هل يحتاج لبنان إلى ملكة جمال جديدة؟

هل يحتاج لبنان إلى ملكة جمال جديدة؟


13/12/2021

تتعدد المعاني التي يتضمنها إعلان المؤسسة اللبنانية للإرسال (LBCI) عودة مسابقة ملكة جمال لبنان، بعد توقف استمر ثلاث سنوات.

ونشرت القناة المحلية عبر حسابها في "تويتر" إعلاناً دعت فيه الشابات الراغبات بالمشاركة في المسابقة المخصصة للعام 2022 إلى التسجيل، السبت والأحد المقبلين، ما أحدث رد فعل إيجابياً في "تويتر،" حيث جرى تخصيص صفحة للمسابقة تحت عنوان:

وعلق بعض المغردين (@HUSSEIN__lb) على المسابقة قائلاً: "يعني رحلت مايا رعيدي وبقي نبيه بري"، في إشارة إلى ملكة جمال لبنان مايا رعيدي التي فازت بآخر مسابقة جرت بتنظيم قناة "MTV" عبر "أنستغرام" تحديداً، حيث احتفظت رعيدي باللقب منذ العام 2018، فيما تم إلغاء مسابقة العام 2019 بسبب تزامنها مع ثورة تشرين الأول (أكتوبر) حينها، وجرى إلغاء مسابقة العام الماضي بسبب جائحة كورونا.

ولا تنفصل مسابقة ملكة جمال لبنان عن الإسقاطات السياسية لجهة المؤسسة التي تنظّم المسابقة، إذ من المعروف أنّ لكل تلفزيون أو منبر إعلامي في لبنان توجهاً سياسياً وحزبياً وطائفياً ومذهبياً معيناً.

ملكة جمال واستحقاقات سياسية

بيْد أنّ ذلك يحدث برغبة من بعض الأطراف اللبنانية إلى استثمار هذا الحدث من أجل مكاسب لا تبتعد عن استحقاقات المرحلة المقبلة التي ستتوجها الانتخابات النيابية التي من المقرر أن تجري في السابع والعشرين من آذار (مارس) المقبل، إذا لم يحدث ما يغيّر ذلك، وما أكثر ما يحدث في لبنان!

وكانت رعيدي توّجت بلقب ملكة جمال لبنان للعام 2018 أواخر أيلول (سبتمبر) من العام نفسه. وانتزعت طالبة الصيدلة اللقب من بين 30 فتاة تنافسن للفوز بتاج الجمال، فيما حلت ميرا طفيلي وصيفة أولى ويارا بومنصف وصيفة ثانية وفانيسا يزبك وصيفة ثالثة وتاتيانا ساروفيم وصيفة رابعة.

في ظل المناخات السوداوية، ينبثق "نور" مسابقة الجمال لاختيار ملكة للبنان لا تحمل على كتفها سلاحاً بل سلاماً، وهذا ما يعزّي، فلا شيء كالجمال يبدّد التطرف ويهزم العتمة

وأعربت رعيدي، التي تبلغ اثنين وعشرين عاماً من العمر، عن فرحتها بالفوز، قائلة إنها لا تعرف كيف فازت وماذا حدث بالتحديد، مضيفة "فجأة وجدت التاج على رأسي"، بحسب صحيفة "العرب" اللندنية.

ونالت الفائزة جوائز تزيد قيمتها عن نصف مليون دولار، من بينها شقة سكنية وسيارة ومجوهرات وأثاث منزل ورحلة إلى أوروبا.

وقد كلل رأس الملكة بتاج جديد من تصميم مجوهرات زغيب، وقد رصع بـ1800 ماسة وتتوسطه الأرزة.

مايا رعيدي ملكة جمال لبنان 2018

وتولت ملكة جمال الولايات المتحدة السابقة من أصل لبناني ريما فقيه تنظيم الحفل، الذي شمل فقرات فنية وغنائية شارك فيها العديد من نجوم لبنان مثل راغب علامة ومايا دياب، إضافة إلى المغني الكندي من أصل لبناني مساري والمغني الأمريكي من أصل مغربي فرنش مونتانا.

وسبق رعيدي، في العام 2017 بيرلا حلو التي تربّعت على عرش جمال لبنان لعام 2017، في حفل نُظّم من قبل (LBCI) التي نقلته مباشرة من كازينو لبنان.

انتصار لإرادة الحياة

وتعد فكرة مسابقة ملكة الجمال في بلد كلبنان يعاني من كل شيء انتصاراً لإرادة الحياة، كما يعلل متفائلون، يعولون على شيوع قيم الخير والحق والجمال. لكن بين ثنايا هذه القيم النبيلة تتوارى أحداثيات لا يستطيع المراقب أن يقفز عنها.

وفي التفاصيل، لم تسفر محاولات استئناف جلسات مجلس الوزراء اللبناني عن أي خرق حتى الآن، وسط تصاعد الخلافات السياسية على خلفية الانقسامات حول إجراءات المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ما تسبب في تعطيل إنجاز ملفات مطلوبة من الحكومة، وفي مقدمتها التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وحلحلة في ملف الكهرباء، ووضع حد لتدهور قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار.

اقرأ أيضاً: ملكة جمال مصر التي تتقن 3 لغات.. ما لا تعرفه عن النجمة الراحلة رجاء الجداوي

وزار رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الجمعة، الحادي عشر من الشهر الجاري، رئيس الجمهورية ميشال عون، وخرج من دون الإدلاء بأي تصريح، في وقت قالت الرئاسة اللبنانية إنّ عون عرض مع ميقاتي نتائج المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة خلال زيارته إلى مصر، وتطرق البحث إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، خصوصاً بعد التعميم الذي صدر عن حاكم مصرف لبنان "وانعكاساته السلبية لا سيما أنّ لبنان دخل مرحلة التفاوض مع صندوق النقد الدولي".

بيرلا حلو ملكة جمال لبنان 2017

وقالت رئاسة الجمهورية إنّ عون بحث مع ميقاتي أيضاً "عدم انعقاد مجلس الوزراء، ما يؤثر سلباً على العمل الحكومي وأداء الوزارات والإدارات العامة ومصالح المواطنين، خصوصاً أوضاع موظفي القطاع العام ومسألتي زيادة بدل النقل اليومي والمساعدة الشهرية المقررة للموظفين لمواجهة الظروف المعيشية الراهنة".

السنيورة: لبنان مختطَف من حزب الله

ويشهد لبنان أزمات اقتصادية وغذائية خانقة تزيد من مصاعب اللبنانيين الذين يعانون من نقص إمدادات الطاقة، كما يعاني البلد انغلاقاً سياسياً وتباينات بين أركان الحكومة. وعبّر رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة عن هذا الواقع، واصفاً الدولة اللبنانية بأنها "مختطفة من قبل حزب الله". وقال في تصريح لقناة تلفزيونية مصرية: "لبنان، بدون أدنى شك، يمر الآن بظروف في منتهى الصعوبة، خصوصاً أنه يعاني من انهيارات على أكثر من صعيد وطني وسياسي واقتصادي ومالي ومعيشي، وذلك بسبب جملة من الأسباب والعوامل والصدمات التي تتشابك وتتفاقم فيما بينها، ومن ضمنها الاستعصاء المزمن على الإصلاح، وأيضاً بسبب التدخلات الأجنبية في لبنان، وأيضاً بسبب وجود السلاح غير الشرعي، وبسبب أنّ الدولة اللبنانية أصبحت مختطفة في دورها وحضورها وقرارها الحر من قبل حزب الله والأحزاب الطائفية والمذهبية التي تدور في فلك حزب الله وإيران".

لا تنفصل مسابقة ملكة جمال لبنان عن الإسقاطات السياسية لجهة المؤسسة التي تنظّم المسابقة، إذ من المعروف أنّ لكل تلفزيون أو منبر إعلامي توجهاً سياسياً وحزبياً وطائفياً ومذهبياً معيناً

وتقول مصادر وزارية، وفق صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية إنّ المطلوب أن تنجز الحكومة مشروع موازنة المالية العامة، وملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي كي تضع البلاد على سكة التعافي، كما تشترط المؤسسات الدولية إنجاز الإصلاحات اللازمة في قطاع الكهرباء، إضافة إلى المفاوضات مع صندوق النقد، لكي تبدأ مسار المساعدات، وهو ما يتوقف على اجتماعات الحكومة.

هل يخشى ميقاتي انفراط الحكومة؟

في غضون ذلك، أكد عضو تكتل "لبنان القوي" النائب أسعد درغام أنّ "رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يرفض الدعوة إلى عقد مجلس الوزراء خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى انفراط الحكومة"، على ضوء الانقسامات بين حزب الله وحركة أمل وتيار المردة من جهة، والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، مشيراً إلى أنّ ميقاتي "يتريث في الموضوع علّ الأيام والمساعي تحمل حلاً للمشكلة"، منبّهاً إلى أنّ "هذا التموضع يفاقم الأزمة ويزيد من عزلة لبنان ويؤدي إلى الانفجار".

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدى لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون الجمعة

واستذكر هذه الأجواءَ المشحونة، البطريرك مار بشاره بطرس الراعي في عظته ببكركي أمس الأحد، حين قال إننا "نصلّي لكي يصغي المسؤولون إلى إلهامات الله، وخصوصاً الذين يستعملون نفوذهم السياسي لعرقلة اجتماع مجلس الوزراء، وسير التحقيق العدلي في كارثة المرفأ، ولكي تستعيد الدولة مسيرتها الطبيعية بمؤسّساتها الدستورية".

وشدد على أنه "لا يمكن أن تسير البلاد من دون سلطة إجرائيّة تقرّر وتصلح وتجري الإصلاحات وتنفّذ القرارات الدولية، وتراقب عمل الوزراء، وتمارس كامل صلاحياتها الدستورية. ولا يمكن القبول بحكومة تعطّل نفسها بنفسها".

اقرأ أيضاً: تويتر يطيح بملكة جمال السعودية

وتساءل البطريرك: "هل في نيّة المعطّلين اختبار تجريبي لما ستكون عليه ردود الفعل في حال قرّروا لاحقاً تعطيل الانتخابات النيابيّة فالرئاسيّة؟ وكيف يستقيم حكم من دون قضاء مستقل عن السياسة​ والطائفيّة والمذهبيّة؟! علماً أنّ العدالة أساس المُلك؟". وقال: "إنّنا نرفض رفضاً قاطعاً تعطيل انعقاد مجلس الوزراء خلافاً للدستور، بقوّة النفوذ ونيّة التعطيل السافر، لأهداف غير وطنيّة ومشبوهة، وضدّ مصلحة الدولة والشعب".

في ظل هذه المناخات السوداوية، ينبثق "نور" مسابقة الجمال لاختيار ملكة للبنان لا تحمل على كتفها سلاحاً بل سلاماً، وهذا ما يعزّي، فلا شيء كالجمال يبدّد التطرف ويهزم العتمة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية