هل تدخّل نتنياهو لصالح ترامب في انتخابات 2016؟

هل تدخّل نتنياهو لصالح ترامب في انتخابات 2016؟


03/05/2020

تدخل وباء «كورونا» على الأقل مرتين لصالح بنيامين نتنياهو. حرفت أجواء الطوارئ، التي خلقها الوباء، الانتباه عن محاكمته الجنائية، ومهدت الطريق لتشكيل حكومة طوارئ. وكما يبدو، استمرار ولايته ايضا. مؤخرا غطّى الوباء على قضية كان يمكن أن تسبب له إحراجا كبيرا: اكتشافات جديدة حول تدخله - كما يبدو - في الحملة الانتخابية لدونالد ترامب في العام 2016 التي كشفت في وثائق مرتبطة بالمستشار السابق للرئيس، روجر ستون، والتي نشرت مؤخراً.

في الأيام العادية، كان هذا الكشف سيثير عاصفة اعلامية على الاقل. المراسلات التي كشفت خاضعة للرقابة، وفي جزء منها محجوبة. ولكن حسب كل تحليل معقول تثير شكا بوجود علاقة خفية بين نتنياهو وستون - الذي أدين في شباط بمحاولة تشويش تحقيقات الكونغرس في قضية التدخل الروسي - وبين مقر الحملة الانتخابية لترامب.


يدور الحديث عن وزير بلا حقيبة في حكومة إسرائيل، يعمل في شؤون الخارجية والامن، وله علاقة متواصلة مع جهة إسرائيلية مجهولة، ذات قدرة على التواصل مع نتنياهو، خلال الحملة الانتخابية. المصدر الذي حاول - كما يبدو - تنظيم لقاء بين الوزير وترامب كتب بأن «رئيس الحكومة يعتقد أنه توجد لدينا فرصة اخرى... ترامب سيخسر إذا لم نتدخل. توجد لدينا معلومات استخبارية حاسمة».
المشتبه الفوري - كما يبدو- هو تساحي هنغبي، الذي تم تعيينه وزيرا بلا حقيبة في نهاية أيار 2016، قبل بضعة أسابيع من بدء المراسلات مع ستون. هنغبي، الذي كان في حينه الوزير الوحيد دون حقيبة الذي يوجد في الحكومة، كان موجودا في الولايات المتحدة، مثل الوزير الذي تم ذكره في الوثائق، من أجل المشاركة في احتفال تسليم طائرة «اف 35» الاولى لإسرائيل الذي جرى في مصانع لوكهيد مارتن في تكساس.
ولكن هنغبي نفى، أول من أمس، أي صلة له بالقصة وبستون نفسه. وحسب قوله «حتى، أمس، لم أسمع عن اسمه أو أعرف عن وجوده». في وثائق ستون ذكرت مواعيد سافر فيها الوزير بدون حقيبة - كما يبدو - الى روما للتشاور مع نتنياهو، الذي كان يوجد في ذلك الوقت في العاصمة الايطالية. ولكن هنغبي أجرى حسب قوله في حينه زيارات في بنما وتشيلي. وليس مستبعدا أن الامر يتعلق بشخص محتال منتحل، كما قال.
وأشار المحقق الخاص، روبرت مولر، في السابق الى تدخل إسرائيل في حملة ترامب الانتخابية. ولكنه شطب من تقريره حقائق يمكن أن تشخص إسرائيل بوضوح. عدد غير قليل من الاشخاص، الذين ارتبط اسمهم بتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية، ومن بينهم اوليغاركيون ومستشارون وشركات سايبر، كانوا على علاقة وطيدة ايضا مع جهات رسمية إسرائيلية.
ربما من غير المسموح الاشارة ايضا الى أن ستون وبول منفورت - الذي كان مدير حملة ترامب وتمت ادانته في السنة الماضية بمخالفات تتعلق بالتآمر وتبييض الاموال وتشويش محاكمة واخفاء معلومات عن عمله كشخص لوبي – عملا منذ العام 1996 مع خبير الحملات القذرة، المستشار الاسطوري لنتنياهو، آرثر فنكلشتاين المتوفى، حتى أنه عرف باسم «شبان آرثر».
حسب الجهات التي حققت في القضية فإن العلاقة بين المحيطين بترامب ونتنياهو بدأت في 2013 عندما أرسل الرئيس المستقبلي لمواطني إسرائيل توصية حارة للتصويت لصالح مرشح «الليكود» بعد بضعة اسابيع من اتخاذه قرار التنافس على الرئاسة. بادرة حسن النية الغريبة، التي اثارت الاستهزاء في حينه، كانت مثل رمي الخبز في المياه، حسب ادعاء الخبراء. ومقابلها جاء فقط في بداية 2016 عندما فهم نتنياهو بأنه يوجد لترامب فرصة حقيقية كي يتحول الى المرشح الجمهوري للرئاسة.
نتنياهو، الذي وصلت شبكة علاقته مع الرئيس براك اوباما في تلك الفترة الى الحضيض - لم يتردد لحظة. وقد قام بدور فعال في تشجيع الافنغلستيين للتجند لصالح ترامب، وبهذا يصبحون ركيزته. هكذا تم خلق محور ترامب – الافنغلستيين – نتنياهو الذي دفع جانبا لوبي «الايباك» وامثاله من وظيفتهم التقليدية.

يجب عصر الليمونة
في السنة الأخيرة تدخل ترامب بصورة فظة لصالح نتنياهو. قبل اسبوعين من انتخابات نيسان 2019 اعترف بضم هضبة الجولان لإسرائيل، وبعد اسبوعين ايضا بالمفاوضات الائتلافية. في انتخابات ايلول كان ترامب اكثر برودا، لكن قبل آذار رد الجميل لنتنياهو، مرة اخرى، بنشر صفقة القرن، وبشكل خاص الضم المدرج فيها.
يريد نتنياهو الآن عصر هذه الليمونة حتى النهاية. هو يريد، وكما يبدو سيحقق، مباركة ترامب للضم الجزئي أو الكامل للمناطق المخصصة لإسرائيل في صفقة القرن. وقد أعلن عن ذلك علنا في خطابه، الاسبوع الماضي، وليس بالصدفة للجنة افنغلستية من اوروبا. واذا قام ترامب بتوفير البضاعة فهو ينوي أن يستعيد من نتنياهو الدين المتراكم بالكامل في الاشهر الحاسمة للجولة الانتخابية في الولايات المتحدة، وهو توقع تحققه مرهون بدرجة معينة بالاستطلاعات.
وكلما امتد منحنى الهبوط لترامب وتقلصت الفجوة مع جو بايدن الديمقراطي فإن نتنياهو سيضطر الى التفكير مرتين إذا كان سيحرق الجسور تماما مع الرئيس والكونغرس الديمقراطي اللذين ربما سيسيطران في واشنطن في بداية كانون الثاني القادم.
لا يرى ترامب بالطبع أي عيب في تدخل دول اجنبية في الحملة الانتخابية شريطة أن يكون هذا لصالحه. حسب التقرير الذي نشره مولر، فإنه علم عن التدخل الروسي في الانتخابات في العام 2016، وقد تلقى ذلك بالمباركة والتشجيع علنا. ولكنه لم يتم العثور على ما يكفي من الأدلة من اجل اتهامه بتنسيق ممنوع. ترامب، كما نذكر، دعا علنا الصين وبريطانيا واستراليا ودول اخرى الى التحقيق في القضايا المرتبطة ببايدن من اجل تشويه سمعة خصمه.

الإصبع موجهة نحو الصين
ولأن ترامب يتعامل مع التدخل الاجنبي كأمر طبيعي، فهو يلقي بذلك على منافسه، ويعتقد أنهم يفعلون ذلك ايضا. المتهم الرئيسي حتى الآن كان دولة اوكرانيا التي اتهمها ترامب بالتنسيق مع الديمقراطيين وطبخ قضية التدخل الروسي كلها. أراد الرئيس الأميركي قلب الحقائق عن طريق ابتزاز الرئيس الحالي لاوكرانيا، فلادمير زلانسكي، من أجل أن يعلن فتح تحقيق ضد بايدن، وهو حدث تطور الى محاكمة العزل التي انتهت بتبرئة ترامب في مجلس الشيوخ في شباط الماضي.
في هذا الاسبوع، احتلت الصين مكان اوكرانيا كعدوة رئيسية لترامب. مؤخرا، في الوقت الذي فيه الجمهور الأميركي متضايق من السلوك الفضائحي له في ازمة «كورونا» ومن الـ 60 ألف ضحية التي جباها المرض، زاد ترامب هجومه على بكين واتهمها باخفاء بيانات عن تفشي وباء «كورونا»، وبهذا ساهمت في انتشاره.
تردد شبكة «فوكس» في المقابل النظرية غير المثبتة بأن الفيروس قد تسرب من معهد للابحاث البيولوجية في اقليم ووهان، الذي منه انتشر الوباء. وحسب تقارير في وسائل الاعلام فإن الوكالات الاستخبارية في واشنطن أعطيت توجيهات لجمع أدلة تعزز هذه الشائعة.


الآن، بعد أن تم إعطاء نشطاء جمهوريين توجيهات لتوجيه سهامهم نحو الصين، فإن ترامب يسير خطوة الى الامام، ويتهم الصين بشكل صريح في محاولة ترجيح كفة الانتخابات ضده ولصالح بايدن. وحسب ادعاء الرئيس فان بكين تفضل المرشح الديمقراطي، لأنه سيسهل عليها التهرب من الاتفاق التجاري المتشدد - كما يبدو - الذي عقده مع الصينيين. وحسب اقوال خبراء في التجارة فان اتفاق ترامب لن يغير بصورة جوهرية علاقة القوى التجارية بين الدولتين. الصين، التي كانت هدفا لهجمات ترامب في حملته الانتخابية في 2016 والتي تحولت الى هدف لملاحقاته بعد ذلك، من شأنها أن تشكل له كيس اللكمات في حملته في 2020، مع كل ما يترتب على ذلك للأمن والاقتصاد الدولي.
التوجهات الكارثية في الاقتصاد الأميركي لن تغير الاتجاه في الاشهر القريبة القادمة، وفي غياب زلة كارثية لبايدن فإن اعادة انتخاب ترامب ستعتبر على الاقل مهمة غير ممكنة، بحجم جون ماكين مقابل باراك اوباما بعد الازمة المالية في 2008. فقط، أول من أمس، أعلنت وزارة العمل الأميركية بأنه في الاسبوع الماضي تمت اضافة 4 ملايين شخص الى العاطلين عن العمل الذين وصل عددهم، اليوم، الى 30 مليون شخص. وهو اعلى معدل نسبي منذ الانهيار في العام 1929.
ترامب مضغوط، الآن، وهو يصرخ في وجه مستشاريه، ويتخلى عن مرؤوسيه، ويرفض تصديق الاستطلاعات التي تظهر كم هو خطير وضعه. «لا يوجد وضع أخسر فيه أمام بايدن»، قال وسارع الى الغاء توجيهات الابتعاد الاجتماعي للادارة، ويحث حكام الولايات على الاسراع لفتح المصالح التجارية من جديد لتسريع تعافي الاقتصاد، رغم الخطر الكبير. دون تحسن قريب سيتحول ترامب الى أكثر يأسا وأكثر خطرا. وقد يتصادم مع الصين ويصادق على الضم وبالتأكيد يطالب نتنياهو بالضغط لصالحه، وليكن ما يكون.

مصدر الترجمة عن العبرية: حيمي شليف - "هآرتس" / نقلاً عن صحيفة الأيام الفلسطينية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية