هل توجه حكومة السويد ضربة جديدة لتنظيم الإخوان؟

هل توجه حكومة السويد ضربة جديدة لتنظيم الإخوان؟

هل توجه حكومة السويد ضربة جديدة لتنظيم الإخوان؟


28/02/2023

يبدو أنّ فرع جماعة الإخوان في السويد على موعد مع حزمة إجراءات أمنية وسياسية جديدة من شأنها التضييق على نشاط التنظيم داخل البلاد، في ضوء العديد من التحركات التي رصدت مؤخراً نشاطات خطيرة للتنظيم تتعلق بدعم وتمويل جماعات إرهابية، كان آخرها دراسة للباحث والأكاديمي السويدي من أصل مصري سامح إيجبتسون، تناولت توثيق مشروع الاختراق الفكري الذي نفذه تنظيم الإخوان داخل المجتمع السويدي بالسيطرة على عدد من مراكز الفكر والدراسات والأكاديميات البحثية.

وتتزامن الرسالة، التي أثارت حالة من الجدل الكبير في الأوساط السياسية داخل الدولة، وهاجمها عناصر الإخوان، تتزامن مع تكثيف الدعوات السياسية والتحذيرات الأمنية من تنامي نشاط التنظيم داخل السويد، إضافة إلى جملة من الإجراءات التي أقرتها الحكومة خلال الأعوام القليلة الماضية لمحاصرة نشاط التنظيم، لا سيّما فيما يتعلق بالجمعيات والمؤسسات التي تعمل تحت غطاء الإسلام السياسي داخل البلاد. 

معلومات صادمة عن علاقة الإخوان بمؤسسات ناشطة داخل الدولة

الرسالة البحثية التي جاءت في (740) صفحة، جرت الموافقة عليها يوم الجمعة الماضي من قبل جامعة "Lund"، بعد مناقشة تجاوزت (4) ساعات متواصلة، وقد ناقشت بشكل معمّق علاقة الإخوان بعدد من المؤسسات الفكرية داخل الدولة، لنشر الفكر المتطرف وتطويع المجتمع لخدمة أهداف التنظيم الإرهابي.

الرسالة تعرضت لحالة من الترهيب المتعمد، لا سيّما في ظل توثيقها للعلاقة السرّية القائمة بين جماعة "الإخوان المسلمين"، وبين "اتحاد الجمعيات الإسلامية" (IFiS) ويضم (33) جمعية، و"اتحاد مسلمي السويد" (SMF) ويضم (23) جمعية، و"منظمة الشباب المسلم" (SUM)  وتضم (45) جمعية إسلامية.

أحمد سلطان: السويد أقرت عدة إجراءات لمحاصرة نشاط التنظيم خلال الأشهر الماضية

وتطرّقت الرسالة أيضاً إلى "هيئة الإغاثة الإسلامية"، و"جمعية ابن رشد التعليمية"، و"مكتب الإعلام الإسلامي"، و"المركز الإسلامي" الذي وصفته بأنّه مقر النشاط السري للتنظيم الدولي لـ "الإخوان"، و"المنتدى الإسلامي السياسي"، و"التجمع الإسلامي السياسي"، و"المجلس الإسلامي السويدي"، و"الكشافة الإسلامية السويدية"، و"جمعية الهلال الجديد الثقافية"، و"جمعية المرأة المسلمة"، و"اتحاد الطلبة المسلمين السويديين" (الخوارزمي)، و"رابطة المدارس الإسلامية"، وفقاً لموقع "النهار العربي".

هل الحكومة السويدية بصدد إجراءات جديدة ضد الإخوان؟

الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان يقول لـ "حفريات": إنّ السويد أقرت عدة إجراءات لمحاصرة نشاط التنظيم خلال الأشهر الماضية، شملت إغلاق بعض المؤسسات مثل المدارس والجمعيات التي تتبع التنظيم، بدعوى أنّها تحرض على أفكار التطرف والعنف.

ويتوقع سلطان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التشديدات على التنظيم، في ضوء المطالب المكثفة من عدة جهات، لتفعيل استراتيجية المواجهة ضد الإرهاب، فضلاً عن توجه معظم الدول الغربية إلى تشديد المراقبة على نشاط جماعة الإخوان.

سلطان: يستغل تنظيم الإخوان التداعيات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وانشغال الحكومات الأوروبية بها، لتدعيم نشاط التنظيم داخل تلك الدول، خاصة أنّ ملامح التوظيف السياسي للأزمة من جانب الإخوان بدت جلية في اختراق التنظيم للمنظمات الإغاثية وتفعيل نشاطها مؤخراً بشكل كبير في معظم الدول الأوروبية

ويشير سلطان إلى أنّ الوجود الإخواني داخل السويد قديم، وفرع التنظيم داخل الدولة قد نجح بالفعل في اختراق عدة مؤسسات ووجد لنفسه مكاناً داخل الدولة، لذلك، بالرغم من حالة المواجهة ضد نشاط التنظيم الذي تصفه مؤسسات عديدة بالتطرف ودعم الإرهاب، لا يتوقع أن تُقتلع جذور الإخوان من المجتمع السويدي بين عشيّة وضحاها، كما هو الحال في غالبية الدول الأوروبية، خاصة في ظل تعقد المشهد السياسي داخل تلك الدول وانشغال الحكومات بسياسات أخرى.

إشكالية أمنية في التعامل مع فكر التنظيم

ويشير سلطان إلى أنّ هناك أزمة أخرى تتعلق بتعامل الأجهزة الأمنية داخل الدولة مع فكر جماعة الإخوان، فبعضها يتبنّى الفكر القومي المتشدد، ويسعى للتخلص من كافة المنظمات والجمعيات الإسلامية الموجودة داخل الدولة على اختلاف خلفياتها الإيديولوجية وأهدافها، وهو توجه يمثل خطراً على المجتمعات الأوروبية، لأنّه يعزز قيم الانفصالية ولا يدعم التعايش.

ويوضح سلطان أنّ مسألة التحرك الحكومي الأكبر ضد جماعة الإخوان، سواء في السويد أو في الدول الأوروبية الأخرى، سيظل مرتبطاً إلى حدٍّ كبير بالقدرة على تمييز الاتجاهات والأهداف الخاصة بالمنظمات ذات الصلة بالجماعة، وتتبع أنشطتها بشكل دقيق، وتفعيل إجراءات رقابية دقيقة من شأنها محاصرة مصادر تمويلها.

آندي فليمستروم: ما يصعد من مخاطر جماعة الإخوان في السويد أنّها تسيطر على أغلب المساجد من خلال الرابطة الإسلامية واتحاد المنظمات الإسلامية وغيرها

ويرى سلطان أنّ هذا التحرك سيظل بعيداً في الوقت الراهن، متوقعاً أن يستغل تنظيم الإخوان التداعيات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وانشغال الحكومات الأوروبية بها، لتدعيم نشاط التنظيم داخل تلك الدول، خاصة أنّ ملامح التوظيف السياسي للأزمة من جانب الإخوان قد بدت جليّة في اختراق التنظيم للمنظمات الإغاثية وتفعيل نشاطها مؤخراً بشكل كبير في معظم الدول الأوروبية.

الإخوان أخطر من داعش والقاعدة

تقول الباحثة بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات آندي  فليمستروم: إنّ المشاعر العنصرية التي تحظى بشعبية كبيرة لدى اليمين الأوروبي المتطرف تصب في مصلحة  جماعة الإخوان المسلمين.

فليمستروم: جماعة الإخوان المسلمين في السويد كانت تقدّم الدعم اللوجستي إلى التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق ومناطق النزاع

وبحسب دراسة نشرها المركز لـ "آندي" في كانون الثاني (يناير) الماضي، فقد أدركت السويد إلى جانب دول أوروبا مخاطر الإسلام السياسي بكلّ أطيافه، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، خلال الفترة الماضية، ممّا دفعها إلى إقرار حزمة إجراءات من شأنها محاصرة نشاط التنظيم.

وتشير فليمستروم إلى أنّه "رغم أنّ الجماعة بدأت العمل في أوروبا منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي، لكنّ الحكومات الأوروبية لم تتخذ التدابير المطلوبة للحدّ من أنشطة الجماعة  إلا بعد عام 2011، مع موجات الربيع العربي في الدول العربية وما تبعها من تنامي موجات الإرهاب".

وتشير الباحثة الأوروبية إلى أنّ جماعة الإخوان المسلمين في السويد كانت تقدّم الدعم اللوجستي إلى التنظيمات المتطرفة في سوريا والعراق ومناطق النزاع، وأيضاً سهلت عملية التحاق مجموعات وأفراد للقتال في صفوف تنظيم داعش والقاعدة وجبهة النصرة وغيرها من  التنظيمات المتطرفة.

وترى فليمستروم أنّ جماعة الإخوان تلعب دوراً أخطر من تنظيم داعش والقاعدة، من خلال نشر إيديولوجية التطرف عبر الإنترنت والمنابر وخلف واجهات معقدة مثل المنظمات والمساجد والجمعيات الخيرية، وما يصعد من مخاطر جماعة الإخوان في السويد أنّها تسيطر على أغلب المساجد من خلال الرابطة الإسلامية واتحاد المنظمات الإسلامية وغيرها، بالتوازي مع أنشطتها السياسية وقربها من الأحزاب السياسية الأخرى وعقد تحالفات معها.

 

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية