هل تنفذ إسرائيل ضربة بمفردها ضد إيران؟

هل تنفذ إسرائيل ضربة بمفردها ضد إيران؟

هل تنفذ إسرائيل ضربة بمفردها ضد إيران؟


30/03/2023

إثر الاتفاق الثلاثي بين السعودية وإيران والصين، تبدو هناك تداعيات جمّة، سياسية وأمنية وإقليمية، تتمثل في إمكانية التهدئة بين الخصمين الإقليميين (الرياض وطهران) في عدة ملفات، منها اليمن، مثلاً، فضلاً عن إيجاد مقاربة جديدة ومغايرة بعيداً عن الصدام الخشن والحرب بالوكالة لحل الملفات المأزومة بينهما.

حرب الظل بين إيران وإسرائيل

إسرائيل، التي انخرطت في حرب ظل عنيفة مع طهران عبر استهداف مناطق نفوذها في سوريا، وكذا ضرب مشروعها النووي، ثم اغتيال أبرز علماء طهران النوويين (محسن فخري زاده)، تواجه هذا المتغير المهم الذي جرى برعاية بكين، ونجم عنه استئناف العلاقات الدبلوماسية من جديد بين السعودية وإيران، الأمر الذي سيعطل المشروع الإسرائيلي بتشكيل تكتل في الشرق الأوسط لتخفيض نفوذ إيران بالمنطقة، وتطويق أنشطتها.

وفي حين ذكر وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، انّ بلاده لن ترهن أوضاعها، لا سيّما الاقتصادية بالمفاوضات النووية، بل إنّه يسعى للانفتاح السياسي على مصر باعتبارها دولة مهمة ومركزية بالشرق الأوسط، فإنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، شدد على ثلاث أولويات قصوى وصفها بـ"صراعات" تواجهها بلاده، وهي "ملف إيران النووي والإرهاب والفوضى السياسية"، مؤكداً عدم سماح إسرائيل امتلاك طهران للسلاح النووي. وأكد نتنياهو على أنّهم "سيواصلون مكافحة البرنامج النووي الإيراني واتخاذ كل ما يلزم للدفاع عن أنفسهم في مواجهة طهران".

وكشف القناة "12" الإسرائيلية، عن عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية "جلسات سرية مع قادة المستوى الأمني وقرر في ختام هذه المناقشات رفع مستوى الاستعداد الإسرائيلي بشكل كبير لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية". وإسرائيل، على ما يبدو، لم تتراجع عن موقفها المتشدد من الملف النووي الإيراني، وتحديداً في ما يخص استخدام القوة العسكرية لإنهاء خطر إيران النووي. ووفق نتنياهو، فإنّ "التهديد النووي الإيراني لن يتراجع إلا بعمل عسكري موثوق وذي مصداقية"، مؤكداً أنّ "العقوبات الاقتصادية على طهران ليست كافية".

وزير الخارجية الإيراني: طهران لن ترهن أوضاعها، لا سيّما الاقتصادية، بالمفاوضات النووية

وبحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإنّ إسرائيل سوف تشرع في توجيه ضربة عسكرية لإيران في حال قامت الأخيرة بتخصيب اليورانيوم فوق مستوى 60%. وقد نقل الموقع الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنّ تل أبيب أبلغت وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بضرورة "تسليم 4 ناقلات جوية من طراز "كيه سي- 46" (KC-46) اشترتها إسرائيل من واشنطن، للتزود بالوقود الجوي، للاستعداد لضربة عسكرية متوقعة في إيران".

يشهد الإقليم ترتيبات مهمة بانتظار ما بعد الانتخابات التركية؛ حيث إنّه في حال فوز المعارضة بقيادة كمال كليغدار أوغلو، سيعني ذلك تطبيع تركيا المباشر مع بشار الأسد

ووفق الموقع الامريكي، فإنّ أوستن قال للطرف الإسرائيلي إنّ الولايات المتحدة ستسعى إلى تسليم الناقلات الجوية في وقت مبكر.

وبالتزامن مع هذه التطورات وردود الفعل المتباينة، وجه وزير الخارجية الإيراني تحذيرات مباشرة من أيّ استهداف محتمل من قبل إسرائيل، بالإضافة إلى تحذيرات مماثلة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال قامت بـ"أي تحرك سلبي" محتمل تجاه طهران في الاجتماع المقبل خلال الشهر الجاري.

تهديدات طهران.. لمن؟ ولماذا؟

في مؤتمر نزع السلاح للأمم المتحدة المنعقد في جنيف، قال أمير عبد اللهيان إنّ برنامج بلاده النووي "سلمي وسيبقى سلمياً". وفي ما يخص تهديدات إسرائيل بضرب المشروع النووي، قال عبد اللهيان: "إذا ما ارتكب هذا الكيان هذا الفعل الأحمق، فسيدفع ثمناً باهظاً لن يكون قادراً على تحمّله".

وتابع: "لأجل الوصول إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، فإنّ وجود معاهدة تمنع (إنتاج) المواد الانشطارية المستخدمة في الأسلحة النووية وبقية الأدوات التفجيرية النووية سيكون مفيداً وقيماً". ودعا إلى أن تغطي المعاهدة الجديدة "الاحتياطات النووية المنتجة السابقة، وألا تمنع الدول غير النووية من الأنشطة السلمية".

وطالب نتنياهو المجتمع الدولي بمواصلة الضغوط لردع إيران. وكتب في حسابه الموثق على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أنّه "بحث، خلال زيارته إلى لندن، مع نظيره البريطاني ريشي سوناك، الملف النووي الإيراني، وأشاد بموقف بريطانيا الحازم في هذا الملف". وتعد زيارات نتنياهو الخارجية ضمن نشاطاته الدبلوماسية المكثفة، لجهة تشكيل موقف معارض بالغرب ضد إحياء الاتفاق النووي.

وتابع: "بحث سوناك ونتنياهو التهديد الذي تشكله إيران على الاستقرار الإقليمي، والتحديات الأمنية والدفاعية المشتركة، بما في ذلك الغزو الروسي لأوكرانيا".

يشار إلى أنّ اتفاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران، ربما، لا يمكن اعتبارها انفتاحاً سياسياً ودبلوماسياُ نهائياً بقدر كونها تعكس "الحاجة الملحة للطرفين لاستعادة الحدود الدنيا من العلاقات (الأمنية) تحديداً، حسبما يوضح المحلل السياسي، المقيم في برلين، ميار شحادة.

تعد زيارات نتنياهو الخارجية ضمن نشاطاته الدبلوماسية المكثفة، لجهة تشكيل موقف معارض بالغرب ضد إحياء الاتفاق النووي

ويقول شحادة لـ"حفريات" إنّ الخليج، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية، يعلم تماماً أنّ قرار الولايات المتحدة بتخفيض التواجد في منطقة الشرق الأوسط لحدوده الدنيا، هو بسبب إعطاء واشنطن أولوية قصوى للتحديات الاستراتيجية مع الصين. وبالتالي، فإنّ المواجهة أصبحت واضحة ومتزايدة مع بكين، ثم ملاحقة نفوذ روسيا في آسيا وأوروبا. مع الأخذ في الاعتبار حسابات دول عربية، مثل السعودية، التي تعمد إلى الاستفادة من الدور الدبلوماسي للصين؛ حيث إنّ الأخيرة بحاجة لاستقرار المنطقة لضمان استمرار وصول النفط والغاز لها في المرحلة المقبلة، الأمر الذي يعني أنّ هناك اعتبارات براغماتية قوية وملحة كانت الدافع الرئيسي لإبرام الاتفاقيات الأخيرة، مع بقاء الخلافات الجوهرية والرئيسية دونما حل نهائي.

مخاوف تل أبيب

ويردف: "السعودية كذلك تحتاج الاستقرار في المنطقة لكي تمد نفوذها الاقتصادي أكثر، وأيضا تريد تنويع اقتصادها المعتمد على النفط. وإيران من جانبها تهدف إلى إنهاء أزماتها الخارجية وعزلتها الدبلوماسية، خاصة في ظل ما تعاني منه، على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية. فشل النموذج الاقتصادي الإيراني يؤشر إلى أنّ طهران لم تعد قادرة على السيطرة على ميليشياتها، خصوصاً أنّ الميليشيات الشيعية المسلحة بالخارج باتت تشكل أعباء ثقيلة من الناحيتين السياسية والاقتصادية على إيران. وينبغي التأكيد على أنّ إيران باتت تعتمد كلياً على روسيا والصين وتعاني من عزلة تامة مع الغرب وواشنطن. وبالتالي تريد من خلال الاتفاقيات الأخيرة أن تظهر عدم عزلتها ولو ظاهرياً ولفترة مؤقتة. وهنا؛ يرى النظام في طهران أنّ الخطوة الأخيرة برعاية الصين من الممكن أن تمنحه الوقت لإعادة ضبط الأمور داخلياً وإقليمياً".

المحلل السياسي ميار شحادة لـ"حفريات": الخليج يعلم أنّ قرار واشنطن بتخفيض التواجد بمنطقة الشرق الأوسط لحدوده الدنيا، هو بسبب إعطاء الأولوية القصوى للتحديات الاستراتيجية مع الصين

وبسؤال المحلل السياسي، المقيم في برلين، عن تداعيات هذا الاتفاق الثلاثي على العلاقة بين إيران وإسرائيل، أجاب: "إيران أرادت قطع الطريق على إسرائيل، التي تسعى لاستكمال تدشين صفقات سلام عرفت باتفاقيات (إبراهام)؛ لأنّها ترى بأنّها باتت بوابة لضربها أمنياً من جانب حدودها المترامية. من جانب آخر تستغل الأطراف الثلاثة، إيران السعودية والصين، المشاكل الداخلية التي تواجه حكومة نتنياهو للضغط على الأخير والذي يبدو مصمما جداً على المضي لاستخدام أساليبه الهجومية المباشرة. واسرائيل، في النهاية، ستجد صعوبة لضرب إيران من خلال الإمارات أو البحرين".

لكن هناك خيارات أخرى خطيرة على ايران، وهي أذربيجان وتركيا ووسط آسيا، وفق شحادة، والذي يشير إلى أنّ إسرائيل أيضاً لجأت للولايات المتحدة وأبلغتها بـ"ضرورة ضرب إيران، الآن، على الأقل في سوريا لبنان والعراق". ويردف: "نتنياهو يريد خلق منطقة عازلة بين تل أبيب وطهران في حالة تعثر إسرائيل في إتمام صفقات (سلام) أخرى، وتحديداً مع سلطنة عمان، التي سمحت للطيران الإسرائيلي، مؤخراً، باستخدام أجوائها. هدف نتنياهو الرئيسي ضرب إيران من الداخل. ولكن في حال صعوبة خياراته قد يلجا للخطة (ب) وهي خلق منطقة آمنة وعازلة بين تل أبيب وطهران".

ميار شحادة: طهران لم تعد قادرة على السيطرة على ميليشياتها

ويشهد الإقليم ترتيبات مهمة بانتظار ما بعد الانتخابات التركية؛ حيث إنّه في حال فوز المعارضة بقيادة كمال كليغدار أوغلو، سيعني ذلك "تطبيع تركيا المباشر مع بشار الأسد. وهذا موقف معلن وقديم للمعارضة بقيادة أوغلو. وأردوغان بدوره قدم تنازلات لإسرائيل بطريقة غير مباشرة، حيث اتفقت تركيا والعراق على إنشاء ممر بين الخليج وتركيا ولكن هذا الممر يتجاوز ويستثني إيران"، حسبما يقول شحادة

ويختتم حديثه قائلاً إنّ إسرائيل تشكك في قدرة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على تطبيق هذا الممر بمعزل عن تدخل إيراني مع بقاء الأمل بأنّ نفوذ ايران في العراق بدأ ينخفض. كما أنّ إسرائيل تريد أيضاً أن لا تكون هناك قوى نووية أخرى غيرها في المنطقة. ولذلك؛ تضغط تل أبيب بقوة لتجريد إيران من قوتها النووية حتى لا تكون ذريعة للسعودية لامتلاك النووي حتى لو أعلنت الأخيرة أن مشروعها النووي هو لأغراض سلمية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية