هل يُسهّل رحيل الإخوان تمرير قانون تجريم التطبيع في تونس؟

هل يُسهل رحيل الإخوان تمرير قانون تجريم التطبيع في تونس؟

هل يُسهّل رحيل الإخوان تمرير قانون تجريم التطبيع في تونس؟


10/10/2023

لأول مرّة في تاريخ السياسة التونسية بدا موقف تونس الرسمي واضحاً مباشراً ومختلفاً عن الرؤية التونسية السائدة والداعية عادةً إلى التهدئة وتشجيع الفلسطينيين على القبول بقرار التقسيم، وإقامة دولتهم على ذلك الأساس.

فقد رفض الرئيس قيس سعيّد في صياغة البيان مختلف الخطوط الحمراء التي تلتزم بها عادة الأنظمة السياسية والدبلوماسية التونسية، وذلك خشية اتهامها من قبل الدول الكبرى والمنتظم الأممي بالعداء لإسرائيل، ورفض حقها في الوجود.

البيان على وضوحه، رفض مجاراة المفردات المستعملة إعلامياً مثل "غلاف غزة"، في إشارة إلى المستوطنات التي زرعت حولها، قائلاً إنّها "أرض فلسطينية ترزح تحت الاحتلال الصهيوني"، وذلك برغم تحفظات سعيّد على الحركات الإسلامية عموماً، بما في ذلك حركتا (حماس والجهاد).

كما أصرّ سعيّد في البيان الرئاسي على حق الفلسطينيين في "استعادة كل أرض فلسطين"، والانحياز إلى "المقاومة" الفلسطينية، مشدّداً على "حق المقاومة المشروعة للاحتلال، ولا يُعدّ ذلك اعتداء وتصعيداً"، دون الإشارة إلى حركة (حماس)، أو أيٍّ من الفصائل المسلحة.

تونس تتوحد، والمعارضة تدعم الرئيس سعيّد

وقد تبنّت أغلب أحزاب المعارضة البيان الرئاسي، حيث كتب هشام العجبوني القيادي في حزب التيار الديمقراطي: "بيان رئاسة الجمهورية التونسية حول الوضع في فلسطين يمثّلني".

وقال الناطق باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير: "موقف الجمهورية التونسية مشرّف، ونطالب بتعزيزه بقانون يجرّم التطبيع، فمن يناصر الحق والعدل في العالم، عليه أن يطبقه في بلده".

من جانبه، وصف الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي موقف تونس من القضية الفلسطينية بالمشرف جداً، داعياً في هذا السياق الدولة التونسية إلى تحمل مسؤولياتها، وفتح جسر جوي مع مصر لتأمين الأدوية والإسعافات العاجلة للشعب الفلسطيني.

 الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي

ونظمت عشرات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تظاهرات وسط العاصمة وعدد من المدن التونسية للتعبير عن دعمها للقضية الفلسطينية وللتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، ورددوا شعارات من قبيل: "الشعب يريد تحرير فلسطين"، فضلاً عن بعض الأغاني الحماسية المؤيدة للقضية الفلسطينية، كما طالبوا بالإسراع في سنّ قانون يجرم التطبيع.

ويرى مراقبون أنّ وحدة هذا الموقف المدعومة شعبياً قد تعجّل بتمرير مشروع قانون تجريم التطبيع، الذي ظلّ حبيس رفوف البرلمان، بتعطيل من الإخوان الذين عارضوا تمرير القانون، خدمةً لمصالحهم وأجنداتهم الخارجية.

البرلمان التونسي  على الخط

عبّر البرلمان التونسي أمس الإثنين عن "دعمه المطلق للشعب الفلسطيني، وحقّه الكامل في الذود عن حقوقه المشروعة، وتقرير مصيره، واستعادة أراضيه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

وأشاد البرلمان في بيان رسمي صادر عن مكتب المجلس بما اعتبره "الملاحم البطولية المشرّفة للمقاومة الفلسطينية، وبنضالات الشعب الفلسطيني التي لم تعرف الاستكانة والإذعان للآلة الحربية الإرهابية الصهيونية المدمّرة على مر العقود".

كما دعا "البرلمانات والاتحادات والمجالس البرلمانية الإقليمية والدولية إلى إدانة الكيان المحتل، وما يقترفه يومياً من اعتداءات وحشية في حق المدنيين الفلسطينيين العزّل، وتماديه في ممارساته الاستفزازية وانتهاكاته لحرمة الأماكن المقدّسة"، مناشداً إيّاها إلى "حثّ المجتمع الدولي على توفير الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطيني، وحمل الكيان الصهيوني على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، بما يعيد الحق الفلسطيني لأصحابه"، بحسب نص البيان.

وأدان البرلمان التونسي الانحياز السّافر وسياسة الكيل بمكيالين التي توصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، مؤكداً أنّ "الإرهابي هو المغتصب للأرض والعرض، وليس المدافع عن أرضه وهويته ومقدّساته وحريته".

الأندية الرياضية أيضاً تدعم القضية الفلسطينية

وبعد العرض القوي من جماهير (الترجي) على المدرجات السبت، خلال مباراة الفريق ضد الاتحاد المنستيري، جاء الدور على النادي الأفريقي الذي دعم شعب فلسطين، برسالة تفاعل معها المتابعون بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتب النادي (الأفريقي)، على صفحته الرسمية في (فيسبوك) فجر الأحد: "إنّا باقون، ما بقي الزعتر والزيتون، كانت القضية الفلسطينية وما تزال ملازمة لتاريخنا النضالي الذي لا نحيد عنه مهما طال الزمان، وقوفنا مع إخواننا في فلسطين واجب مقدّس، وتوأمتنا تاريخية مع كل مواطن فلسطيني أينما كان".

وأضاف البيان: "هذا الشعب من حقه أن يستعيد أراضيه المنتهكة وأن يُقرّر مصيره، لذا فإنّنا نحن ـ النادي الأفريقي ـ ندعو إلى مؤازرة إخواننا ومساندتهم في نضالهم، ومطالبهم الشرعية لاسترجاع حقهم المسلوب، عاشت فلسطين صامدة".

رحيل الإخوان يسهّل الاتفاق على قانون تجريم التطبيع

ومن المرجح أن يسرّع البرلمان التونسي الحالي بإصدار قانون لتجريم التطبيع، بالنظر إلى إمكانية تطور الأحداث القادمة التي ستفجرها تداعيات "طوفان الأقصى"، خصوصاً مع رحيل الإخوان ممثلين في حركة النهضة الإخوانية التي عطّلت تمرير هذا القانون خلال الأعوام الـ (10) الماضية.

من المرجح أن يسرّع البرلمان التونسي الحالي بإصدار قانون لتجريم التطبيع

فخلال مداولات المجلس التأسيسي لكتابة الدستور عام 2014، طرحت ضرورة أن ينص الدستور التونسي على مناهضة كل أشكال الاحتلال والعنصرية، وعلى رأسها الصهيونية.

ولم يُكتب للمشروع أن يمرّ أو يرى النور، وأُسقط حينها عندما تحفظ (57) نائباً من نواب حركة النهضة، التي كان لها آنذاك الأغلبية في المجلس التأسيسي، ووافق (9)، وعارضه (11) نائباً.

والمصير ذاته كان لمشروع قانون مناهضة التطبيع، الذي تقدّمت به الجبهة الشعبية للبرلمان التونسي عام 2015.

كما واجه القانون المصير نفسه للمبادرة التشريعية لتجريم التطبيع، والتي تقدمت بها الكتلة الديمقراطية في كانون الأول (ديسمبر) 2020. وعادت الكتلة وأودعت في 18 أيار(مايو) 2021 طلباً، بصفة الاستعجال، للنظر في مشروع القانون.

ويُعَدّ مشروع قانون تجريم التطبيع، الذي تقدمت به الجبهة الشعبية اليسارية عام 2015، من أبرز المشاريع المقدمة والمطروحة، إذ احتوى على (6) فصول تجرّم جميع المعاملات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، ويعاقَب المطبّعون بالسَّجن من عامين إلى (5) أعوام، وبغرامة من (4) آلاف إلى (40) ألف دولار.

مواضيع ذات صلة:

إخوان تونس يزعمون "اختطاف الديمقراطية".. من فعل ذلك حقاً بعد الثورة؟

"النهضة" تنهار... ماذا بقي من إخوان تونس؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية