هل اخترق أردوغان المغرب من بوابة الاقتصاد؟

المغرب

هل اخترق أردوغان المغرب من بوابة الاقتصاد؟


07/01/2020

"لم يعد لديّ مورد رزق، لأعيل أطفالي، أصبحنا نعيش ظروفاً اجتماعية صعبة" بهذه العبارات تصف ثورية رجا، العاملة السابقة في معمل لنسيج بالحي الصناعي، وضعيتها الاقتصادية، عقب إفلاس الشركة التي عملت فيها.
تعيش ثورية في حيّ البرنوصي في مدينة الدار البيضاء، بعد أن عملت أزيد من 20 عاماً، خياطة في شركة النسيج، لكنّها فقدت عملها قبل أربعة أعوام.

"المنتوجات التركية ألحقت بنا أضراراً كبيرة"

تنحي ثورية، البالغة من العمر 48 عاماً، باللائمة إلى غزو السلع التركية السوق المغربية، وتقول لـ "حفريات": "كان قطاع النسيج حيوياً بالمغرب، وكان مورد رزق لعدد كبير من العائلات المغربية، لكنّ المنتوجات التركية ألحقت بنا أضراراً كبيرة، فزبون يبحث عن سلع رخيصة ولا يهتم إذا كان سيضر باقتصاده، ...".

إلى جانب الاقتصاد، سعى حزب العدالة والتنمية المغربي إلى تعزيز العلاقات بين أنقرة والرباط لتشمل التعليم

وأكّدت دراسة للجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة؛ أنّ الغزو الكبير للمنتجات التركية للمغرب سجل في الأعوام الماضية ارتفاعاً، مشيرةً إلى أنّ ذلك ألحق أضراراً بالشركات المغربية العاملة في القطاع، ما نتج عنه إغلاق شركات وتسريح عمال.
ويُشغل قطاع النسيج والألبسة حوالي 420 ألف شخص، وفق أرقام عام 2016، وخسرت في الأعوام الخمسة الماضية، حوالي مئة ألف منصب شغل بمعدّل 20 ألفاً سنوياً، بحسب الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة.
عاملات يعشن ظروفاً صعبة
ويعدّ قطاع النسيج والملابس أحد ركائز الاقتصاد المغربي، ويُساهم في 27% من فرص العمل، و7% من القيمة المضافة في المجال الصناعي، وتُشغل صناعة النسيج 42% من اليد العاملة في القطاع الصناعي.

اقرأ أيضاً: هل يلجأ الإسلاميون في المغرب للخطاب الشعبوي لتبرير فشلهم السياسي؟
فقدت نادية شتوي عملها في الحي الصناعي بعين السبع الدار البيضاء، كمسؤولة في معمل للخياطة، وتعيش حالياً على المساعدات الاجتماعية، وتقول لـ "حفريات": "كُنت أعيل أسرة تتكون من خمسة أفراد، كان المعمل يشغل الكثير من النساء الأرامل والمطلقات، بعد إغلاق المعمل أغلبهن يعشن ظروفاً صعبة، ولا أحد يدعمنا أو يقف إلى جانبنا".

أغرقت تركيا السوق المغربية بسلع أدت إلى فقدان حوالي 46 ألف منصب شغل
وتُقرّ الحكومة، وفق تقرير أرفقته مع مشروع قانون مالية 2020، بأنّ تركيا تستفيد بشكل كبير من اتفاقية التبادل الحرّ؛ إذ ارتفع العجز التجاري للمغرب مع هذا البلد بشكل كبير لينتقل من 4.4 مليارات درهم عام 2006، إلى 16 مليار درهم (1 دولار يساوي 9,60 درهم مغربي (، عام 2018.
فقدان حوالي 46 ألف منصب
وبحسب كاتبة الدولة المكلفة بالتجارة الخارجية التابعة لوزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المغربي؛ فإنّ الارتفاع المستمر لصادرات المنتوجات التركية إلى المغرب خلال الأعوام الماضية، ساهم في فقدان حوالي 46 ألف منصب شغل، في الفترة الممتدة بين 2013 و2016.

اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" المغربي.. هل حانت نهاية الحزب الإسلامي في الحكم؟
وكانت كاتبة الدولة، في معطيات أوردتها جواباً على سؤال كتابي لبرلماني ينتمي لحزب العدالة والتنمية، كان يُدافع عن السلع التركية، أشارت إلى أنّ هذا الارتفاع المستمر في المنتوجات التركية بالمغرب أدّى إلى إضعاف الوحدات الصناعية المحلية.
حبيبة من عاملة في الخياطة إلى عاملة نظافة تقف في الشارع تنتظر فرصة عمل في التنظيف، تقول لـ "حفريات": "من الصعب أن أجد فرصة عمل في الخياطة، لا يوجد لدي بديل سوى تنظيف البيوت بمقابل زهيد".
انخفاض في متوسط أسعار واردات النسيج
أكثر الفئات الاجتماعية تضرراً من "الغزو التركي" للاقتصاد المغربي، هي الطبقة العاملة التي باتت تعيش ظروفاً صعبة.
وترى كاتبة الدولة أنّ منتجات تركيا أحدثت خسائر مهمة في مناصب الشغل في قطاع حساس، مشيرة إلى انخفاض مستوى الإنتاج المحلي الموجه إلى السوق المحلية من 13 إلى 11 مليار درهم )1 دولار يساوي 9,60 درهم مغربي(.
وسجلت السلطات المغربية انخفاضاً في متوسط أسعار واردات النسيج والملابس المستوردة من تركيا، مقارنةً بالواردات القادمة من الدول الأخرى، لا سيما من دول الاتحاد الأوروبي والصين.
حزب العدالة والتنمية المغربي رفض تعديل بنوذ اتفاق التبادل الحر بين المغرب وتركيا

المستهلك المغربي يخضع لأيّ توجه
ويرى الباحث في القانون، رشيد سلامي، أنّه لا يمكن أن نتحدث عن غزو تركي ثقافي واقتصادي للمغرب، مشيراً في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ القنوات التلفزيونية التابعة لدولة المغربية والممولة من ضرائب المواطنين هي من كانت تبث المسلسلات التركية التي تلعب دوراً مهماً في إشهار المنتجات التركية، وهي من فتحت الأبواب لتركيا لتصل إلى المستهلك المغربي".

أعرب تجار مغاربة عن ترحيبهم بقرار فرض الرسوم الجمركية على السلع التركية، بعد إغراق تركيا السوق المغربية بمنتوجاتها

ويعتبر سلامي: أنّ "مؤسسات الدولة المغربية يجب أن تنمي وعي الفرد المغربي، كي لا يكون مستلباً".
وأشار الباحث المغربي إلى أنّ المستهلك المغربي لديه قابلية ليخضع لأيّ توجه سواء تركي أو غيره، بسبب الفراغ على مستوى جودة المنتجات بالمغرب.
واستفادت الواردات التركية من ولوج تفضيلي للسوق المغربية بفضل اتفاقية التبادل الحرّ الموقعة بين المغرب وتركيا، التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2006.
وعقب الارتفاع الكبير في واردات النسيج التركي إلى المغرب، اتخذت السلطات المغربية قراراً برفع رسوم الاستيراد على منتجات النسيج والملابس المستوردة من تركيا.

حزب العدالة والتنمية المغربي والغزو التركي

وأعرب عدد من التجار المغاربة عن ترحيبهم بقرار فرض الرسوم الجمركية على السلع التركية، بعد معاناتهم الطويلة مع إغراق تركيا السوق المغربية بمنتوجاتها.
ومن جهته، يرى أحمد الطاهري، المسؤول في معمل نسيج، أنّ حزب العدالة والتنمية ساهم بشكل كبير في غزو السلع التركية المغرب، مضيفاً في تصريحه لـ "حفريات": "بمجرد أن وصل حزب العدالة والتنمية المغربي إلى الحكومة، دعم الشركات التركية لغزو السوق المغربية".

اقرأ أيضاً: هل يستغل الإسلاميون في المغرب الحريات الفردية لإطاحة خصومهم؟
ويتابع الطاهري: "حزب العدالة والتنمية المغربي رفض تعديل بنود اتفاق التبادل الحر، الذي يغرق المغرب بالسلع التركية وساهم في إفلاس عدة معامل".
وإلى جانب الاقتصاد، سعى حزب العدالة والتنمية المغربي إلى تعزيز العلاقات بين أنقرة والرباط لتشمل التعليم، ويدرس أبناء قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي وعدد كبير من شبيبة الحزب في تركيا، مستفيدين من المنح الدراسية المقدمة لهم من الجامعات التركية، مع إعفاء من الرسوم الدراسية، إضافة إلى توفير إقامة وتأمين صحي وتذاكر طيران مجاناً.
ولعبت سمية بن خلدون، إحدى أبرز الشخصيات النسائية في حزب العدالة والتنمية، دوراً مهماً في الانفتاح المغربي على تركيا، وكانت قد وقّعت أول مذكرة اتفاق في مجال التعليم العالي بين أنقرة والرباط، خلال فترة توليها منصب الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية