
في تطور جديد على صعيد الإجراءات الفرنسية، لمواجهة تمدد الإخوان وأذرعهم، أعلن وزير الداخلية الفرنسي الجديد برونو ريتيللو، أنّه لا يستبعد تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وحظر أنشطتها في فرنسا، داعياً إلى وضع مادة جديدة في القانون لتجريم الإسلام السياسي في البلاد، واعتباره جريمة جنائية.
وفي مقابلة نشرتها الأربعاء الماضي مؤسسة (فاليور أكتويل) الإعلامية، قال ريتيللو: إنّ فرنسا "تواجه الجريمة في أحياء كاملة، أفسدتها المخدرات والإسلام السياسي".
وبسؤاله عمّا إذا كان بإمكانه أن يحذو حذو النمسا، أول دولة أوروبية تتخذ خطوة في العام 2021 بحظر جماعة الإخوان المسلمين، قال ريتيللو: إنّه "لا يستبعد أيّ شيء" تجاه أنشطة الجماعة العابرة للحدود، والمحظورة في وطنها الأم مصر بعد ثورة العام 2013.
نزعة خبيثة
أكد ريتيللو أنّه يتعين على الحكومة أن تكون حذرة بشكل خاص من هذا التسلل الإسلاموي، الذي ينتشر داخل الجمعيات والأندية الرياضية والمدارس وحتى السلطات المحلية. وأضاف: "هذه النزعة الإخوانية الخبيثة تريد زعزعة استقرار مجتمعنا، ويمكنها فعل ذلك". وأكد أنّ الانتخابات البلدية لعام 2026 تقترب بسرعة، متسائلاً: هل سنقبل بإنشاء قوائم طائفية؟ دعونا لا نستيقظ في اللحظة الأخيرة، إنّ هذه النزعة الإسلاموية الخبيثة تريد زعزعة استقرار مجتمعنا ويمكنها ذلك".
وأكد الوزير أيضاً رغبته في إضافة تشريع قانوني بشأن هذه المسألة. ولفت إلى أنّ عقيدة الإخوان المسلمين "تشكل تهديداً حقيقياً، وحان الوقت لمحاربتها، ومضاعفة المعركة ضد الانفصالية، عن طريق خوص معركة ضدّ الإسلام السياسي"، في إشارة إلى القانون 2021، الذي يعزز مبادئ الجمهورية، الذي قدمه الرئيس إيمانويل ماكرون لمحاربة الانفصالية.
وقال ريتيللو: "أعتقد أننا يمكن أن نعمل مع وزير العدل على تجريم جديد يتوافق مع هذا التسلل الإسلاموي والتهديدات التي يمثلها للحفاظ على المصالح الأساسية للأمّة".
وبحسب صحيفة (فاليور أكتويل)، فقد عقد اجتماع في وزارة الداخلية حول هذا الموضوع نهاية الأسبوع الماضي.
من جهتها، شنت أذرع الإخوان هجوماً حاداً على وزير الداخلية الجديد، واتهمته بأنّه ينتهج سياسات تمييزية ضدّ المسلمين، من خلال توسيع أسباب إغلاق المساجد وحل المنظمات المجتمعية، وتقييد التعليم المنزلي، وإدراج جريمة "الانفصالية" ضمن الجرائم التي يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى (5) أعوام.
حكومة بارنييه في مواجهة مفتوحة مع الإخوان
ويبدو أنّ الحكومة الفرنسية تحت قيادة رئيس الوزراء الجديد ميشيل بارنييه عازمة على مواجهة الإخوان، وتجريدهم من الهيمنة على المسلمين في فرنسا، وهو ما صرّح به ريتيللو صراحة.
ولا ينتمي ريتيللو إلى حزب ماكرون، بل إلى حزب الجمهوريين اليميني التقليدي، وكان رئيساً سابقاً لحزب الجمهوريين في مجلس الشيوخ، واكتسب شهرة باعتباره متشدداً في التعامل مع القضايا الاجتماعية. فقد عارض زواج المثليين، ونص الدستور الفرنسي على حق الإجهاض، ومؤخراً يعارض التشريع الجديد بشأن الحق في الموت.
وقال ريتيللو خلال حفل تسلّمه مهام عمله وزيراً للداخلية، في لقاء مع سلفه جيرالد دارمانين: "لديّ (3) أولويات: استعادة النظام، استعادة النظام، استعادة النظام".
وفي الأسبوع الماضي ألقى ريتيللو خطاباً أمام حكام الولايات في عموم فرنسا، ناقش فيه مقترحاً يستهدف بشكل مباشر تجريم الإسلام السياسي. وقال الوزير: "لا شك أنّ القانون سيضطر إلى التكيف مع تصور جريمة جنائية جديدة، تتناسب مع طبيعة واستراتيجيات الإسلام السياسي. مضيفاً: "المعلومات التي لدينا تشهد على تحول تدريجي للتهديد الإسلاموي. فالنزعة الانفصالية تقترن بالتسلل، ففي حين تهدف الأولى إلى تشكيل مجتمعات إسلامية متطرفة مضادة وصغيرة، تسعى الثانية إلى أخونة المجتمع ككل، تدريجياً، وخلق كيانات إخوانية داخل المنظمات المجتمعية، والشركات وأحياناً داخل الإدارات المحلية".
وأضاف ريتيللو: "في مواجهة خطر هذه الإسلاموية الخبيثة، التي أصبحت جماعة الإخوان المسلمين زعيمة لها، يجب على الدولة أن تكون أكثر يقظة، وأن تتخذ خطوة حاسمة جديدة".
إعلان الحرب على التطرف
وفي الأسبوع الماضي هاجم ريتيللو، الذي سئل من قبل الجمعية الوطنية عن خطر الإسلام السياسي، مندداً بالإخوان، هاجم مبدأ الأخوية ذا المصفوفة الإيديولوجية الدقيقة للغاية التي تقوم على تحقير المرأة، ومعاداة السامية، واستغلال الإسلاموفوبيا".
وأضاف: "يتعين علينا أن ننتقل من مكافحة الانفصالية إلى مكافحة الإسلام السياسي. وسأطلب من جهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسي تقريراً مفصلاً. معرباً عن أمله في استحداث "جريمة جنائية جديدة تسمح بحل الجمعيات الإخوانية، بما يتجاوز ما كان سلفه قادراً على القيام به".
يُذكر أنّه في أيّار (مايو) الماضي كلفت الحكومة الفرنسية السابقة بإعداد تقرير عن الإسلام السياسي وحركة الإخوان المسلمين في فرنسا، ومن المتوقع صدوره هذا التقرير في الخريف.
وجاء في بيان حكومي في ذلك الوقت أنّ "الانفصالية الإسلامية، هي مشروع سياسي ديني نظري، يتميز بالانحرافات المتكررة عن مبادئ الجمهورية؛ بهدف بناء مجتمع مضاد"، مضيفاً أنّ "جماعة الإخوان المسلمين تلعب دوراً رئيسياً في نشر مثل هذا النظام الفكري".
ويبدو أنّ الحكومة الجديدة قرّرت الدخول في مواجهة مفتوحة مع الإخوان وأذرعهم، من أجل تجفيف منابع الإرهاب الإسلاموي، وتقويض البنية الاقتصادية للجماعة القائمة على تحالفات ضمنية مع اليسار.