وكربلاء، ويهتفون بأنّ العراق ليست ملك إيران".
من هنا قد تغيّر طهران من أسلوب التأثير في العراق، فتقلع عن الخيار العسكري إلى السياسي عبر ترشيح شخص مقرّب منها لخلافة رئيس الوزراء المستقيل.

لماذا اختار سليماني بحرَ العلوم؟
في هذا الاتجاه، ثمة حديث عن اختيار وزير النفط السابق إبراهيم بحر العلوم بترشيح من سليماني ودعم الأحزاب الشيعية لشغل المنصب التنفيذي الأول في العراق، على أن يعقب ذلك موافقة الساسة السنّة الذين أكدت السنوات الأخيرة أنّهم يبزون الشيعة في محاباة إيران وإظهار الطاعة لأوامرها، ناهيك عن موافقة مضمونة من حلفاء إيران الآخرين في العراق: القادة الكرد.

صحيفة الغارديان: إيران لعبت دوراً محورياً في قمع الاحتجاجات بالعراق بالرغم من أنّ المتظاهرين الذين انتفضوا كانوا من الشيعة

ونقلت مصادرٌ عراقية قريبة من صنّاع القرار في البلاد أنّ اجتماعاً عقده الأحد في بغداد الجنرال قاسم سليماني، المسؤول عن الملف العراقي مع قيادات الأحزاب الشيعية، تم خلاله فرض وزير النفط السابق إبراهيم بحر العلوم عليها مرشحاً لمنصب رئيس الوزراء الجديد.
وأشارت إلى أنّ سليماني أبلغ القادة الشيعة أنّه يعتقد أنّ شخصية بحر العلوم ستكون مقبولة "شعبياً" على أساس أنّه شخصية مستقلة وغير منتمٍ إلى أي حزب أو كتلة نيابية، في وقت يرفض فيه المحتجون أية شخصية من الأحزاب المتنفذة في البلاد لتولّي المنصب الأهم.
وفي دوائر الأحزاب الشيعية، هناك مَن تداول اسم الوزير السابق والنائب الحالي محمد شياع السوداني (حزب الدعوة) بوصفه مرشحاً لشغل المنصب، لكن زعيم تحالف "سائرون" الفائز الأول في انتخابات العام الماضي، مقتدى الصدر، رفض ترشيح بحر العلوم والسوداني معاً بتغريدة على تويتر تحت اسم صالح محمد العراقي "لا (شياع) إلا للشعب.. فقد شاع وشعّ نور الثوار. لا (بحر) إلا بحر الشعب.. ولن يُركب موجهُ".

خيارات تحالف "الفتح"
لكن تحالف "الفتح" الذي جاء ثانياً في الانتخابات ويضم قوى مقربة من إيران (أبرز الفصائل المسلحة المشاركة في قوات الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية التي تدين بالولاء لنظام الولي الفقيه) يؤكد بحسب رئيسه زعيم "منظمة بدر" هادي العامري والقيادي فيه زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي والقيادي الآخر زعيم "حركة النجباء" أكرم الكعبي فضلاً عن بعض الشخصيات السياسية السنّية، أنّه سيقوم بتسليم رئيس الجمهورية برهم صالح اسميْ مرشحين اثنين، ليكلف أحدهما خلال 15 يوماً، وفقاً للدستور العراقي.

علاوي: سنقدم شكوى لدى منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة حول التدخلات الإيرانية بشأن العراق الداخلي

"الفتح" استقر على أن يكون مرشحه الأول لتشكيل الحكومة الجديدة، وزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم، فيما وزير الصناعة السابق محمد شياع السوداني، هو المرشح الثاني، مؤكدة أنّ التحالف أبلغ رئيس الجمهورية بالأمر.
وينحدر بحر العلوم من عائلة شيعية عريقة، وسبق له أن عمل جنباً إلى جنب مع رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.
أما السوداني فهو قيادي بارز في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، وهو وزير الصناعة في الحكومة السابقة بقيادة حيدر العبادي.
لكن "المشروع الوطني العراقي" يؤكد أنّه "لا يمكن القبول برئيس وزراء جديد عن طريق مجلس النواب الحالي الذي يعلم العراقيون أنّ معظم نوابه، وصلوا إليه من بوابة تزوير الانتخابات التي قاطعها معظم الشعب".
وفي بيان له صدر الأحد لفت المشروع بزعامة الشيخ جمال الضاري (شخصية سنية مناهضة للطائفية السياسية) إلى مطالبته رئيس الجمهورية بـ "عدم تكليف أي شخصية تابعة للأحزاب السياسية التي أثبتت فشلها في إدارة الدولة وشاركت في فساد الحكومات المتعاقبة".

بيان إياد علاوي
مثل هذا الموقف يعتمد فكرة أنّ "الشعب العراقي سحب شرعية الحكومة والبرلمان بالكامل، وطالب بتشكيل حكومة مؤقتة من خارج الأحزاب"، وهو ليس بالموقف البعيد عن آخر أعلنه أحد زعماء العملية السياسية في العراق، رئيس "المنبر العراقي" إياد علاوي الذي أبدى رفضاً قوياً للتدخل الإيراني، فقد نقل بيان عنه السبت: "نستنكر التصريحات من بعض الموظفين الإيرانيين المتكررة التي تتضمن اتهامات وافتراءات بحق المحتجين السلميين"، مؤكداً "سنقدم شكوى لدى منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة حول هذه التدخلات بشأن العراق الداخلي".

سليماني أبلغ القادة الشيعة أنّه يعتقد أنّ شخصية بحر العلوم ستكون مقبولة "شعبياً"على أساس أنّه شخصية مستقلة

ووضع بيان رئيس الوزراء الأسبق مسائل "ينبغي العمل عليها اليوم" وهي:
أولاً: تشكيل حكومة تصريف أعمال تكون مهمتها التهيئة لإجراء انتخابات نزيهة مبكرة بمدة لا تتجاوز ٤ أو ٥ أشهر.
ثانياً: إقالة المفوضية الحالية، واعتماد مفوضية جديدة من نقابة المعلمين والمحامين والأعضاء السابقين في المفوضيات السابقة المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.
ثالثاً: محاكمة المفسدين وحُماتهم وكل من تورط بسفك الدم العراقي وتقديمهم إلى محاكمات علنية.
رابعاً: تحرير القرار السيادي العراقي وضمان استقلاليته بعيداً عن التأثيرات الإقليمية المهينة من هذا الطرف او ذاك.
خامساً: الخروج من المحاصصة الطائفية وتعديل بعض فقرات الدستور واستكمالها من حكومة ومجلس نواب منتخب.
سادساً: منع ظهور قوائم تمثل الطائفية، أو التي تسيس الدين أو المذهب وسن قانون جديد للانتخابات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية