هل يجهض اتفاق الخرطوم بين البرهان وحمدوك مخططات الإخوان؟

هل يجهض اتفاق الخرطوم بين البرهان وحمدوك مخططات الإخوان؟


22/11/2021

في خطوة ربما قطعت الطريق على مخططات الإخوان؛ لنشر الفوضى في السودان، وقّع رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الأحد، 21 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري اتفاقاً سياسيّاً أنهى الأزمة المحتدمة في البلاد، ومهّد لاستعادة الهدوء والاستقرار في أرجاء السودان.

اقرأ أيضاً: اتفاق بعودة حمدوك إلى منصبه... هل تنتهي الأزمة السودانية؟

اتفاق الخرطوم الذي شمل أربعة عشر بنداً، نصّ على "ضرورة تعديل الوثيقة الدستورية بالتوافق، بما يحقق ويضمن مشاركة سياسية شاملة لكافة مكونات المجتمع، عدا "حزب المؤتمر الوطني المعزول"، ما يقطع الطريق أمّام طموحات الإخوان المسلمين في العودة إلى المشهد السياسي، حيث شدّد الطرفان على أنّ الشراكة الانتقالية، القائمة بين المدنيين والعسكريين؛ هي "الضامن والسبيل لاستقرار وأمن السودان". هذه الشراكة وفقاً لوثيقة الاتفاق، سوف يتحدد إطارها بالتوافق بين "القوى الوطنية السياسية، والمدنية، والمكون العسكري، والإدارة الأهلية، ولجان المقاومة، وقوى الثورة الحية، وقطاعات الشباب، والمرأة، ورجالات الطرق الصوفية"، ويبدو أنّ التوافق على استبعاد الإخوان نهائيّاً من المعادلة السياسيّة، بعد أن انكشفت تطلعاتهم الرامية إلى نشر الفوضى والاقتتال الأهلي في البلاد.

الاتفاق على مواصلة تفكيك نظام الإخوان

هذا وأكد الطرفان على الشروع في إعادة هيكلة لجنة تفكيك نظام 30 يونيو، ومراجعة أداء اللجنة، مع تجديد دمائها بعدد من الكوادر، حتى يتسنى لها مواصلة جهدها الخاص بملاحقة أموال الإخوان، وعناصر النظام البائد.

كانت المواقف المتباينة للإخوان في السودان، قد كشفت عن رغبة حقيقيّة في التشفي والحط من شأن حكومة حمدوك، حيث وصف عوض الله حسن سيد أحمد، المراقب العام للإخوان المسلمين، التجربة الانتقالية بـ"الإقصائيّة والمشوهة"، لكنه في الوقت نفسه، لمّا لم يجد دوراً لجماعته في أعقاب الإطاحة بحمدوك، فإنّه وصف ما حدث يوم 25 تشرين الأول (أكتوبر) بالانقلاب، ومضى المراقب العام يواصل هوايته، للاصطياد في الماء العكر، زاعماً أنّ ما حدث "يشبه انقلاب السيسي، وانقلاب قيس سعيّد"، مطالباً بذهاب البرهان، وحميدتي، وشركائهم من قوى الحرية والتغيير، وتكوين حكومة كفاءات مستقلة، وتكوين مجلس سيادة جديد، مع هيكلة القوات المسلحة.

المواقف المتباينة للإخوان في السودان كشفت عن رغبة حقيقيّة في التشفي والحط من شأن حكومة حمدوك، حيث وصف عوض الله حسن سيد أحمد، المراقب العام للإخوان، التجربة الانتقالية بالإقصائيّة والمشوهة

المراقب العام للإخوان، كرر مراراً مزاعمه، بأنّ جماعته شاركت في ثورة ديسمبر، وكان لها خيمة في الاعتصام، وشهيد وبعض المعتقلين، ونوه إلى أنّه التقى بحمدوك مرتين، وأنّ جماعته تعرضت للإقصاء الممنهج، مطالباً بالانتخابات المبكرة.

استراتيجيّة الإخوان لتأزيم الموقف السياسي

على الرغم من كل الشواهد التي أكّدت مشاركة الإخوان في اعتصام القصر، الذي طالب بمشاركة أعضاء المؤتمر الشعبي (أحد أجنحة الإخوان) في الحكم، أنكر المراقب العام للجماعة ما أثير حول تلك المشاركة، في محاولة للتملّص من التورّط في العمل مع قادة الجماعات المسلحة، التي شاركت في الاعتصام المشبوه، الذي دعمه، أركو مناوي، حاكم دارفور.

من جهته، يقول الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسيّة، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إنّ المواقف المرتبكة للإخوان في السودان، تعكس قدراً هائلاً من التوتر السياسي؛ فالجماعة التي نشطت أذرعها طيلة الأسابيع السابقة على الاتفاق بين البرهان وحمدوك، وجدت نفسها الآن وقد عادت إلى نقطة الصفر، ولم يعد للمراقب العام أيّ أمل في العودة للمشهد السياسي، سوى الدفع تجاه الانتخابات التشريعيّة، كورقة أخيرة، بعد أن سقط المخطط الإخواني الذي بدأ مع اضطرابات الميناء الشرقي، ومحاولات زعيم قابل البجا تقويض عمل لجنة التفكيك، ومع التحول الحاد في الأحداث، تصور الإخوان أنّ عمل اللجنة قد انتهى إلى لا رجعة، لكن الاتفاق الأخير تضمن إعادة هيكلة اللجنة، لتواصل أعمالها في تتبع مسارات الأوعية المالية الخاصّة بالجماعة، وكذا عناصر التنظيم الدولي، وكانت اللجنة قد كشفت عن استثمارات هائلة لحركة حماس في السودان، ما وضع العديد من علامات الاستفهام حول الدور الحقيقي للحركة، وطبيعتها المناضلة.

عبد السلام القصاص: المواقف المرتبكة للإخوان في السودان، تعكس قدراً هائلاً من التوتر السياسي

ويلفت القصاص إلى أنّ الجماعة كانت تتطلع بالفعل لدور جديد على الساحة السياسيّة السودانيّة، لكن تأكيدات البرهان المتكررة في خطاباته بعد إبعاد حمدوك، كانت تسير في اتجاه واحد، يرتكز على عدم عودة أيّ من عناصر النظام السابق، أو الاعتماد على الأذرع الإخوانية، مع الإصرار على تفكيك النظام السابق، وعدم الرغبة في التحالف مع الإخوان، وهو ما أصاب الجماعة بإحباط شديد، تطلّب تغيير استراتيجيّة التعامل مع الموقف السياسي، قبل أن تنهي وثيقة الخرطوم طموحاتهم في نشر الفوضى، والعودة من الباب الضيق، فوق دماء المواطنين.

دعم عربي واسع لاستقرار السودان

من جهة أخرى، وعلى صعيد التنسيق والدعم العربي، أشادت الخارجيّة المصرية، في بيان رسمي، بـ"الحكمة والمسؤولية، التي تحلّت بها الأطراف السودانية؛ في التوصل إلى توافق حول إنجاح الفترة الانتقالية، بما يخدم مصالح السودان العليا".

وفي الإمارات، قال الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، إنّ "التحول الديمقراطي في السودان لن يكون سهلًا، لكنّه يحصل على دعم دولي وعربي"، لافتاً إلى الدور الذي لعبته أبوظبي في التوصل للاتفاق حيث قال: "الإمارات ليست ببعيدة عن الترتيبات المفرحة".

اقرأ أيضاً: حمدوك لن أصبح جزءاً من الانقلاب في السودان... تفاصيل

بدورها، رحبت وزارة الخارجيّة السعوديّة في بيان لها بوثيقة الخرطوم، مؤكدة أنّ "ما توصلت إليه أطراف المرحلة الانتقالية في السودان، من اتفاق حول مهام المرحلة المقبلة، واستعادة المؤسسات الانتقالية؛ يساهم في تحقيق تطلعات الشعب السوداني الشقيق، ويحافظ على المكتسبات السياسية والاقتصادية المتحققة، ويحمي وحدة الصف بين جميع المكونات السياسية السودانية".

كما رحبت دولة الكويت، والمملكة البحرينيّة بالاتفاق بين أطراف الأزمة في السودان، كمقدمة للتوصل إلى الاستقرار المستدام، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية