هل نجحت الميليشيات الليبيّة المسلّحة في تقويض المسار السياسي في البلاد؟

هل نجحت الميليشيات الليبيّة المسلّحة في تقويض المسار السياسي في البلاد؟


27/12/2021

ثمة تحركات ونشاط محلي وإقليمي ودولي، خلال الأيام الأخيرة، من أجل تعديل المسار السياسي، وتحديد موعد جديد للجولة الأولى؛ من الاستحقاق الانتخابي لمنصب الرئيس في ليبيا وذلك بعدما سقط موعد 24 كانون الأول (ديسمبر) المقرر سلفاً.

غضب شعبي من قرار تأجيل الجولة الأولى، من الانتخابات الرئاسيّة، واستنفار سياسي على كافة المستويات؛ بهدف الوصول إلى صيغة مناسبة نحو خريطة طريق جديدة؛ لملء الفراغ السياسي، بعد تجاوز موعد الانتخابات الرئاسيّة، وبحث مدى مطابقة الأجسام السياسية القائمة، سيما موقف حكومة الوحدة الوطنية، والسيناريوهات المحتملة لشرعيتها حتى موعد الانتخابات القادم.

من جهته، قرر مجلس النواب الليبي، الخميس، تشكيل لجنة تضم عشرة من أعضائه؛ لإعداد مقترح خريطة طريق جديدة، بعد تأجيل الانتخابات الرئاسيّة، وأضاف المجلس عبر موقعه الإلكتروني الرسمي، أنّ اللجنة ستقدم تقريرها إلى مكتب هيئة الرئاسة خلال أسبوع "لعرضه على مجلس النواب خلال جلسته القادمة. وفي السياق ذاته، شدّد مستشار رئاسة البرلمان الليبي، في تصريحات صحفيّة، على أنّ مجلس النواب سيتحمل مسؤوليته كجسم تشريعي، تجاه عرقلة هذه الانتخابات، إضافة إلى تعديل بعض القوانين؛ من أجل تسهيل المهمة أمام مفوضيّة الانتخابات".

اجتماع تنسيقي بين فرقاء الأمس

مدينة بني غازي شرق ليبيا، استضافت عدداً من المرشحين للرئاسة من مصراتة وسبها؛ لعقد اجتماع تشاوري مع المرشح الرئاسي، خليفة حفتر، يوم الثلاثاء21 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، تقدمهم وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا، ونائب رئيس المجلس الرئاسي الأسبق، أحمد معيتيق، والسياسي البارز من الجنوب، عبد المجيد سيف النصر، إضافة إلى ممثلي الشرق: النائب السابق الشريف الوافي، وعارف النايض، وكلهم مسجلون في قائمة المتنافسين على المنصب الرئاسي.

 

أكرم الفكحال: أستنكر تعطيل الانتخابات، غير المبرر، وأؤكد على أنّ الالتزام بالموعد النهائي للانتخابات، غير قابل للتعطيل مرة أخرى، تحت أيّ ظرف

 

في نهاية اللقاء، أصدر المرشحون للرئاسة بياناً تلاه فتحي باشاغا، جاء فيه: "بدعوة من المرشح الرئاسي، خليفة حفتر، اجتمع عدد من المرشحين لرئاسة ليبيا، في مدينة بني غازي؛ لتوحيد الجهود الوطنيّة؛ للتعامل مع التحديات التي تمر بها بلادنا، في هذه الأيام، واحتراماً لإرادة أكثر من مليونين ونصف المليون ليبي من الناخبين، الذين ينتظرون الموعد المقرر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية". وأكد البيان أنّ "المرشحين اتفقوا على أنّ المصلحة الوطنية الجامعة فوق كل اعتبار، والمصالحة الوطنيّة خيار وطني جامع، لا تراجع عنه، واتفقوا على استمرار التنسيق والتواصل، وتوسيع إطار هذه المبادرة الوطنيّة؛ لجمع الكلمة، ولمّ الشمل، واحترام إرادة الليبيين".

جهود دولية وغموض حول الموعد الجديد

وفي ذات السياق، زارت المبعوثة الأممّية، ستيفاني ويليامز، مدينة بني غازي، والتقت بعدد من القوى الوازنة والفاعلة في المدينة، وذلك بعد اللقاءات التي عقدتها في طرابلس ومصراته؛ بغية تهدئة كافة الأطراف، وبحث أفضل الحلول؛ للخروج من الأزمة السياسيّة، في ظل حتمية تأجيل الانتخابات. إلى ذلك أنهى مجلس النواب الليبي التكهنات حول مصير الانتخابات في البلاد، معلناً في بيان صدر يوم الأربعاء 22 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، تأجيلها إلى موعد لاحق، وذلك بسبب الصعوبات الكبيرة التي تعترض العملية الانتخابية، من الناحيتين القانونية والفنية. وفي خطاب وجهه الهادي الصغير، رئيس لجنة متابعة الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة إلى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أكّد "استحالة إجراء الانتخابات في الموعد المقرر في قانون الانتخابات، وذلك بعد الاطلاع على التقارير الفنية والقضائية والأمنية ذات الصلة". وقال الصغير، "تأسيساً على قرار مجلس النواب بمنح الثقة لحكومة الوحدة، وقرار سحب الثقة اللذين يقضيان بنهاية ولايتها كحكومة تسيير أعمال، بتاريخ 24 كانون الأول (ديسمبر) 2021، فإنّنا نفيدكم بأنّ إعادة العملية السياسيّة إلى نصابها الصحيح، ورفع المعوقات والصعوبات، التي واجهت الجهات المختصة بتنفيذ قوانين الانتخابات؛ يتطلب منكم استئناف أعمالكم مباشرة، ورئاسة مجلس النواب وقيادة جلساته، بما يضمن تكريس الجهود الوطنيّة للنهوض بالعملية السياسيّة، وإعادة رسم خريطة طريق؛ تتماشى مع المعطيات والمتغيرات المترتبة على عرقلة الانتخابات".

من جانبها، أصدرت المفوضيّة الوطنيّة العليا للانتخابات، بياناً يوم الأربعاء 22 من شهر كانون الأول (ديسمبر) الجاري، بشأن تحديد يوم الاقتراع للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة في ليبيا، وتعرضت خلال البيان لجهود المفوضية؛ لتحقيق "إرادة الشعب في انتخابات حرة ونزيهة؛ تقود إلى تغيير سلمي للسلطة، وتنتج حالة من الاستقرار؛ كخطوة نحو بناء دولة المؤسسات والقانون". بيد أنّ البيان أشار إلى مرحلة الطعون، واعتبرها الصخرة التي تحطم عليها حلم الاستحقاق الانتخابي، فهوى عبر "قصور التشريعات الانتخابية"، فضلاً عن كون التداخل القائم بين المعطيات القضائية الصادرة؛ ما دفع إلى عرقلة قرار الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين، بسبب حالة القوة القاهرة، التي أفضت إلى عدم تمكن المفوضية من الإعلان عنها.

اقرأ أيضاً: بعد الإخفاق الأول... هل تنجح ليبيا في إجراء انتخابات بعد شهر؟

أضاف البيان أنّ "المفوضية تقترح بعد التنسيق مع مجلس النواب، أنّ يؤجل يوم الاقتراع إلى 24 كانون الثاني (يناير) 2022، على أن يتولى مجلس النواب العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإزالة حالة القوة القاهرة، التي تواجه استكمال العملية الانتخابيّة.

 

جمال الفلاح: ما جرى في العاصمة طرابلس، كان محاولة لإرباك المشهد الأمني، وبالتالي عرقلة الانتخابات

 

المرشح الرئاسي الدكتور أكرم الفكحال، عبّر عن أسفه لتعطيل موعد الانتخابات الرئاسيّة، وعدم الالتزام بالموعد المحدد حسب خريطة الطريق. وقال في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إنّه كان ينبغي احتراماً لأبناء الوطن، واحساساً بما يشعرون به من استياء وخيبات أمل، وتقديراً لشعب ليبيا، أن تجرى الانتخابات في موعدها، مؤكداً في الوقت نفسه على سيادة ليبيا، وعدم السماح بالتدخل في شؤونها، وايمانه التام بالتداول السلمي للسلطة، واعتبار صندوق الاقتراع هو الطريق الوحيد؛ لبناء الدولة. مستطرداً: "إنّني استنكر تعطيل الانتخابات، غير المبرر، وأؤكد على أنّ الالتزام بالموعد النهائي للانتخابات، غير قابل للتعطيل مرة أخرى، تحت أيّ ظرف".

المرشح الرئاسي، أكرم الفكحال، رحب بتاريخ 24 كانون الثاني (يناير) المقبل، الصادر في بيان المفوضيّة، كموعد نهائي لبدء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة، مطالباً الجميع باحترام إرادة الشعب الليبي، ورغبته في المضي قدماً في المسار الانتخابي، وعدم مصادرة حق الليبيين في اختيار من يمثلهم لرئاسة الدولة. وأضاف: "أطالب المفوضية الوطنيّة العليا للانتخابات، بإعلان القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسيّة، والقائمة الأولية للانتخابات البرلمانية، بأسرع وقت ممكن".

 

اقرأ أيضاً: لماذا نجح المجتمع في ليبيا قبل 70 عاماً وفشل حالياً؟

الفكحال أعلن رفضه الدخول في أيّ مراحل انتقالية جديدة، داعياً مجلس النواب إلى تحمل مسؤولياته تجاه العملية الانتخابية أمام الشعب الليبي، وكذلك الدول ذات العلاقة بالأزمة الليبيّة، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مطالباً بعدم الانتقائية في التعامل مع المرشحين.

 

فتحي المريمي: العمل جار على اتخاذ قرارات؛ لإتمام الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانية، وازالة كل الصعوبات، لإتمام العملية الانتخابية

 

وبسؤال المرشح الرئاسي عن توقعاته للمرحلة القادمة، ووضع حكومة الوحدة الوطنيّة، أشار أكرم الفكحال، إلى أنّ كل الاحتمالات ممكنة، بيد أنّه من الأهمية الالتفات إلى أنّ عمر الحكومة، بحسب خريطة الطريق، هو 18 شهر فقط، وبالتالي الأمر الآن في حوزة مجلس النواب، الذي تمنى أن يلتزم بمسؤولياته امام الشعب الليبي.

استمرار محاولات تفخيخ المسار السياسي

وعن دلالة التحركات المسلحة، داخل العاصمة طرابلس، وهل يعد ذلك دليلاً عملياً على خطورة التهديدات، التي صدرت بتفخيخ المشهد الانتخابي بكامله، يذهب جمال الفلاح، رئيس المنظمة الليبيّة للتنمية السياسيّة إلى أنّ هذه التحركات مفتعلة؛ حتى يتم إقناع الجميع بأنّ الظروف الأمنية حالت دون إقامة الانتخابات، مثلما زعم خالد المشري، حين قال لن نسمح بانتخابات رئاسيّة، في حال دخول بعض المترشحين على منصب الرئيس.

 ويؤكد الفلاح، في تصريحاته لـ"حفريات"، أنّ ما جرى في العاصمة طرابلس، كان محاولة لإرباك المشهد الأمني، وبالتالي عرقلة الانتخابات.

من جانبه، استبعد المحلل السياسي، أحمد أبوعرقوب، إجراء الانتخابات الرئاسيّة في الموعد المقترح من قبل المفوضيّة الوطنيّة العليا للانتخابات، في 24 كانون الثاني (يناير) 2022، حيث قال في تصريحات لـ"حفريات": "لا انتخابات في 24 كانون الثاني (يناير) القادم، وإنّما تم إعلان هذا التاريخ فقط؛ لامتصاص غضب الشارع الليبي".

 

اقرأ أيضاً: تحركات عسكرية وسياسية في ليبيا.. ماذا عن تأجيل الانتخابات؟

المحلل السياسي الليبي طالب الليبيين بدعم مخرجات اجتماع بني غازي؛ كونه ضمّ شخصيات فاعلة، وقادرة على ترجمة أقوالها إلى أفعال، مشيراً إلى أنّ هذا الاتفاق بين هذه الشخصيات؛ يعني إنهاء الانقسام، والتأسيس لأرضيّة صلبة؛ لانطلاق المصالحة الوطنيّة، وتوحيد مؤسسات الدولة، وإرساء الاستقرار، وتوفير ضمانات أكبر؛ لقبول جميع الأطراف بنتائج أيّ انتخابات في المستقبل.

 

اقرأ أيضاً: أزمة النفط والكهرباء تعود إلى ليبيا.. ما الجديد؟

وعلى الصعيد نفسه، نفى المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي، فتحي المريمي، في حديث خصّ به "حفريات"، ما أوردته صحيفة العين الإخباريّة على لسانه، مؤكداً أنّه لم يصرح بأنّ مجلس النواب سيناقش في جلسته المقبلة إجراء الانتخابات البرلمانيّة أولاً، لافتاً إلى أنّه قال إنّ المجلس سيناقش التقرير، الذي أعدّته اللجنة التى شكلها مجلس النواب؛ لمتابعة عمل المفوضيّة العليا للانتخابات، من حيث العراقيل والصعوبات التى واجهت المفوضيّة. وتابع: "العمل جار على اتخاذ قرارات؛ لإتمام الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانية، وإزالة كل الصعوبات، لإتمام العملية الانتخابية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية