هل تلعب أوروبا دوراً كبيراً في مسلسل تهجير الفلسطينيين؟

هل تلعب أوروبا دوراً كبيراً في مسلسل تهجير الفلسطينيين؟

هل تلعب أوروبا دوراً كبيراً في مسلسل تهجير الفلسطينيين؟


07/11/2023

أفرد الكثير من المؤسسات الإعلامية مساحة واسعة لبحث المواقف الأوروبية من التطلعات الإسرائيلية والمساعي المتعلقة بمحاولة تهجير أهالي غزة من أراضيهم، بعد الهزيمة التي لحقت بإسرائيل على يد فصائل المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

ورغم أنّ معظم الدول الأوروبية دعمت الكيان الصهيوني في عدوانه على غزة وقتل الآلاف من الفلسطينيين أغلبهم من الأطفال والنساء، إلّا أنّها بعد المظاهرات الشعبية التي فشلت في محاصرتها، تعمل على مسارات متعددة بشأن تخفيف حدة الصراع، عبر التفاوض بشكل مكثف على الأزمة الإنسانية والرهائن، والسعي لمنع التصعيد الإقليمي، في ظل تنامي المخاوف على المستوي الإقليمي والدولي من أن يتسبب الصراع في أزمة لجوء جديدة تهدد دول الجوار والدول الأوروبية.

وقد أكدت الأمم المتحدة أنّ ما يقدّر بـ (1.5) مليون فلسطيني في غزة نزحوا منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، أغلبهم إلى المناطق الجنوبية، ممّا يهدد دول الجوار بأزمة لجوء جديدة، ومن أبرزها أزمة لجوء إلى مصر، وصحراء النقب، وأزمة لجوء إلى الأردن.

ووفق (المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات)، فإنّ مصر تُعدّ المنفذ لسكان قطاع غزة، وفي حال فتحت مصر حدودها أمام النازحين من غزة، فسوف تتجه الأنظار إلى شبه جزيرة سيناء في مصر، ومن المتوقع أن يشكّل ذلك مخاطرة في حال عدم سماح تل أبيب لهم بالعودة.

وقد رفضت السلطات المصرية أيّ اقتراح بأن تستضيف مصر لاجئين من القطاع، وشددت على أنّه ينبغي لإسرائيل بدلاً من ذلك أن تستقبل الفلسطينيين في صحراء النقب.

معظم الدول الأوروبية دعمت الكيان الصهيوني في عدوانه على غزة

وتدرس إسرائيل خطة لإقناع مصر باستقبال جميع سكان غزة، وتوطينهم في أراضيها، مقابل شطب كافة ديون مصر أمام البنك الدولي، وتحاول الضغط على السلطات المصرية لقبول اللاجئين عبر إجراء محادثات مع زعماء الدول على المستوى الإقليمي والدولي، لا سيّما الأوروبي، والطلب منهم محاولة إقناع مصر بهذه الخطة.

وفي السياق ذاته، كانت إسرائيل قد طرحت مشروع تبادل الأراضي، الذي تضمن تخصيص مصر مساحات من الأراضي في سيناء للفلسطينيين، في مقابل تسليم إسرائيل مساحات من الأراضي لمصر في صحراء النقب. ويذكر مراقبون أنّ فكرة تهجير الفلسطينيين إلى صحراء النقب طُرحت منذ خمسينيات القرن الماضي، وهي تُعدّ منطقة فقيرة من حيث الموارد، وما تتمتع به من إمكانات يحتاج إلى تكلفة كبيرة لاستغلالها، وهو أحد أسباب الرغبة الإسرائيلية المتكررة في التخلص منها لصالح الحصول على أراضٍ أكثر فائدة لمشروعات الاستيطان الإسرائيلية، أو فيما يخدم مشروعات تهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار.

مصر تُعدّ المنفذ لسكان قطاع غزة، وفي حال فتحت مصر حدودها أمام النازحين من غزة، فسوف تتجه الأنظار إلى شبه جزيرة سيناء.

أمّا بما يتعلق بأزمة لجوء في الأردن، فقد قال المركز في دراسته: إنّ الأردن يستضيف حسب التقديرات في 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 حوالي مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، وحذرت السلطات الأردنية من محاولة تهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية، أو التسبب في نزوحهم، حيث إنّ ترحيل الفلسطينيين إلى دول الجوار سيزيد من مفاقمة قضية اللاجئين.

ويُعدّ احتمال تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسراً إلى البلدان المجاورة، أو حتى إلى أبعد من ذلك، موضع إدانة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لا سيّما في العالم العربي، وتشير التقديرات إلى أنّ تهجير الفلسطينيين من غزة من المرجح أن يتبعه تهجير مماثل للفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن. وقد تصاعدت التحذيرات من صعوبة منع مقاتلي حماس من التسلل إلى مصر بين مجموعات اللاجئين، وأنّ مثل هذه الخطوة قد تحول سيناء إلى مركز تنطلق منه الهجمات ضد إسرائيل، وستتحول مصر إلى قاعدة لتلك الهجمات، ممّا قد يجرّ مصر إلى حرب مع إسرائيل.

وعن قارة أوروبا وإمكانية استقبال موجات هجرة جديدة من فلسطين، نقل المركز تحذير  وزير الهجرة اليوناني دميتريس كيريديس من موجة هجرة إلى الاتحاد الأوروبي، بعد تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، داعياً إلى توخي الحذر، وزيادة التضامن بين الدول الأعضاء في التكتل.

تدرس إسرائيل خطة لإقناع مصر باستقبال جميع سكان غزة، وتوطينهم في أراضيها، مقابل شطب كافة ديون مصر أمام البنك الدولي.

وأضاف دميتريس كيريديس: "علينا توخي الحذر، وأن نتكاتف في أوروبا، نحتاج إلى تعزيز حراسة الحدود ومكافحة شبكات التهريب الإجرامية، وإعادة من لا يحصلون على حق اللجوء".

وأكدت بولندا على أنّ تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قد يفرض ضغوط هجرة جديدة على أوروبا، وتؤوي بولندا منذ عام 2022 أكثر من مليون لاجئ أوكراني، لكنّها ترفض بشكل قاطع أيّ آليات للاتحاد الأوروبي تلزمها باستقبال حصة من المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون دول التكتل من اتجاهات أخرى، لا سيّما من الفلسطينيين. وفي المقابل دعا زعيم الحزب الوطني الإسكتلندي في 27 من الشهر الماضي إلى استقبال اللاجئين الفلسطينيين، مقترحاً أن تكون إسكتلندا أوّل من يتطوع بذلك.

تعمل أوروبا بعد المظاهرات الشعبية على مسارات متعددة بشأن تخفيف حدة الصراع

وأكدت الدراسة أنّ وزراء الهجرة بالاتحاد الأوروبي اجتمعوا في 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 لبحث ما إذا كان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيؤدي إلى أزمة لجوء أوروبية جديدة. ودعا البعض في التكتل بالفعل إلى تشديد مراقبة الحدود وزيادة عمليات إعادة الأجانب إلى أوطانهم وإبرام اتفاقات جديدة مع دول أفريقية لمنع تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا.

وذكرت الدراسة أنّ اللاجئين الفلسطينيين يشكّلون إحدى تلك الجنسيات التي تعاني من الإجراءات الإدارية وعمليات اللجوء المعقدة في أوروبا، وجزء كبير منهم لا يحق لهم الحصول على حق اللجوء في أوروبا باعتبار أنّ البلدان التي جاؤوا منها تعتبر آمنة، لكن وفقاً للقانون الدولي، يُعتبر هؤلاء الأشخاص بلا وطن، أي بلا جنسية معترف بها، وبالتالي لا يملكون بلداً خاصاً بهم، لذلك لا يمكن ترحيلهم إلى أيّ مكان.

طرحت إسرائيل مشروع تبادل الأراضي، الذي تضمّن تخصيص مصر مساحات من سيناء للفلسطينيين، مقابل تسليمها مساحات في صحراء النقب.

واستحدثت ألمانيا نظاماً خاصاً باستقبال اللاجئين الفلسطينيين، وهو أنّ ألمانيا ترفض طلبات اللجوء والحماية التي يقدمونها إن كانوا يتلقون المساعدة في إحدى دول الشرق الأوسط من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ولا يحصل كثير من اللاجئين الفلسطينيين على صفة اللجوء في ألمانيا، بل على تسامح للإقامة المؤقتة محدودة الحقوق.

ولا تكتب السلطات الألمانية عادة على وثائق الفلسطيني بأنّه "فلسطيني الجنسية"، بل تكتب أنّ جنسيته "غير واضحة"، أو "غير معروفة". ولا تتمكن ألمانيا من ترحيل اللاجئ الفلسطيني، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ الفلسطيني الراغب في اللجوء لا يُسمَح له باكتساب تأشيرة طيران إلى البلد الذي من المفترض أن يُرحَّل إليه، وبالتالي ترفض شركات الطيران سفره على متن طائراتها، وبعد كل محاولة ترحيل غير ناجحة يتم منحه "تسامح في الإقامة" بألمانيا.

وتطرّق المركز في دراسته إلى ازدواجية التعامل مع المظاهرات في أوروبا، فقد أعلن تحالف يضم مؤسسات متنوعة في برلين عن تنظيم مظاهرة ضد معاداة السامية في 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2022، ولأجل التضامن مع إسرائيل أمام بوابة (براندنبورغ) بالعاصمة الألمانية شاركت في المظاهرة أحزاب سياسية وطوائف دينية ونقابات عمالية، كالحزب الاشتراكي الديمقراطي "SPD"، والحزب المسيحي الديمقراطي "CDU"، وكانت هناك مسيرة مؤيدة لإسرائيل شارك فيها نحو (700) شخص تحت شعار "تحالف عمل ضد كل معاداة للسامية".

تشير التقديرات إلى أنّ تهجير الفلسطينيين من غزة من المرجح أن يتبعه تهجير مماثل للفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن.

وقد حظرت السلطات الألمانية في  22 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 مظاهرة فلسطينية كان مقرراً تنظيمها في ساحة (بوتسدام) تحت شعار "السلام في الشرق الأوسط".

وأكدت السلطات الألمانية أنّها اتخذت القرار بعد تقييم كل الظروف، وأنّ كل فعالية بديلة لهذه المظاهرة محظورة، ويرجع السبب، حسب السلطات الألمانية، إلى أنّ هناك خطراً مباشراً أن يتخلل التجمع دعوات تحريضية ومعادية للسامية وتمجيد العنف.

اللاجئون الفلسطينيون يشكّلون إحدى تلك الجنسيات التي تعاني من الإجراءات الإدارية وعمليات اللجوء المعقدة في أوروبا

هذا، ويعترف مدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (جوليان بارني سداسي) بأنّ الاتحاد الأوروبي ليس لديه حتى الآن أيّ رؤية واضحة للتعامل مع ما يحصل في قطاع غزة.

وأكد في تصريح صحفي، أورده المركز الأوروبي في دراسته، أنّ الاتحاد الأوروبي "لا يعرف ما الذي يجب فعله حيال الأزمة الحالية"، وأنّ هناك حالة من الارتباك والترقب لما ستؤول إليه الأمور.

وزراء الهجرة بالاتحاد الأوروبي بحثوا ما إذا كان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيؤدي إلى أزمة لجوء أوروبية جديدة، ودول أوروبية ترفض استقبال الفلسطينيين.

وأشار إلى "أنّه رغم التعامل الآني مع الحدث من طرف أغلبية الدول الأوروبية، والذي يطغى عليه دعم إسرائيل، فإنّ هناك عاملين سيغيّران من السياسة الأوروبية في التعامل مع هذا الملف، بل اعتبر الخبير الأوروبي أنّها ستزيد الضغط على الأوروبيين لتغيير موقفهم.

وفي النهاية يبقى السؤال: هل ستنجح إسرائيل، بمساندة الولايات المتحدة ودول أوروبية، في تهجير فلسطينيي غزة، أم أنّ طموحاتهم ستتحطم أمام إصرار الغزيين بالبقاء على أراضيهم، مهما ارتكبت بحقهم المجازر على يد قوات الكيان الصهيوني والحكومات الراعية له؟

مواضيع ذات صلة:

أطنان من الذخائر والأسلحة.. هذا حجم دعم أوروبا وأمريكا لإسرائيل في حربها على غزة

هكذا يسهم الإقصاء المتبادل بتعزيز الإرهاب في أوروبا

وثيقة تكشف مخططات أوروبا.. من سيدير قطاع غزة بعد الحرب؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية