هل نشهد تسويات سياسية تقلّص بؤر التوتر في المنطقة؟

الاقتصاد والسياسة

هل نشهد تسويات سياسية تقلّص بؤر التوتر في المنطقة؟


10/05/2020

يبدو أنّ من الضروري للغاية أن يكون واحداً من أهم الدروس المستفادة من أزمة "كوفيد-19" الشاملة أن تتوجه المنطقة العربية للتفكير في إدارة ومعالجة ما آلت إليه الأمور بعد انتشار كورونا. ولعل المدخل الرئيسي الصحيح لذلك يكمن في التوجه إلى أمرين اثنين: الأول هو "التفكير خارج الصندوق" لتقليل الخسائر الاقتصادية وإعادة دورة الاقتصاد ومحاولة إعادة نسب النمو إلى سابق عهدها وابتداع أشكال جديدة من الاستدامة والإنتاجية المناسبة لواقع اقتصادات المنطقة وأشكال العمل فيها. أما الأمر الثاني، والذي لا يجدي كثيراً الأمر الأول من دونه، فهو التوجه الجاد والصادق نحو إجراء التسويات والتوافقات السياسية والمجتمعية وتقليص بؤر التوتر في المنطقة؛ سواء في الأراضي الفلسطينية أو اليمن أو سوريا أو لبنان وسواها.

التحولات الكبيرة التي شهدها العالم في ظل تفشي فيروس كورونا ألقت بظلالها على أوجه النشاط الإنساني كافة

وقد أكد مسؤول كبير في دولة الإمارات، الأسبوع الماضي، ضرورة خفض التصعيد في المنطقة، من أجل السماح للدول بالتركيز على "الإعصار" الذي يسببه وباء فيروس كورونا والتفكير في نماذج التنمية.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد هدد، الأربعاء، "برد ساحق" إذا مضت الولايات المتحدة الأمريكية في خططها بتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، والذي من المقرر أن ترفعه الأمم المتحدة في وقت لاحق هذا العام.
ورداً على سؤال في حلقة نقاشية عبر الإنترنت نظمتها مؤسسة "قمة بيروت انستيتيوت" حول ما إذا كان هناك قلق من أنّ إيران قد تثير مواجهة في المنطقة، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش "نحتاج حقاً إلى التركيز على خفض التصعيد".

اقرأ أيضاً: "فاينانشال تايمز": الإمارات الأرقى عالمياً في استخدام الذكاء الاصطناعي
وأضاف الوزير، بحسب ما نقلت عنه وكالة "رويترز" للأنباء، بأنّ "المنطقة، مثل كل المناطق في العالم، ستكون أضعف مالياً وسياسياً. سيكون من الحكمة التفكير في نماذج التنمية الخاصة بنا، وفي خفض التصعيد ومحاولة حل بعض المشكلات".

مستقبل الدولة الريعية
وبموجب اتفاق إيران مع القوى العالمية لكبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات، فمن المقرر أن ينتهي حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة في تشرين الأول (أكتوبر) 2020. وتقول الولايات المتحدة الأمريكية، التي انسحبت من الاتفاق في 2018، إنها تريد تمديد الحظر.
وقال قرقاش إنّ الدول ستركز داخلياً على تداعيات الوباء الذي عطّل الأعمال التجارية على مستوى العالم.  وأضاف، وفقاً لـ"رويترز" أنّ منتجي الطاقة الخليجيين الذين تضرروا أيضاً من انهيار أسعار النفط سيحتاجون إلى تسريع خطط التنويع الاقتصادي.

اقرأ أيضاً: كفاءة الإمارات في مواجهة كورونا تثير اهتمام القوى العالمية الكبرى
وقال "سيكون لدينا تساؤلات كثيرة بخصوص ما يمثله نموذج الدولة الريعية الخليجية. فقد حاولنا على مدى سنوات عديدة الهروب من هذا النموذج بدرجات متفاوتة من النجاح، لكنني أتصور أنّ هذا سيُسّرع ضرورة إيجاد شيء أكثر استدامة قليلاً". وأوضح أنّ اختلالات سوق العمل ظهرت أيضاً كقضية رئيسية على الرغم من أنّ "من السابق لأوانه" القيام بأي عمل لإعادة هيكلتها.
خطر الانهيار الاجتماعي
وكان معهد "إلكانو" الدولي للأبحاث قال في تقرير نشره في شهر نيسان (أبريل) الماضي، إنّ من المحتمل أن تكون لحظات الضعف الجيوسياسي المنتشرة - المستندة إلى الضعف الاجتماعي والاقتصادي الواسع الانتشار - إيجابية إذا أدت إلى تراجع التصعيد في الصراعات القائمة (مثل تلك الموجودة في اليمن وليبيا وسوريا)، لكنها يمكن أن تكون خطيرة أيضاً إذا تسببت في تغذية حركات عدم الاستقرار السياسي والفوضى والاضطرابات. وأضاف المعهد أنه إلى جانب الوباء نفسه، فإنّ أكبر خطر في العديد من المجتمعات هو خطر الانهيار الاجتماعي؛ "فمع تفكك الاقتصاد العالمي، قد تكون المجتمعات أيضاً" قد ذهبت باتجاه التفكك والانقسامات الحادة، وهي بيئة خصبة للفوضى وضياع البوصلة.

التفكير بطريقة مختلفة
إلى ذلك، أكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل في حكومة الإمارات، رئيس القمة العالمية للحكومات، محمد عبد الله القرقاوي، أنّ التحولات الكبيرة التي شهدها العالم في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19"، ألقت بظلالها على أوجه النشاط الإنساني كافة، ووضعت الدول والحكومات في حالة طوارئ، وأرغمتها على التفكير بطريقة مختلفة لمواكبة الجائحة ومواجهة تحدياتها، والاستعداد الاستباقي لتبعاتها، مشيراً إلى أنّ أحد تحديات هذه الأزمة يتمثل بإعادة تشكيل العالم في صورة جديدة.

أنور قرقاش: منتجو الطاقة الخليجيون الذين تضرروا من انهيار أسعار النفط سيحتاجون إلى تسريع خطط التنويع الاقتصادي

جاء ذلك، بمناسبة إطلاق مؤسسة القمة العالمية للحكومات مبادرة "الحكومات وكوفيد-19"، التي تضم سلسلة من الجلسات التفاعلية الحوارية عن بُعد، بمشاركة أكثر من 30 متحدثاً عالمياً، من الخبراء وقادة العمل الحكومي من شركاء القمة العالمية للحكومات في مختلف دول العالم، والتي تنظم، في الإمارات، خلال الفترة المقبلة، بهدف تعزيز دور الحكومات وجاهزيتها في مواجهة تحدي فيروس كورونا المستجد، واستشراف مستقبل العمل الحكومي في مرحلة "ما بعد كورونا"، من خلال تحليل المستجدات وآثار الفيروس على الحكومات عالمياً.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية