هل تعيش الجماعة صراعاً جديداً على الملف المالي؟

هل تعيش الجماعة صراعاً جديداً على الملف المالي؟


04/01/2022

لطالما كانت مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين أحد أسرارها، ومن المعلوم أنّ الجماعة ثرية اقتصادياً، وتملك العديد من الاستثمارات في كثير من البلدان حول العالم، لكن تظل التفاصيل حول تلك الأنشطة التي تتم في غالبيتها على نحو مستتر، وتحت غطاءات كثيرة، غير معلومة، ومن ثمّ تفاصيل الصراع الإداري الدائر حالياً بين جبهتين في الجماعة؛ لأنّ من يملك المال في تلك الجماعة، فإنّ وضعه أكثر استقراراً، وقد يكون الأقدر على إخضاع الآخر، وحسم الصراع لصالحه.

اقرأ أيضاً: مصر وتقويض دويلة الإخوان.. مواجهة ثلاثية وتحذير

ولا تُعدّ هذه المرّة الأولى التي تشهد فيها الجماعة مثل تلك الصراعات، إلّا أنّ الخلاف هذه المرّة مختلف، فهو ليس بين جبهة تملك كلّ شيء، وأخرى لا تملك، مثل الخلاف الذي انفجر في العام 2013 بظهور جبهة محمد كمال، التي مالت إلى العنف في مواجهة الدولة المصرية، لأنّ الخلاف هذه المرّة بين جبهتين تتقاسمان الموارد، وهما قادرتان على توفيرها، ومن ثمّ امتلاك النفوذ.

يقول الباحث في ملف الإسلام السياسي أحمد سلطان لـ"حفريات": "إنّ الملف المالي أحد الملفات المهمّة والمحورية داخل جماعة الإخوان، وعادة ما يتمحور الصراع داخل الجماعة حوله؛ لأنّه يحكم تحرّكات الجماعة، ويحدد استراتيجيتها، ويرسم خطواتها المستقبلية".

 

سلطان: في الفترة الماضية حدثت صدامات حول من يسيطر على الموارد داخل الجماعة، ولذلك اتجهت جبهة منير إلى تأمين مواردها بعيداً عن أيدي المجموعة القيادية المحسوبة على محمود حسين

 

ويضيف: "فكرة الصراع على الملف المالي ليست جديدة، بل قديمة للغاية، وقد برزت في أكثر من مناسبة، ومنذ 2013 حدث صراع كبير داخل الجماعة على الموارد المالية، احتدم بعد خروج جبهة محمد كمال من جماعة الإخوان، لأنّ جبهة محمود عزت وقتها كان من ضمنها محمود حسين وإبراهيم منير، وقد استخدمت ذلك الملف لإخضاع المخالفين من خلال قطع الدعم المالي عنهم، وقطع الرواتب عن المكاتب الإدارية المحسوبة على جبهة كمال، وهو ما حسم الصراع لصالح جبهة عزت".

اقرأ أيضاً: بالتفاصيل.. هكذا تدار أموال الإخوان من أوروبا إلى أفريقيا

ويتابع سلطان: "مؤخراً ثمّة شواهد على وجود صراع على الملف المالي داخل الجماعة، أبرزها تعيين مصطفى طلبة رئيساً للجنة القائمة بأعمال مرشد الإخوان في جبهة محمود حسين؛ لأنّ طلبة كان هو المسؤول المالي للتنظيم، خاصة أنّه يشغله ليس على المستوى المحلي (المصري) فحسب؛ بل على المستوى العالمي للجماعة".

ويلفت الباحث إلى أنّه خلال الفترة الماضية حدثت صدامات على من يسيطر على الموارد داخل الجماعة، ونتيجة لها اتجهت جبهة منير إلى تأمين مواردها بعيداً عن أيدي المجموعة القيادية المحسوبة على محمود حسين؛ لأنّ هذا الملف يمثل أحد العوامل التي سترجح كفة إحدى الجبهتين المتصارعتين في الفترة الحالية.

ويشير إلى أنّ جبهة منير تعتمد على عدد من المكاتب الإدارية الموجودة في عدد من البلدان في الخارج مثل مكتب الإخوان في ماليزيا والصومال، نظراً لوجود عدد من القياديين المحسوبين عليها في تلك الدول، وتحت أيديهم استثمارات للجماعة، في المقابل تلجأ جبهة حسين إلى استراتيجيتها القديمة الجديدة في توظيف الملف المالي، حتى يعودوا إلى سيطرتها.

 

مجلة أمريكية: تجارة اللحوم الحلال تبلغ (2.3) تريليون دولار أمريكي سنوياً حول العالم بوجه عام، جزء كبير منها يتبع الإخوان

 

ويوضح سلطان أنّ جبهة حسين تسيطر على العديد من مكاتب الإخوان في الخارج من خلال رابطة الإخوان المسلمين في الخارج، التي أسّسها حسين نفسه، وهي توظف لتحقيق مصالح تلك المجموعة لجبهة محمود حسين، والصراع الحالي على الموارد والنفوذ، لا على الإيديولوجية، لم يُحسم، ولن يُحسم إلى حين.

وعلى الرغم ممّا قد يبدو من أنّ جبهة حسين تمسك بعنق الجماعة من خلال قدرتها المالية، لكنّ سلطان يستبعد إمكانية الحسم بتفوّق جبهة على أخرى في ذلك الملف، ويعتقد أنّهما متساويتان.

اقرأ أيضاً: تونس: بعد اعتقال البحيري... الإخوان يصعدون.. هذا ما فعلوه

ولن يستطيع المراقبون الحسم في ظلّ السرّية الشديدة التي تغطي بها الجماعة استثماراتها، غير أنّ تقريراً لمجلة "إنسايدرز" الأمريكية كشف مؤخراً عن أحد أوجه تلك الاستثمارات وحجمها، وهي التجارة الخاصة باللحوم الحلال.

وذكر التقرير، بحسب ما نقله موقع "سكاي نيوز"، أنّ تلك التجارة تبلغ (2.3) تريليون دولار أمريكي سنوياً حول العالم بوجه عام، جزء كبير منها يتبع الإخوان، ويتوقع أن ينمو حجم سوق الأغذية والمشروبات الحلال العالمي ليصل إلى (739.59) مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.

في غضون ذلك، نقل موقع "سكاي نيوز"، عن مصادر لم يسمّها، أنّ عدداً من قيادات الإخوان الهاربين من مصر إلى عدة دول، منها تركيا، كانوا مكلفين بملف الاقتصاد والاستثمارات، في مقدمتهم القيادي بمجلس الشورى همام علي يوسف، المحسوب على جبهة محمود حسين في الوقت الحالي، الذي كان مسؤولاً عن تنسيق الاستثمارات بين عدد من رجال الأعمال المنتمين للتنظيم الدولي بين أوروبا وأفريقيا.

اقرأ أيضاً: مكافحة "الإخوان".. نعم لرؤية السويدي

وبحسب المصادر، يتولى القيادي الإخواني عبد الرحمن الشواف، المقيم في إسطنبول وأحد مساعدي الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، مهمّة إدارة ملف الاقتصاد والتنسيق بين الإخوان في الخارج، بالإضافة إلى عدد من المستثمرين، أبرزهم يوسف ندا، ورجل الأعمال العراقي أنس التكريتي، فضلاً عن مجموعة من الاستثمارات يشرف عليها منير، وأخرى تحت عين حسين  بشكل مباشر، منذ احتدام الأزمة.

وتحاول مجموعة منير السيطرة على كافة استثمارات الجماعة، ومعظمها في دول أفريقية، مثل؛ السودان والصومال، إضافة إلى المؤسسات المالية والتجارية المملوكة للإخوان في أوروبا، بغرض حسم الصراع لصالحها، خاصة أنّها بدأت تفقد السيطرة على الأمور بعد تولي مصطفى طلبة رئاسة اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام، وهو أحد أقطاب المال داخل التنظيم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية