هل تلاحق الفضائح الأخلاقية أعضاء في الجماعات الإسلامية بالمغرب؟

المغرب

هل تلاحق الفضائح الأخلاقية أعضاء في الجماعات الإسلامية بالمغرب؟


29/07/2019

مع توالي الفضائح الأخلاقية لبعض أعضاء الجماعات الإسلامية في المغرب، يتجدّد النقاش، وينقسم الرأي العام في المغرب بين مدافعين عن الحرية الشخصية للإسلاميين، ومنتقدين يصفون ذلك بالازدواجية والتناقض مع ما ورد في مشروعهم السياسي القائم على الضوابط الأخلاقية التي يبشّرون بها.

اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن أول معاهدة دولية بشأن العنف والتحرش في العمل؟
وكانت شابة مغربية قد كشفت لعدد من وسائل الإعلام المحلية؛ أنّ شيخاً سلفياً معروفاً تزوّجها عرفياً "بقراءة الفاتحة فقط"، ثمّ "تركها بعد ذلك".
فضائح أخلاقية تلاحق بعض الإسلاميين
وتحوّلت حادثة الشابة المغربية إلى قضية رأي عام، خصوصاً أنّ هذا السلفي المشهور معروف بممارسته لتعدّد الزوجات، ما أثار جدلاً بين صفوف نشطاء مغاربة.

الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية بنكيران: بدأنا نسمع كلاماً ليس جيداً حتى عن التحرش في الحزب

الفضائح الأخلاقية كانت من بين أسباب عدة ساهمت في تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الإسلامي، بحسب مراقبين، فالحزب الذي طالما رفض الحريات الفردية، تورط بعض أعضائه في فضائح أخلاقية، كانت أبرزها قضية اثنين من الدعاة بحركة التوحيد والإصلاح؛ الذراع الدعوي للعدالة والتنمية، ضُبطا متلبسَيْن في السيارة على شاطئ البحر، وهما في علاقة حميمة.
ويدعو الناشط الأمازيغي حسن كوجوط، إلى عدم التسامح مع فضائح الإسلاموين، مشيراً إلى أنّ "الأخلاق بالنسبة إليهم مشروع سياسي؛ فهي وسيلتهم لتعبئة واستقطاب عدد كبير من الناخبين، وأيضاً هم يحرصون على تخليق الحياة الفردية، معتبرين أنّ ابتعاد المجتمع عن الدين من أسباب التخلف".
تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الإسلامي

المرأة كوسيلة للمتعة!
وأضاف كوجوط: "هناك هوس من طرف بعض الإسلاميين بالمغرب بجسد المرأة، وهذا الهوس ناتج عن تصوراتهم للمرأة وجسدها". وأبلغ "حفريات" أنّ "المرأة بالنسبة إليهم وسيلة للاستمتاع، وينظرون إليها على أنّها سلعة".
ويُشير الناشط الأمازيغي إلى أنّ المجتمع المغربي بات يعرف حقيقة بعض الإسلاميين، واستغلالهم للأخلاق والدين للوصول إلى المناصب السياسية.

اقرأ أيضاً: كيف وحّدت حملة "مين الفلتان" اللبنانيات على مواجهة التحرش؟
الباحث المغربي يوسف مساتي، صرح لـ "حفريات": "إذا كانت الحركات الأصولية رفعت سيف الأخلاق كركيزة لمشروعها السياسي، وكسلاح موجه لخصومها، فإنّ هذا الأمر يطرح أكثر من إشكال، عندما نقف على ازدواجية في التعاطي مع الحريات الفردية عند هذه الحركات؛ حيث تتناسل فضائح الخيانة والزواج والعلاقات غير المشروعة".
شعارات أخلاقية لخدمة مشروع سياسي
يرى الباحث المغربي: أنّه "إذا كان خصومهم يتناولون فضائح هذه الجماعات بنوع من التشفي، فإنّ المثير هو قدرة الآلة التبريرية لأتباع هذه الحركات لهذه السلوكيات؛ حيث غالباً ما يتم إلباسها غطاءً دينياً، ويتم التغاضي عن الأمر".
ويتساءل مساتي: "هل ما ترفعه هذه الحركات من شعارات أخلاقية، مجرد سلاح وتوظيف مرحلي، خدمة لمشروعها السياسي وضرباً لخصومها، أم أنّه من صميم قناعاتها؟"
ويشير مساتي إلى أنّ "توالي الفضائح الأخلاقية يضرب، بشكل أساسي، مصداقيتها، ولكن القدرة التبريرية لأتباع هذه الحركات تطرح أكثر من سؤال حول قدرتهم على الانتعاش من جديد".

ناشيد: الإسلاميون في المغرب تنطبق عليهم مقولة الروائي أمبرتو إيكو: احذر ممّن يدّعون الورع فمن وسطهم يخرج الدجال

ويرى المصدر ذاته؛ أنّ "توالي هذه الفضائح يقود إلى تساؤل عن سبب عدم مراجعة هذه الحركات لموقفها من الحريات الفردية؟ ألم يكن من الأجدر أن يدفعها ذلك نحو فهم أنّ الحقوق الأساسية للإنسان يصعب قمعها، أو التحكم فيها، أو قولبتها، وأنّه يجب البحث عن أساس مشروع مجتمعي يُحرّر الأفراد ولا يقمعهم، عوضاً عن بناء "شرعية" سياسية على خطاب أخلاقي قابل للتقويض".
ويُضيف مساتي: "ربما قام هذا المشروع أساساً على قمع هذه الحريات، مستفيداً من التناقض والازدواجية التي تنتجها، بل ربما هي مغذية له ومقوية له أكثر مما تضعفه".
ويمضي مساتي قائلاً: إنّ "التناقض يحمل داخله فكرة الخطيئة، وهي أحد أبرز الأفكار التي تتغذى منها الحركات الأصولية، وبالتالي؛ كلّما أخطأ الإنسان أكثر، وتناقض أكثر، زاد دافعه "للتكفير" عن خطيئته، وبذل الجهود أكثر، لخدمة مشروع هذه الحركات".

بنكيران: نساء حزب العدالة والتنمية يتعرضن للتحرش ويسمعن كلاماً غير لائق

"التحرّش" في حزب العدالة والتنمية
وكان عزيز الدروش، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، قد راسل رئيس النيابة العامة، والوكيل العام للملك، يطلب منه بموجبها فتح تحقيق مع رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران؛ بسبب اعترافه بوجود "التحرش" فى حزب العدالة والتنمية.
وذكر الدروش، في رسالته أنّ بنكيران، قد قال في لقاء حزبي، بمدينة مراكش: "إنّ نساء حزب العدالة والتنمية، يتعرضن للتحرش، ويسمعن كلاماً غير لائق من قبل أعضاء من الحزب نفسه". ودعا بنكيران إلى التعامل باحترام معهن وفي حدود ما هو مقبول شرعاً.

اقرأ أيضاً: الظهور العلنيّ للنساء.. جدل الحداثة والطبقة والتحرش!
وطلب الدروش من رئيس النيابة العامة، في ختام رسالته، التفاعل الجاد والإيجابي مع طلبه، معتبراً أنّه "تمرين ديمقراطي بامتياز".
ويُشار إلى أنّ عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، كشف أنّه بدأ يلاحظ على بعض رجال ونساء العدالة والتنمية "تصرفات غير لائقة"، مؤكداً أنّه لا يريد التدخّل في الحياة الشخصية لأعضاء الحزب، لكنّه مجبرٌ على التأكيد أنّ "حزب المصباح ليس حزباً متهتكاً".
بنكيران: نساؤنا لا يجدن الاحترام
وأضاف بنكيران، في كلمة له خلال لقاء تواصلي مع أعضاء الحزب: "إذا كانت نساؤنا لا تجد في الحزب أعلى درجات الاحترام والتقدير الممكنة، فما كنا لنقبل انخراطهن"، موضحاً أنّ المرأة في الحزب والمجتمع "يجب أن تكون مقدسة، وأن يتم التعامل معها على مصالح شرعية واضحة غير قابلة للنقاش".

مساتي: هل ما ترفعه هذه الحركات من شعارات أخلاقية مجرد سلاح خدمة لمشروعها السياسي أم أنّه من قناعاتها؟

وتابع بنكيران: "بدأنا نسمع كلاماً ليس جيداً حتى عن التحرش في الحزب"، وأشار الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية أيضاً إلى موضوع البرلمانية آمنة ماء العينين: "الحقيقة أنني دافعت عنها، لأنني أعاملها مثل ابنتي، كما أننا تعرضنا بسببها لهجمة خارجية، وربما هي تسير في طريق خاطئ، وذلك لن يليق بالعدالة والتنمية بصراحة".
وأضاف بن كيران: "الحقيقة أنّ الأمر لا يتعلق بماء العينين فقط، بل بدأ يبلغني أنّ هناك أموراً في الحزب لا يُمكن السكوت عنها؛ لذا أشدّد على أنّ الأخوات يجب أن يحظين بالتقدير اللازم".
حرب مع الطبيعة البشرية
وفي تعليقه على هذا السجال، يقول الكاتب المغربي سعيد ناشيد؛ إنّ الإسلاميين في المغرب تنطبق عليهم مقولة الروائي الإيطالي أمبرتو إيكو: "احذر ممّن يدّعون الورع، فمن وسطهم يخرج الدجال".
ويقول الكاتب المغربي، في تصريح لـ "حفريات" إنّ "المشكلة أنّ من يدّعي الورع يدخل في خصام وحرب مع جسده وحواسه وخياله وعقله، بمعنى أنّه يدخل في حرب مع طبيعته البشرية".

اقرأ أيضاً: هل نفهم التحرش فعلاً؟
ويُضيف ناشيد: "الطبيعة حين نتحارب معها تنتقم منا، بلا شكّ؛ لذلك طبيعي أن تنبع أسوأ الكوارث الأخلاقية من صفوف مَن يدّعون الورع، والأخلاق لا تُبنى على الخوف والكراهية والحقد، ولا تبنى على غرائز القطيع، وإنما تبنى على العقل والضمير الأخلاقي للفرد؛ حيث هو كائن حرّ ومستقلّ، وتُبنى على الصدق والصراحة والوضوح".
ورأى ناشيد؛ أنّ العيش بوجهين، باسم التقية والتستر والكتمان، لا يُنتج سوى النفاق.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية