العيد في الذاكرة الإماراتية.. بهجة الأطفال لا تتغير

العيد في الذاكرة الإماراتية.. بهجة الأطفال لا تتغير


05/06/2019

طقوس العيد وعاداته قديما تثري ذاكرة الإمارات بمآثر الآباء والأجداد، وبعادات أبناء الإمارات وتقاليدهم وتبقى زادا للأجيال الناشئة وإثراء للتنمية الثقافية وتعزيزا للهوية الوطنية.

وقام الأرشيف الوطني بتوثيق هذه الطقوس، في إطار مهام التاريخ الشفاهي الذي لا يتوقف الخبراء والمختصون فيه عن إجراء المقابلات مع الرواة المعمرين الذين تُعدّ ذاكرتهم مرجعا تاريخيا وقاعدة معلومات ثرية تزخر بالأحداث التاريخية، وأساليب الحياة التي جاءت تكملة للوثائق التاريخية المتنوعة.

وتستحق طقوس العيد وعاداته هذا الاهتمام من الأرشيف الوطني، فقد كان يوم العيد، ولا يزال من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية التي تدخل البهجة والسرور إلى قلوب الناس، وكانت له في الإمارات طقوس ثرية، فهو مناسبة مفرحة تقوي الروابط والتلاحم الاجتماعي.

ويقول سيف عيسى المنصوري من أبوظبي، “كان كبار السن هم من يحسبون لأيام رمضان والعيد، وإذا رأى الهلال أحد من الساكنين بعيدا فإنه يثور (يطلق الرصاص) من التفق (البندقية) وبذلك نعرف بأنهم قد رأوا الهلال فيبدأ الصوم، وكذلك هو الحال في العيد”.

وتضيف صغيرة شنين الفلاحين ” في الماضي كانت البيوت المقتدرة تطبخ الأرز واللحم في العيد، وكانت بعض البيوت تضع ضيافة العيد من الخبيص والبلاليط، والثريد والعرسية”.

وعن اللباس تقول الراوية ”لم يكن هناك خياطون، فقد كنا نخيط الملابس بأيدينا على ضوء الفنر (الفانوس) في الليل، ونبدأ بتفصيل الثوب قبل العيد بفترة تصل إلى شهر لكي يكون الثوب جاهزا في يوم العيد، وتحتفظ صاحبة الثوب بثوبها لترتديه في الأعياد والأعراس، وكانت المرأة تجهز ثوبا واحدا فقط للعيد وكنا نغسل ملابسنا بأيدينا، وكانت النسوة يتخضبن بالحناء قبل العيد، والنساء اللواتي يمتلكن الذهب يتحلين به يوم العيد فيلبسن القلادة، والأساور، والكواشي”.

وتقول شيخة عبيد الظاهري من العين “كنا نفرح كثيرا بالعيد، وكنا نسعى للحصول على العيدية، ونزور بيوت الحارة، ويعطوننا العيدية روبية أو نصف روبية، وكانت لها قيمتها، وكنا نذهب إلى السوق للشراء، فنشتري الكراش والفانتا (مشروبات غازية) واللبان الأحمر المكور”.

ويقول علي راشد محمد النيادي من العين، “كانت تقام حفلات العيالة في المربعة وسط مدينة العين”.
وتؤكد ذلك الراوية محبة حمد راشد الظاهري من العين، فتقول ”كنا نستمتع بمشاهدة العيالة وتؤدى العيالة بالشعر والنشيد المغنى مصحوبا بقرع الطبول والدفوف”.

وتضيف “كنا نجمع النقود من أمهات البنات، ونعطيها إلى والد إحدى الفتيات ليصنع درفانة (الأرجوحة)”.

وتقول رفيعة محمد الخميري من أبوظبي ”كنا بعد صلاة العيد نتجول بين بيوت الجيران لنحصل على العيدية بالآنة والآنتين (أجزاء من الروبية)، وربما كانت العيدية حلويات، ثم نعود إلى المنزل، وكانت الأسر تتزاور في العيد، وكنت أحب اللعب بالدرفانة (الأرجوحة)، وكنا نلعب طوال اليوم من الصباح الباكر حتى المغرب، وهذه الدرفانة نلعب بها طوال أيام العيد الذي يستمر الاحتفال به ثلاثة أيام”.

ويقول مبارك محمد بن جرش الخيلي من العين ”في صباح العيد كل واحد يُلبِسُ أبناءه أفضل ما يتوفر لديهم، ويتجمع الرجال ثم يبحثون عن مكان مرتفع فيؤمهم أحد الجيران من حفظة القرآن فيصلي بهم في الصباح الباكر، وتصلي النسوة خلف الرجال، وبعد الصلاة يهنئ كل شخص رفيقه، ويعود كل إلى بيته وهو يحمل فوالة العيد “وجبة خفيفة تقدم للضيوف” ويتوفر في العيد اللحم عند البعض، ويكون البعض قد أعدّ الهريس أو العصيد وغيرهما، وكان التواصل مستمراً بين الجيران في العيد، ولا يشترط في الجيران أن يكونوا متقاربين في السكن، وربما كانوا بعيدين قليلا”. وهذا ما تؤكده فاطمة عبيد علي مسلم، التي تقول “كانت علاقة الناس جميلة جدا، يأكلون مع بعضهم في العيد”.

ويتحدث سالم سعيد خلفان بن حضيرم الكتبي من العين عن ذكريات العيد، فيقول ”في الأعياد كانت تقام سباقات الهجن، والجوائز عبارة عن وزار أو غترة، ويجري السباق بعد صلاة العيد والجمل الفائز يطلى بالزعفران، ولم تكن هناك طريق مخصصة للسباق، فقط كانت الطريق من الرمال وفيها الارتفاعات والانخفاضات”.

وفي كتاب “ذاكرتهم تاريخنا” الصادر عن الأرشيف الوطني، يتذكر سعيد أحمد ناصر بن لوتاه، من دبي، العيد فيقول “في المناسبات الاجتماعية التي كانت تمر علينا أذكر أن النساء كن يتحدين بعضهن عند طبخ الهريس، وهو من الأكلات الشعبية الشائعة، ومن الأكلات الرئيسية في رمضان، وفي الأعياد كنا نصنع المريحانة إذ نقوم بربط حبال قوية بين نخلتين قويتين كي تتحمل وزن البنات”.

ويضيف “لتأدية صلاة العيد كانت النساء يقفن خلف الرجال، ثم يتجمعن للتحادث، على حين تلعب البنات على المريحانة، ويتضاحكن تعبيرا عن سعادتهن وفرحتهن بالعيد”.

ويتابع الراوي ”أذكر أنه كان هناك سوق قديم يطلق عليه الأهالي اسم ‘خلّص خلّص’ وكنا نذهب إليه لنلعب ونشتري الحلوى والقبيط (نوع من أنواع الحلوى) وزق السبال (الفول السوداني)، وأذكر أنه كانت هناك حلوة تصنع من السكر المذاب على النار الذي يخلط بالطحين، وكانت تباع ببيزة أو بيزتين، ويقام هذا السوق في فترات الأعياد فقط، وما إن ينتهي العيد حتى يذهب كل واحد إلى بلده”.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية