وثائق جديدة مُسربة من سجن إيفين تكشف محنة السجناء السياسيين في إيران

وثائق جديدة مُسربة من سجن إيفين تكشف محنة السجناء السياسيين في إيران


04/11/2021

في حلقة جديدة من مسلسل فضائح سجن إيفين سيئ السمعة، نشرت مجموعة قراصنة على الإنترنت تدعى "عدلات علي" وثائق أمنية سرية متعلقة بجرائم النظام الإيراني بحق المعتقلين السياسيين في إيران.

وكشفت شبكة "راديو فرادا" الإيرانية، التي استطاعت الوصول لهذه الوثائق بعد تسريبها لها من قبل مجموعة القرصنة، عن معاناة الإيرانيين في سجن إيفين، الذي سبق وأحدث ضجة كبيرة بعد تسريب مقاطع فيديو تظهر الانتهاكات التي يرتكبها النظام بحق السجناء السياسيين.

وبحسب الوثائق، فإنّ إدارة السجن تعتبر إضراب السجناء عن الطعام، أو إرسال رسائل للأهل في الخارج "سلوكاً إجرامياً"، يستدعي معاقبتهم بمختلف الوسائل.

وتوثق إحدى تلك الوثائق رسالة وجهها مسؤول إيراني سابق في السجن تدعو إلى معاقبة السجناء الذين يرفضون تناول الطعام أو من أرسلوا رسائل مكتوبة أو صوتية إلى خارج السجن.

إدارة السجن تعتبر إضراب السجناء عن الطعام، أو إرسال رسائل للأهل في الخارج "سلوكاً إجرامياً"، يستدعي معاقبتهم بمختلف الوسائل

وتشير الوثائق إلى أنه في مثل هذه الحالات "يجب عزل السجناء المتهمين بارتكاب انتهاكات، وأن تكون ميزة تواجدهم بين الآخرين محدودة، ويجب أن تكون رفاهيتهم محدودة، ويجب أن ننظر في مطالبهم" .

ابتزاز السجناء

إحدى الوثائق كانت تتعلق بنازانين زغاري راتكليف، وهي بريطانية محتجزة في إيران منذ 5 أعوام، حيث تشير الوثيقة إلى فرض عقوبات عليها في 2019 بعدما أضربت عن الطعام احتجاجاً على سجنها.

وأشارت الوثيقة إلى أنّ "سلطات السجن رفضت منح الزيارات الخاصة لراتكليف، وهو ما دفعها في نهاية الأمر إلى إنهاء إضرابها على الطعام"، وأنّ مثل هذا الإجراء يجب استخدامه مع السجناء الآخرين في حال إضرابهم عن الطعام.

اقرأ أيضاً: إيران تعاني من وباء آخر اسمه التعذيب

وثيقة أخرى أشارت إلى أنّ سلطات السجن منعت الاتصالات عن المخرج والمعارض محمد نوريزاد بعد أن أضرب عن الطعام وأطلق تصريحات من السجن.

ودخل العديد من السجناء السياسيين في إيران في الأعوام الأخيرة في إضراب عن الطعام احتجاجاً على ظروف سجنهم. كما أطلق السجناء خطابات وبيانات مفتوحة من السجن في محاولة لتسليط الضوء على سوء معاملتهم والتعبير عن آرائهم في الأحداث السياسية.

ووجهت إدارة السجن لنوريزاد الذي يقضي عقوبة السجن لمدة 17 عاماً، بزعم إهانة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، تهمة جديدة بأنه "ينشر الأكاذيب" عما يحصل في السجن

إحدى الوثائق كانت تتعلق بنازانين زغاري راتكليف، وهي بريطانية محتجزة في إيران منذ 5 أعوام، حيث تشير الوثيقة إلى فرض عقوبات عليها في 2019 بعدما أضربت عن الطعام احتجاجاً على سجنها

وقامت السلطات في وقت لاحق بإلغاء حظر الاتصالات المفروض علي نوريزاد بعدما وعد بعدم إجراء مقابلات مع الصحفيين أو إصدار تصريحات.

كما أفادت وثيقة أخرى بأنّ السلطات منعت محامية حقوق الإنسان نسرين ستودة من مقابلة أسرتها إلا بوضع شروط عليها مثل ارتداء الغطاء الكامل بما لا يترك سوى وجهها ويديها مكشوفتين.

ومُنعت ستوده، المحكومة عام 2019 بالسجن لمدة 38 عاماً ونصف العام، من مقابلة أسرتها لمدة 3 أسابيع لرفضها ما طلبته السلطات.

فضائح سابقة

وفي وقت سابق من هذا العام، استطاعت مجموعة "عدالة علي" اختراق كاميرات المراقبة في سجن إيفين، حيث أظهرت المقاطع المسجلة سوء التعامل مع السجناء وضربهم.

توثيق مشاهد التعذيب بكاميرات المراقبة وتسريبها إلى الإعلام الأجنبي، لم يترك أمام السلطات الإيرانية إلا الاعتراف بانتهاكات قديمة قدم سجن إيفين، والسعي إلى امتصاص "صدمة الاكتشاف"، باعتذار نادر لمسؤولي السجن الخطير.

وقال رئيس مصلحة السجون في تغريدة على تويتر نشرتها وسائل إعلام رسمية: "فيما يتعلق بصور سجن إيفين، أتحمل المسؤولية عن هذا السلوك غير المقبول وأتعهد بالعمل على منع تكرار تلك الأحداث المريرة والتعامل بحسم مع المخطئين".

 

اقرأ أيضاً: انتهاكات وتعذيب.. اختراق كاميرات المراقبة في سجن إيفين الإيراني... ما القصة؟

وكان ذلك اعترافاً نادراً بانتهاكات لحقوق الإنسان في إيران، التي دأبت على رفض الانتقادات لسجلها في حقوق الإنسان ووصفها بأنها بلا أساس، لكن هل سيكون له ما بعده، يتساءل نشطاء حقوق الإنسان في العالم.

ومع ذلك، ما زال النظام الإيراني يرفض بشكل قاطع الاطلاع عن كثب على وضع السجن من الداخل، رغم مطالبات المنظمات الحقوقية، وحتى بعد انتشار فيروس كورونا، في إيفين، رفضت طهران طلبات متكررة لمنظمة الصحة العالمية لمعاينة السجناء.

 في وقت سابق من هذا العام، استطاعت مجموعة "عدالة علي" اختراق كاميرات المراقبة في سجن إيفين، حيث أظهرت المقاطع المسجلة سوء التعامل مع السجناء وضربهم

ويُعرف سجن إيفين بأنه مسرح للتعذيب بعيداً عن أنظار العالم والإيرانيّين، وقد انتشرت روايات الناجين منه لتفضح ما يجري داخله، هذا الوضع دفع السلطات حينها في عهد الرئيس أحمدي نجاد إلى السماح بتركيب كاميرات مراقبة في إيفين، لكن صلاحيات الاطلاع عليها تبقى محصورة في الجلادين بالسجن المرعب.

ومع ذلك استمرت الانتهاكات داخل السجن، وذكرت تقارير للمقرر الخاص للأمم المتحدة جافيد رحمان، مراراً وتكراراً أن سجن إيفين هو موقع لتعذيب السجناء، وفق ما أورد موقع "العين".

وحذر رحمان مطلع العام الحالي من عمليات تعذيب السجناء السياسيين والمعتقلين بتهم مختلفة، داعياً إلى اتخاذ إجراءات ضد النظام الإيراني لوقف الانتهاكات.

لكن نداءات الحقوقيّين والسياسيّين لوضع حد لتلك الانتهاكات لم تلق آذاناً صاغية لدى النظام في إيران، الذي ظل ينكر ما يجري، زاعماً أن الأمر مجرد حملات من الإعلام الغربي، لتشويه صورة إيران.

تاريخ أسود

وظل السجن وفياً لتاريخه الأسود، من إنشائه واتخاذه من قبل طهران موقعاً رئيسياً لإيواء السجناء السياسيين الإيرانيين، حيث شهد مجزرة عام 1988، ضد معارضي النظام، والتي قتل فيها حوالي 30 ألف شخص.

ورغم أنّ السجن عند إنشائه كان مخصصاً لإيواء 320 سجيناً فقط، إلا أنّ النظام الإيراني ترك آلاف السجناء يقبعون فيه لسنين، قبل أن يقدمهم لمقصلة المشانق، بعد دورات تعذيب مؤلمة، ومفضوحة.

اقرأ أيضاً: قصة 36 متراً من الجحيم.. سجن إيفين الإيراني حيث تنعدم الإنسانية

ويتم إجبار سجناء إيفين – والعديد منهم رهائن وسجناء سياسيون – بصورة روتينية على تحمل التعذيب وسوء المعاملة الجسدية الواسع والإساءة النفسية، بما في ذلك الخضوع لاستجوابات قاسية بلا هوادة والتهديدات بالعنف والإعدام، والسجن فترات طويلة في الحبس الانفرادي، وغيرها من المعاملة غير الإنسانية القاسية والمهينة، حسب تقرير سابق لصحيفة "واشنطن بوست".

وثيقة أخرى أشارت إلى أنّ سلطات السجن منعت الاتصالات عن المخرج والمعارض محمد نوريزاد بعد أن أضرب عن الطعام وأطلق تصريحات من السجن

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أنه في الغالب يُحتجز السجناء رفيعو المستوى في الحبس الانفرادي أو زنازين صغيرة مع عدد قليل منهم، ولكن أغلب المعتقلين يعيشون في غرف مكتظة اكتظاظاً بالغاً، حيث ترتفع درجات الحرارة ارتفاعاً كبيراً وسريعاً بصورة لا تطاق خلال فترة الصيف.

ويحتوي السجن على مجموعة من غرف الاستجواب تحت الأرض حيث إنه، ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، يتعرض المعتقلون للتعذيب بانتظام لإجبارهم على التوقيع على اعترافات، تقودهم إلى المشانق في أكثر الأحوال.

ويحمل قسم النساء في هذا السجن نصيباً كبيراً من الانتهاكات اليومية، بتعريضهن للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، ومنع العلاج في المستشفيات، وفق تقارير منظمة العفو الدولية العام الماضي.

مسرح إعدامات

وتُجرى إعدامات بعد محاكمات سريعة عبر الشنق في فناء داخل السحن، تزيد سجل إيران الأسود في الإعدامات، لتحل كثاني أعلى نسبة إعدام في العالم.

ولطالما انتقدت جماعات غربية مدافعة عن حقوق الإنسان سجن إيفين، وأدرجته الولايات المتحدة على القائمة السوداء في عام 2018 بسبب "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".

 وتُجرى إعدامات بعد محاكمات سريعة عبر الشنق في فناء داخل السجن، تزيد سجل إيران الأسود في الإعدامات، لتحل كثاني أعلى نسبة إعدام في العالم

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها إنّ سلطات سجن إيفين، تستخدم التهديد بالتعذيب والتهديد بالحبس، لأجل غير مسمى، وتعذيب الأقارب والخداع والإذلال والاستجوابات اليومية المتعددة التي تستمر لخمس أو ست ساعات، والحرمان من الرعاية الطبية وزيارات ذوي السجناء لمعتقل إيفين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية