"وثيقة القيم" في الكويت تهدف إلى تأسيس "قندهار جديدة".. ما دور الإخوان؟

"وثيقة القيم" في الكويت تهدف إلى تأسيس "قندهار جديدة".. ما دور الإخوان؟

"وثيقة القيم" في الكويت تهدف إلى تأسيس "قندهار جديدة".. ما دور الإخوان؟


18/09/2022

في الكويت، انتشرت وثيقة مثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد الماضي، مما أثار جدلاً واسعاً، وانقساماً بين مؤيدي الوثيقة ومعارضيها. خاصّة بعد أن وقع العديد من المرشحين في الانتخابات البرلمانية على الوثيقة التي حملت عنوان "وثيقة القيم"، وتعهدوا فيها بدعم تطبيق الشريعة الإسلاميّة. فمع بداية الموسم الانتخابي، أعلن عدد من رجال الدين عن إطلاق الوثيقة، وطافوا بها على المرشحين لخوض انتخابات مجلس الأمة، المقررة في 29 أيلول (سبتمبر) الجاري، للتوقيع عليها، والتعهد بالالتزام بما جاء بها.

وتدعو الوثيقة إلى تطبيق الشريعة الإسلاميّة، بما في ذلك فرض قواعد الملابس المحتشمة، وحظر الوشم، والفصل الصارم بين الجنسين في المدارس، وحمامات السباحة، والصالات الرياضية، بالإضافة إلى معاقبة كل من يهين الصحابة، وإنشاء خط ساخن للشكوى، وتقديم المعلومات عن أيّ عمل ضد الشريعة الإسلاميّة.

وفي المقابل، لم يستطع آخرون استيعاب فكرة جعل أعضاء البرلمان أوصياء على شعب الكويت، وأكدت الناشطة أمينة الوهيب أنّ الأشخاص الذين كتبوا هذه الوثيقة متطرفون غير متعلمين، يريدون تحويل الكويت إلى قندهار، وانتشر هاشتاج #وثيقة_قندهار، على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وعلّق الآلاف من المواطنين على هذا الموضوع.

انتفاضة المجتمع المدني

أكدت جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت، رفضها لما يسمى "وثيقة القيم"، التي وقعها بعض مرشحي مجلس الأمة الكويتي، ووعدوا بالموافقة عليها في حال انتخابهم لمجلس الأمة.

القصاص: لخصت الجماعة أفكارها المتطرفة داخل الوثيقة، ثمّ مررتها عبر دعاتها وشيوخها، وفرضها على المرشحين، مع ممارسة دعاية دينية ضدّ من يرفض التوقيع عليها

وأكدت الجمعية، في بيان لها، أنّ الانخراط في مثل هذه الممارسات، يعد انتهاكاً لأخلاقيات العمل الديمقراطي، وتقييداً للحريات العامة، وتشكيكاً في سلوك عامة الناس، وخاصّة الطلاب والطالبات. ولفتت الجمعية إلى أنّ ما ورد في هذه الوثيقة، خاصّة ما يتعلق بجامعة الكويت، يُعد مخالفاً لمواد الدستور، ومخالفاً لحكم المحكمة الدستورية للعام 2015، الذي نص على أنّ الفصل داخل المبنى والفصل، هو أمر يكفي لتحقيق مبدأ الفصل بين الجنسين، وهو ضمان لحسن سير العملية التعليمية، والتعليم الأكاديمي، في البناء المشترك.

أكدت جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت، رفضها لما يسمى "وثيقة القيم"، التي وقعها بعض مرشحي مجلس الأمة الكويتي، ووعدوا بالموافقة عليها في حال انتخابهم لمجلس الأمة

من جهته، أكد الأمين العام للمنتدى الديمقراطي، عبد الهادي الصنفي، رفضه لهذه الوثيقة التي تتعارض بعض بنودها مع الحريات العامة والخاصّة، التي أكدها الدستور الكويتي، مؤكداً ضرورة مواجهتها في حال الشروع في أيّ محاولة لإقرارها في الجمعية الوطنية، وقال إنّ لديه ثقة كبيرة في الناخب الكويتي ووعيه بالاختيار الأفضل، والتصويت لمن لديه برنامج انتخابي جيد، وأفكار لصالح الوطن والمواطن.

في غضون ذلك، أصدرت الجمعية الثقافية والاجتماعية للمرأة الكويتية بياناً، رفضت فيه الوثيقة، قائلة إنّ الكويت دولة مَدنيّة ودستورية، يحمي الدستور فيها الحقوق والحريات الشخصية.

الإخوان ومحاولات الأسلمة

جذبت الوثيقة اهتمام ودعم التيار السلفي، وبعض المستقلين من التيار الإسلامي؛ حيث وقّع عليها النائب السابق محمد المطير، بالإضافة إلى المرشحين: محمد هايف المطيري، وعادل الدمخي، وفايز غنام الجمهور.

صورة لوثيقة القيم

وكان من اللافت قيام مرشحي الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، الجناح السياسي لـلإخوان المسلمين في الكويت، بالتوقيع على الوثيقة، وهما: النائب السابق أسامة الشاهين، ومعاذ مبارك الدويلة. 

من اللافت قيام مرشحي الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، الجناح السياسي لـلإخوان المسلمين في الكويت، بالتوقيع على الوثيقة، وهما: النائب السابق أسامة الشاهين، ومعاذ مبارك الدويلة

ويرى الإخوان أنّ وثيقة القيم تمثل المجتمع الكويتي المحافظ، وكتب الصحافي الإخواني، نامي حراب المطيري، على "تويتر": "قرأت الوثيقة، ولم أر فيها إلّا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا من صلب ديننا الحنيف، المجتمع الكويتي مجتمع محافظ، ومتدين بطبيعته بعكس ما يروج له الإعلام الهابط، لذلك من حقه أن ينظم حياته وسلوكه بما يتوافق مع ذلك، لا نريد قندهار ولا نريد شارع الهرم!".

الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسية، خص "حفريات" بتصريحات، لفت فيها إلى الدور الخفيّ للإخوان في التحضير للوثيقة، وإخراجها إلى النور، وهو أمر يتسق وأفعال الجماعة في المجال العام، طوال الأعوام الماضية، من محاربة كل مظاهر الحداثة، حتى أنّ الجماعة أثارت قيام أحد المولات التجارية، بوضع شجرة الكريسماس أثناء احتفالات العام الماضي، وحدثت زوبعة انتهت برفع الشجرة من مكانها، كما تحارب الجماعة انتشار رياضة اليوغا الذهنية، وتحارب الحفلات الفنية، كما ألغت قبل أعوام ندوة علمية، للباحاث المصري أحمد سعد زايد، بداعي تناوله أموراً "تعارض الدين".

وبحسب القصاص، فقد لخّصت الجماعة أفكارها المتطرفة داخل الوثيقة، ثمّ مررتها عبر دعاتها وشيوخها، وفرضها على المرشحين، مع ممارسة دعاية دينية ضدّ من يرفض التوقيع عليها، وبالفعل، وتحت الضغط، شوهد عدد من المرشحين المتنافسين في الانتخابات النيابية المقبلة، وهم يوقعون على "وثيقة القيم"، مبينين موافقتهم عليها واعتمادهم محتوياتها.

"وثيقة القيم"، تتضمن مجموعة من الإجراءات، والذين صاغوا هذه الوثيقة يطالبون أعضاء جدداً في مجلس الأمة باعتمادها من خلال قوانين؛ لتحويل الحياة في الكويت إلى شيء مشابه لما هو سائد في أفغانستان؛ حيث تنص ورقة التعهد على أنّ المرشح الذي سينجح في الانتخابات، عليه أن يدفع باتجاه تطبيق الفصل في التعليم، وعزل الذكور عن الإناث، وحظر جميع أنواع المهرجانات وحفلات الرقص، بالإضافة إلى تعديل قانون تقليد الجنس الآخر، وتجريم الوشم على الجسد، ووقف جميع المسابقات التي تجريها شركات الاتصالات، بداعي أنّها تدخل ضمن أعمال القمار، وهي كلها إجراءات؛ تهدف إلى تحويل الكويت إلى بؤرة ظلامية، لما تتضمنه من ردة حضارية يسعى إليها الإخوان.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية