
منذ (3) أشهر تعيش بنغلاديش على وقع تظاهرات طلابية كبيرة، قام بها شباب الجامعات والمدارس العليا والمتوسطة، في مواجهة قرار المحكمة العليا بالعودة إلى نظام الحصص في الوظائف، واستخدام سياسات تمييزية، أثارت غضب الشباب، وفجرت ثورة جامحة من أجل مستقبلهم.
وكانت الجماعة الإسلامية البنغالية تراقب المشهد عن كثب، داعية في البدايات بحذر وتوجس، إلى الحوار مع الشباب، وفي الوقت نفسه كانت تلعب دوراً في تفجير الموقف الأمني وإثارة الشغب، ودفع الشباب للاشتباك مع الشرطة.
وكان اتحاد الطلاب الإسلامي، الموالي للإخوان، قد تورط في جملة من أحداث العنف، الأمر الذي دفع طلاب جامعة دكا إلى طردهم من الحرم الجامعي، لإتلافهم المنشآت، وخروجهم عن الالتزام الثوري.
الإخوان والعزف المنفرد على وتر الطائفية
ما إن تدهور الوضع الأمني، في منتصف تموز (يوليو) مع سقوط ضحايا في صفوف الطلاب، حتى تحرك الإخوان على أكثر من محور، فقد تحالفت الجماعة الإسلامية مع مجموعات إرهابية من منظمة حفظة الإسلام، واستهدفت منازل الأقلية الهندوسية وممتلكاتهم، فأحرقت المنازل، وروّعت الآمنين، وأسقطت المواجهات عدداً كبيراً من القتلى في صفوف الهندوس، كما أحرق الإخوان وحلفاؤهم معبد كريشنا، وأثاروا موجة عنف طائفي كبيرة.
كانت الجماعة الإسلامية البنغالية تراقب المشهد عن كثب، داعية في البدايات بحذر وتوجس، إلى الحوار مع الشباب، وفي الوقت نفسه كانت تلعب دوراً في تفجير الموقف الأمني وإثارة الشغب، ودفع الشباب للاشتباك مع الشرطة
على الجانب الآخر، تحرك اتحاد الطلاب الإسلامي من أجل تأجيج الوضع على صعيد المواجهات مع الشرطة، وتورطت عناصره في اقتحام مبنى التليفزيون الرسمي وإحراقه، بينما نفى أمير الجماعة الإسلامية شفيق الرحمن ضلوع أنصاره في المواجهات الدامية.
حلّ الجماعة الإسلامية
مع تواصل أنشطتها الإرهابية، أصدرت الحكومة البنغالية قراراً في 2 آب (أغسطس) الجاري، بحلّ الجماعة الإسلامية، بوصفها تنظيماً إرهابياً، وكان وزير الجسور قد أعلن عن التفاصيل الكاملة لخطة الإخوان من أجل استغلال الموقف لإحراق البلاد.
الجماعة أنكرت التهم الموجهة إليها، وأصدر القائم بأعمال الأمين العام للجماعة الإسلامية البنغالية، أبو طاهر محمد معصوم، بياناً في 2 آب (أغسطس) الجاري أدان فيه بشدة الاتهامات الموجهة ضد الجماعة الإسلامية البنغلاديشية والاتحاد الطلابي الإسلامي، وزعم فيه أنّ الادعاءات التي حلت بها الحكومة الجماعة الإسلامية والاتحاد الطلابي الإسلامي كاذبة ووراءها دوافع سياسية، وأنّ هذا الإجراء الذي اتخذته الحكومة غير دستوري وغير ديمقراطي وغير قانوني.
جدير بالذكر أنّ قرار الحل شمل عدة أدلة وبراهين، تتماهى مع نص المادة 18(1) من قانون مكافحة الإرهاب، حيث كان لدى الحكومة ما يكفي من الأدلة على أنّ الجماعة الإسلامية البنغالية، وفرعها الطلابي، متورطان بشكل مباشر، من خلال التحريض على المواجهات الأخيرة، والأنشطة التدميرية والإرهابية.
مع تواصل أنشطتها الإرهابية، أصدرت الحكومة البنغالية قراراً في 2 آب (أغسطس) الجاري، بحلّ الجماعة الإسلامية، بوصفها تنظيماً إرهابياً
وكان من بين هذه الأدلة مقاطع فيديو بينت كيف دخل الفرع الطلابي للجماعة الإسلامية في مواجهات دامية مع رابطة الطلاب، وحرّض الإخوان كذلك على مهاجمة الموالين للحكومة.
وكان الأمين العام لحزب رابطة عوامي، ووزير الجسور، عبيد القادر، قد كشف في مؤتمر صحفي عقد في مكتب رابطة عوامي في دانموندي يوم 15 تمّوز (يوليو) أدلة تورط الجماعة الإسلامية في أحداث عنف واسعة، وقام وزير الخارجية الدكتور حسن محمود، ووزير القانون أنيس الحق، بتأكيد ذلك بالأدلة الدامغة.
الجيش يتدخل لتجنيب البلاد حرباً أهلية
مع استمرار تفاقم الأوضاع، تدخل الجنرال واكر الرحمن، قائد الجيش البنغالي، وضغط على الحكومة من أجل التفاوض مع الطلاب، وحل الأزمة، ولكنّ رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، وبعض أعضاء حكومتها، أدلوا بتصريحات استفزازية وهجومية استهدفت الطلاب المحتجين، وسخرت من مطالبهم المشروعة، فزاد العنف، وسقط عشرات القتلى، بعد أن أمرت الحكومة قوات الأمن بقمع هذا الانفجار الجماعي.
ونتيجة لتفاقم الأمور؛ أعلن قائد الجيش صباح الخامس من آب (أغسطس) استقالة الشيخة حسينة، وبدء المفاوضات لتشكيل حكومة مؤقتة، مطالباً بالهدوء والثقة في قدرته على إدارة الأمور.
وعقب فرار رئيسة الوزراء إلى الهند، مارست الجماعة الإسلامية نهجاً انتقامياً، قبل أن تبدأ مناورة أمير الجماعة شفيق الرحمن، بإعلانه تأييد الجيش، وتوجيه الشكر إلى قائده، والإعلان عن الاستعداد للمشاركة في إدارة البلاد.
وتعكس تلك المناورة سعياً إخوانياً لسرقة الثورة، وتوجيهها لصالح أجندتهم السياسية الخاصة، على الرغم من أنّ ثورة الطلاب عفوية تماماً، وشاركت فيها كل التيارات، وعلى رأسها الحزب الوطني، لكنّ النهج الإخواني واحد، ولا يتغير، فهل يسرق الإخوان في بنغلاديش ثورة الشباب؟