هل ثبت لعمّان دعم الجيش السوري لمهرّبي المخدرات؟

هل ثبت لعمّان دعم الجيش السوري لمهرّبي المخدرات؟


19/02/2022

تلمح أوساط أمنية وسياسية أردنية إلى أنّ محاولات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية، عملية منظمة يشرف عليها الجيش السوري، أو ربما تكون، في أقل التقديرات عمليات تتم في غياب رقابة الجيش، أو تحدياً لإرادته، نظراً لتعدد المرجعيات السياسية والأمنية في سوريا، لاسيما بعد الحرب التي ما تزال قائمة.

وأعلن الجيش الأردني، أول من أمس الخميس، أنّ محاولات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية التي أحبط عدداً كبيراً منها خلال الأشهر الأخيرة، باتت "منظمة" تستعين بالطائرات المسيّرة وتحظى بحماية مجموعات مسلحة.

 

اقرأ أيضاً: الأردن يعلن حصيلة الاشتباكات مع مهربي المخدرات عبر الحدود السورية

وقال إنّ السلطات الأردنية أحبطت منذ بداية هذا العام فقط دخول أكثر من 16 مليون حبة كبتاغون، أي ما يساوي الكمية التي تم ضبطها طيلة العام 2021، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

جولة لوسائل الإعلام

وخلال جولة نظمتها القيادة العامة للقوات المسلحة لوسائل الإعلام على الحدود الأردنية السورية، قال العقيد الأردني زيد الدباس: "الشيء الأخطر الذي لمسناه مؤخراً هو وجود مجموعات مسلحة مرافقة لمجموعات التهريب"، مضيفاً أنّ هذه المجموعات تستخدم "سيارات مجهزة تجهيزاً عالياً وبكلفة مالية عالية وصولاً الى طائرات مسيّرة" في عملياتها.

قادة عسكريون أردنيون يتحدثون لوسائل الإعلام على الحدود الأردنية السورية

ويعتقد ضابط أردني آخر هو العقيد مصطفى الحياري، مدير الإعلام العسكري بوجود "تعاون بعض المفارز الحدودية التابعة للجيش السوري مع المهربين وتقديمها حماية وتسهيلات لهم، لكن لا نستطيع الجزم بأنّ ذلك يتم بتعليمات من الجيش السوري"، مضيفاً "ربما هي حالات فساد على مستوى تلك المخافر".

الاعتقاد العسكري الأردني أنّ ما يجري على الحدود مع سوريا هو "عمليات منظمة"، إذ رصد الجيش الأردني 160 شبكة تهريب تعمل في مناطق الجنوب السوري.

الملك عبد الله الثاني: أنا مطمئن وكلي ثقة بقدرة الجيش العربي على حماية حدود بلادنا دائماً كما فعلتم في أصعب الظروف التي مررنا بها، تحياتي للجميع والمعنويات عالية

وأعلن الجيش الأردني في 27 كانون الأول (يناير) الماضي، أنه قتل 27 مهرباً لدى محاولتهم اجتياز الحدود من سوريا إلى المملكة بإسناد من مجموعات مسلحة.

وأجرى العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الاثنين الماضي، زيارة إلى المنطقة العسكرية الشرقية التي تعدّ منفذاً لتهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن، متوعداً ميليشيات تهريب المخدرات في سوريا بردّ "قوي وحازم". وطالب الملك أفراد الجيش بـ"العين الحمراء في التعامل مع المهربين".

وقال: "أنا وكل الأردنيين فخورون بدوركم في حماية حدودنا وتضحياتكم في حماية أمننا وخاصة في محاولات التسلل والتهريب".

 

اقرأ أيضاً: ضبط كمية كبيرة من المخدرات في شحنة شاي.. أين كانت تتجه؟
وأضاف "أنا مطمئن وكلي ثقة بقدرة الجيش العربي على حماية حدود بلادنا دائماً كما فعلتم في أصعب الظروف التي مررنا بها، تحياتي للجميع والمعنويات عالية".

ونشر الحساب الرسمي للقوات المسلحة الأردنية، فيديو للملك الأردني وهو يوجّه رسالة عبر أثير الجهاز اللاسلكي إلى جميع مرتبات المنطقة العسكرية الشرقية على اختلاف مواقعها وصنوفها.

 

اقرأ أيضاً: الأردن يحبط محاولة تهريب مخدرات من سوريا...هذا ما جاء في بيان رسمي

 وفي سياق متصل، أعلن مصدر عسكري مسؤول في وقت سابق أنّ "القوات المسلحة الأردنية ستضرب بيد من حديد، وستتعامل بكل قوة وحزم مع أي عملية تسلل أو محاولة تهريب، لحماية الحدود ومنع من تسول له نفسه العبث بالأمن الوطني الأردني".

16 مليون حبة مخدر

وفي الجولة التي جرت للصحفيين الخميس، قال مدير الإعلام العسكري العقيد مصطفى الحياري، إنّ الجيش قتل "30 مهرباً وأحبط دخول 17348 كف حشيش وأكثر من 16 مليون حبة مخدر (كبتاغون)" منذ بداية 2022 فقط.

الحدود الأردنية مع سوريا خلال جولة نظمها الجيش الأردني في 17 الشهر الماضي لوسائل الإعلام (أ ف ب)

وخلال العام 2021، أحبط الجيش الأردني 361 محاولة تهريب، وضبط 15.5 مليون حبة كبتاغون طيلة السنة. وتابع الحياري أنّ "الأردن يخوض حرباً غير معلنة على الحدود مع تجار المخدرات ومن يقف خلفهم"، موضحاً أنّ مجموعات المهربين سابقاً كانت تتألف من 3 إلى 6 أشخاص، بينما قد تصل الآن إلى 200 شخص "يستخدمون تكتيكات وعمليات خداع وتمويه".

يعد حزب الله المتهم الأول في التهريب إلى الأردن. ومن بين اللاعبين الرئيسيين رجال أعمال تربطهم صلات وثيقة بالحكومة، إضافة إلى آخرين من عائلة الأسد

وتحدث عن "تجاوب" من جانب السلطات السورية للحد من هذه العمليات، "لكن للأسف مفعوله على الأرض لا يمتد لفترة طويلة". وتوعد الحياري كل من يحاول إدخال المخدرات الى الأردن، بأنه "سيواجه الموت".

ويتحدث مراقبون ومحللون سياسيون عن محاولات عصابات التهريب المنظمة إلى استخدام الأردن كجسر لعبور المخدرات وتهريبها إلى دول أخرى وبخاصة الخليج، وهو أمر تشارك فيه أطراف سياسية، حيث يعتقد المحلل السياسي الأردني صلاح ملكاوي أنّ "حزب الله يعمل بمساعدة الفرقة الرابعة من الجيش السوري والمخابرات الجوية على تحويل درعا والسويداء إلى نقطتَي عبور للمخدرات نحو الأردن، ثم بعد ذلك الخليج؛ لهذا لا تخضع الشاحنات القادمة من لبنان للتفتيش، رغم مرورها على عشرات الحواجز الأمنية".

85% من المخدرات للخارج

وتؤكد وزارة الداخلية الأردنية أنّ 85% من المخدرات التي تضبط معدة للتهريب الى خارج الأردن.

ولفت ملكاوي، في تصريحات سابقة لـ"حفريات"، إلى أنه "بعد عام 2011 تضاعفت كمية المخدرات المهرّبة للأردن بعشرات المرات، ولم يعد التهريب يقتصر على النقاط الحدود الرسمية، بل صار عبر طول الحدود المقابلة لمحافظة السويداء".

وأضاف أنّ "السلطات الأردنية كانت تنسّق مع الجيش السوري الحرّ حين كان يسيطر على المحافظات الجنوبية، حتى عام 2018، ومكّنها ذلك من ضبط الحدود بشكل كبير، وإحباط العديد من عمليات التهريب إلى الداخل السوري".

اقرأ أيضاً: الأردن في مواجهة حزب الله لمنع تهريب المخدرات إلى الخليج

وبحسب تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز" نشرته العام الماضي، فإنّ الكثير من إنتاج وتوزيع المخدّرات السورية يتم تحت إشراف "الفرقة الرابعة" بقيادة ماهر الأسد شقيق بشار الأسد، ومن بين اللاعبين الرئيسيين رجال أعمال تربطهم صلات وثيقة بالحكومة، إضافة إلى جماعة حزب الله اللبناني، وآخرين من عائلة الأسد.

ويعد حزب الله المتهم الأول في التهريب إلى الأردن. ويقول أستاذ العلوم السياسية عامر ملحم إنّ عملية تهريب المخدرات التي يقف خلفها حزب الله من سوريا ليست جديدة، والأردن يعي تماماً من يقف خلفها.

ما خيارات الأردن؟

ويوضح ملحم، بحسب صحيفة "العرب" أنّ الأردن أمامه حل آخر بجانب الخيار العسكري لحماية الحدود، وهو إجراء اتصالات مع الجانب السوري لإيجاد حلول لهذه المشكلة خاصة وأن علاقاته مع دمشق شهدت تحسنا جيدا في الفترة الأخيرة.

لكنّ محللين يعتقدون أنّ الحديث إلى الجانب السوري لن يفيد عمّان بشيء، خصوصاً لانشغال دمشق بأمور أخرى وتحكم حزب الله والميليشيات الإيرانية في جزء كبير من الأماكن هناك.

الحدود الأردنية مع سوريا خلال جولة نظمها الجيش الأردني لوسائل إعلامية في 17 شباط/فبراير 2022 تناولت إحباط عمليات تهريب المخدرات (أ ف ب)

وتمتد الحدود بين جنوب سوريا وشمال الأردن على طول 370 كيلومتراً تقريباً، والمعبر الرسمي الوحيد بين الجانبين حالياً هو معبر جابر نصيب الذي أعيد فتحه بشكل كامل أمام حركة العبور في أيلول (سبتمبر) 2022 بعد القيود التي فرضها الجانب الأردني بسبب انتشار وباء كورونا. وأغلق هذا المعبر ومعبر الرمثا خلال الحرب، ولا يزال الأخير مغلقاً. أما عمليات التهريب عبر الحدود فتتم إجمالاً عبر معابر غير قانونية.

وشدّد الأردن الذي يستضيف نحو 1,6 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة في سوريا في آذار(مارس) 2011، بأنه سيقوم بكل الإجراءات اللازمة، للقضاء على خطر تهريب المخدرات من سوريا، وحماية أمنه ومصالحه الوطنية.

وفي الآونة الأخيرة، وسّع الأردن من عملياته على الحدود، بعد توجيهات لقواته بتغيير قواعد الاشتباك، إثر ارتفاع واضح في عمليات التهريب والتسلل.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية