هل السعودية في حاجة إلى منظمة "أوبك"؟

السعودية

هل السعودية في حاجة إلى منظمة "أوبك"؟


09/03/2020

تحوَّل اتفاق استمرّ ثلاثة أعوام بين "أوبك" وروسيا إلى خلاف، بعد رفض موسكو دعم تخفيضات نفطية أعمق للتعامل مع تفشي فيروس كورونا، وردّ "أوبك" بإلغاء جميع القيود على إنتاجها.
وتصاعدت تساؤلات محللين نفطيين حول المدى الذي تخدم فيه عضوية المملكة العربية السعودية في منظمة "أوبك"، المؤلفة من 14 عضواً منتجاً، مصالح المملكة؟ وهل سيكون من الأفضل للمملكة أن تبادر لقيادة اتحاد أصغر من كبار المنتجين، أو ربما مغادرة الاتحاد بالكامل؟

وزير الطاقة الروسي: لم يعد هناك اتفاق لإنتاج النفط بين روسيا وحلفائها وأعضاء منظمة أوبك

وذكر تحليل آخر، نشرته وكالة "رويترز"؛ أنّ رفض روسيا دعم تخفيضات الإمداد الطارئة سيقوّض على نحو فعال وخطير، بمعنى جيو سياسي ثانٍ، قدرة "أوبك+" (أي تحالف "أوبك" مع روسيا) على لعب دور المنتج الذي يضبط استقرار أسعار النفط، كما قد يكون لانهيار المحادثات تبعات أكبر تأثيراً؛ إذ كانت السعودية وروسيا تستخدمان محادثات النفط لبناء شراكة سياسية أوسع نطاقاً بينهما، وهو بمعنى رابع سيفرض ضغوطاً على شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكي، التي ترتفع التكاليف لديها مقارنة بتكاليف الإنتاج الروسي والسعودي.
وقال وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك: "لم يعد هناك اتفاق لإنتاج النفط بين روسيا وحلفائها وأعضاء منظمة أوبك"، مضيفاً: "دول مجموعة "أوبك +" ستواصل مراقبة الوضع في السوق"، وقال نوفاك، كما نقلت "رويترز": "بالنظر إلى القرار المُتخذ، فإنّه اعتباراً من أول نيسان (أبريل) المقبل لم يعد مطلوباً منا، أو من أي من دول أوبك، أو الدول غير الأعضاء في المنظمة، القيام بتخفيضات إنتاج (نفط)".

أدنى مستوى للأسعار منذ 2017
وهوت أسعار النفط عشرة بالمئة؛ إذ جدّد التطور المخاوف من شبح انهيار الأسعار في 2014، عندما تنافست السعودية وروسيا على الحصص السوقية مع منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة التي لم يسبق لها مطلقاً المشاركة في اتفاقات الحدّ من الإنتاج.

اقرأ أيضاً: ما قصة إيقاف فيسبوك لحسابات قطرية تهاجم السعودية والإمارات؟
وأوردت "رويترز" أنّ خام برنت فقد نحو ثلث قيمته منذ بداية العام الجاري؛ إذ هوى إلى 45 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ 2017، مما يضع الدول الشديدة الاعتماد على النفط والعديد من الشركات النفطية تحت ضغط كبير، في الوقت الذي يترنح الاقتصاد العالمي؛ بسبب تفشّي الفيروس الذي أضعف نشاط الأعمال وجعل الناس يحجمون عن السفر، ولدى سؤاله عما إذا كانت لدى السعودية خطط لزيادة الإنتاج، قال وزير الطاقة بالمملكة، الأمير عبد العزيز بن سلمان، للصحفيين: "سأترككم تتساءلون".
تباطؤ صخري
وبخلاف العلاقات بين موسكو والرياض؛ فإنّ تراجع أسعار النفط سيفرض ضغوطاً على شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكي، التي ترتفع التكاليف لديها مقارنة بتكاليف الإنتاج الروسي والسعودي، رغم أنّ كثيرين من منتجي النفط الصخري متحوطون على نحو جيد من انخفاض الأسعار، بحسب "رويترز" التي نقلت عن كريستيان مالك، رئيس أبحاث النفط والغاز لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى "جيه بي مورجان"، قوله: "تكشف هذه الأزمة أنّ السعودية ليست راغبة في دعم منتجي النفط الصخري وغيره، هم يعجلون التباطؤ في (النفط) الصخري".

اقرأ أيضاً: كيف يُهدد حزب الإصلاح الإخواني في اليمن أمن السعودية؟
وتقلصت توقعات نمو الطلب عام 2020، لكنّ موسكو تقول منذ فترة طويلة؛ إنّه من المبكر جداً تقييم الأثر.
وقال الكرملين إنّ الرئيس فلاديمير بوتين لا يعتزم التحدث مع القيادة السعودية، وهو إعلان حطم الآمال في إمكانية اقتناص اتفاق على مستوى الزعماء، ويعني انهيار الاتفاق أنّه سيكون بوسع أعضاء "أوبك" والمنتجين من خارجها الضخّ نظرياً، كما يحلو لهم في سوق متخمة أصلاً.
وقال بيورنار تونهاجن، من ريستاد إنرجي، وفق تقرير "رويترز": "هذا تطور غير متوقع، وهو أسوأ بكثير من أسوأ تصوراتنا، وسيوجِد واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ أسعار النفط".

ما حاجة السعودية إلى "أوبك"؟
وكان "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" قد نشر في وقت سابق تحليلاً كتبه الباحث جيم كرين، تساءل فيه عما إذا كانت السعودية في حاجة إلى منظمة "أوبك"؟ وأضاف: "إلى أي مدى تخدم عضوية السعودية في منظمة "أوبك"، المؤلفة من 14 عضواً منتجاً، مصالح المملكة؟ هل سيكون من الأفضل للمملكة أن تبادر بقيادة اتحاد أصغر من كبار المنتجين، أو ربما مغادرة الاتحاد بالكامل؟".

انهيار الاتفاق يعني أنّه سيكون بوسع أعضاء "أوبك" والمنتجين من خارجها الضخّ نظرياً، كما يحلو لهم

ويرى الباحث كرين أنّ هنالك عوامل مختلفة تحفز الرياض على عملية إعادة النظر هذه، من ضمنها عدم التكافؤ في أعباء السعودية عند الامتثال لخفض إنتاج "أوبك"، وما يترتب على ذلك من خسائر للمملكة من حصتها في سوق النفط، وتجنّب عقوبات الولايات المتحدة المحتملة ضدّ الاحتكار، والقضايا المالية الداخلية، واحتمال زيادة فاعلية اتحاد أصغر من المنتجين، كما أنّ منظمة "أوبك"، بتركيبتها الحالية، قد تحدّ من حرية المملكة العربية السعودية في المناورة، للتجاوب مع الإجراءات المناخية فيما يخصّ الوقود الأحفوري.
في المقابل؛ فإنّ كرين يلفت إلى أنّ إجراءات "أوبك" في تقييد إنتاج النفط تحسّن من إيرادات جميع المنتجين، في حين أنّ استخدام قدراتها الاحتياطية يفيد المنتجين والمستهلكين على حدّ سواء؛ أي إنّ ما يعزز مسألة الاحتفاظ بمنظمة "أوبك"، بشكل أو بآخر، هو سجل مسار العمل الجماعي الناجح للمنظمة، والذي يشمل الاستعداد الجيد للسياسات الأصعب، التي يتطلبها التغيّر المناخي، وفي نهاية المطاف استقرار سوق النفط.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية