هل بدأ الدبيبة خطة تمكين الإخوان من المؤسسات الاقتصادية؟

هل بدأ الدبيبة خطة تمكين الإخوان من المؤسسات الاقتصادية؟


23/08/2022

موجات متتالية من الاحتجاجات في ليبيا، تعكس الإحباط الشعبي من الأجسام السياسية؛ تخللتها الشهر الماضي اشتباكات دامية، اندلعت بين الفصائل المتناحرة في العاصمة طرابلس، وعلى الرغم من استئناف صادرات النفط، بعد تغيير قيادة النفط المثيرة للجدل، تواصلت المظاهرات العفوية المتقطعة، مدفوعة بظروف معيشية صعبة، بما في ذلك الانقطاع المتكرر للكهرباء، وعجز الجهات السياسية الفاعلة عن تشكيل توافق في الآراء بشأن الانتخابات.

 وكان المتظاهرون قد  اقتحموا الشهر الماضي مقر مبنى مجلس النواب، في مدينة طبرق الشرقية، وأضرموا فيه النيران، تحت ضغط من الحشد الشعبي، وتحريض واضح من الإخوان وحكومة عبد الحميد الدبيبة، مع تقلص احتمالية حدوث أيّ انفراج سياسي، في ظل فشل رئيس الوزراء فتحي باشاغا من تولّي السلطة في طرابلس؛ حيث أكد قادة اليمليشيات في المنطقة الغربية في 13 تمّوز (يوليو) الماضي، أنّ طرابلس "خط أحمر".

وبعد اشتباكات دامية، انتهت وفقاً لتقارير رسمية بمقتل 16 شخصاً، قام رئيس الوزراء المنتهية ولايته، عبد الحميد الدبيبة، في 22 تمّوز (يوليو) الماضي، بإيقاف وزير الداخلية خالد مازن، واستبداله مؤقتاً بوزير الحكومة المحلية بدر الدين التومي، في غضون ذلك، قام الدبيبة بإقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، واستبدله بمحافظ البنك المركزي السابق فرحات بنقدارة، ورفض صنع الله القرار في اليوم التالي، وقال إنّ تفويض دبيبة للحكم انتهى، وفي أعقاب ذلك، انتشرت الميليشيات الموالية للدبيبة خارج مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، وعينت بنجدرة رئيساً لها.

رفعت القيادة الجديدة للمؤسسة الوطنية للنفط في الإجراءات القاهرة، التي تم الإعلان عنها في نيسان (أبريل) في العديد من المنشآت النفطية، ما أتاح استئناف إنتاج النفط وتصديره في الأيام التالية؛ وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في 31 تمّوز (يوليو) الماضي، إنّ إنتاج النفط الخام عاد إلى مستويات ما قبل إجراءات القوة القاهرة، البالغة 1.2 مليون برميل يومياً.

موجات متتالية من الاحتجاجات في ليبيا

كانت وسائل إعلام عربية، على رأسها قناة "الجزيرة"، وموقع "العربي الجديد"، قد زعمت أنّ هناك تقارباً بين الدبيبة، والرجل القوي في الشرق، المشير خليفة حفتر، والجدير بالذكر أنّ الفريق عبد الرزاق الناظوري، الرجل الثاني في قيادة القوات التي يقودها حفتر، التقى بحسب ما ورد، مع الفريق محمد الحداد، رئيس أركان الجيش الليبي، لمناقشة توحيد المؤسسة العسكرية، وربما دفع ذلك الميليشيات الإخوانية للضغط على الدبيبة؛ لتحويل بوصلته مرة أخرى تجاه الإخوان.

محاولات إرضاء الإخوان

في قرار أثار حالة من الجدل، عيّن عبد الحميد الدبيبة، مصطفى أبو فناس، وهو من القيادات المحسوبة على الإخوان المسلمين، رئيساً لمجلس إدارة شركة محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار المساهمة، وهي شركة ضخمة يبلغ رأس مالها نحو خمسة مليارات دولار.

حزب تيار ليبيا للجميع، اعترض بشدة على قرار الدبيبة، وقال رئيس مكتبه السياسي، فتحي البعجة، إنّ قرار تعيين أبو فناس، في هذا المنصب المهم، هو محاولة من الدبيبة لاسترضاء الإخوان والتعاون معهم؛ لضمان البقاء في السلطة.

أحمد الشركسي: الدبيبة بصدد وضع مجموعة من الكومبارس على رأس المؤسسات لتمويل حكومته عبر قرصنة الشركات العامة، والاستيلاء على المال العام في البلاد

البعجة قال في تصريحات لـشبكة "إرم نيوز"، إنّ "أبو فناس، وأشقاءه من الإخوان يحظون بمناصب قيادية، والدبيبة يتعاون مع الإخوان من أجل إرضائهم للبقاء في موقعه". وأضاف: "الدبيبة، يعرف كذلك أنّ الإخوان مدخل إلى تركيا، وأنّ الرئيس التركي أردوغان يدعمهم؛ ولذا هو يحاول التقرب منه، خاصّة بعد فتح أردوغان الحوار مع فتحي باشاغا، ولذلك، الدبيبة بصدد دغدغة مشاعر الإخوان".

وأعرب رئيس المكتب السياسي لحزب تيار ليبيا للجميع، عن شكوكه في أنّ هناك تدابير يجري التخطيط لها سراً "في ظل التطورات الأخيرة المتسارعة، خاصّة أنّ أهالي طرابلس يطالبون بدخول فتحي باشاغا"، بحسب تعبيره.

من جهته، كشف عضو ملتقى الحوار السياسي بجنيف السويسرية، أحمد الشركسي، في تصريحات صحافية، أنّ الدبيبة، يسعى من خلال مثل هذه التعيينات إلى السيطرة على مفاصل الدولة. وأضاف: "الدبيبة، بصدد وضع مجموعة من الكومبارس على رأس المؤسسات؛ لتمويل حكومته عبر قرصنة الشركات العامة، والاستيلاء على المال العام في البلاد". ما يتفق هنا مع تصريحات سابقة لرئيس حكومة الاستقرار الوطني فتحي باشاغا، والتي اتهم حكومة الدبيبة، بالرغبة في السيطرة والاستيلاء على الحكم، بمساعدة المرتزقة، وبعض الدول التي تسعى إلى الحفاظ على مصالحها في ليبيا.

 فتحي البعجة: قرار تعيين أبو فناس، في هذا المنصب المهم، هو محاولة من الدبيبة لاسترضاء الإخوان والتعاون معهم

بدوره، لم يستغرب رئيس مجموعة العمل الوطني الليبية، خالد الترجمان، من إقدام الدبيبة على تعيين أبو فناس في هذا المنصب، مؤكداً بحسب تصريحاته التي نقلتها شبكة "إرم نيوز"، إنّ "الدبيبة، يحاول القيام بكل شيء للبقاء في منصبه، بما في ذلك تعيين الإخوان في مناصب في الدولة"، موكداً أنّ مصطفى أبو فناس "كان دائماً موجوداً في كل الأدوار، وهو أحد أبرز أذرع الإخوان داخل كل مؤسسات الدولة الليبية والوزارات، وأمثاله كثيرون، يدخلون الآن للوزارات والمحافظ الاستثمارية ومؤسسات الدولة؛ لبناء كوادر حزبية للإخوان في هذه القطاعات".

لعبة تقسيم الأدوار

الناشط السياسي الليبي محمود الكزة، خصّ "حفريات" بتصريحات، لفت فيها إلى أهمية محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار المساهمة، باعتبارها أهم منافذ تحويل الأموال، أو التلاعب بها، وكذلك لضخامة رأسمالها. وتابع: "مصطفى أبوفناس، شغل منصب وزير الإقتصاد لفترة مؤقتة في حكومة علي زيدان، والتي تم تشريعها من قبل المؤتمر الوطني آنذاك، وهو أحد أهم أفراد حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في ليبيا".

محمود الكزة: مصطفى أبوفناس له مواقف معادية للجيش الوطني الليبي، إبان محاربة الإرهاب، بل وبارك التفجيرات والاغتيالات، وهو الذي تماهي مراراً مع فتاوى الغرياني ويسعى كبقية الإخوان إلى تمدد التنظيم مرة أخرى

وأكد المصدر أنّه ما بات جليّاً تحكم الإخوان في حكومة الدبيبة، عن طريق وزرائها وإداراتها الوسطى، ولفت إلى أنّ نقد الإخوان في بعض الوقت للحكومة هو من سبيل المناورة، فكل ما يجري بين الحكومة والتنظيم محسوب ومضبوط بدقة متناهية، وتناسب ثابت، وكل شيء سيستمر حتماً، طالما أنّ هناك أموالاً يُؤذن بصرفها، وكل منهم يرى الآخر حليفاً يضمن بقاءه في المشهد.

وكشف الكزة أنّ مصطفى أبوفناس له مواقف معادية للجيش الوطني الليبي، إبان محاربة الإرهاب؛ بل وبارك التفجيرات والاغتيالات، وهو الذي تماهى مراراً مع فتاوى الغرياني، ويسعى كبقية الإخوان إلى تمدد التنظيم مرة أخرى في ليبيا ومصر ودول المغرب العربي.

 

مواضيع ذات صلة:

كيف يشكل ترشح الدبيبة خطراً على الانتخابات الليبية؟

الدبيبة يناقض التوجهات المحلية والدولية بما يتعلق بالمرتزقة.. ماذا طلب من أردوغان؟

الانقسامات تعصف بليبيا: ما مصير حكومة الدبيبة؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية