هل تنقذ سياسات شيمشك "العقلانية" اقتصاد تركيا المنهك؟

هل تنقذ سياسات شيمشك "العقلانية" اقتصاد تركيا المنهك؟

هل تنقذ سياسات شيمشك "العقلانية" اقتصاد تركيا المنهك؟


06/06/2023

بينما تجمع تقارير اقتصادية دولية على أنّ تركيا باتت "ضعيفة ومحطمة اقتصادياً"، وتعاني من تضخم متصاعد مع تراجع قيمة العملة المحلية، يؤكد مختصون في الاقتصاد أنّ إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيتركه في "مستنقع" من صنع يديه في إشارة إلى الوضع الاقتصادي المتأزم بالبلد.

وينتظر أردوغان المستمر في الحكم منذ (20) عاماً، والفائز بولاية رئاسية جديدة، الكثير من الملفات التي تحتاج إلى معالجات سريعة لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد وتحقيق استقراره، وسط تخوفات من استمراره في السياسات التقليدية نفسها التي أغرقت البلد.

هل يعيد وزير المالية التركي بلاده إلى سياسات اقتصادية "عقلانية"؟

بعد كل هذه الأعوام من التأزم الاقتصادي، تعهد وزير المالية التركي الجديد بالعودة إلى سياسات اقتصادية "عقلانية" بعد أعوام وضعت فيها الاستراتيجية غير التقليدية للرئيس أردوغان، اقتصاد البلاد البالغ (900) مليار دولار تحت ضغط شديد، وتسببت في انهيار الليرة إلى مستويات قياسية، وفق صحيفة (فايننشيال تايمز).

وقد عيّن الرئيس التركي السبت محمد شيمشك وزيراً للمالية، للتصدي لأزمة تكاليف المعيشة في البلاد ولعقبات اقتصادية أخرى، في إشارة واضحة إلى أنّ حكومته المعينة حديثاً ستعود إلى سياسات اقتصادية أكثر تقليدية، بحسب وكالة "رويترز".

وخلال مراسم تولي المنصب الأحد، قال محمد شيمشك إنّه لا خيار أمام بلاده سوى العودة إلى "أساس منطقي" في السياسات الاقتصادية لضمان القدرة على التنبؤ بتبعاتها.

وأكد شيمشك أنّ الهدف الرئيسي للحكومة الجديدة سيكون زيادة الرفاهة الاجتماعية، مضيفاً: "ستكون الشفافية والاتساق والقدرة على التنبؤ والامتثال للأعراف الدولية من مبادئنا الأساسية في تحقيق هذا الهدف".

ينتظر أردوغان الكثير من الملفات التي تحتاج إلى معالجات سريعة لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد

وأضاف أنّ الأولوية ستكون للاستقرار المالي الكلي في بيئة تزداد فيها التحديات العالمية والتوتر الجيوسياسي، موضحاً: "أهدافنا الرئيسية ستتمثل في إرساء الانضباط المالي وضمان استقرار الأسعار لتحقيق نمو مرتفع مستدام".

كذلك أبرز شيمشك، الذي كان يحظى بتقدير كبير في الأسواق المالية عندما شغل منصب وزير المالية ثم نائب رئيس الوزراء بين عامي 2009 و2018، أنّ خفض التضخم بالغ الارتفاع في تركيا إلى رقم في خانة الآحاد سيكون أولوية أخرى.

تعهد وزير المالية التركي الجديد بالعودة إلى سياسات اقتصادية "عقلانية"، بعد أعوام وضعت فيها الاستراتيجية غير التقليدية للرئيس أردوغان اقتصاد البلاد تحت ضغط شديد

وتابع: "من الضروري بالنسبة إلى بلدنا خفض التضخم إلى خانة الآحاد مرة أخرى على المدى المتوسط من أجل زيادة القدرة على التنبؤ في جميع المجالات وتسريع التحول الهيكلي الذي سيقلل عجز الحساب الجاري".

وشغل شيمشك سابقاً منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية قبل مغادرة الحكومة في عام 2018، وأعاده أردوغان إلى حكومته الجديدة كـ "جزء من تغيير" تقول التوقعات إنّ تركيا ستبتعد من خلاله عن السياسات غير التقليدية التي زادت من تفاقم أزمة تكلفة المعيشة الشديدة، ودفعت المستثمرين الأجانب إلى الفرار من السوق".

ويرى مراقبون أنّ تعيين شيمشك قد يضع حداً للسياسات الاقتصادية غير التقليدية المستمرة منذ أعوام تحت حكم أردوغان، التي اتسمت بخفض أسعار الفائدة رغم ارتفاع معدلات التضخم وسيطرة الدولة على الأسواق.

سياسات أردوغان أنهكت الاقتصاد التركي

وتسببت السياسات التي اتبعها البنك المركزي التركي لدعم الليرة ودفعها للاستقرار في نزول صافي الاحتياطات الأجنبية للمنطقة السلبية الشهر الماضي، للمرة الأولى منذ 2002.

وسجلت الليرة مستوى قياسياً منخفضاً جديداً تجاوز (21) ليرة مقابل الدولار بعد جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في 28 أيار (مايو). وفقدت العملة ما يزيد على 90% من قيمتها خلال العقد الماضي، بعد سلسلة من الانخفاضات كان أسوأها في أواخر عام 2021.

ويتوقع بنك (غولدمان ساكس) أن تنخفض الليرة إلى (28) مقابل الدولار خلال (12) شهراً.

وبحسب (فايننشال تايمز)، يجادل العديد من الاقتصاديين بأنّ سياسات أردوغان المتمثلة في خفض أسعار الفائدة، والتدابير الطارئة لدعم العملة، لا يمكن أن تستمر مع انخفاض احتياطيات العملة التركية بسرعة. 

وكانت صحيفة (صنداي تايمز) قد تحدثت في مقال بعنوان: "الفوز في الانتخابات سيترك أردوغان في مستنقع من صنعه"، قد اعتبرت أنّه في حال فوز أردوغان "ستكون مشاكل تركيا قد بدأت للتو".

تسببت السياسات التي اتبعها البنك المركزي التركي لدعم الليرة في نزول صافي الاحتياطات الأجنبية للمنطقة السلبية الشهر الماضي

يُذكر أنّه في الأعوام الأولى من عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، ولغاية عام 2013، كان أداء الاقتصاد التركي جيداً، فقد بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 6% سنوياً، ويرجع ذلك جزئياً إلى تركيز الحكومة على الاستثمار في البنية التحتية والصادرات، وبعد عام 2013 عانى الاقتصاد التركي من تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3% في المتوسط سنوياً، تحت تأثير العديد من العوامل، بما في ذلك أزمة اللاجئين السوريين، والتباطؤ الاقتصادي العالمي، وعدم اليقين السياسي.

يرى مراقبون أنّ تعيين شيمشك قد يضع حداً للسياسات الاقتصادية غير التقليدية المستمرة منذ أعوام تحت حكم أردوغان

وقطع أردوغان، الذي أعيد انتخابه الأحد لولاية من (5) أعوام، وعوداً بمليارات الدولارات خلال الحملة الانتخابية، وضخ عشرات المليارات الأخرى لتعويم الليرة التركية قبل الاقتراع.

وقالت شركة (كابيتال إيكونوميكس): إنّ "ساعة الحقيقة قد تكون بصدد الاقتراب من الاقتصاد التركي".  فبعد أن كان مدعوماً بيد عاملة رخيصة ونظام مصرفي فعال، يعاني الاقتصاد التركي مشكلة تسببت فيها السلطة التنفيذية نفسها ولا يواجهها سوى عدد قليل من الدول الأخرى.

هل فعلاً بدأت مشاكل تركيا بعد فوز أردوغان؟

مباشرة بعد إعلان فوز أردوغان، شهدت الليرة التركية تراجعاً مستمراً حتى وصلت أمس إلى مستويات قياسية، فقد سجلت (21) ليرة للدولار الواحد، في ردّ فعل أوّلي هش على تعيين محمد شيمشك وزيراً للمالية في تركيا.

وجرى تداول الليرة التركية عند (21.1) مقابل الدولار في أسواق المال الآسيوية. ولم يكن السعر بعيداً بشكل كبير عن المستوى المتدني القياسي الذي سجلته أمام الدولار الأسبوع الماضي، إذ بلغت (21.8) لكل دولار.

هذا، وسجلت الليرة مستوى قياسياً منخفضاً تجاوز (20) ليرة مقابل الدولار، بعد جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في 28 أيار (مايو) الماضي، وفقدت العملة ما يزيد على 90% من قيمتها خلال العقد الماضي، بعد سلسلة من الانخفاضات كان أسوأها في أواخر عام 2021.

وتفاقم التضخم متأثراً بأزمة الليرة التي بدأت في نهاية عام 2021، ووصل إلى أعلى مستوى له في (24) عاماً عندما بلغ 85.51% في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي،  وارتفع مؤشر أسعار المنتجين المحليين 0.65% على أساس شهري في أيار (مايو)، مسجلاً زيادة سنوية قدرها 40.76%، وفقاً لبيانات معهد الإحصاء التركي.

مواضيع ذات صلة:

خسائر بالمليارات.. هكذا سيؤثر الزلزال المدمر على اقتصاد تركيا؟

أردوغان وصهره إذ يقامران باقتصاد تركيا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية