هل تستميل الأحزاب العراقية الناخبين بالخداع؟

هل تستميل الأحزاب العراقية الناخبين بالخداع؟


08/05/2018

تبالغ الأحزاب العراقية المرشّحة للانتخابات، التي ستجرى السبت المقبل، في دعايتها الانتخابية، محاولةً التأثير على الناخبين وإيهامهم بكبر حجمها.

حملات القوائم الانتخابية تكشف فقرها للبرامج السياسية والأفكار وتجنح إلى الإشهار التجاري

ويرى مراقبون، وفق ما نقلت صحيفة "العرب" اللندنية، أنّ تلك الأحزاب جنحت لهذه الطريقة في الدعاية الأقرب إلى الإشهار التجاري، بسبب افتقارها للبرامج والأفكار التي يفترض أن تكون أساس استمالتها للناخب، ومحاولة إقناعه بدل خداعه بتقديرات خاطئة.

وتنكشف مبالغات القائمة الانتخابية بشأن حظوظها، من خلال جمع مقاعد الدوائر وإعادة تقسيمها، وفق التوقعات، ليتبيّن أنّ عدد مقاعد البرلمان تضاعفت أكثر من مرة في القراءات المستقبلية.

ويصرّ ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي، على أنّه سيحرز قرابة 90 مقعداً من مقاعد البرلمان، البالغ عددها 329 مقعداً، فيما يقول تحالف "سائرون"، المدعوم من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، إنّه سيحصل على 80 مقعداً، في حين يبدو أنّ ائتلاف الفتح، القريب من إيران، ويقوده زعيم منظمة بدر، هادي العامري، مصرّ على "حجز" 50 مقعداً.

ومن دون حساب أيّة مقاعد لقائمة النصر، التي يتزعمها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وينتظر أن تحلّ في مركز الصدارة بعموم البلاد، أو قائمة الحكمة التي يتزعمها عمار الحكيم، أو القوائم الصغيرة الأخرى المتنافسة في الدوائر الشيعية، كحركة إرادة بزعامة حنان الفتلاوي، فإنّ عدد المقاعد المخصصة للمكون الشيعي في البرلمان لا يغطي توقعات القوائم، بل ولا يقترب منها أصلاً، ما يؤكد أنّ هذه التوقعات خيالية.

وعملياً هناك بين 185 و190 مقعداً، سيشغلها نواب شيعة عن مختلف المحافظات، فيما ستذهب البقية لنواب سنّة وأكراد وأقليات أخرى دينية وقومية.
وتدعم ادعاءات تلك القوائم استطلاعات للرأي، مجهولة المصادر، يجري توزيعها من قبل الأحزاب على الصحافيين والمراقبين والمهتمين بالشؤون السياسية.

ولا توجد في العراق مؤسسات موثوقة لاستطلاعات الرأي، تعمل بنظم ووسائل تقنية حديثة، وكفاءات بشرية محصّنة ضدّ التأثيرات الجانبية.

ولا تقف المبالغات عند الدوائر الانتخابية الشيعية؛ بل تشمل الدوائر السنية، وتأتي المبالغة في التوقعات من قائمة العبادي التي تضع لنفسها أرقاماً معقولة في المحافظات الشيعية، لكنّها تجنح نحو الخيال في آمالها بالمحافظات السنيّة.

ويعتقد الفريق السياسي للعبادي أنّ قائمة النصر، قد تحرز 80% من مقاعد المحافظات السنية، على خلفية الانتصارات العسكرية التي تحققت على تنظيم داعش، بقيادة رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلّحة في معارك تكريت والأنبار والموصل.

استطلاعات للرأي مجهولة المصادر تدعم ادعاءات القوائم الحزبية الانتخابية رغم مبالغتها

لكنّ هذا التوقّع يتضمن مبالغة ليست مبررة، وفق مراقبين ينبّهون أيضاً إلى أنّ طريقة إدارة الحرب في بعض المناطق، واستخدام فائض من القوّة النارية، مثل القصف العشوائي لمدن مأهولة بالسكان، خلّفا -على عكس ما يتم الترويج له- نقمة لدى شرائح واسعة من سكان المناطق المستعادة، خاصة الذين فقدوا بعضاً من ذويهم في الحرب، وخسروا أرزاقهم وممتلكاتهم بما في ذلك منازلهم.

ومع أنّ المحافظات السنية الرئيسة في العراق، وهي ثلاث، استعيدت كلّها من تنظيم داعش خلال حقبة العبادي، إلا أنّ ضريبة ذلك كانت دماراً كبيراً في اثنين منها، فيما يعجز الملايين من النازحين السنّة، حتى الآن، عن العودة إلى محافظاتهم، إمّا لأنّها مدمَّرة، أو لدواعٍ أمنية.

وبحسب مصادر سياسية مطلعة؛ فإنّ العبادي يعوّل على رغبة سكان المحافظات السنية في وجود رئيس وزراء مدعوم دولياً، ليسهّل جلب الدعم الأجنبي لإعمار مناطقهم المدمرة، وهي قراءة واقعية في نظر مراقبين، لكنّ وجود منافسين أشداء للعبادي في المناطق السنيّة لن يسمح بحصوله إلّا على عدد محدود من مقاعدها.

يبالغ جميع المنافسين السنّة، بدورهم، في توقعات حظوظهم بالفوز، وتعطي القائمة الوطنية التي يتزعمها العلماني، ذو الأصول الشيعية، إياد علاوي، 50 مقعداً لنفسها، منها 30 مقعداً سنيّاً. فيما يعطي كل من جمال الكربولي، زعيم حزب الحل، وخميس الخنجر، زعيم تحالف القرار، وكلاهما من محافظة الأنبار، 30 مقعداً لنفسه في البرلمان، لكنّ الأرقام تؤكد أن عدد المقاعد السنية في البرلمان القادم لن يتجاوز 60 مقعداً في أفضل الأحوال.

يذكر أنّ الانتخابات البرلمانية العراقية، ستجري يوم 12 أيار (مايو) الجاري، وسيشارك فيها 27 تحالفاً سياسياً، يتبعها 143 حزباً سياسياً".

الصفحة الرئيسية