واشنطن بصدد استخدام الخيار العسكري ضد طهران: هل يفعلها بايدن؟

واشنطن بصدد استخدام الخيار العسكري ضد طهران: هل يفعلها بايدن؟

واشنطن بصدد استخدام الخيار العسكري ضد طهران: هل يفعلها بايدن؟


11/12/2022

مع إعلان إيران، رسمياً، الشروع في تدشين محطة نووية جديدة، فإنّ التصعيد النووي الجديد يؤشر إلى وجود تهديدات وضغوطات متبادلة بين طهران والقوى العظمى، بما يجعل فرص إحياء "خطة العمل المشتركة" تتضاءل، لا سيما مع التعقيدات المرتبطة بإسرائيل، وكذا الموقف الأمريكي الأخير الذي بدأ يلوح بخيارات أخرى، منها البديل العسكري. وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، قد شدد على أنّ الرئيس جو بايدن بصدد استخدام الخيار العسكري، بهدف منع إيران من حيازة سلاح نووي، إذا فشلت العقوبات والدبلوماسية.

إعلان فشل الدبلوماسية

كما كشف المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران عن خطط إدارة بايدن التي تتجه إلى "منع تزويد إيران روسيا بالأسلحة، ودعم الاحتجاجات في إيران عوضاً عن إحياء الاتفاق النووي مع طهران".

وقال مالي لوكالة "بلومبرغ" الأمريكية: "إيران ليست مهتمة بالاتفاق النووي، وبالتالي ركزنا على قضايا أخرى. الآن نحن في وضع يسمح لنا بقلب الوضع بمحاولة احتواء وتعطيل تزويد روسيا بالأسلحة ودعم تطلعات الشعب الإيراني".

ووفق التلفزيون الإيراني، فإنّ طهران بدأت في تدشين محطة كارون للطاقة النووية، جنوب غربي البلاد، بينما تتزايد وتيرة الاحتجاجات الشعبية، في إيران، على خلفية وفاة الشابة الإيرانية الكردية، مهسا أميني، فضلاً عن تنامي حدة التوترات مع واشنطن نتيجة العقوبات الشاملة، والتي فرضت عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.

 الموقف الأمريكي الأخير بدأ يلوح بخيارات منها البديل العسكري

وقال التلفزيون الإيراني إنّ بناء محطة كارون النووية الجديدة، التي تبلغ قدرتها 300 ميغاواط، سيستغرق ثماني سنوات وستتكلف حوالي ملياري دولار، لافتاً إلى أنّ المحطة ستقام في محافظة الأحواز الغنية بالنفط بالقرب من حدودها الغربية مع العراق.

وتزامن الإعلان عن بدء تدشين محطة كارون في حفل بحضور رئيس منظمة الطاقة الذرية المدنية الإيرانية، محمد إسلامي، مع بدء إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60% في منشأة فوردو النووية تحت الأرض.

وإلى ذلك، طالب وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، المجتمع الدولي، بضرورة التحرك ضد طهران، محذراً من أنّ إيران تستطيع امتلاك قنبلة نووية في غضون أسبوعين.

المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، شدد على أنّ الرئيس جو بايدن بصدد استخدام الخيار العسكري، بهدف منع إيران من حيازة سلاح نووي، إذا فشلت العقوبات والدبلوماسية

ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، عن غانتس قوله إنّ "إيران تواصل بناء وتوسيع وتحصين قدراتها" العسكرية. وتابع: "اليوم إذا قررت إيران ذلك، فإنّها قادرة على تجميع كمية كافية لصنع قنبلة نووية واحدة (SQ1) من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% في غضون أسبوعين فقط".

وقال غانتس إنّه يتعين "تعزيز التحالفات، وزيادة التعاون الاستخباراتي، وإظهار القوة والرد بقوة على الهجمات والعدوان الإيراني". وأردف: "لا تشكل (إيران) تهديداً لإسرائيل فحسب، بل إنّها تشكل تحدياً للمنطقة والعالم. هذا الشهر فقط رأينا هجوماً على سفينة تجارية باستخدام طائرة شاهد 136 بدون طيار، تم إطلاقها من منطقة تشابهار في جنوب إيران، هذا هو المجال الذي ناقشته قبل عام مع سفرائكم، باعتباره بؤرة ساخنة للإرهاب. وفي الواقع، خلال السنوات الخمس الماضية، شنت إيران ما لا يقل عن 16 هجوماً منفصلاً على سفن دولية مدنية في الخليج والبحر الأحمر".

موقف إسرائيل

وغرد غانتس عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أنّ إيران تواصل تعزيز قدراتها النووية، وأنّ بوسعها تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% في غضون أسبوعين إذا قررت ذلك، متهماً إيران بتنفيذ 16 هجوماً على سفن أجنبية مدنية في الخليج والبحر الأحمر في السنوات الخمس الأخيرة.

وفي حديثه لـ"حفريات"، يوضح المراقب الدولي السابق لدى الأمم المتحدة، الدكتور كمال الزغول، أنّ إيران تعمد إلى استثمار الأوضاع في أوكرانيا، الأمر الذي يأتي في الوقت المناسب والمحسوب بالنسبة لها، خاصة بعد إعلان طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهذه النتيجة تؤهل إيران لبناء محطات طاقة نووية لكي تستخدمها كمصدر بديل للنفط. ويردف: "لكن تصريحات رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال أهارون حاليفا حول محاولة تقدم إيران باتجاه التخصيب بنسبة 90% من اليورانيوم قد أثارت حفيظة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغضب إسرائيل، بالإضافة إلى قلق الولايات المتحدة حول القضية؛ لأنّها بذلك تقترب من إنتاج القنبلة النووية".

لا نستطيع الجزم بالسيناريوهات المحتملة في ظل وجود حرب على حدود أوروبا في أوكرانيا، وفق الزغول، لكنّ السيناريو المرجح هو المراقبة الاستخباراية والبحرية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية على إيران، وبالتالي، فإنّ أيّ تصعيد سيعتمد على مدى اقتراب إيران المؤكد من تخصيب بنسبة 90%، حيث سيأتي السيناريو الثاني المتمثل في عمليات تخريب داخل المفاعلات نفسها من قبل إسرائيل. ويردف: "كل ذلك من الممكن أن يكون مصحوباً بتتبع دقيق حول مساعدة روسيا لإيران لبناء هذه المفاعلات، وذلك في مقابل دعم روسيا من قبل إيران بطائرات درونز وبعض المواد التي تستخدم بالصناعات العسكرية".

كمال الزغول لـ"حفريات": لا نستطيع الجزم بالسيناريوهات المحتملة في ظل وجود حرب في أوكرانيا، لكنّ السيناريو المرجح هو المراقبة الاستخباراية والبحرية من قبل إسرائيل وواشنطن على إيران

وبالنسبة لمشروع الطاقة الإيراني، يقول المراقب الدولي السابق لدى الأمم المتحدة، إنّه "كلما تقدمت إيران في مجال الطاقة النووية فإنها ستكسب تعاقدات مع العراق، كون الأخير يعاني من نقص في إنتاج الطاقة الكهربائية، وهذا سيدعم موقف إيران في التأثير المادي والاقتصادي في المنطقة".

العقوبات سلاح واشنطن ضد إيران

كما أنّ "الإدارة الامريكية، الآن، لا تستخدم إلا العقوبات والمراقبة بحذر ضد إيران. ومن المحتمل إصدار عقوبات جديدة على الشركات والكيانات التي تنتج مواد تجهيز المفاعلات النووية"، يقول الزغول.

ومن ناحية فنية، إذا سمحت طهران للوكالة الذرية للطاقة الدولية بزيارة المفاعلات الجديدة ومعرفة خططها، فإنّ ذلك قد يخفف من حدة التصعيد بينها وبين إسرائيل، من جهة، وبينها وبين أمريكا، من جهة أخرى، وفق المصدر ذاته، خاصة إذا تم استئناف المفاوضات في المستقبل؛ إذ إنّ "هذا التوقيت يعتبر حاسماً ومحرجاً للإدارة الأمريكية لإتخاذ القرار المناسب ضد إيران في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، والذين، بدورهم، سيضغطون على إدارة بايدن، إما بالتصعيد وإما بتوقيع اتفاق نووي شامل، الأمر الذي دعا إيران لاستثمار الفجوة السياسية الداخلية الأمريكية".

يتفق والرأي ذاته، الدكتور سامح مهدي الباحث المتخصص في العلوم السياسية، والذي يشير إلى أنّ الولايات المتحدة لن تفرط في الدبلوماسية لكنها سوف تضغط بوسائل أخرى، خاصة مع المتغيرات التي تجري داخل إيران على مستوى الاحتجاجات، الأمر الذي سيجعل واشنطن تتحرى الضغط الحقوقي والتراجع قليلاً عن سعيها تجاه المفاوضات النووية.

ويشير مهدي في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ الأوضاع الدولية والحرب الروسية الأوكرانية، تبدو هي الأخرى مؤثرة، من ناحية أخرى، لا سيما مع ظهور المسيّرات الإيرانية لدعم موسكو، مؤكداً على أنّ "سلاح العقوبات سيظل أداة أمريكية لجعل إيران دولة منبوذة".

في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنّ "ما يحدث في إيران يتعلق أولاً وقبل كل شيء بالإيرانيين ومستقبلهم وبلدهم. ولا يتعلق الأمر بنا"، مضيفاً أنّ "أحد الأخطاء العميقة التي يرتكبها النظام هو محاولة توجيه أصابع الاتهام إلى الآخرين، في الولايات المتحدة، وإلى الأوروبيين، زاعماً أنّنا مسؤولون بطريقة ما عن التحريض أو تأجيج نيران الاحتجاجات. إنّهم يسيئون فهم شعوبهم بشكل عميق".

وقال بلينكن إنّ العالم "يركز بشكل صحيح على ما يحدث في الشوارع في إيران"، موضحاً أنّ الولايات المتحدة عملت على ضمان أنّ الشعب الإيراني لديه "تكنولوجيا الاتصالات التي يحتاجون إليها لمواصلة التواصل مع بعضهم البعض والبقاء على اتصال مع العالم الخارجي". وكشف أنّ "هناك خطوات أخرى نتخذها دبلوماسياً، عبر المنظمات الدولية ومع العديد من البلدان الأخرى، لتوضيح كيف يرى العالم القمع الذي يجري في إيران، لمحاولة قمع أولئك الذين يحاولون ببساطة التعبير سلمياً عن أنفسهم".

وختم حديثه قائلاً إنّ "التركيز الرئيسي يجب أن يظل على الشعب الإيراني. هذا يتعلق بما يريدونه وما يحتاجون إليه وما يتوقعونه".

مواضيع ذات صلة:

مناورات واشنطن وتل أبيب: هل هي آخر رسالة أمريکية لطهران؟

برنامج إيران النووي... هل تستغل طهران تعطش أوروبا لنفطها وتصنع سلاحاً نووياً؟

مسيّرات إيرانية لروسيا ضد أوكرانيا: هل تنجح طهران بالضغط على واشنطن؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية