هل بات "تيك توك" أداة بيد "مشايخ التطرف" في ألمانيا؟

هل بات "تيك توك" أداة بيد "مشايخ التطرف" في ألمانيا؟


17/05/2022

إلهام الطالبي

"هل يُسمح للمرء بارتداء قميص عليه العلم الوطني؟ إنه حرام لأن العَلَم الوطني تعبير عن الجاهلية، ولا يتماشى مع تعاليم الدين. وهل يُسمح بأن يذهب المرءُ إلى صالة الرياضة؟ لا، لأنه سيرى عورات النساء، وأيضاً بسبب الموسيقى"... أسئلة كثيرة يطرحها متابعون على مشاهير يدّعون أنهم شيوخ وأئمة على منصة "تيك توك"، وتحظى فيديوهاتهم بنسب مشاهدة عالية تصل إلى الملايين، مثل فيديو "هل يُسمح للمرء بالتأمين على السيارة؟"، الذي شاهده نحو 3 ملايين على منصة "تيك توك".

ومن بين نجوم هذه القنوات على "تيك توك" شيخ سلفي يُدعى "أبو البراء" تحظى فيديوهاته بشهرة واسعة، بسبب قدرته الخطابية، وحسّه الفكاهي، ويقدم فتاوى باللغة الألمانية.

التقرب لغير المسلم

يُشار إلى أن خطب "أبو البراء" مراقبة من قبل مكتب حماية الدستور الألماني (وكالة أمن محلية ألمانية مهمتها الرئيسة مراقبة أي تهديد للنظام الديمقراطي الحر لجمهورية ألمانيا الاتحادية).

"أبو البراء" يخضع للمراقبة بسبب تحريضه على خطاب الكراهية ضد غير المسلمين والأقليات، وهذا ما يظهر من خلال إجابته عن أحد أسئلة المتابعين، بشأن "هل يجوز للمسلم أن يقول لغير المسلم أخي؟". واستدل في جوابه بآيات من القرآن لينتقد بعض المسلمين في ألمانيا، الذين ينادون غير المسلمين بأخي".

ويُعد أبناء المهاجرين المسلمين غير متحدثين باللغة الألمانية من أكثر الفئات المستهدفة من هذا الخطاب المتطرف، الذي يسعى إلى جعل المراهق المسلم ينظر إلى دينه على أنه لا يتماشى مع قوانين الدولة المدنية.

خوارزميات "تيك توك"

يتابع منصة "تيك توك" أكثر من مليار مستخدم، 60 في المئة منهم تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً، وهي الفئة العمرية الحساسة، التي يستهدفها اليمنيون المتطرفون أو المتشددون الإسلاميون.

تراقب منصة "تيك توك" خوارزميات المستخدمين، والفيديوهات التي تثير اهتمامهم، فخلال مشاهدة فيديوهات عن موضوعات معينة لفترة أطول، تحدد الخوارزميات طبيعة المحتويات، الذي قد ينال إعجاب المستخدم، وتقترح عليه فيديوهات مشابهة، وتتميز المنصة بنظام خوارزميات دقيق.

تسهم فتاوى شيوخ "تيك توك" الألمان في تغيير نظرة الشباب المسلم لدينهم، مثل بعض الاستفسارات حول "هل يسمح لي العمل كممرضة أو أن أسوق الحافلة"، وكانت إجابة أحد الأئمة بأنها "حرام".

ولفهم سبب انتشار الخطاب المتطرف على منصة "تيك توك" في ألمانيا. يقول يوسف المساتي، باحث في التراث وتاريخ الإسلام ومتخصص في الخطاب المتطرف، "قد يستغرب الإنسان من تنامي هذه الخطابات بالبلدان الغربية، التي لها خصوصيات ثقافية تتسم بالتنوع والاختلاف".

ويضيف المتخصص في الخطاب المتطرف، "لكن في الحقيقة فإن هذا الأمر طبيعي، لأن عدداً من رجال الدين تؤطرهم فكرة الاغتراب، التي ربما تجد جذورها في الولاء والبراءة، أو الغربة".

مجموعة معزولة

المساتي يرى أن "مثل هذه الخطابات تهدف إلى جعل المسلمين مجموعة متميزة ومعزولة عن محيطها، أجسادها في أوروبا القرن الواحد والعشرين، وعقولها في الرقة خلال زمن هارون الرشيد".

وأوضح المساتي، أن عدداً من رجال الدين يسعون إلى فصل المسلمين عن محيطهم، وهو ما يوفر أيضاً دوراً اجتماعياً لهؤلاء، لنتخيل أن المسلمين مندمجون بشكل طبيعي في مجتمعاتهم، فهل ستنشأ الحاجة إلى هؤلاء الدعاة المتشددين؟ طبعاً لن تكون، إذا تحويل المسلمين إلى مجموعة معزولة بممارسات وسلوكيات خاصة ومتمايزة، والترويج لفتاوى تجاوزتها حتى الأدبيات السلفية هو الحل لضمان هذا الرأسمال الرمزي".

ويشار إلى أن منصة "تيك توك" انضمت إلى مدونة قواعد السلوك للاتحاد الأوروبي، بشأن محاربة خطاب الكراهية غير القانوني.

النهج التجاري

وحول استخدام المتشددين في ألمانيا لمنصة "تيك توك" لأجل الترويج للخطابات المتطرفة. يقول يوسف المساتي، "هو نهج اتبعته الحركات الدعوية، ويطلق عليه أسلمة وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة، وجعلها في خدمة الدعوة والإرشاد، وهنا تحدد الفئة المستهدفة وطبيعة انشغالاتها ومتطلباتها، وتطور خطابها الديني بناءً على الحاجة، فمثلاً المراهق الذي كان يبحث عن فيديو لرقص قد تقوده الخوارزميات على منصة "تيك توك" إلى فيديو عن الرقص، لكن من زاوية متشددة، وبعد ذلك يجد نفسه يشاهد عدداً من الفيديوهات المتطرفة في البداية بدافع الفضول إلى أن يتحول إلى متابع وفيّ لهذه القنوات".

ويتابع المتخصص في الخطاب المتطرف، "هذه القنوات المتشددة تستخدم نهجاً تجارياً من خلال تحديد الفئة المستهدفة، وتطوير الخطاب ليصبح مغرياً لها، وهنا نحن أمام فئة تدرك أهدافها، وتجمع بين الخطاب الديني والبعد التجاري، وتستفيد من خوارزميات "تيك توك" للوصول لعدد كبير من الشباب، والمساهمة في تشكيل وعيهم الديني وخلق انفصال بينهم وبين المجتمع الذي يعيشون فيه".

وأظهرت دراسة أجراها معهد الحوار الاستراتيجي حول محتوى الكراهية على منصة "تيك توك"، أنه يتم خداع أنظمة الإشراف الآلي ببساطة بأغاني البوب​​والأخطاء الإملائية، لأجل نشر محتويات متطرفة.

وأجرت الدراسة بحثاً على عينة من 1030 مقطع فيديو، كما كشفت عن أن عدداً كبيراً من الفيديوهات المحرضة ضد الكراهية لم يتم حذفها من على منصة "تيك توك".

عن "اندبندنت عربية"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية