هل فقد الإخوان حقاً دعم الدوحة؟ وما هي خياراتهم بعد المصالحة؟

هل فقد الإخوان حقاً دعم الدوحة؟ وما هي خياراتهم بعد المصالحة؟


25/01/2021

كانت قطر هي الوجهة الأبرز والأكثر حضوراً لدى أعضاء جماعة الإخوان عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة في 14 آب (أغسطس) 2013، وأغدقت الدوحة، وفق مراقبين وتقارير صحفية، بالأموال على الوافدين الجدد، وكان أبرزهم وجدي غنيم وطارق الزمر ومحمد الجوادي وغيرهم.

ولم يكن الإيواء فقط هو ما تفعله قطر للجماعة، بل التمويل والدعم الإعلامي المباشر عن طريق إنشاء العديد من القنوات الفضائية للجماعة، أو تبني الجزيرة مباشر مصر لخطابها.

يرى مراقبون أنّ جماعة الإخوان بدأت قبل شهور من المصالحة بالاستعداد لمرحلة ما بعد الدوحة

فجأة تغير الحال، وصرح وزير الخارجية القطري "أنّهم لا يدعمون جماعة الإخوان"، وقالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تعليقها على ذلك، إنّ الدوحة ستتخلص من بعض قادة الإخوان الإرهابية، في الأسابيع المقبلة. وذكرت صحيفة "الوطن" المصرية في عدد يوم الجمعة  الموافق 11 كانون الأول (ديسمبر) 2020 نقلاً عن المجلة الأمريكية، إنه من المتوقع أن تقوم قطر بهذه الخطوة.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية يوم 2 كانون الثاني (يناير) 2021 عن مصدر من الاستخبارات المصرية قوله إنّ مسؤولاً من وزارة الخارجية القطرية تعهد لمصر في اجتماع مع مسؤولين مصريين وإماراتيين بألا تتدخل الدوحة في الشؤون الداخلية لمصر، وتغيير توجه قناة الجزيرة ووسائل إعلامية حكومية أخرى، إضافة إلى تعاون اقتصادي وسلسلة اجتماعات حول عدد من القضايا المعلقة مثل الإخوان في ليبيا، وأن تكون العلاقات الدبلوماسية تحت الاختبار.

الهيكلة الإخوانية ستطال إعلام الجماعة بالكامل وإغلاق منافذ إعلامية في لندن وتركيا وإنشاء كيانات جديدة

وبحسب وثيقة للاستخبارات الإسرائيلية نقلتها "روسيا اليوم" عن "يديعوت أحرونوت" يوم 10 كانون الثاني (يناير) 2021 فإنّ إقامة علاقات رسمية مع قطر سيقود إلى معسكر جماعة "الإخوان"، وخفض التوتر مع تركيا ودعم الأمن والاستقرار الاقتصادي في قطاع غزة.

اقرأ أيضاً: بعد 10 أعوام على الثورة المصرية أين ذهبت حركات الإخوان المسلحة؟

في المقابل نظرت جماعة الإخوان إلى المصالحة القطرية الخليجية على أنّ أوضاعهم في مصر يمكن أن تتغير، وأنّ الدوحة يمكن أن تفتح ملف الإفراج عن معتقليهم مقابل اعترافهم بسلطة السيسي، ومن هنا أشاد المتحدث باسم الجماعة في مصر طلعت فهمي، بإعلان المصالحة الخليجية، واضعاً مطالب للحوار مع النظام المصري، أبرزها الإفراج عن المعتقلين.

فماذا سيفعل الإخوان بعد أن تجاوزت المصالحة القطرية الخليجية مرحلة (كسر الجليد) إلى الرسائل الإيجابية، ومنها عودة العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة رسمياً أول من أمس؟ وما هي خطتها بعد أن بدأت تفقد، فضلاً عن الممول، أبواقاً إعلامية كانت تستخدمها لمهاجمة الرباعي العربي؟ وما هي استراتيجيتها بعد فقدان الملاذ الكبير؟

 إعادة التنظيم وهيكلة الجماعة

يرى مراقبون أنّ جماعة الإخوان بدأت قبل شهور من المصالحة بالاستعداد لمرحلة ما بعد الدوحة، ومنها: إعادة تنظيم وهيكلة الجماعة؛ يقول القيادي الإخواني الهارب أحمد رامي، في تصريح إعلامي "إنّ الإخوان بصدد إعادة تنظيم الجماعة، وهناك مراجعة نقدية شديدة تجري منذ شهور، وهناك اتجاه قوي لصعود الشباب وتنحية القيادات التقليدية السابقة، وهو ما قد يسمح للدوحة بتطبيق إجراءات ترضية لمصر والخليج بحق القيادات القديمة، مع محاولة الاستمرار في دعم وربما استضافة القيادات الجديدة، وإنهم سيحاولون الاستفادة من القدرات البشرية التي تم تأهيلها وصقلها في قناة الجزيرة من خلال تطوير منابر إعلامية أخرى، متوقعاً أن يحدث ذلك سريعاً".

اقرأ أيضاً: القصة الكاملة لتفريخ الإخوان للتنظيمات الإرهابية في آسيا

وكان من مظاهر الهيكلة الجديدة تشكيل لجنة إدارية جديدة للجماعة، مع إعطاء دور أكبر لتيار إصلاحي على رأسه حلمي الجزار، ووقف كل عمليات العنف، والتفكيك المؤقت لحركة حسم، التي أُعلنت إرهابية مؤخراً.

ونقل الصحافي المقرب من الإخوان عبدالرحمن يوسف على صفحته بفيسبوك أنّ إعلام الإخوان تجاوز الدوحة؛ إذ هو شبكة متكاملة، أساسها "فضاءات ميديا"، التي امتدت من قطر إلى المملكة المتحدة وغيرها من الدول، فعلى سبيل المثال يتبع تلفزيون سوريا (يبث من إسطنبول التركية) لشركة ميتافورا، وهي نفس الشركة التي تُنتج برنامج "جوشو" الذي يبث على "تلفزيون العربي" من لندن، وضم  "تلفزيون العربي" عند التأسيس مجموعة قيادات تنفيذية مرتبطين بـ"فضاءات ميديا"، منهم: إسلام لطفي الذي كان قد شغل منصب (مدير تنفيذي بفضاءات ميديا) والذي كان متحالفاً مع الإخوان المسلمين بعد ثورة يناير، وأحمد زين، وعباس ناصر (مراسلَي الجزيرة السابقين)، ومحمد فريد الشيال (مدير تنفيذي بصحيفة العربي الجديد)، وفي نفس السياق، تدير شركة  I horizons، المحتوى الإخباري بشبكة العربي.

لم يكن الإيواء فقط هو ما تفعله قطر للجماعة بل التمويل والدعم الإعلامي المباشر عن طريق إنشاء العديد من القنوات الفضائية

وتضم الشبكة في لندن صحيفة العربي الجديد، وموقع عربي 21، وصحيفة زمان الوصل السورية، وصحيفة المدن اللبنانية، وموقع ألترا صوت، إضافة إلى موقع عرب 48 الفلسطيني.

ووفق تصريح القيادي المنشق عبدالجليل الشرنوبي لـ"حفريات"، فإنّ "الهيكلة ستطال إعلام الإخوان بالكامل، وإغلاق منافذ إعلامية في لندن وتركيا، وإنشاء كيانات جديدة، كما ألغيت لجان عمل في الجماعة واستُحدثت أخرى وتغيّرت مهام اللجان".

القيادي المنشق عبدالجليل الشرنوبي

 الانتقال من الملاذ إلى الوجهات البعيدة

وقد تدفع تلك التطورات الجماعة نحو الارتماء بالكامل في الحضن الإيراني، علاوة على ملاذها التقليدي في تركيا، والذي يتوقف حجمه على مدى ما تصل إليه أنقرة من تفاهمات مع القاهرة والرياض.

قد تدفع هذه التطورات الجماعة نحو الارتماء بالكامل في الحضن الإيراني

وكانت الجماعة عن طريق عضو مجلس شورى الجماعة محمود حسين قد فتحت طريق الملاذ الإيراني لعناصر كثيرة انتقلت من الكويت والخليج غلى طهران، وفق تصريح أدلى به القيادي الهارب صابر مشهور في قناته باليوتيوب.

يرى الباحث أحمد الشوربجي في تصريحه لـ"حفريات" أنّ "الأوضاع الحالية لإيران لا تشجع على احتضان الإخوان، وهو ما دفع الجماعة لعدم الاندفاع في هذا الاتجاه وإبداء الترحيب بالمصالحة، لعلها تتصالح مع السيسي عن طريق الدوحة، رغم أن ذلك ليس مطروحاً في القاهرة".

الباحث أحمد الشوربجي

 في نفس السياق يرى الباحث محمد الفقي، في دراسة نشرها مركز المسبار للبحوث بدبي، أنّ هناك ملاذات جديدة للجماعة أهمها كوريا الجنوبية وجيبوتي وماليزيا وجنوب إفريقيا، والبرازيل.

اقرأ أيضاً: كيف يستعد التنظيم الدولي الإخواني لمواجهة التحركات الأوروبية؟

ويرى مراقبون أنه مازال لدى الجماعة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كحليف قوي؛ لأنّ حزب العدالة والتنمية مرتبط بهم إيديولوجياً، لكن ما وراء ذلك سيتقلص الدعم، وفي المجمل يتحرك الإخوان المسلمون في اتجاه البقاء كحركة فكرية سياسية،  "إذ يفقد الإخوان دورهم كلاعبين سياسيين أو قد فقدوا ذلك فعلًا".

مما لا شك فيه أنّ الجماعة ما قبل المصالحة القطرية مع الرباعي العربي غيرها ما بعد المصالحة، حيث سنشهد نسخة إخوانية جديدة على مستوى التنظيم أو مجمل الخطاب.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية