هل تتعرض مصر لتسونامي؟.. توضيح حكومي بشأن انحسار مياه المتوسط

هل تتعرض مصر لتسونامي؟.. توضيح حكومي بشأن انحسار مياه المتوسط

هل تتعرض مصر لتسونامي؟.. توضيح حكومي بشأن انحسار مياه المتوسط


23/02/2023

أثار خبر انحسار المياه عن شواطئ البحر المتوسط بمنطقة شمال سيناء، شرق مصر، حالة من الذعر انتشرت سريعاً وسط تساؤلات ومخاوف المواطنين، خاصة أنّ بعض التفسيرات قد ربطت بين الظاهرة، التي أوضح خبراء فيما بعد أنّها معتادة، والزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا قبل أسبوعين، وذهبت بعض التوقعات المتشائمة إلى احتمال حدوث "تسونامي"، ممّا دفع الحكومة المصرية إلى سرعة توضيح الأمر.

وفي رسالة توضيح وطمأنة للمصريين، قال مجلس الوزراء المصري الثلاثاء: إنّ الخبر الذي انتشر بالعديد من وسائل التواصل الاجتماعي، وسبّب ذعراً للمواطنين حول احتمال حدوث تسونامي بسبب انحسار مياه البحر المتوسط، غير صحيح بالمرّة.

وفي بيان له عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" قال المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء المصري: إنّه تم التواصل مع المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، ونفى تلك الأنباء، مُؤكداً أنّه لا صحة لانحسار مياه البحر عن بعض شواطئ الجمهورية بشكل كبير ممّا ينبئ بحدوث تسونامي".

كما أوضح البيان أنّ "انخفاض منسوب المياه في تلك الشواطئ يُعدّ ظاهرة طبيعية تحدث بشكل دوري، وتكون مرتبطة بحركتي المد والجزر، ولا علاقة لها مطلقاً بحدوث تسونامي".

ماذا حدث؟

بحسب البيان الرسمي الصادر عن الحكومة المصرية، رصدت محطات رصد حركة المياه في البحار حدوث انخفاض في منسوب المياه ببعض الشواطئ، ومن المتوقع أن يرتفع المنسوب مرة أخرى في موعد محدد بشكل طبيعي".

وقد ناشدت الحكومة المصرية المواطنين عدم الانسياق وراء تلك الأخبار المغلوطة التي تستهدف إثارة حالة من الهلع بين الناس، مع ضرورة استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.

مجلس الوزراء المصري: الخبر الذي انتشر على وسائل التواصل حول احتمال حدوث تسونامي غير صحيح بالمرّة

إلى ذلك، قال الدكتور فاروق الباز، عالم الفضاء المصري الأمريكي: إنّه لا يوجد أيّ سند علمي وراء التوقعات بحدوث تسونامي في دول البحر المتوسط.

وأوضح بحسب تصريحات تلفزيونية أنّ الكرة الأرضية مكونة من كتل بالقشرة الأرضية، والبحر الأحمر يتحرك ويتسع (1) سم كل عام ناحية الخليج العربي، وشبه الجزيرة العربية تحركت، ولم تتحرك مرة أخرى، مشيراً إلى أنّه من الصعب أيضاً التنبؤ بحدوث زلزال في تلك المناطق؛ لأنّ مراكز الاستشعار عن بُعد تستطيع معرفة أماكن حدوث الزلازل فقط، وليس موعد حدوثها.

ما سبب انحسار مياه البحر المتوسط؟

ترى خبيرة البيئة وعلوم البحار بالأمم المتحدة والأستاذة في "الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء" بمصر الدكتورة إلهام محمود أنّ هناك قدراً من المبالغة في تصوير عملية انحسار مياه البحر المتوسط، وتصف الأنباء المتداولة بهذا الشأن بأنّها غير واقعية.

وتقول بحسب ما نقلته عنها وكالة "فرانس 24": إنّ "الأمر غير واقعي، لم يحصل تراجع في مياه البحر الأبيض المتوسط، وإذا حصل تراجع أو قلة في مستويات المياه بالجزء الغربي من المتوسط، فذلك نتيجة لقلة الأمطار بشكل أساسي".

فاروق الباز: لا يوجد أيّ سند علمي وراء التوقعات بحدوث تسونامي في دول البحر المتوسط

وتوضح إلهام محمود في تفسيرها العلمي للظاهرة أنّ "المنطقة المغاربية جغرافياً تمتد مساحاتها بين مسطحين مائيين كبيرين، هما البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وبالتالي من المفروض أن تكون في هذه المنطقة رياح غربية محملة بالأمطار، لكن للأسف لا يحصل هذا، وما يحدث أنّ المنطقة تتعرض لتذبذب كبير في التساقطات المطرية".

وبالتالي، "تبقى الأمطار غالباً حبيسة السحب، وهو ما أدى إلى جفاف المنطقة الغربية وتسبب في قلة المياه"، وهذا أثر أيضاً وفق الخبيرة المصرية على الغطاء النباتي والزراعة والعديد من النشاطات الاقتصادية بحكم أنّ نسبة الجفاف تصل إلى 80% حتى 90%، لكن لم يحدث تراجع ظاهر أو ما يمكن أن نسميه ظاهرة يمكن أن تقلقنا على مصير البحر الأبيض المتوسط.

تحذير تركي أثار حالة ذعر

بالعودة إلى الأيام القليلة الماضية، نجد أنّ التحذيرات الواردة من تركيا لسكان البحر المتوسط قد تسببت في تثبيت حالة القلق لدى المصريين من احتمال وقوع تسونامي.

فقد طالبت إدارة الطوارئ والكوارث التركية (آفاد) مساء الإثنين سكان المدن الساحلية على البحر المتوسط بالابتعاد عن الشواطئ، بحسب ما أورده موقع "شفق نيوز".

وجاء في بيان لإدارة الكوارث التركية: "على مواطنينا الابتعاد عن الساحل كإجراء وقائي ضد مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر إلى (50) سم".

 هناك قدر من المبالغة في تصوير عملية انحسار مياه البحر المتوسط

في المقابل، حذّر المركز الأورومتوسطي لرصد الزلازل من خطر وقوع موجات تسونامي في تركيا وإيطاليا وفرنسا واليونان والبرتغال، في أعقاب زلزال تركيا.

وكان مدير مرصد ومعهد كانديلي لأبحاث الزلازل هالوك أوزن قد قال بعد الزلزال: إنّ هناك تسونامي يهدد دول البحر الأبيض المتوسط مثل مصر ولبنان.

ما فرضية إمكانية وقوع تسونامي في البلدان المتوسطية؟

إجابة عن هذا السؤال تقول الخبيرة بالأمم المتحدة إلهام محمود: إنّ الحركة التكتونية معروفة في منطقة البحر المتوسط، وتحديداً في دول بلاد الشام وتركيا، ويمكن أن نصفها بأنّها تحصل فيها إزاحة.

وتوضح أنّ "الزلازل مصدرها حدوث بعض الإزاحات الأفقية أو العمودية في القشرة الأرضية، وهذا يتم في المناطق التي توجد فيها الفوالق، ولحدوث تسونامي المفترض أن تكون الإزاحة التي تحصل بين الفوالق الأرضية إزاحة عمودية، ويجب أن تكون إزاحة بشكل شديد وواضح".

وتؤكد الخبيرة الأممية أنّ "هذه الإزاحة عندما تكون أفقية لا تتسبب في التسونامي، وهذا النوع من الإزاحة هو المعروف في منطقة المتوسط"، لذلك تقول: "إنّنا محظوظون لأنّ الإزاحة التي تقع في منطقتنا من النوع الأفقي وليس الرأسي، وبالتالي لا ينتج عنها تسونامي، ولا يمكن حتى أن يحصل هذا مستقبلاً في منطقة المتوسط بما فيها المنطقة المغاربية ومعها مصر".

إلهام محمود: الزلازل مصدرها حدوث بعض الإزاحات الأفقية أو العمودية في القشرة الأرضية، وهذا يتم في المناطق التي توجد فيها الفوالق، ولحدوث تسونامي المفترض أن تكون الإزاحة التي تحصل بين الفوالق الأرضية إزاحة عمودية وهذا لم يحدث بمنطقة البحر المتوسط

وتضيف: "إن تحدثنا تحديداً عن زلزال تركيا وسوريا، فالعلماء الذين حللوا الظاهرة وجدوا أنّ موضوع تفريغ الطاقة أو الإزاحة تمّت كلها أو غالبيتها بشكل أفقي، يعني إزاحة أفقية، كما أكدوا أنّه من 80% حتى 85 % من عمليات تفريغ الطاقة تمّت بهذا الشكل".

في المقابل، نسبة بسيطة تتراوح ما بين 15% حتى 20 % تمّت بشكل عمودي، وهذه النسبة لا يمكن أن يتبعها حدوث تسونامي في المنطقة، وفق إلهام محمود، لكنّ هذه النسبة البسيطة هي التي دعت السلطات التركية المختصة إلى الإعلان أنّ بعض الدول حولها في منطقة البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تكون معرّضة لبعض الزلازل.

وتشير الخبيرة المصرية إلى أنّه "بعد فترة من التروي وتحليل النتائج الموجودة اكتشفوا أنّ نسبة الإزاحة العمودية قليلة لا يتبعها حدوث تسونامي، وتشير إلى ملاحظة مهمّة أيضاً في هذا الصدد ترتبط بأنّ التسونامي الذي يحصل عقب حدوث زلزال ضخم، كالذي هز تركيا وسوريا، المفترض أنّه يحصل خلال ساعات وليس عدة أيام، لكنّ زلزال تركيا وسوريا مرّ عليه أكثر من أسبوع، فليس من الممكن بل من المستحيل أن يحدث تسونامي نتيجة هذا الزلزال.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية