هكذا تستغل إيران التنظيمات السنّية المتطرفة

هكذا تستغل إيران التنظيمات السنّية المتطرفة


12/11/2020

سعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، منذ تأسيسها العام 1979، إلى اختراق الدول العربية عبر إقامة علاقات مشبوهة مع التنظيمات المتطرفة، لتكون أداة لاستخدامها ضدّ أنظمة الحكم القائمة، مستغلة الدين الإسلامي، وشعار الوحدة الإسلامية في مواجهة "الاستكبار العالمي"، وسيلةً لاستقطاب الجماعات المسلحة السنيّة، وتوظيفها في بثّ الرعب في نفوس الشعوب العربية، وزعزعة الاستقرار الاجتماعي فيها، وبثّ بذور التفرقة بين الإخوة في المجتمع الواحد.

وتحاول الجمهورية الإيرانية بتقاربها مع هذه التنظيمات نشر التعصب المذهبي والكراهية والفرقة والحقد، ونشر ثقافة ولاية الفقيه الهادفة إلى إسقاط الأنظمة العربية، وإقامة الإمبراطورية الفارسية على أنقاضها.

 

إيران تستغل شعار الوحدة الإسلامية وسيلةً لاستقطاب الجماعات السنيّة، وتوظيفها في بثّ الرعب وزعزعة الاستقرار

وفي السياق، كشفت دراسة حديثة عن العلاقات الخفية بين إيران والجماعات السنيّة، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين وجماعة الجهاد الاسلامي وجماعة الترابي في السودان والقاعدة وتنظيم داعش وحركة النهضة في تونس وحماس، وغيرها من الجماعات الإسلامية السنيّة.

وبدأت الدراسة الصادرة عن المكتب العربي الأوروبي للأبحاث والاستشارات السياسية، بعنوان "إيران والتنظيمات السنيّة المتطرفة: الغاية تبرر الوسيلة" بإلقاء الضوء على الصفقة بين تنظيم "داعش" وحزب الله البناني" في تشرين الأول (أكتوبر) 2017، وقالت الدراسة: أثارت مسألة قافلة داعش المنسحبة من الحدود اللبنانية وتعاطف حزب الله الإنساني معها تساؤلات عن حقيقة العلاقة بين التنظيمين الإرهابيين، وهما المتناقضان ظاهرياً من الناحية المذهبية والعقائدية، والمتقاتلان في الكثير من مناطق القتال في سوريا.

الدراسة تكشف علاقة إيران مع جماعة الإخوان والجهاد الاسلامي وجماعة الترابي والقاعدة وداعش وحركة النهضة وحماس

وتابعت الدراسة: إنّ المسألة تعود إلى أبعد من الأزمة السورية وحتى العراقية، وهما الساحتان اللتان ظهر فيهما تنظيم داعش الإرهابي، بل تتجاوز كل الحدود، لأنها تشير إلى موقف سياسي إيراني كرّس منذ ثورة الخميني مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، ونقل النموذج الإيراني إليها، ومن أجل تحقيق هذه الغاية الاستراتيجية، يبرر الولي الفقيه الوسيلة، وهي التحالف مع الحركات المتطرفة داخل الطائفة السنيّة،  باستخدام مخادع لشعار الوحدة الإسلامية.

وأوضحت أنّ تاريخ العلاقات التي ربطت طهران بالتنظيمات السلفية والأصولية والتكفيرية، وفي مقدمتها الجهاد الإسلامي في مصر، تعود بين الجانبين إلى1979، فقد سعت إيران بقوة منذ نجاح ثورة الخميني إلى توثيق صلاتها بالحركات الإسلامية في مصر، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد، وهو ما ظهر بقوة خلال زيارة وفد التنظيم الدولي للجماعة بقيادة رجل الأعمال يوسف ندا لطهران وتقديمه التهنئة للخميني بنجاح الثورة.

وأيّدت جماعة الإخوان المسلمين الجمهورية الإسلامية في 1979؛ وعدّتها نصراً لرؤية الجماعة، وأنها أول حكومة إسلامية منذ انهيار الخلافة العثمانية، وارتبطت مع إيران بجميع فروعها في البلدان العربية بعلاقة وطيدة كُشفت بعد "الربيع العربي".

شعار الوحدة الإسلامية في مواجهة "الاستكبار العالمي" وسيلةً لاستقطاب الجماعات المسلحة السنيّة، وتوظيفها في بثّ الرعب في نفوس الشعوب العربية، وزعزعة الاستقرار الاجتماعي فيها

وجمعت الإخوان المسلمين بإيران علاقة لها جذور تاريخية تعود إلى تأسيس جماعة الإخوان، المصنفة لدى الكثير من الدول أنّها جماعة إرهابية؛ فإيران تحافظ على علاقة جيدة مع جماعة الإخوان المسلمين في العديد من البلدان، وتسمح لفرعها في الجمهورية الإسلامية، الذي يترأسه عبد الرحمن بيراني، بممارسة نشاطاته دون أيّ محاذير.

اقترب مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا من الشيعة بشكل كبير، ولم يُخفِ مرشد الإخوان السابق مهدي عاكف علاقته الجيدة بالشيعة؛ ففي معرض تعليقه على كشف السلطات الأمنية المصرية خلية حزب الله، قال: "من واجب مصر أن تشكر حزب الله لا أن تحقق معه"، وكان في رأيه "من حقّ إيران أن تفعل ما تشاء".

أمّا عن علاقة تنظيم داعش الإرهابي بايران، فقد أكّد الناطق الرسمي باسم تنظيم داعش أبو محمد العدناني، الذي قُتل في آب (أغسطس) 2016، في كلمة بثها أحد المواقع التابعة لتنظيم داعش، حملت عنوان "عذراً أمير القاعدة"، أنّ داعش امتنعت عن توجيه أيّ ضربات لإيران، امتثالاً لأمر القاعدة، حفاظاً على مصالحها وخطوط إمدادها في إيران.

 وقدّمت إيران الدعم اللوجستي للقاعدة في أفغانستان ودرّبت أعضاءً في التنظيم، وكانت معبر الإرهابيين إلى العالم.

وورث تنظيم داعش عن القاعدة تحالفه مع إيران؛ حيث أدار زعيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي، الذي كان مقيماً لفترة طويلة في إيران، عدداً من العمليات الإرهابية في دول عدّة، ونال دعماً إيرانياً كبيراً، قبل أن ينفصل عن التنظيم ويتحوّل مع جماعات أخرى إلى تشكيل نواة "داعش"، الذي حقق بقيادة البغدادي سلسلة انتصارات مكّنته من السيطرة على ثلثي مساحة العراق، وبعض المناطق- تضمّ محافظتين كبيرتين- في سوريا.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية