تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2015 إلى أن ما يقارب 800 ألف شخص ينتحرون كل عام، فيما تتراوح أعمار غالبية المنتحرين بين 15 و29 عامًا على الصعيد العالمي.
كما تشير إحصائيات مختلفة إلى وجود 10-20 مليون محاولة انتحار فاشلة كل عام حول العالم، فلماذا يحدث كل ذلك؟ وكيف يصل الشخص إلى مرحلة الإقدام على إنهاء حياته بنفسه؟
من ينتحر: الأغنياء أم الفقراء؟
تذهب كثير من التفسيرات الشائعة للانتحار إلى القول بأن الغني أو من حقق كل رغباته وحاجاته في الحياة ربما يقدم على الانتحار، لكن هذا الكلام تنفيه الأرقام الدولية، إذ أن أكثر من 78% من حالات الانتحار العالمية في عام 2015 حدثت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وتنجم حوالي 30% من حالات الانتحار العالمية عن التسمم الذاتي بالمبيدات، التي يقع معظمها في المناطق الزراعية الريفية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ويعتبر الشنق والأسلحة النارية من الطرق الأخرى الشائعة للانتحار.
تغير جدري في أسباب الانتحار مؤخرًا
نشرت صحيفة نيويورك بوست مؤخرًا نتائج دراسة حديثة في الولايات المتحدة كشفت عن ارتفاع في حالات الانتحار للمراهقين بفعل الشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي. وتقول الدراسة إن المراهقين الذين يقضون أكثر من 5 ساعات على مواقع التواصل الاجتماعي هم أكثر عرضة للانتحار بنسبة 71%، بغض النظر عن المحتوى الذي يتابعونه.
كما تضاعف معدل الانتحار بين الأطفال بين سن 10 و14 عامًا في الفترة من 2007 إلى 2014. وتجاوز الانتحار حوادث السيارات كسبب للوفاة في تلك الفئة العمرية، بحسب ما تورد صحيفة “يو أس آي تودي”.
وتقول دراسة حديثة للبروفيسور “مارك ج. وويشفيل” في “معهد كارولاينا الشمالية للأبحاث الطبية” إن السلوك السيئ على وسائل التواصل الاجتماعي لا يعرف أي قيود ديموغرافية. ومع ذلك، فإن شبابنا هم الأكثر عرضة للضرر الناجم عن سلوك وسائل الإعلام الاجتماعية العدوانية والسادية.
المبدعون أكثر عرضة للانتحار
أوجدت دراسات علمية أجريت على قرابة مليون مراهق سويدي عام 2012، أن نسبة كبيرة من المراهقين العباقرة مصابون بنوع من الاضطرابات النفسية، التي تؤثر بشكل عام على مزاجهم، وعلى طريقة تفكيرهم، قبل أن تدفعهم إلى الهوس والسعادة الشديدة، ثم إلى الاكتئاب الشديد، الذي عادة ما ينتهي به الأمر إلى الانتحار.
انتبه لهذه الأعراض!
إذا كنت تعاني من اليأس بسبب الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو الهوس الاكتئابي أو الفصام، أو حتى إدمان الكحول والمخدرات، فإن احتمالية أن تنتحر تزداد لديك بشكل كبير مقارنة بالآخرين.
قد يؤدي الاكتئاب الحاد إلى تعكر المزاج بشكل كبير، إضافة إلى فقدان الاهتمام بالأشياء من حول المصاب، وتصبح اللا مبالاة عنصرًا أساسيًا في الحياة، الأمر الذي سيدفع بصاحبه لاحقًا إلى الانتحار. تشير الدراسات إلى أن معظم الأمراض العصبية التي تؤثر على المزاج مثل الهوس الاكتئابي أو الفصام أو اضطرابات الشخصية تؤدي إلى زيادة احتمالية إقدام المصابين بها على الانتحار.
من ناحية ثانية، يفكر الأشخاص الذين تتراكم عليهم الديون، دون المقدرة على تسديدها، كثيرًا في التخلص من هذا الوضع عبر الانتحار، لذلك، عادة ما نجد معدلات الانتحار في المجتمعات متدنية الدخل أعلى منها في المجتمعات مرتفعة الدخل.
وقد يفكر أولئك الذين مروا بتجارب صعبة ومؤلمة بالانتحار، فمثلًا كثيرًا ما يفكر الأشخاص الذين شهدوا وفاة أحد المقربين جدًا إليهم بالانتحار. وبالطريقة ذاتها، تؤدي الصدمة التي يتعرض لها شخص ما إلى زيادة الدافعية إلى الانتحار، فقد يشعر شخص ما شهد انفجارًا عنيفًا في الشارع أو بالقرب من منزله بأنه يريد الانتحار، رغم أنه خرج سالمًا من الحدث ذاته. ومن التجارب الصعبة أيضًا، الخروج من السجن بعد قضاء فترة محكومية عالية؛ إذ أن كثيرًا من الأشخاص لا يستطيعون التكيف مع حياة ما بعد الأسر، الأمر الذي يدفعهم إلى الانتحار فورًا.
تشير معظم الدراسات العلمية إلى أنّ العامل المشترك بين معظم المنتحرين هو شعورهم بالوحدة والانعزال عن المجتمع، فحين يفقد الشخص ارتباطه بالعالم، يفقد ما يسمى بـ”حالة العناية المتبادلة”، التي تعني أن يفقد الشخص وجود أشخاص يهتم بهم، أو يهتمون به، أو على الأقل يتصور ذلك. وتزداد تلك الحالة سوءًا مع الإدمان على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يزيد من احتمالية حدوث الانتحار، خصوصًا لدى المراهقين.
المصادر: نيويورك بوست و الإندبندنت و USA Today و منظمة الصحة العالمية و NPR و معهد كارولينا الشمالية للبحوث الطبية و ميديكال ديلي و ويب طب.
عن "كيوبوست"