هل تنجح محاصرة "داعش" أمنياً بإحباط مخططات العودة؟

هل تنجح محاصرة "داعش" أمنياً بإحباط مخططات العودة؟

هل تنجح محاصرة "داعش" أمنياً بإحباط مخططات العودة؟


14/03/2023

بينما تتوالى التحذيرات الدولية من احتمالات عودة تنظيم داعش داخل حدود الجغرافيا التقليدية في سوريا والعراق، تركز العمليات الأمنية في الجبهتين على تنفيذ رصد وإحباط استباقي لمحاولات التنظيم العودة إلى استئناف نشاطه مجدداً، وبالتزامن تكثف المنظمات الدولية والخبراء دعواتهم للدول الغربية للتعامل مع ملف عودة المقاتلين الأجانب إلى مواطنهم بشكل أكثر جدية وصرامة، مع توفير بيئة التأهيل النفسي والاجتماعي والقانوني اللازمة حتى لا يتحول هؤلاء إلى بؤر وخلايا جديدة للتنظيم.

وخلال زيارته لسجن الصناعة بمنطقة الحسكة، شمال شرقي سوريا، السبت الماضي 11 آذار (مارس) 2023، حذّر مايكل كوريلا، قائد القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي (سنت كوم)، ممّا سمّاه جيشاً حقيقياً لداعش في سجون شمال وشرق سوريا والعراق.

وأكد في بيان نشرته القيادة المركزية الأمريكية أنّه في حال تحرير المحتجزين بالسجون من عناصر التنظيم الإرهابي فإنّهم سيشكّلون جيشاً يمثل تهديداً حقيقياً للمنطقة والعالم، مطالباً المجتمع الدولي والأطراف المعنية بإيجاد حل نهائي لملف عناصر داعش في السجون.

التحذيرات الأمريكية تزامنت مع حملات أمنية موسعة من جانب القوات العراقية، وكذلك قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، لدحض مخططات التنظيم التي تستهدف العودة مجدداً باستغلال الثغرات الأمنية والسياسية، وأيضاً التداعيات الإنسانية الكارثية الناجمة عن الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا مطلع شباط (فبراير) الماضي.

"فرسان الحق" تطارد قيادات التنظيم بالعراق

نجحت العملية الأمنية العراقية "فرسان الحق" الأسبوع الماضي في تنفيذ ضربات موجعة للتنظيم، وكبدته خسائر فادحة بعدما فقد نحو (22) قيادياً خلال الضربات المكثفة التي استهدفت عدة مناطق بمحافظة الأنبار غربي البلاد.

وأعلن عبد الوهاب الساعدي، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، مقتل (22) من تنظيم داعش في محافظة الأنبار، من بينهم ما يُسمّى في داعش بـ (والي الفلوجة) المدعو برزان حسين علي، بحسب وكالة الأنباء العراقية (واع).

التحذيرات الأمريكية تزامنت مع حملات أمنية موسعة من جانب القوات العراقية

وأضاف المسؤول العراقي، خلال مؤتمر صحفي الأحد، أنّه "بعد رصد المعلومات حول عناصر التنظيم ونقاط تمركزه من قبل المخابرات، تم التخطيط للعملية التي تمّت على مرحلتين؛ الأولى إنزال جوي في منطقة قريبة من وجود الإرهابيين، والأخرى تحرك القطعات بشكل سرّي".

وأشار الساعدي إلى أنّ "القائد العام للقوات المسلحة وجّه بعملية نوعية في منطقة جنوب القائم شمال الرطبة في الأنبار".

خلال زيارته لسجن الصناعة بمنطقة الحسكة، شمال شرقي سوريا، السبت الماضي، حذّر مايكل كوريلا، قائد القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي سنت كوم، ممّا سمّاه جيشاً حقيقياً لداعش في سجون شمال وشرق سوريا والعراق

وأوضح أنّ "نقل القطاعات استمر لـ (6) ساعات، وقطاعات الإنزال الجوي كانت مدربة وعلى مستوى عالٍ للتعامل مع المخاطر والتحديات، نظراً لكون المنطقة التي تواجد فيها الإرهابيون معقدة ويصعب الوصول إليها، فضلاً عن أنّ أغلبهم كان يرتدي أحزمة ناسفة".

وما يزال التنظيم نشطاً داخل العراق، على الرغم من جهود مكافحة الإرهاب العراقية التي نجحت في قتل ما يقرب من (150) عنصراً من داعش في 2022، وفق تقرير مجلس الأمن.

توحش العمليات في سوريا رغم جهود قسد

بالرغم من تكثيف الجهود الأمنية من جانب قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، في ضوء العملية الأمنية لمواجهة التنظيم، التي أُعلن عنها مطلع العام الجاري، إلا أنّه من اللافت تنامي النشاط الإرهابي لـ "داعش" في مناطق متفرقة من الشمال السوري.

ومن ناحية المواجهة الأمنية، فقد نجحت قوات (قسد) في اعتقال (210) عناصر من التنظيم في عملية استمرت عدة أيام في الرقة شرق سوريا، حسبما أعلن التحالف الدولي في 4 شباط (فبراير) الماضي، كما تمكنت القوات الأمريكية بمساعدة قوات سوريا الديمقراطية من اعتقال عدد من قيادات التنظيم، كان أبرزهم المدعو (بتار) أحد القيادات الخطرة، الذي أعلنت الولايات المتحدة اعتقاله في 19 شباط (فبراير) الماضي.

وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ مطلع العام الجديد (38) عملية نفذها التنظيم الإرهابي ضمن مناطق متفرقة من البادية، تمّت عبر كمائن وهجمات مسلحة وتفجيرات، وأفضت إلى مقتل (54) من قوات النظام، بالإضافة إلى مقتل (91) مواطناً بينهم امرأة

وفي المقابل، صعّد التنظيم الإرهابي من عملياته بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية رداً على العمليات الأمنية التي استهدفت عناصره، وأيضاً في محاولة لإثبات أنّه ما زال موجوداً وقادراً على العودة، بحسب تقديرات المراقبين.

(38) عملية للتنظيم خلال شهرين

وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ مطلع العام الجديد (38) عملية نفذها التنظيم الإرهابي ضمن مناطق متفرقة من البادية، تمّت عبر كمائن وهجمات مسلحة وتفجيرات، وأفضت إلى مقتل (54) من قوات النظام السوري والمجموعات الموالية لها، من ضمنهم (14) من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات سورية وغير سورية، بالإضافة إلى مقتل (91) مواطناً بينهم امرأة، وخسر التنظيم (4) من عناصره باشتباكات مع قوات نظامية واستهدافات جوية روسية، وفق "الشرق الأوسط".

وقال المرصد في بيان له السبت الماضي: إنّ "عمليات التنظيم تمركزت بشكل رئيسي في بادية حمص الشرقية، وبادية محافظة دير الزور، وبدرجة أقلّ نسبياً بباديتي حماة والرقة".

هل تنجح العمليات الأمنية في دحر مخططات العودة؟

تتفاوت التقديرات الأمنية والاستخباراتية بشأن احتمالات عودة التنظيم، ففي حين تتفق أغلبها على المخاطر القريبة لإعادة تمحور "داعش" داخل حدوده الجغرافية في سوريا والعراق، إلا أنّها تختلف فيما يتعلق بإمكانيات التنظيم الراهنة واللوجستية مقابل العمليات الأمنية المكثفة ضد عناصره بمختلف المناطق التي كان يسيطر عليها قبل إعلان سقوطه في عام 2019.

تتفاوت التقديرات الأمنية والاستخباراتية بشأن احتمالات عودة التنظيم

ويرى المحلل السياسي العراقي ياسين عزيز أنّ هناك جملة من المحفزات عززت جهود محاصرة التنظيم والتضييق على نشاطه، أبرزها التطور الإيجابي في العلاقات بين الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية الذي شكّل دافعاً للقوات العراقية في استمرار محاربة الإرهاب.

ويشير عزيز، وفق ما نقلته عنه شبكة "سكاي نيوز"، إلى أنّ استمرار عملية التنسيق والتعاون وتكثيف الجهود الأمنية سيسهم بشكل كبير في قطع الطريق أمام عودة التنظيم، مشيراً في هذا الصدد إلى أنّ الرعاية الأمريكية لتلك الجهود قد أدت أيضاً إلى تقارب جيد وتفاهمات بين القوات العراقية وقوات البيشمركة (الخاصة بإقليم كردستان ذي الحكم الذاتي في شمال شرق العراق)، لا سيّما في موضوع العمليات المشتركة وتبادل المعلومات الاستخبارية.

أعلن عبدالوهاب الساعدي، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، مقتل (22) من تنظيم داعش في محافظة الأنبار، من بينهم ما يُسمّى في داعش بـ (والي الفلوجة) المدعو برزان حسين علي

ويشير المحلل العراقي إلى أنّ ابتعاد جهاز مكافحة الإرهاب بكل اختصاصاته عن المناكفات السياسية داخل الدولة قد سمح بمنحه فرصة أكبر لتحقيق مستوى عالٍ من النجاحات على مستوى ملاحقة عناصر التنظيم واستهدافهم بشكل استباقي.

أيضاً ساهم دعم العمليات العسكرية بغطاء جوي، سواء من القوات الجوية العراقية أو من الدعم المستمر من قوات التحالف الدولي لمكافحة داعش، وفق عزيز، في تنفيذ ضربات دقيقة ضد عناصر التنظيم، مشيراً إلى أنّه "باستمرار التعاون الأمني والاستخباري والعسكري بين القوات العراقية والتحالف الدولي، يتم اختيار وضرب الأهداف المؤثرة التي تمنع التنظيم من لملمة شتات خلاياه".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية