هل خدمت الحرب في أوكرانيا مفاوضات النووي الإيراني؟

هل خدمت الحرب في أوكرانيا مفاوضات النووي الإيراني؟


02/03/2022

على وقع الحرب الدائرة في أوكرانيا بعد الاجتياح الروسي، تقترب المفاوضات النووية في فيينا، على ما يبدو، من عتبة النهاية، غير أنّ تلك اللحظة الوشيكة والمتوقعة، على مدار الجولات الثماني الماضية، ما تزال تحتمل تأويلات عديدة وتتسع لسيناريوهات متفاوتة، رغم تأكيد الأطراف الدولية أنّ المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن سوف تسفر عن "عودة نهائية" لاتفاق عام 2015.

وغرد المبعوث الروسي، ميخائيل أوليانوف، على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بأنّ المفاوضات سوف تشهد عودة كاملة للاتفاق النووي في شكله الأصلي مع تعديلات طفيفة. فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، منتصف الأسبوع؛ إنّ المحادثات الجارية في فيينا لجهة إحياء "خطة العمل المشتركة" بين إيران والقوى العالمية حققت "تقدماً كبيراً".

اقرأ أيضاً: مقايضات أنقرة بعد كشف مخطط إيراني لاغتيال إسرائيلي في تركيا

وبالتزامن مع تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أكّد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني؛ أنّ المحادثات النووية في فيينا مع المفاوضين الأوروبيين قائمة ومستمرة، بينما المفاوضات مع واشنطن ليست على جدول الأعمال؛ لأنّها لن تسفر عن "أيّ انفراجة"، حسبما أوضحت وكالة "رويترز" للأنباء. وبينما قال خطيب زادة إنّه قد تمّ إحراز "تقدم كبير"، غير أنّه عاود الحديث بخصوص المعضلات التي تعيق التوصل لاتفاق نهائي وتام، موضحاً أنّ "القضايا المتبقية هي الأصعب"، كما شدّد على أنّ "لا اتفاق على شيء ما لم يتم الاتفاق على كلّ شيء".

عضو اللجنة الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية شاهين قبادي: عندما دخلت عقوبات الكونغرس وقرارات مجلس الأمن حيز التنفيذ، ضاعت فرصة تفكيك منشآت النظام الإيراني النووية

وفي حديثه لـ "حفريات"، قال شاهين قبادي، عضو اللجنة الخارجیة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لـ "حفريات"؛ إنّ المرشد الإيراني، علي خامنئي، الذي يواجه نظامه، بشكل واضح، احتجاجات مطلبية وفئوية واسعة النطاق، على خلفية تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، قد وجد "طريق الخلاص الوحيد في تنصيب إبراهيم رئيسي، والذي يقود فريقه المفاوضات في فيينا".

 

اقرأ أيضاً: استفزازات إيران ترفع درجة التوتر مع إسرائيل: هل تندلع المواجهة؟

وبالنسبة للمرشد الإيراني؛ فإنّ لرئيسي وظيفتَين تتمثّلان في "عرقلة الانتفاضة، ثم حلّ معضلة الاتفاق النووي، بحيث يتمكن النظام من الاستمرار في سياسته الخارجية العدوانية". يقول قبادي.

مناورات المرشد الداخلية وانتهازيته الإقليمية

لكن ما يميز مرحلة رئيسي؛ أنّه سواء تخلى النظام عن برنامجه النووي، أو ذهب باتجاه صنع القنبلة النووية، فإنّه، في الأحوال كافة، سيواجه احتجاجات شعبية في الداخل والخارج، وفق قبادي، وذلك لمواجهة سياسة الملالي، المحلية والإقليمية.

وفيما يتعلق بالمحادثات النووية، يقول عضو اللجنة الخارجیة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ إنّه "منذ عام 2002، قمنا بالكشف عن البرنامج النووي العسكري لنظام الملالي اعتماداً على معلومات من شبكة منظمة مجاهدي خلق من داخل إيران، تحديداً من داخل النظام، وكانت المرة الأولى التي نكشف فيها، بصورة مبكرة، عن موقعين رئيسَين هما نطنز وأراك".

ردود الفعل الإيجابية من قبل الأطراف المنخرطة في المفاوضات النووية، تؤشّر على وجود إحياء الاتفاق النووي، مع الوضع في الاعتبار التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه بايدن

ويردف: "كان النظام في موقف ضعيف، في ذلك الوقت، قبل نحو عقدين، لكن المجتمع الدولي أمضى عقداً من الزمن في التفاوض مع النظام دون جدوى، الأمر الذي منح نظام الولي الفقيه فرصة لإحراز تقدم في مشاريعه النووية، بدلاً من اتباع سياسة حازمة وفرض عقوبات شاملة".

وعندما دخلت عقوبات الكونغرس الأمريكي وقرارات مجلس الأمن حيز التنفيذ، ضاعت فرصة تفكيك منشآت النظام الإيراني النووية، السرية والعلنية، فضلاً عن التنازلات غير المبررة في اتفاق 2015. ويتابع: "والآن، السيناريو نفسه يتكرر، وقد صرحت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، عام 2015، فور التوقيع على الاتفاق النووي، بأنّ الخطوة الصحيحة الوحيدة تتمثل في منع النظام من الحصول، بشكل دائم، على قنبلة نووية، وكذا الخبرة التكنولوجية النووية، ومن ثم، إعادة تطبيق قرارات مجلس الأمن، وتفكيك منشآت التخصيب، وجميع المواقع النووية وتفتيشها في أيّ وقت وفي كل مكان".

 

اقرأ أيضاً: هل يؤدي الاتفاق النووي مع إيران إلى تصدع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية؟

مطلع الأسبوع، طالب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نظيره الإيراني، بضرورة قبول صيغة لإحياء الاتفاق النووي.

وخلال اتصال هاتفي استمر ساعة ونصف الساعة، بحسب بيان للرئاسة الفرنسية، أكّد ماكرون أنّه قد تمّ "إحراز تقدم جيد في محادثات فيينا، ونأمل أن تختتم المحادثات في أقرب وقت ممكن"، بينما حذّر المستشار الألماني، أولاف شولتس، من تراجع فرص إحياء الاتفاق النووي، لافتاً إلى أنّ "لحظة الحقيقة" اقتربت لكافة المسؤولين في طهران.

دلالات ومؤشرات

وخلال مؤتمر ميونيخ للأمن قال شولتس: "لدينا الآنّ فرصة للتوصل إلى اتفاق يسمح برفع العقوبات. لكن إذا لم ننجح بسرعة كبيرة، فإنّ المفاوضات قد تفشل، المسؤولون الإيرانيون لديهم خيار. الآنّ، لحظة الحقيقة".

وعقّب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، على حديث المستشار الألماني، خلال المؤتمر ذاته، بقوله إنّ بلاده "مستعدة للتوصل إلى اتفاق جيد في أقرب وقت ممكن إذا اتخذ الطرف الآخر القرار السياسي اللازم"، مضيفاً: "نحن جادون للغاية".

ودعا وزير الخارجية الإيرانية القوى الغربية بتقديم "مرونة" في المحادثات، معتبراً أنّه "في حال لم يرغب الغربيون في هذه المرحلة القيام بما ينبغي عليهم القيام به عملياً، فيجب تحميلهم مسؤولية فشل المحادثات".

وبحسب رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت؛ فإنّ المحادثات بين إيران والقوى العظمى حول العودة للاتفاق النووي "أصبحت متقدمة جداً... يمكن أن نرى اتفاقاً قريباً.. الاتفاق الجديد المتبلور، أقصر وأضعف من الاتفاق السابق"، كما كشف عن طلب إيران للولايات المتحدة برفع الحرس الثوري من القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، وذلك باعتباره شرطاً للتوصل إلى اتفاق نووي، وفق موقع "أكسيوس" الأمريكي.

 

اقرأ أيضاً: رفع العقوبات عن إيران، رسائل خاطئة أم مؤامرة مقصودة؟

وأردف: "إذا وقّع العالم على الاتفاق، مرة أخرى، بدون تمديد تاريخ انتهاء الصلاحية (2025)، فإنّنا نتحدث عن اتفاق يشتري ما مجموعه عامين ونصف العام فقط من الوقت، وبعد ذلك يمكن لإيران تطوير وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة، دون قيود".

واللافت أنّ هناك مجموعة من المؤشرات التي تبرز وجود "تحول نوعي" فيما يتصل بالاتفاق النووي، والتي يمكن توضيحها في الزيارة الأولى التي قام بها مبعوث إسرائيلي إلى فيينا، بهدف لقاء الوفود المنخرطة في عملية إحياء "خطة العمل المشتركة"، باستثناء الوفد الإيراني، حسبما يوضح الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور عبد السلام القصاص، كما أنّ إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أعلنت، مؤخراً، رفع العقوبات المفروضة على البرنامج النووي الإيراني (المدني)، وقد وصفتها طهران بأنّها "خطوة جديدة".

ووفق الباحث المصري، فإنّ ردود الفعل الإيجابية من قبل الأطراف المنخرطة في المفاوضات النووية، وتحركاتها الأخيرة، تؤشّر على وجود احتمالية حيال إحياء الاتفاق النووي، مع الوضع في الاعتبار التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه بايدن، تحديداً ما يتصل بالتنافس الجيوسياسي مع روسيا (الصراع المتفاقم في أوكرانيا)، ثم الصين، وكذا الضغوط التي يمارسها قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس بالتزامن مع انتخابات التجديد النصفي، والتهديد بإعاقة أيّ اتفاق في حال تمّ نبذ دور المشرعين الأمريكيين.

 

اقرأ أيضاً: ما العقوبات التي رفعتها أمريكا عن إيران؟ ومتى ستُستأنف مفاوضات فيينا؟

ويردف القصاص لـ "حفريات": "يتعين النظر بدقة إلى موقف طهران، التي تبدو منفتحة على الحوار مع الخليج ودول الجوار، ومنها السعودية؛ حيث إنّها خطوة ذات دلالة وتعكس حجم التقدم في المفاوضات النووية، بغض النظر عن مواقف أخرى تحدث داخل النظام، بينما تؤكد على جملة شروط غير واقعية للعودة إلى الاتفاق النووي، وهذا الموقف الأخير، لا يعدو كونه أكثر من مجرد خطاب سياسي للداخل، تتولى إدارته القوى المتشددة، تحديداً المجلس الأعلى للأمن القومي، أعلى جهاز أمني في إيران، والمسؤول عن المفاوضات برعاية المرشد الإيراني علي خامنئي".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية