هل يتخلى حزب الله عن سلاحه إذا كان المقابل زيادة التمثيل البرلماني للشيعة؟

هل يتخلى حزب الله عن سلاحه إذا كان المقابل زيادة التمثيل البرلماني للشيعة؟

هل يتخلى حزب الله عن سلاحه إذا كان المقابل زيادة التمثيل البرلماني للشيعة؟


27/04/2025

ترجمة: محمد الدخاخني

في الأسبوع الماضي صرَّح الرئيس اللبناني جوزيف عون بأنّه قد "اتُّخذ قرار" بمنح الدولة حقَّ احتكار السلاح في البلاد، وإن كان ذلك بالحوار لا بالقوة. وكان هذا التصريح موجهاً بالأساس إلى حزب الله، ومُنسجماً مع خطاب تنصيب الرئيس وبيان سياسة الحكومة، في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط على لبنان، من الداخل والخارج، لنزع سلاح الحزب.

في تصريحاته، ميَّز عون بين المصطلح المُستخدم عادةً لمناقشة عملية تسليم حزب الله لسلاحه -ألا وهو "استراتيجية الدفاع الوطني"- وما وصفه بـ "استراتيجية أمنٍ وطنيٍّ"، "تُحسِّن لبنان اقتصادياً ودبلوماسياً وأمنياً وقضائياً ومالياً وإعلامياً". وبهذه الطريقة خفَّف الرئيس من أهمية سلاح الحزب، جاعلاً إيّاه جزءاً من عملية وطنية أوسع لتعزيز مكانة لبنان.

عون ليس ساذجاً. وهو يرى التوترات التي تُحيط اليوم باحتفاظ حزب الله بسلاحه في بلدٍ منقسمٍ بشدة. ولا تعني مساعيه لتهدئة الخطاب حول هذه القضية رغبةً في منح الجماعة مساحةً للمناورة، ولكنّها تعني أنّه لا ينوي جعل سلاح الحزب مصدراً لخلاف داخلي أكبر، ممّا قد يؤدي إلى صراع أهلي.

في ضوء ذلك، كشف الرئيس أيضاً عن أنّه سيُجري الحوار مع حزب الله بنفسه. وأضاف أنّه "تم تبادل رسائل" بين الجانبين للتقريب في هذا الشأن، وأنّه بمجرد إحراز تقدُّم ملحوظ، يُمكن إنهاء الحوار بإطار أو جلسة رسمية.

الرئيس اللبناني: جوزيف عون

ربما لا يُرضي تصريح الرئيس المتشدِّدين الذين ينفد صبرهم بشأن نزع سلاح الحزب. ومع ذلك، فإنّ لبنان عالق بين المطرقة والسندان. فإذا رفض حزب الله الحوار، فقد تتدخل إسرائيل مجدداً وتحتل المزيد من الأراضي اللبنانية، ممّا يجعل الانسحاب مشروطاً بنزع سلاح الحزب. ولذلك، فإنّ تكتيك عون يعني بدء نقاش وتحقيق مكاسب بعيداً عن الأضواء.

ما الاتجاه الذي قد يتَّخذه هذا الحوار؟ سيرتبط جزء كبير من الإجابة بحسابات إيران. فبعد أن قتلت طائرة إسرائيلية الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في أيلول (سبتمبر) الماضي، وحتى في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تقضي على العشرات من كبار القادة العسكريين في الحزب، أصبح حزب الله خاضعاً إلى حد كبير لسيطرة إيران، التي لعبت دوراً محورياً في تعيين نعيم قاسم خلفاً لنصر الله في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

إذا رفضت إيران فكرة نزع سلاح الحزب، فسيكون من الصعب على عون المضي قُدُماً في خططه. ولذلك لم يكن مفاجئاً أن يتخذ مسؤولو الحزب موقفاً أكثر تشدداً بشأن نزع السلاح يوم الجمعة الماضي، عشية محادثات روما بين إيران والولايات المتحدة. وقد أكَّد هذا أنّ سلاح الحزب هو في الواقع جزء من عملية تفاوض أوسع بين طهران وواشنطن تتجاوز لبنان.

ومع ذلك، حتى لو كانت إيران تُمسك بورقة حزب الله بإحكام، فقد تكون مستعدة للتخلي عنها مقابل تنازلات، لأنّ قيمتها قد تَضَاءَلت. لقد أصبح الدور العسكري لحزب الله بمثابة حَشْو بسبب عجزه عن شن هجمات جديدة ضد إسرائيل. والحزب معزول داخلياً، والدمار في المناطق ذات الأغلبية الشيعية هائل، ولم يعد الحزب قادراً على إعادة تسليح نفسه عبر سوريا.

وفي هذا السياق، تبدو محاولة إيران إحياء مشروعها المُدمَّر -المتمثل في "محور مقاومةٍ" يُحاصر إسرائيل بالصواريخ- ضرباً من الهزل. فمعظم حلفائها مشلولون، مثل حماس وحزب الله، أو لا يرغبون في قتال إسرائيل، مثل قوات الحشد الشعبي العراقي، أو بعيدون جداً بحيث يصعب أخذهم بعين الاعتبار، مثل الحوثيين في اليمن. كما أنّ إيران لا تملك المال للاستثمار في مثل هذا المخطط بسبب أزمتها الاقتصادية العميقة والعقوبات المفروضة عليها.

إيران لا تملك المال للاستثمار في مثل هذا المخطط بسبب أزمتها الاقتصادية العميقة والعقوبات المفروضة عليها

والسؤال المطروح، إذاً، هو ما إذا كانت إيران مستعدة لوضع مستقبل حزب الله على طاولة مفاوضاتها مع الأمريكيين. حتى الآن لا شيء يُشير إلى ذلك، ولكن هذه هي المراحل الأولى من المحادثات. وقد أشارت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى رغبتها في توسيع نطاق المفاوضات لتشمل ما هو أكثر من برنامج طهران النووي، وتتضمَّن تحالفاتها الإقليمية.

ومع ذلك، حتى لو تنازلت إيران عن سلاح حزب الله في المفاوضات، فإنّ ذلك لا يعني بالضرورة عملية نزع سلاح سلسة في لبنان. فأيّ تحرك بشأن السلاح قد يدفع الحزب إلى المطالبة بمطالب خاصة به للتعويض، مثل زيادة التمثيل السياسي في النظام اللبناني.

إنّ النظام السياسي اللبناني بحاجة ماسة إلى الإصلاح، فالمنظومة التي وُضِعَت بعد اتفاق الطائف عام 1989 لم تعد فعالة. صحيحٌ أنّ اتفاق الطائف لم يُطبَّق بالكامل، ولكن حتى لو طُبِّق، فإنّ العديد من عيوبه ستبقى قائمة. يحقّ للطائفة الشيعية تمثيل أكبر في البرلمان ممّا هي عليه اليوم، بناءً على التركيبة السكانية الحالية للبلاد. وقد يكون تنظيم حوار وطني حول تغيير دستوري خطوة في الاتجاه الصحيح.

ومع ذلك، سيؤدي هذا إلى عملية أكثر تعقيداً بكثير من مجرد مصادرة سلاح الحزب. فإذا قرر اللبنانيون إعادة التفاوض على دستورهم وإقامة جمهورية ثالثة، فسيتعيَّن على الحزب التخلي عن ترسانته كشرط أساسي لأيّ خطوة من هذا القبيل، فلن يتفاوض أحد مع طائفة مسلحة.

من ناحية أخرى، بمجرد أن يفتح حزب الله باب النقاش حول التمثيل السياسي لطائفته، يكون قد تجاوز سلاحه ووضع نفسه تحت سلطة اتفاق الطائف -وبالتالي الدستور- كما قال قاسم في خطاب ألقاه العام الماضي، لكن هل كان صادقاً؟ الآن هو الوقت المناسب لاختبار نوايا الحزب.

المصدر:

مايكل يونغ، ذا ناشيونال، 22 نيسان (أبريل) 2025




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية