هل وصلت تركيا إلى مبتغاها في أفغانستان؟ وما علاقة قطر؟

هل وصلت تركيا إلى مبتغاها في أفغانستان؟ وما علاقة قطر؟


04/09/2021

تتفاوض تركيا وحركة طالبان حالياً على الصيغة التي ستسمح بالوجود التركي في أفغانستان، والتي ترغب الحركة التي تسيطر على أفغانستان أن تقتصر على تواجد وظيفي وفني يتولى مسؤولية تشغيل مطار كابول، لكنّ تركيا ترى أنّ ذلك غير كافٍ، وتتذرع بالقلق من نشوب أعمال إرهابية أخرى تُسقط عشرات الضحايا في المطار على غرار ما حدث نهاية الشهر الماضي، ما يضع تركيا في مأزق.

ويتوقع مراقبون أن ترضخ حركة طالبان في النهاية لمنح تركيا دوراً في تأمين المطار، ولو بصيغ غير مباشرة، لكنه في النهاية يعني أنّ تركيا قد توصلت إلى مبتغاها الأول، والذي أعلنته متحدية ثم مهادنة، بتأمين مطار كابول، نزولاً عند الرغبة الأمريكية ودول الناتو.

اقرأ أيضاً: طموحات أردوغان المهووسة

يوضح التعامل التركي مع ملف أفغانستان صورة أخرى عن القدرات التركية في المراوغة وتحقيق المكاسب وإدارة الخسائر التي يعتمد عليها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي أبدت قدراً كبيراً من المرونة في الدولة ذات الأهمية الاستراتيجية الدولية، وصاحبة الرقم الصعب في المعادلة الدولية والإقليمية في الفترة المقبلة.

أفول التجربة التركية، وإن كانت ما تزال غير مكتملة ولا يمكن الحسم بنتائجها في ليبيا، أو عدم جريان الريح كما تبتغي تركيا إلى حد كبير أمام الضغوط الدولية والثقل الإقليمي متعدد الأطراف في الدولة الأفريقية، جعل تركيا تحسن التوجّه إلى مساحة تستطيع فيها لعب أدوار وكسب نفوذ لن يصارعها فيه أحد.

من جهة، تملك تركيا سجلاً كبيراً في التعامل وتوظيف جماعات الإسلام السياسي، ومن جهة أخرى يرفع نظامها الراية الإسلاموية، ومن جهة ثالثة يملك ثقلاً دولياً وإقليمياً قادراً على الوساطة وفتح سبل شرعية أمام الحركة صاحبة السجل السيّئ في إدارة أفغانستان خلال الولاية الأولى (1996 إلى 2001).

في غضون يومين من سيطرة الحركة، أعلنت تركيا تراجعها عن تأمين المطار، واستعدادها في الوقت ذاته لمساعدة طالبان

وقد بدأت تركيا في مغازلة طالبان، حتى قبل مفاجأة سيطرتها السريعة والخاطفة على كابول، بإبداء الجاهزية للتفاوض المباشر مع الحركة، ما يعني صك اعتراف وشرعية، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة في مرمى الانتقادات لقرار انسحابها، الذي سيمنح الحركة فرصة للسيطرة.

وبعد السيطرة السريعة لحركة طالبان، امتصت تركيا الصدمة، وأدركت أنّ الوقت ليس في صالحها لتبنّي النبرة ذاتها من التصميم على التواجد في أفغانستان وتنفيذ مهمة تأمين المطار، فسارعت بإعلان تراجعها عن قرار التأمين، ما يمنح الحركة احتراماً وانصياعاً لرغبتها في انسحاب كافة القوى الأجنبية، بما في ذلك تركيا، غير أنّ صيغاً أخرى كانت تُطرح لبقاء تركيا أو لفترة من "العسل" بين طالبان ونظام أردوغان.

اقرأ أيضاً: انسحاب القوات التركية من مطار كابول... هل فشل أردوغان في كسب ود طالبان؟

بعد يومين من سيطرة الحركة على العاصمة، أعلنت تركيا تراجعها عن تأمين المطار، واستعداداها في الوقت ذاته لمساعدة طالبان في تشغيله؛ أي إنّ تركيا بدّلت موقعها من عضو الناتو العدو إلى الدولة الصديقة، وهذا ما كانت ترغب فيه طالبان.

في الأسابيع القليلة التالية، طلبت الحركة بالفعل من تركيا تشغيل المطار، لكنّ الأخيرة بدأت تكشف عن رغبتها فيما هو أكبر، "التأمين" أي "التواجد العسكري" بصيغة مختلفة، تتمثل في القلق من تكرار العملية الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش الإرهابي في 26 آب (أغسطس) الماضي، وأدت إلى مقتل 170 شخصاً، من بينهم 13 جندياً أمريكياً.

ودخلت قطر على خط التفاوض مع تركيا وأفغانستان، وقد لعبت دور الوسيط بين الحركة والحكومة السابقة لأفغانستان في الدوحة، قبل سقوطها السريع أمام طالبان.

أشار وزير خارجية قطر، أثناء مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره البريطاني دومينيك راب، إلى أنّ بلده يعمل مع تركيا على تقديم دعم فني محتمل لتشغيل مطار كابول

وقال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: إنّ الدوحة تتعاون مع حركة "طالبان" من أجل استئناف عمل مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة الأفغانية كابول.

وأشار وزير خارجية قطر، أثناء مؤتمر صحفي مشترك عقده الخميس الماضي مع نظيره البريطاني دومينيك راب، إلى أنّ بلده يعمل مع تركيا على تقديم دعم فني محتمل لتشغيل مطار كابل، موضحاً: "نقيّم ما إذا كان الدعم القطري سيساعد في تشغيل المطار"، بحسب ما نقلته وكالة أنباء "رويترز".

اقرأ أيضاً: استطلاع رأي يكشف تراجع شعبية أردوغان بسبب طالبان والأفغان

وتُعد العلاقة بين تركيا وقطر علاقة استراتيجية، وتتلاقى مصالح الدولتين، بل تتكامل في كثير من الملفات.

وذكر آل ثاني أنّ موعد إعادة تشغيل المطار لم يتضح بعد، مبدياً تفاؤل الدوحة إزاء قدرتها على تحقيق هذا الهدف في أسرع وقت ممكن.

في غضون ذلك، نقلت شبكة "الجزيرة" القطرية اليوم الخميس عن رئيس هيئة الطيران المدني الأفغاني قوله لها إنّ الطاقم الفني القطري يعمل الآن على تقييم الأضرار التي لحقت بالمطار ويخطط لتشغيله قريباً.

وأوضح رئيس الهيئة، حسب الشبكة، أنّ هناك خططاً لاستئناف الرحلات الداخلية عبر مطار كابل اعتباراً من يوم غد الجمعة، ولكن سيتطلب استئناف الرحلات الخارجية بعض الوقت.

اقرأ أيضاً: هل بدأ أردوغان بابتزاز الاتحاد الأوروبي بشأن المهاجرين الأفغان؟

ونقلت "الجزيرة" عن المسؤول الأفغاني قوله: "سنطلب من قطر المساعدة في النقل الجوي، ونحن جاهزون لعقد اتفاقيات شراكة".

وسبق أن أكدت وكالة "نوفوستي" الروسية أمس وصول خبراء من قطر وتركيا إلى مطار كابول تمهيداً لاستئناف عمله، بعد انسحاب آخر القوات الأمريكية منه، واستكمال حركة "طالبان" سيطرتها عليه، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية