هل تنجح حرب الاغتيالات الإسرائيلية ضد "حزب الله"؟

هل تنجح حرب الاغتيالات الإسرائيلية ضد "حزب الله"؟

هل تنجح حرب الاغتيالات الإسرائيلية ضد "حزب الله"؟


27/05/2024

طوني بولس

منذ بداية المواجهات بين "حزب الله" وإسرائيل في جنوب لبنان، بدأت تتكشف الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على اغتيال الكوادر والقادة الميدانيين للحزب وتدمير القرى الحدودية الملاصقة للخط الأزرق، في مواجهة معركة "الإسناد" التي افتتحها الحزب منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أي اليوم التالي لـ"هجوم حماس".

وتتقاطع عديد من التحليلات مع التقارير الدولية أن إسرائيل ماضية في تشكيل "منطقة آمنة" بعمق 10 كيلومترات داخل الحدود اللبنانية في حال فشل الحل السياسي المرتكز على تطبيق القرار الدولي 1701، وهو أيضاً ما نقله عديد من الدبلوماسيين والموفدين الدوليين إلى بيروت.

وفي تصريح سابق أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت "القضاء على نصف قادة حزب الله" في الجنوب، في حين نفى مسؤولون من "حزب الله" تلك المعلومات ووضعوها في إطار الحرب النفسية التي تشن عليه إلى جانب العمليات العسكرية.

وبدا لافتاً طوال الأشهر الماضية أن إسرائيل تعمل بموجب بنك أهداف يتضمن بنى تحتية وقيادات عسكرية لـ"حزب الله" و"حماس"، والمؤشر هو أسماء القادة الميدانيين الذين يشغلون مواقع حساسة في الهيكلية التنظيمية للحزب، وكذلك انخفاض نسبة الضحايا المدنيين مقابل العناصر المسلحة، إذ تشير التقارير إلى سقوط نحو 320 قتيلاً لـ"حزب الله" ونحو 50 لباقي الفصائل الموالية له في حين سجل سقوط أكثر من 30 مدنياً لبنانياً في تلك المعارك.

تفكيك الهيكلية

ويختلف المحللون الاستراتيجيون حول تأثير تلك الاغتيالات على الهيكلية العسكرية لـ"حزب الله"، إذ يرى البعض منهم أن الحزب لديه قدرات لوجيستية ومخزون كبير من العناصر المؤهلة لتولي المواقع التي تشغر بسبب الاغتيالات، لذا هذه الاستراتيجية غير قادرة على إضعاف الحزب، في حين يعتقد آخرون أن غياب القادة الميدانيين الذين تغتالهم إسرائيل يؤثر في قدراته وفعالية الاستجابة بين القيادة السياسية - العسكرية العليا وترجمتها ميدانياً بسبب الاغتيالات التي تطاول المسؤولين الوسطيين، ويؤدي إلى تخفيض قدرة الحزب على القتال الذي قد يحصل في حال شنت إسرائيل أي هجوم بري في الجنوب.

ويجمع الطرفان على أن بنك الأهداف الذي وضعته إسرائيل قد يكون عن خرق استخباراتي كبير في "حزب الله"، سهل تجميع المعلومات حول هؤلاء القادة الميدانيين المؤثرين في مسؤولياتهم، وهم يعرفون الأرض والعناصر. ويبدو لافتاً حجم القادة الميدانيين لـ"حزب الله" الذين تستهدفهم إسرائيل، في مقابل انعدام القدرة على استهداف أي مسؤول أمني إسرائيلي، مما يعكس التفوق التكنولوجي والاستخباراتي لتل أبيب.

قيادات ميدانية

واللافت أيضاً أنه عندما تنفذ إسرائيل اغتيالاً لأحد قيادات الحزب وهي بمعظمها مسيرات تستهدف سياراتهم أو منازلهم، تعلن اسمه ومسؤولياته الحزبية، وتتضمن لائحة قتلى "حزب الله" أسماء تتولى مسؤوليات عسكرية كبيرة منها قائد قوة "الرضوان" وسام طويل، وقائد القطاع الساحلي إسماعيل باز، وقائد وحدة الصواريخ والقذائف في القطاع الغربي لقوة "الرضوان" ومحمد حسين مصطفى شحوري قائد منطقة حجير التابعة لقوة "الرضوان"، وعلي أحمد حسين نائب قائد وحدة الصواريخ والقذائف، وقائد مركزي في قوة "الرضوان" علي محمد الدبس.

إضافة إلى قائد الهجوم في منطقة جبل دوف حسن محمود صالح، قائد منطقة مارون الراس محمد علوية، قيادي في وحدة "ناصر" التابعة للحزب حسن حسين سلامي، القائد في سلاح الجو حسين مهدي وسبقه حسين مكي.

النسر والزواحف

وفي هذا السياق، كشف الباحث في شؤون الأمن والاستراتيجيات العسكرية سامي أبي أفرام، أن تركيز إسرائيل على استهداف قادة "حزب الله" الميدانيين يثبت التفوق التكنولوجي والاستخباراتي على الحزب الذي يبدو عاجزاً عن حماية مسؤوليه أو الرد بالفاعلية نفسها، معتبراً أن إسرائيل تنفذ هذه الاغتيالات وفق خطة مبرمجة، أطلق عليها اسم "النسر والزواحف"، وهي تعتمد استراتيجية عسكرية تشبه ما يفعله النسر عندما يرى فريسته.

وكشف عن أن الجيش الإسرائيلي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لضرورات استخباراتية وفق بنك أهداف، ترصده الطائرات المسيرة فتكشف وجهه بالصور حتى لو كان في سيارة بزجاج داكن، لأن التقنية الإسرائيلية قادرة على اختراق عظام الوجه وبصمات الصوت، عبر النظام التكنولوجي "غوسبل" الذي يعتمد أيضاً على عملاء أرضيين وصور جوية وبصمات الصوت وكل إشارة تصدر عن الأجهزة اللاسلكية.

إسرائيل تنتقم

في المقابل تشير مصادر مقربة من "حزب الله" إلى أن الحزب يخوض معركة شرسة مع إسرائيل وهو مستعد لتقديم "التضحيات" وأن سقوط قتلى في معركة بهذا الحجم أمر متوقع، معتبرة أن لجوء تل أبيب للاغتيالات هو دليل ضعف كونها ليست قادرة على شن مواجهة مباشرة مع الحزب فتلجأ للانتقام.

ورأت أن قوة الحزب تتعاظم نتيجة التصاق بيئته بخياراته وعدم تراجعها على رغم كل الضغوط التي تتعرض لها، موضحة أن الحزب لديه عشرات الآلاف من العناصر والقيادات التي خضعت للتدريبات ومؤمنة عقائدياً بأنها ستنتصر بهذه الحرب.

ولفتت إلى أن الحزب لديه كثير من المفاجآت ستصدم إسرائيل في حال رفعت سقف التحدي، مشيرة إلى أن الحزب كان في حالة حرب مع تل أبيب منذ اجتياح بيروت في عام 1982، وبقيت في هذه الوضعية حتى بعد تحرير الجنوب في الـ25 من مايو (أيار) 2000، ووضع لبنان أمام خطر الحرب منذ الثامن من أكتوبر 2023.

منطقة عازلة

وبعيداً من استهداف الكوادر والقادة الميدانيين للحزب، يزيد الحديث عن منطقة عازلة ضمن الأراضي اللبنانية، ويعزز هذه الفرضية التدمير الكبير في أكثر من 20 قرية حدودية وحرق الأراضي الزراعية المتاخمة للقرى الحدودية الإسرائيلية، في ظل تأكيدات المسؤولين الإسرائيليين لسكان المستوطنات الشمالية أنهم سيؤمنون عودتهم الآمنة بعد نزوح نحو 80 ألفاً إلى داخل إسرائيل.

وأخيراً نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية خريطة لانتشار عناصر "حزب الله" في لبنان وسيطرته على نحو 90 في المئة من الحدود اللبنانية السورية، وكذلك كامل السلسلة الشرقية وعلى مرفأ ومطار بيروت، وتضمنت تلك الخريطة المنطقة العازلة التي تعمل إسرائيل على استحداثها من خلال تدمير القرى وتهجير سكانها، بعمق 10 كيلومترات في الجنوب.

عن "اندبندنت عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية