وزير الدفاع التركي يتفقد جنوده والميليشيات الإرهابية في ليبيا

وزير الدفاع التركي يتفقد جنوده والميليشيات الإرهابية في ليبيا


21/07/2020

بعد تعتيم إعلامي دام لعدّة أشهر، حول طبيعة التواجد العسكري التركي داخل الأراضي الليبية، جاءت الزيارة الرسمية من وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار"، ورئيس الأركان "يشار غولر" إلى طرابلس، كدليل دامغ على نهج الكذب والمراوغة الذي انتهجه النظام التركي حول الحديث عن إنكار حقيقة تواجدهم في ليبيا، ودعمهم للميليشيات الإرهابية، وجلبهم المرتزقة، للانقضاض على ثروات الشعب الليبي.

أوهام السيادة التركية

في الثالث من تموز (يوليو) الجاري؛ بثّت وكالة "الأناضول" صوراً لقادة وزارة الدفاع التركية، بعد وصولهم إلى العاصمة الليبية طرابلس، وبحسب الوكالة؛ فإنّ هذه الزيارة تأتي في إطار رغبة القادة في الاطلاع عن كثب على سير الأنشطة الجارية في إطار مذكرة التفاهم، المبرمة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والتي بمقتضاها سيكون هناك تعاون عسكري وأمني بين البلدين، كان على رأس الوفد القادم من أنقرة وزير الدفاع التركي ورئيس الأركان، وفي استقبالهما كان نائب وزير الدفاع الليبي، صلاح الدين النمروش، ورئيس الأركان، الفريق ركن محمد الشريف، وقائد القوات البحرية، عبد الحكيم أبو حولية، كما حضر الاستقبال السفير التركي لدى طرابلس، سرهات أكسين، وبقية المسؤولين المعنيين من الجانبين؛ إذ جرى استقبال الوافدين بمراسم رسمية، في مطار معيتيقة الدولي بطرابلس، وبعد انتهاء المراسم، ذهب الوفد لزيارة مقرّ التدريب والتعاون العسكري والأمني، المتفق على إنشائه بموجب مذكرة الاتفاق الموقعة من قبل رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


وعلى غرار الانتداب الإنجليزي للعديد من البلدان الأفريقية وشبه القارة الهندية، في القرن التاسع عشر؛ ذهب أكار للقاء ضباط أتراك وآخرين ليبيين، وطلب منهم الاطلاع على سير العمليات العسكرية، وقدم قائد المنطقة الغربية بالجيش الليبي، أسامة الجويلي، معلومات للوزير أكار وغولر، حول سير أنشطة التعاون بين الجانبين، وفي خطاب وجهه إلى ضباطه، لا يحمل جديداً عن خطاب النظام التركي إلى العالم، زعم أكار أنّ تركيا تقف إلى جانب الشعب الليبي، وتدافع عن حقوقه، وأنّ تركيا ستفعل كلّ ما يتحتّم عليها فعله لأجل الشقيقة ليبيا، في إطار توجيهات الرئيس أردوغان، ليتطرق أكار إلى السيادة التركية بقوله: " في البحر أو البر، أو حتى في الوطن الأزرق، في أيّ مكان لنا عليه سيادة، نقوم بكل ما علينا من واجبات، لنا مع المنطقة تاريخ مشترك يمتدّ لـ 500 عام، أجدادنا انسحبوا من المنطقة، لكنّنا سنقوم بكلّ ما يجب علينا أن نقوم به من أجل العدالة والحقّ، وفي إطار القانون الدولي، وسنبقى هنا إلى الأبد مع إخواننا الليبيين".

الخروج على القانون

بعد أن افتعل معركة كلامية بينه وبين كلّ من فرنسا واليونان، عبّر الرئيس التركي، خلال زيارة وزير دفاعه إلى ليبيا، عن ارتياحه لتلك الزيارة، موضحاً أنّ تركيا تمضي في طريقها الذي بدأته مع ليبيا، بكلّ إصرار وعزم، وأنّ خلوصي وصل إلى ليبيا ليؤكد تلك الرسالة؛ إذ كان أبرز دلالات التحدي للمجتمع الدولي هو تصريح أكار علناً، بقوله:"على الجميع أن يفهم أنه لن يكون هناك أيّ حلّ في المنطقة يستثني، أو يستبعد تركيا"، وفق ما نشرت عنه وكالة "الأناضول"، ولم يكتفِ بهذا، بل أثنى على البحرية التركية التي تجوب بحر إيجه، في اعتداء واضح أمام المجتمع الدولي على الحدود اليونانية، وعلّل أكار ذلك بأنّها أراضٍ يقطنها قبارصة أتراك، بينما لم تخفِ اليونان اعتراضاتها بشكل متتالٍ على الاعتداءات الجوية والبحرية التي تتعرض لها البلاد من قبل الجيش التركي، ووفق تصريحه عبر شبكة "سكاي نيوز عربية"؛ فقد قال مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، العميد خالد المحجوب: إنّ السرّاج وأكار "قد وقّعا اتفاقاً أمنياً جديداً بين البلدين".

بموجب هذا الاتفاق، تصبح تركيا هي الحامي الرسمي لحكومة الوفاق وميليشياتها، ووفق المحجوب؛ فإنّ هذا الاتفاق غير قانوني، إذ يمثل إملاءات طرف على طرف آخر، كما أعرب العميد عن استعداد الجيش الوطني لصّد أيّة هجمات من الجانب التركي، وميليشياته من حكومة الوفاق، ورغم صدمة المجتمع الدولي بمثل هذه الزيارة والتصريحات النارية، التي تعدّ تحدياً واضحاً لدول المنطقة وفرنسا وروسيا، فقد أعلنت وكالة "رويترز"، في الأول من تموز (يوليو) الجاري، على لسان مصدر مطّلع؛ أنّ وفداً من رجال أعمال  أتراك، يعتزم زيارة ليبيا خلال أسبوعين، لتقييم كيف يمكن للشركات والبنوك التركية المساعدة في إعادة إعمار البلد الذي مزقته الحرب وتأمين احتياجاته من الطاقة، وبينما كان القتال يحتدم قرب مدينة سرت، زار وفد تركي رفيع المستوى حكومة الوفاق الوطني بطرابلس، في منتصف حزيران (يونيو)، فيما صرّح المصدر لـ "رويترز"؛ بأنّ هذه الزيارة هي تمهيد للمقبلة، وأنّ ساسة رجال الدولة وكبارها قد ينضمون إلى الزيارة المقبلة، والتي سيكون بعضها من أجل ممثلي الشركات والبنوك.

صبّ الزيت على النار

وفي اتصال هاتفي، عبر برنامج "الحكاية" على فضائية "إم بي سي مصر"؛ أوضح العميد خالد المحجوب؛ أنّ الاتفاقية العسكرية التي عقدها السرّاج مع تركيا، هي للاستيلاء على النفط الليبي، وهي اختراق للخطّ الأحمر الذي رسمته مصر "سرت - الجفرة"،  والذي حدّده الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، كما أوضح أنّ الاتفاق العسكري يعني المواجهة العسكرية مع الجيش الوطني الليبي، مشيراً إلى أنّ حكومة السراج تعمل خارج إطار القانون الدولي، ومضيفاً أنّ هناك احتمالاً بأن يكون هدف الاتفاقية العسكرية التركية مع حكومة السراج هو رفع سقف المطالب في حال الدخول في مباحثات سياسية بين الأطراف الليبية؛ إذ إنّ الاتفاق الأخير ينصّ على إنشاء قاعدة عسكرية تركية في ليبيا، ويتيح لأنقرة التدخل المباشر في الأراضي الليبية.

 وفي حواره عبر فضائية "RT" الروسية؛ أوضح المحلل السياسي الليبي، حسين الشارف؛ أنّ أردوغان يريد صبّ الزيت على النار، وأنّ أكاذيبه المتعلقة بحقن دماء الشعب الليبي، تبيّن كذبها للعالم أجمع، فهو لا يريد سوى فتح جبهات للصراع أكثر عنفاً، كما يفعل مع فرنسا.

العميد خالد المحجوب: الاتفاقية العسكرية التي عقدها السرّاج مع تركيا، هي للاستيلاء على النفط الليبي، وهي اختراق للخطّ الأحمر الذي رسمته مصر "سرت - الجفرة" 

وبالتزامن مع زيارة أكار، تفقد المشير خليفة حفتر، وحدات الجيش الليبي، للاطلاع على التجهيزات والاستعدادات الخاصة بقوات الجيش الوطني في بنغازي، وعبر موقع "بوابة أفريقيا"؛ أعلن رئيس المجلس الأعلى لقبائل ورشفانة الليبية، المبروك بوعميد، أنّ تواجد أكار والوفد التركي هو احتلال رسمي لليبيا؛ إذ نشرت صحيفة " Africa Intelligence" أنّ أنقرة تعتزم فرض مرشح لها ليتولى منصب رئيس جهاز المخابرات التابع لحكومة السراج، ودلّل الموقع على هذا التصريح، من خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إلى طرابلس وكان برفقته رئيس المخابرات التركية، وأيضاً قيادات عسكرية متعددة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية