هل يتصدّع المكون السني في العراق بسبب صراعات الزعامة؟

هل يتصدّع المكون السني في العراق بسبب صراعات الزعامة؟


04/11/2020

يشهد العراق تحرّكاً سياسياً يستهدف إحدى رئاساتهِ الثلاث، وإعادة بوصلة التحالفات السياسية من جديد.

التحرّك، الذي يقوده ساسة المكوّن السنّي مؤخراً، يهدف إلى ترسيمٍ جديد للخريطة السياسية السنّية، في ظلّ اتهامات لرئيس البرلمان الحالي، محمد الحلبوسي، بالانفراد بقرار المكوّن لصالح حساباتهِ الخاصة.


أحمد الجبوري العرّاب السياسي لتنصيب الحلبوسي في رئاسة مجلس النواب يقود حراكاً سياسياُ لإقالته عبر تشكيل مظلة سياسية جديدة لتمثيل أكثرية النوّاب العرب السنّة في البرلمان
 

سعي سياسيو السنّة العرب، الذي تمخض عن تشكيل "الجبهة الوطنية"، يتطلّع إلى إقالة الحلبوسي من منصبه الخاص بالمكوّن؛ إذ لم تواجه دعوات الإقالة أدنى اعتراضاتٍ من قبل حلفاء الحلبوسي من السياسيين، الشيعة والكرد، على حدّ سواء. 
وتتكوّن الرئاسات الثلاث من: رئاسة مجلس النواب، التي هي من حصّة المكوّن السنّي، ورئاسة الجمهورية التي يشغلها الكرد، ورئاسة الوزراء التي يشغلها الشيعة، ويعود هذا التقسيم السياسي بين المكوّنات الثلاثة إلى اتفاقات سياسية منذ انتخابات 2005 ولغاية الآن.

اقرأ أيضاً: بين داعش والحشد الشعبي: العراقيون على مذبح الطائفية
ويواجه رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، اتهامات بالتفرّد في القرار السنّي، واستثمار مناصب السنّة العرب في الدولة العراقية لصالح تحالفه السياسي وعلى حساب شركائه داخل المكوّن .
تمثلات الكتل السنية
لم تستمر محاولات رئيس مجلس النوّاب، محمد الحلبوسي، في تشكيل غطاء سياسي واسع للمكوّن العربي السنّي، يكون تحت زعامته، فقد انفرط عقد تحالف القوى العراقية، الذي يمثّل الكتلة النيابية لأكبر للسنّة العرب داخل البرلمان، بعد أن شهد التحالف انسحابات عدة من النواب لصالح الاستقلال الذاتي أو الانضمام لكتل أخرى.

محمد الحلبوسي
وتمثّل كتلة تحالف القوى العراقية (46 نائباً)؛ الكتلة السنية الأكبر في مجلس النواب العراقي؛ حيث تمكّن الحلبوسي من ضمّ نوابٍ لها من عدة كيانات سنّية فائزة في الانتخابات الأخيرة، وتشتيت تلك الكيانات، وتقليل أعدادها نيابياً لصالح تحالفهِ النيابي.

اقرأ أيضاً: تعطيش العراق.. سدود تركيا تضع بلاد الرافدين في دائرة الخطر
وللعرب السنّة تمثيل في مجلس النواب يتراوح بين 5 و60 نائباً، ينتمون لكتل متعدّدة، ترأسها زعامات سياسية، مثل: أسامة النجيفي؛ الذي ترأّس البرلمان بين عامَي 2010 و2014، وهو شخصية سنّية من محافظة نينوى، ومقرّب من تركيا.

أيضاً هناك جمال الكربولي، الذي يعدّ من القيادات السنّية البارزة سياسياً، ويتقارب مع إيران أحياناً، وفق المكاسب التي يجنيها من الطرف السياسي الشيعي.

اقرأ أيضاً: عراقيون في ذكرى تشرين: حان وقت التغيير والكشف عن القتلة

وهناك "صالح المطلك"، و"الحزب الإسلامي العراقي"؛ الذي يمثّل الغطاء السياسي لحركة الإخوان المسلمين في العراق، فضلاً عن نواب مستقلين يمثّلون محافظاتهم في البرلمان.
بداية الخطوة الانقلابية
بدأت أولى محاولات الانقلاب على رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، من قبل حليفه السياسي، أحمد الجبوري، الملقّب بـ "أبو مازن"، والأخير هو ممثل سُنّة محافظة صلاح الدين، ويمتاز بأنّه شخصية تحاول تفكيك التحالفات وبناءها، وفق سياسة الأعطيات والهبات المالية والنفوذ.

اقرأ أيضاً: العراق: في ذكرى انتفاضة تشرين.. اعتقالات وإصابات بين المتظاهرين ورجال الأمن
ويقول مصدر نيابي، لـ "حفريات": "ما يحصل هو بالفعل انقلاب على زعيم تحالف القوى العراقية ورئيس البرلمان، محمد الحلبوسي"، مبيناً أنّ "النائب أحمد الجبوري هو من يقود تحركات تفتيت التحالف والتوجه نحو ضرب الحلبوسي ومشروع الزعامة السنّية التي يطمح لها الأخير".


وعن منشأ الخلاف بين الحلبوسي والجبوري؛ يوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه؛ أنّ "الأول همّش الثاني داخل تحالف القوى، لهذا هو يحاول النجاة مجدداً قبل حلول موعد الانتخابات النيابية القادمة"، مضيفاً: "هناك رغبة لضرب رئيس البرلمان لمنعهِ من تزعّم المكوّن السنّي ونيل المكاسب الانتخابية المقبلة".
يذكر أنّ الجبوري كان العرّاب السياسي لمحمد الحلبوسي، الذي فاز برئاسة البرلمان الاتحادي، في 15 أيلول (سبتمبر) عام 2018، لكنّ تعاظم الصدامات السياسية والحزبية فيما بعد، أدّى إلى تحركات الجبوري لسحب البساط من تحت الرئيس الحالي.
الجبهة الوطنية
وأسفرت محاولات النائب أحمد الجبوري عن تجميع نوّاب المكوّن السنّي المشتتين بين الكتل، فضلاً عن إقناع نواب آخرين بالخروج من تحالف القوى العراقية، إلى الإعلان، في 25 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، عن تشكيل الجبهة الوطنية، كغطاء رسمي للسنّة العرب.
وقالت الجبهة، في مؤتمر صحفي: إنّ "قيادتها المكوّنة من جبهة الإنقاذ والتنمية، وكتلة المشروع العربي، وكتلة الجماهير الوطنية، والحزب الإسلامي، والكتلة العراقية المستقلة، تعلن تشكيل جبهة برلمانية جديدة، تضمّ 35 نائباً من قوى سياسية سنّية، في خطوة تهدف إلى توحيد المواقف السنّية".
وانتخبت الجبهة الوطنية أسامة النجيفي رئيساً لها، وخالد المفرجي رئيساً للكتلة البرلمانية، والنائب محمد الخالدي ناطقاً باسمها، لكنّ التطورات الداخلية أسفرت عن استبعاد النجيفي، ولم يتم انتخاب رئيس لغاية الآن.


وعن سبب اختيار النجيفي واستبعاده، يقول السياسي السنّي حكمت الدليمي: "تمّ اختياره على اعتباره شخصية سياسية لديها المقبولية العالية والمصداقية في اتّخاذ القرار، وجاء وفقاً للانتخابات الداخلية في الجبهة".
ويضيف الدليمي لـ "حفريات": "أعضاء الجبهة وجدوا انتخاب النجيفي رسالة غير صحيحة ومربكة للشركاء السياسيين، خصوصاً السياسيين الشيعة، ومن الممكن أن يكون هناك تصعيد بين رئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان، كما حدث في عهد نوري المالكي وأسامة النجيفي، في الدورة الرئاسية (2010- 2014)".
محاولات إقالة الحلبوسي
وتشرع الجبهة الوطنية، منذ تشكيلها في نهاية الشهر الماضي، على عقد حواراتٍ عدة مع الأطراف السياسية من المكونات الأخرى، لبحث إقالة رئيس البرلمان الحالي، محمد الحلبوسي.

مصدر نيابي لـ"حفريات": منشأ الخلاف بين الحلبوسي والجبوري أنّ الأول همّش الثاني داخل تحالف القوى، لهذا هو يحاول النجاة مجدداً قبل حلول موعد الانتخابات النيابية القادمة

ويعدّ الحلبوسي من الشخصيات السياسية السنّية التي تنتمي لمحافظة الأنبار (غرب العراق)، المقربة من المحور الإيراني، وتمّ انتخابه من قبل كتل شيعية متشدّدة، في مقدمتها تحالف الفتح (الذراع السياسية للفصائل المسلحة الشيعية في العراق)، كما أنّه متّهم بـ "المناطقية السنّية"، والانحياز لصالح محافظته الأنبار، على حساب المحافظات السنّية الأخرى؛ كمحافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى، ومناطق التواجد السنّي في مدينتَي بغداد وبابل.
ويتحدث الدليمي عن إمكانية إقالة الجبهة الوطنية للحلبوسي، ويؤكد أنّ إقالته "في هذا الظرف ممكنة"، وأشار إلى تخلّي حلفائهِ السياسيين الشيعة عنه، أمثال؛ دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، اللذين شاركا في دعم الجبهة الوطنية".


ويعزو السياسي السنّي سبب تخلي القوى الشيعية عن الحلبوسي إلى أنّه "خيار المكوّن السنّي، وبالتالي؛ يجب الذهاب لرأي الأغلبية السنّية، وهذا ما يحصل الآن في ظلّ الحوارات الجارية مع كتل شيعية أخرى، كسائرون والحكمة والكتل الكردية أيضاً". 
غياب المرشّح البديل
ولغاية الآن، لم يتمّ الإعلان عن المرشّح لرئاسة مجلس النواب العراقي في حال إقالة رئيسه الحالي، محمد الحلبوسي. وأكّدت الجبهة الوطنية أنّها تناقش مسألة اختيار الرئيس القادم وفقاً للإجماع الداخلي.

اقرأ أيضاً: الانتخابات العراقية المبكرة قد لا تغير قواعد اللعبة
وقال الناطق الرسمي للجبهة محمد الخالدي؛ إنّ "الجبهة العراقية تعمل وفق خريطة طريق ذات رؤية وتسلسل واضحين في طريق تصحيح المسار التشريعي، بعيداً عن التخندقات الحزبية أو المكوناتية"، مبيناً أنّ "الجبهة لديها سلسلة اجتماعات أجرتها في المرحلة السابقة مع عدد من القيادات والقوى الوطنية من المكوّن الشيعي، وتبعتها اليوم، ضمن حركة التنسيق والتواصل السياسي، لقاءات أخرى مع قيادات القوى السياسية الوطنية المختلفة في إقليم كردستان".

وأضاف الخالدي: "الجبهة، ضمن عملها الجماعي، ورفضها للتفرّد بالقرارات، وبحسب نظامها الداخلي المتفق عليه، تركت جزئية اختيار اسم مرشّح لشغل أيّ منصب تنفيذي أو تشريعي بقيادة وأعضاء الهيئة العامة في الجبهة، ومن بينها تقديم اسم مرشح منصب رئيس مجلس النواب".

وتابع: "هذا الموضوع، حتى اللحظة، لم يتمّ طرحه بشكل رسمي، وفي حال الاتفاق داخل الهيئة العامة على أيّ اسم فسيتمّ تقديمه بشكل شفاف وواضح إلى القوى السياسية الوطنية والرأي العام".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية