هل تحتمل إسرائيل هزّة الـ 100 مليار شيكل؟

هل تحتمل إسرائيل هزّة الـ 100 مليار شيكل؟

هل تحتمل إسرائيل هزّة الـ 100 مليار شيكل؟


15/11/2023

ميراف ارلوزوروف

الحرب التي اندلعت قبل شهر كلفت ميزانية الدولة 85 مليار شيكل حتى الآن. هذه هي النفقات الفورية فقط التي كلفتها الحرب في الشهر الماضي وفي الشهرين القادمين حتى نهاية السنة، 22 مليار شيكل نفقات أمنية و13 مليار شيكل نفقات مدنية.

لا أحد يعرف كيفية التنبؤ بكيفية انتهاء الحرب، وإطالة زمن الحرب لأشهر كثيرة وانزلاقها إلى جبهة أخرى مع لبنان هي أخطار كبيرة. لذلك فإن واضعي سياسة الاقتصاد في القدس يحذرون من وضع تقديرات بخصوص 2024، لكن التقدير بأن تكلفة الحرب ستكون أعلى من 100 مليار شيكل يسمع تقريبا بشكل عرضي. المتشائمون يتحدثون عن 200 مليار شيكل، تقريبا 10% من الناتج السنوي في إسرائيل.

ما هي احتمالية أن يتحمل اقتصاد إسرائيل هزة تبلغ 100 مليار شيكل؟ هذا يتعلق بكيفية إدارة الاقتصاد. مؤخرا، تم حسم المرحلة الأولى من الصراع حول إدارة الاقتصاد، بشكل مقلق. وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، قرر اختراق إطار ميزانية 2023 والسماح بتدفق النفقات – 35 مليار شيكل. لا يوجد خيار آخر، إسرائيل بحاجة الآن إلى استثمار كل ما هو مطلوب من اجل الانتصار في الحرب، لكن هناك الكثير من الخيارات بخصوص استعداد الاقتصاد لهذه النفقات الضخمة – هناك سموتريتش اختار فعل القليل.

بالإجمال، من بين الـ 35 مليار شيكل التي تمثل نفقات الحرب، 32 مليار شيكل ذهبت مباشرة إلى بند العجز في الميزانية والدين العام لإسرائيل. سموتريتش اختار تقليص فقط 3 – 3.5 مليار شيكل من الميزانية – هكذا فعليا نفقات الحكومة جميعها ممولة من زيادة الدين.

يبدو أنه يوجد لسموتريتش مبرر لذلك وهو أننا نوجد في نهاية سنة 2023، وتقريبا كل أموال الميزانية في هذه السنة تم إنفاقها، وبقي القليل جدا من الأموال التي يمكن أن نقتطع منها. هو على حق، لكن هذا غير صحيح بخصوص ميزانية 2024، التي ستدخل إلى حيز التنفيذ بعد شهر ونصف الشهر، وفيها مجال واسع للاقتطاعات المحتملة. قسم الميزانيات في وزارة المالية حدد اقتطاعات محتملة تبلغ 16 مليار شيكل في ميزانية 2023 – 2024، منها 7.5 مليار شيكل من أموال الائتلاف، الأغلبية الساحقة في ميزانية 2024. توصية قسم الميزانيات هي أن يتم اقتطاع كل الزيادة في النفقات المدنية، 13 مليار شيكل، أي أن يتم اقتطاع 10 مليارات شيكل إضافة إلى الاقتطاع الذي اختاره سموتريتش.

كلمات جميلة بدون غطاء

في الرسالة التي شرح فيها سموتريتش اختياره لاقتطاع فقط 3.5 مليار شيكل من ميزانية 2023، وعدم المس بميزانية 2024، وعد بأن الأمور ستكون على ما يرام. "وزارة المالية ستعمل على بلورة خطة اقتصادية في أساسها وضع ميزانية جديدة للعام 2024"، كتب. "الميزانية الجديدة ستكون ميزانية مسؤولية تشمل تغييرا عميقا في سلم أولويات الحكومة... هذه الخطة ستمكن الدولة من مواجهة، بأفضل صورة، احتياجات الميزانية التي تنبع من الحرب وكل ذلك بمسؤولية من خلال السيطرة على النفقات في ميزانية الدولة وزيادة محسوبة ومسؤولة في العجز".

كلمات منمقة فقط على الأرض في هذه الأثناء، هذه كلمات فقط. سموتريتش لم يفعل مؤخرا أي شيء من اجل دعم أقواله بالأفعال، بالعكس. فمن بين الـ 13 مليار شيكل في ميزانية الدولة التي قاموا بتوصيته باقتطاعها، اختار فقط تقليص 3 مليار شيكل، منها 1.6 مليار شيكل من أموال الائتلاف. بهذا القليل تفاخر بأنه اقتطع 70% من أموال الائتلاف.

حقيقة أن سموتريتش لم يتعهد بأنه سيقتطع من ميزانية 2024 الـ 10 مليارات شيكل الناقصة، منها 6 مليارات شيكل من أموال الائتلاف، بل وعد فقط بشكل عام بأن ميزانية 2024 سيتم علاجها في وقت ما، يعزز الشك بأنه يحاول التملص من اقتطاع كهذا بشكل عام، وأموال الائتلاف بشكل خاص. رسالته المفصلة والمبررة تبدو كمناورة لحرف الأنظار، التي باسم وعد ضبابي لمعالجة ميزانية 2024 في المستقبل، تجنب اتخاذ أي قرار حول إجراء أي اقتطاع الآن.

ما الذي يحاول وزير المالية بثه؟

يمكن ملاحظة أن النقاش يتركز على 6 مليارات شيكل أخرى للاقتطاع من أموال الائتلاف، معظمها في إطار ميزانية 2024. هذا مقابل نفقات 100 – 200 مليار شيكل، التي يمكن أن تكون تكلفة الحرب. ماذا يهم – 10 مليارات اكثر أو أقل – أمام نفقات ضخمة جدا؟. هذا مهم لثلاثة أسباب رئيسة. أولا، يوجد القليل من المكان لإجراء اقتطاعات في ميزانية الدولة. أيضا هكذا فإن النفقات المدنية في إسرائيل هي من النفقات المتدنية في العالم المتقدم – بعد الكورونا حجم النفقات لدينا تقلص اكثر، ونحن الآن نتنافس مع ايرلندا وكوريا الجنوبية على لقب الدولة المتقدمة التي فيها نفقات أقل.

حتى في المجال الذي هو دائما اقل المجالات التي نضطر إليها – فتح اتفاقات الأجور وخفض الأجور في القطاع العام – لا يوجد الكثير مما نقلصه. الآن الأجر المتوسط في القطاع العام هو محفز سلبي – الناس يتركون القطاع العام لأن الأجور متدنية جدا – واتفاقات الأجور الأخيرة التي تم التوقيع عليها مع الهستدروت كانت معتدلة جدا. باختصار، الأموال الوحيدة المتاحة تقريبا للاقتطاع في ميزانية الدولة هي نحو 6 مليارات شيكل من أموال الائتلاف الزائدة. إذا امتنع سموتريتش عن المس بالأموال السياسية الزائدة هذه فإنه في الحقيقة يبث بأن إسرائيل لا تنوي أن تحرك ساكنا لتجنب تدهور دينها العام.

ثانيا، قدر لا بأس به من أموال الائتلاف على وشك الدخول إلى أساس الميزانية، والتحول إلى نفقات سنوية ثابتة. مثلا، زيادة أجور المعلمين الحريديين وزيادة الأساس لعلاوة طلاب المعاهد الدينية. إذا لم يتخذ سموتريتش أي قرار حول تجميد هذه الأموال الآن فإنه من اللحظة التي ستدخل فيها إلى أساس الميزانية في بداية 2024 سيكون الوقت اصبح متأخرا لوقفها. ثالثا، وهو الأمر الأسوأ، الـ 6 مليارات شيكل لن تنقذ نسبة الدين – الإنتاج في إسرائيل إزاء نفقات الحرب التي تبلغ 100 مليار شيكل واكثر، لكنها ستشير إلى جدية نواياها. أسواق المال العالمية تتوقع مسؤولية في الميزانية في إسرائيل، ترى أنها تفعل كل ما في استطاعتها من اجل تقليص الدين الآخذ في التضخم.

أساس القلق سيكون بالأساس ليس الـ 100 مليار شيكل التي هي نفقات الحرب، بل من السلوك الجاري لإسرائيل قبل وبعد، على سبيل المثال، بأي قدر ستزيد ميزانية الدفاع بشكل ثابت في أعقاب الحرب. التقديرات تشير إلى 10 مليارات شيكل في السنة على الأقل.

يجب تغيير سلم الأولويات بشكل مؤلم من اجل رؤية الجدية. ولكن هذا يحتاج إلى أفعال وليس أقوالا. إذا كان سموتريتش سيكتفي بالتحدث فقط أو باقتطاع تجميلي آخر لميزانية الائتلاف، فإن الأسواق المالية يمكن أن تجبي منه ومنا ثمنا باهظا.

الخوف من أزمة مثل أزمة 2002

هذا بالضبط ما حدث لإسرائيل في أزمة الانتفاضة في 2002 – عندما غرقنا خلال حرب دموية في أزمة مالية. هذا حدث لأننا قمنا بتوزيع الأموال لتمويل الحرب دون القلق من محاولة موازنة ذلك بواسطة تقليصات في الميزانية، ومن خلال ارتفاع منفلت العقال للعجز. هذا السلوك أدى إلى فقدان الثقة وتقريبا إلى انهيار مالي: في منتصف 2002 كان سعر الدولار 5 شواكل. والفائدة على السندات الحكومية في إسرائيل ارتفعت إلى 12%، وإسرائيل كانت على شفا الإفلاس. من اجل ذلك فقد اضطررنا إلى التوسل لأميركا من اجل الحصول منها على ضمانات وزيادة الفائدة 4.5% خلال شهر واحد وتقليص عشرات مليارات الشواكل لإعادة ثقة الأسواق.
مثلما في 7 تشرين الأول، حيث فقدان الحماية كلفنا 1200 قتيل و240 مخطوفا و3 فرق تقوم بعملية برية في غزة – أيضا فقدان الحماية لميزانية الدولة يمكن أن يكلفنا أضرارا مالية وميزانية فظيعة. الإعلان الآن عن تقليص 6 مليارات شيكل من أموال الائتلاف يمكن أن يمنع ذلك. هذا ما يجب على سموتريتش أن يفعله الآن وعلى الفور.

عن "الأيام"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية