هل تؤثر العقوبات الأمريكية على سياسة طالبان ضد النساء؟.. باحثتان أفغانيتان تجيبان

هل تؤثر العقوبات الأمريكية على سياسة طالبان ضد النساء؟.. باحثتان أفغانيتان تجيبان

هل تؤثر العقوبات الأمريكية على سياسة طالبان ضد النساء؟.. باحثتان أفغانيتان تجيبان


20/10/2022

رأت باحثتان أفغانيتان تحدثتا لـ "حفريات" بشكل منفصل أنّ العقوبات الأمريكية المفروضة على حركة طالبان مؤخراً، بالرغم من أهميتها، لن تكون رادعاً لسياسات طالبان المتعنتة ضد المرأة، وكذلك لن تثني الحركة عن التحركات العنيفة والأوامر التعسفية والانتقامية ضد النساء، على حدّ وصفهما.

وطالبتا بضرورة أن يوحد المجتمع الدولي قراراته ضد الحركة المتشددة لإجبارها على تغيير سلوكها تجاه النساء الممنوعات من العمل والتعليم وكذلك الخروج من المنزل، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية مأساوية تعيشها البلاد في ظل حكم الحركة.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت الثلاثاء 11 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري أنّها فرضت عقوبات جديدة على حركة طالبان؛ بسبب انتهاكها حقوق النساء والفتيات في أفغانستان.

وفي بيان أصدره بمناسبة الذكرى الـ (10) لليوم العالمي للفتاة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "أعلن اليوم عن فرض قيود على منح تأشيرات لأعضاء (طالبان) الحاليين والسابقين وغيرهم من الأفراد المسؤولين أو المتواطئين في قمع النساء والفتيات في أفغانستان عبر ممارسة سياسات تقييدية والعنف"، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف أنّ أفغانستان هي "منذ عام، الدولة الوحيدة في العالم التي تُمنع فيها الفتيات بصورة منهجية من ارتياد المدرسة بعد الصف السادس"، من دون أن يلوح في الأفق أيّ موعد لعودتها عن هذا القرار".

فاطمة حكمت : العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على حركة طالبان لن يكون لها تأثير قوي على سياسات طالبان على المدى القريب

وفي بيانه، قال بلينكن: "ندعو الحكومات الأخرى للانضمام إلينا في اتخاذ إجراءات مماثلة والاستمرار في التأكيد على رسالة جماعية، مفادها أنّ الحكومة الأفغانية التي يمكن اعتبارها شرعية هي تلك التي تمثّل كلّ شعبها وتحمي وتعزّز حقوق الإنسان لكل فرد".

 وأضاف أنّ "الولايات المتحدة تدعم الشعب الأفغاني بقوة، وتظل ملتزمة ببذل كلّ ما في وسعها لحماية وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الأفغان، بمن فيهم النساء والفتيات"، وفق صحيفة "الشرق الأوسط".

هل تُثني العقوبات طالبان عن الانتهاكات؟

ترى الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت أنّ العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على حركة طالبان لن يكون لها تأثير قوي على سياسات طالبان على المدى القريب.

وتشير حكمت في تصريحات لـ"حفريات" إلى أنّ الحركة على مدار تاريخها تعرّضت لعقوبات مشددة بسبب سياستها المتطرفة، لكنّ هذه العقوبات لم تكن مؤثرة في سلوكها بشكل جذري.

الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت: حركة طالبان على مدار تاريخها تعرّضت لعقوبات مشددة بسبب سياستها المتطرفة، لكنّ هذه العقوبات لم تكن مؤثرة في سلوكها بشكل جذري

 

وتتفق معها في هذا الصدد الناشطة الأفغانية، نائبة الرئيس العام لمؤسسة آغا خان الثقافية، في أفغانستان، شريفة حكمت، التي تعتقد أنّ العقوبات الأمريكية لن تجدي نفعاً قريباً بخصوص نشاط الحركة العنيف ضد النساء، على حدّ وصفها.

وفي تصريح لـ"حفريات" تقول شريفة حكمت: إنّها "تعتقد أنّ العقوبات المحدودة المفروضة من جانب الولايات المتحدة، مثل عدم إعطاء تأشيرة السفر أو غيرها من القيود التي لا تهتم بها الحركة، لن تمثل ضاغطاً على طالبان لتغيير سياساتها".

هل فقد اتفاق الدوحة مشروعيّته؟

وبحسب فاطمة حكمت، فإنّ طالبان قد تخلّت تماماً عن جميع عهودها وتعهداتها السابقة، وتحدّت المجتمع الدولي بشكل عام، خاصة فيما يتعلق بملف حقوق المرأة، حتى أنّها لم تلتزم بما وقّعت عليه في اتفاقية الدوحة مع الولايات المتحدة، وعادت منذ وصولها إلى الحكم في 14 آب (أغسطس) 2021 إلى ممارسة السياسات القمعية نفسها بحق النساء والفتيات.

وتضيف: "منعت الحركة النساء من العمل والتعليم وحتى الخروج من المنزل، وادّعت أنّها تمتثل إلى الشريعة، لكنّ هذا الادّعاء باطل وكاذب تماماً؛ لأنّ الشريعة الإسلامية قد كرمت المرأة ومنحتها الحق في التعليم والعمل وغيرهما، لذلك فإنّ طالبان تشوّه المبادئ الإسلامية أيضاً".

منعت الحركة النساء من العمل والتعليم وحتى الخروج من المنزل، وادّعت أنّها تمتثل إلى الشريعة، لكنّ هذا الادعاء باطل وكاذب تماماً؛ لأنّ الإسلام كرّم المرأة ومنحها الحق في التعليم والعمل وغيرهما

 

ومن جانبها، تقول شريفة حكمت: إنّه من المهم إعادة الحديث والمكاشفة حول اتفاق الدوحة، والتعرف على بنوده التي تفرض على طالبان الالتزام بسياسات محددة تجاه المرأة والأقليات، وكذلك النشاط السياسي للحركة بوجه عام.

وبحسب شريفة، "یجب أن يتم الإعلان بشكل واضح عن بنود هذا الاتفاق، التي ما تزال سرّاً حتى الآن، والتعرف ما إذا كانت بالفعل هناك نصوص تفرض على الحركة أنماطاً محددة في التعامل مع المرأة، أم أنّها مجرد أكاذيب لخداع المجتمع الأفغاني والعالم بأسره؟".

وتستدرك: "بغضّ النظر عن محتوى الاتفاق، لا أعتقد أنّ العقوبات الأخیرة ستؤثر في قرارات طالبان، أو تجبرها على التخلّي عن سياسة التعنيف والانتهاكات ضد المرأة".

هل تخلّى المجتمع الدولي عن الأفغانيات؟

تتفق الباحثتان على أنّ المجتمع الدولي لم يقدّم حتى الآن الدور المنوط به لإنقاذ الأفغانيات من سطوة طالبان، فالبرغم من بيانات الإدانة المستمرة من جانب الدول والمنظمات الحقوقية والأمم المتحدة، والتدهور المستمر لأوضاع المرأة، لم تتراجع طالبان خطوة واحدة إلى الوراء.

وتقول فاطمة حكمت: إنّه بالرغم من الانتهاكات التي تحدث للأفغانيات بشكل يومي، وعلى مرآى ومسمع الجميع، وأمام المنظمات الحقوقية الدولية، إلا أنّ الدول المعنية لم تقدّم حتى الآن الردّ الرادع لسياسات طالبان ضد الأفغانيات، على النقيض تتزايد الأوضاع سوءاً يوماً تلو الآخر، دون أدنى نور في الأفق.

وتؤكد الباحثة الأفغانية على أهمية أن يتخذ المجتمع الدولي عقوبات ذات تأثير عميق على طالبان حتى تكون رادعة.

وكذلك ترى شريفة حكمت أنّ العقوبات يجب أن تخرج من حيز "التلويح والتهديد" إلى التنفيذ الفعلي، وأن تضمن اشتراطات فعلية تجبر الحركة على كفّ أيديها عن النساء والتوقف عن ممارسة العنف والاضطهاد بحقهن.

وفي السياق، تستنكر شريفة حكمت تعاون بعض الدول مع طالبان واستضافة عناصر الحركة وعوائلهم، في حين ترفض الحركة سفر المرأة الأفغانية أو خروجها إلى التعليم والعمل، وتمارس مختلف أنواع الاضطهاد ضدها.

وتقول: إنّه "یجب علی المجتمع الدولي أن يعامل طالبان بالمثل، ویجب على كافة الدول والهيئات المعنية بالحقوق والحريات في العالم أن تتخذ إجراءات أكثر صرامة مع الحركة لإجبارها على تخفيف قيودها عن النساء، والالتزام بالتعهدات التي أعلنت عنها سابقاً".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية