هل تدفع إسرائيل ثمن انحيازها ضد روسيا وأين سيكون رد بوتين؟

هل تدفع إسرائيل ثمن انحيازها ضد روسيا وأين سيكون رد بوتين؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
09/03/2022

حذّرت أوساط إسرائيلية من تبعات خطوة إدانة إسرائيل للغزو الروسي على أوكرانيا، بعد أن ضغطت أمريكا على إسرائيل للتنديد بالموقف الروسي من العملية العسكرية، ما سيؤثر على مستقبل التعاون بين الجانبين في سوريا، والخوف من تفعيل روسيا للمنظومات الدفاعية داخل سوريا، والقادرة على منع وعرقلة النشاط الإسرائيلي.

ودخلت الحرب في أوكرانيا مرحلة متقدمة، بعد أن كشف المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أول من أمس الاثنين، عن الشروط لوقف الحرب فوراً حال تحققها، مؤكداً أنّ موسكو أبلغت أوكرانيا بأنها يمكن أن توقف العمليات "في أي لحظة" إذا استجابت كييف للشروط الروسية.

وقال المتحدث باسم الكرملين: "لا بد أن تعدّل أوكرانيا الدستور، وتنبذ أي مطالب بالانضمام لأي تكتل".

أما الشرط الثاني، فهو وقف العمليات العسكرية الأوكرانية تماماً، كما أنّ روسيا ستنجز خطوة نزع السلاح في أوكرانيا، وفقاً لبيسكوف.

كما أكد المتحدث باسم الكرملين، على شرط اعتراف أوكرانيا بأنّ شبه جزيرة القرم، أرض روسية، كما وعليها الاعتراف بدونيتسك ولوغانسك كدولتين مستقلتين.

وبقيت إسرائيل، منذ بداية الحديث عن نية روسيا غزو أوكرانيا، التي تحقق في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، محافظة على منع توتر علاقتها بروسيا، فلم تتبع الولايات والمتحدة والدول الأوروبية في دعوة مواطنيها لمغادرة أوكرانيا، خاصة أنّ روسيا كانت تنظر إلى مثل هذه الدعوات على أنّها تحريض عليها، في وقت كانت مستعدة فيه للتفاوض مع الغرب لحلّ الأزمة سلمياً، لكن مع بدء الغزو وجدت إسرائيل نفسها أمام ضغوط دولية لإدانة الهجوم الروسي.

تحاول إسرائيل الموازنة بين الموقف المعارض للغزو الروسي لأوكرانيا، وبين مصالحها وعلاقاتها الأمنية والعسكرية مع روسيا، لا سيما في ظلّ بقاء التنسيق الأمني بين الطرفين في سوريا

ودان وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، الهجوم الروسي على أوكرانيا، معتبراً ذلك انتهاكاً خطيراً للقانون والنظام الدولي، وإثر ذلك استدعت الخارجية الروسية السفير الإسرائيلي في البلاد، وقالت إنّ روسيا لا تعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري، وإنّ الهضبة جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية.

ضغط أمريكي

ووفق صحيفة "إيديعوت أحرونوت" العبرية؛ فإنّ الولايات المتحدة قد ضغطت على إسرائيل للانضمام إلى مشروع يدين الغزو الروسي على أوكرانيا، من أجل حشد تأييد واسع لمشروع القرار الذي تمّ تقديمه لمجلس الأمن، بالرغم من أنّ إسرائيل ليست عضواً في مجلس الأمن.

اقرأ أيضاً: التجسس يغذي دوافع إسرائيليين لتعلم اللغة العربية

صحيفة "هآرتس" العبرية، قالت إنّه ليس لدى إسرائيل أيّ سبب للتدخّل في حروب ليست لها، في حين إدانة الغزو الروسي قد تبدو غريبة بعض الشيء من قبل دولة احتلت، منذ ما يقارب من 55 عاماً ملايين المواطنين المحرومين، في إشارة للشعب الفلسطيني، لكن على إسرائيل أن تختار الجانب الصحيح من التاريخ.

أما رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية السابق، عاموس يدلين، فقد أكّد أنّ الأزمة العالمية بين روسيا والغرب، أغرقت إسرائيل في معضلة بين الحاجة للحفاظ على مصالحها مع موسكو، وفي الوقت ذاته الوقوف إلى جانب المجتمع الدولي المندّد بالغزو الروسي لأوكرانيا.

رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية السابق، عاموس يدلين: الأزمة العالمية بين روسيا والغرب، أغرقت إسرائيل في معضلة

وبيّن يدلين أنّ هناك اعتبارات أمنية إستراتيجية تجعل إسرائيل مترددة في موقفها، وعلى رأسها ضرورة ضمان حرية عملها العسكري في سوريا، من أجل منع إيران من بناء آلة حربية في سوريا، كالتي أسّستها في لبنان واستخدمتها كوسيلة لنقل الأسلحة وأنظمة المعدات لحزب الله، خاصّة القدرات الهجومية الدقيقة وهذه حاجة إستراتيجية أساسية لأمن إسرائيل ولا ينبغي الاستخفاف بها.

إسرائيل بين نارين

في غضون ذلك، قال أستاذ العلوم السياسية والمختصّ في الشأن الإسرائيلي الدكتور سعيد زيداني؛ إنّ "إسرائيل وجدت نفسها بين نارين من قرار إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، بسبب تشابك مصالحها مع روسيا وأمريكا وكذلك أوكرانيا، لذلك، رغم قرار الإدانة، تحاول إسرائيل الموازنة بين الموقف المعارض للغزو الروسي لأوكرانيا، وبين مصالحها وعلاقاتها الأمنية والعسكرية مع روسيا، لا سيما في ظلّ بقاء التنسيق الأمني بين الطرفين في سوريا قائماً".

 

اقرأ أيضاً: لماذا أنشأت إسرائيل تطبيق "أبو علي إكسبرس"؟

وأوضح زيداني في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "إسرائيل منحازة إلى الحليف الأكبر لها وهي أمريكا، لكنّ نشاط إيران وحزب الله الذي يهدّد إسرائيل داخل سوريا، هو ما يدفع إلى محاولة تقارب العلاقات والمصالح مع روسيا، التي تنشر أسلحة متقدمة داخل سوريا، وبإمكانها اعتراض هجمات سلاح الجو والصواريخ الموجهة من إسرائيل".

المحلل السياسي بوزية لـ "حفريات": عملية التنسيق بين روسيا وإسرائيل داخل سوريا ستتأثر بشكل كبير، وهذا سيخدم في الوقت الحالي طموحات إيران المستمرة، والقلق يراود الإسرائيليين

وبيّن أنّ "إدانة إسرائيل لروسيا غير جادة ولن تؤثر في الوقت الحالي على العلاقات بين الجانبين، حتى في حرية عمل إسرائيل داخل روسيا؛ لأنّ روسيا تعاني من عقوبات أوروبية صعبة ولا تريد توسيع دائرة التوتر في علاقاتها الخارجية، خاصة في الشرق الأوسط، كما أنّ روسيا تعلم جيداً حجم الضغوط الواقعة على إسرائيل من قبل إدارة بايدن للقبول بقرار الإدانة".

 

اقرأ أيضاً: النواة التوراتية: سلاح فتّاك لتهجير العرب من المدن الفلسطينيّة المختلطة

وأشار المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أنّ "إسرائيل تربطها علاقة قوية جداً بأوكرانيا، فهناك ثمانية وزراء في الحكومة الأوكرانية هم من أصول يهودية، كما أنّ أوكرانيا على الدوام تؤيد العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، حتى الحروب على قطاع غزة لاقت دعماً وتأييداً من قبل أوكرانيا".

تجنّب استفزاز بوتين

وبالرغم من إدانة بعض الشخصيات السياسية في إسرائيل للغزو الروسي، إلا أنّ إسرائيل تحاول قدر الإمكان تجنب استفزاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كي لا تتضرر حرية عملها العسكري في سوريا، كما لا تبدي إسرائيل رغبتها في استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، حتى أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أجرى زيارة مفاجئة لموسكو السبت الماضي، وخلال لقائه بالرئيس بوتين عرض الوساطة الإسرائيلية في الصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا.

 إسرائيل تحاول قدر الإمكان تجنب استفزاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

بدوره، أكّد المختص في الشأن الإسرائيلي، فتحي بوزية؛ أنّ "إسرائيل أخطأت عندما دانت الغزو الروسي، وبالتحديد من قبل كبار صنّاع القرار في الحكومة، في حين أنّ هذه الخطوة ستلمس إسرائيل أثارها السلبية خلال الفترة القريبة القادمة، وربّما يؤثر ذلك على أوضاع آلاف اليهود المقيمين في روسيا".

 

اقرأ أيضاً: لماذا تتزايد الدعوات لمقاطعة منتجات شركة "بوما"؟

وأشار بوزية، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "عملية التنسيق بين روسيا وإسرائيل داخل سوريا ستتأثر بشكل كبير، وهذا سيخدم في الوقت الحالي طموحات إيران المستمرة في سوريا، والقلق بات يراود الإسرائيليين خاصة، بعد تصريحات الخارجية الروسية، التي ردّت على إدانة إسرائيل باعتبار الجولان جزءاً من سوريا ولا سيادة لإسرائيل عليها، وهذا يعدّ بداية لنقطة خلاف ستنشأ بين الطرفين، وستكون إسرائيل المتضرر الكبير من تردي العلاقات".

الصراع يخدم إيران

 وأوضح أنّ "الأزمة الروسية الأوكرانية قد ساعدت إيران كثيراً، والتي باتت على مشارف توقيع اتفاق نووى مع الدول العظمى، خلال آذار (مارس) الحالي، بالتالي أمريكا التي ضغطت على إسرائيل لإدانة روسيا، لم تأخذ بعين الاعتبار مخاطر توقيع اتفاق مع إيران على أمن إسرائيل، التي طالبت مراراً أمريكا بعدم التوصل إلى توقيع أيّ اتفاق مع إيران حول البرنامج النووي".

 

اقرأ أيضاً: الاحتلال يستعد لتنفيذ أكبّر عملية تطهير عرقي في القدس

وتابع "الغزو الروسي على أوكرانيا انعكس سلباً من جهة أخرى على إسرائيل، ويتعلّق ذلك بوصول آلاف اليهود الأوكرانيين ويهود العالم إلى إسرائيل منذ بدء الغزو الروسي، والخوف يزداد من هجرة يهود روسيا أيضاً في حال احتدام النزاع، وبالتأكيد سيشكّل ذلك معضلة داخلية في إسرائيل، خاصة مع تصاعد أزمة السكن واضطرار إسرائيل للسيطرة على مناطق فلسطينية أخرى، لإتاحة مساحات سكّانية وتزيد بذلك حدّة النزاع مع الفلسطينيين".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية