هجوم كفر سوسة بدمشق: تعددت الأسباب الإسرائيلية.. والهدف واحد

هجوم كفر سوسة بدمشق: تعددت الأسباب الإسرائيلية.. والهدف واحد

هجوم كفر سوسة بدمشق: تعددت الأسباب الإسرائيلية.. والهدف واحد


01/03/2023

في المكان ذاته الذي قتل فيه القيادي اللبناني البارز في حزب الله، عماد مغنية، ثمانينات القرن الماضي، وربما في توقيت مماثل لذكرى عملية الاغتيال، تعرضت منطقة كفر سوسة بوسط العاصمة السورية دمشق لاستهداف إسرائيلي طاول قيادات إيرانية وآخرين من الجيش السوري. هذا الاعتداء الإسرائيلي الثاني، الذي استهدف أحد المباني الأمنية القريبة من منشأة إيرانية عسكرية، خلال العام الحالي، يتزامن وتحولات، أمنية وجيوسياسية، جمّة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.

ما بعد حروب الظل

تؤشر هذه التداعيات السياسية الدولية إلى توسع نطاق الصراع المحتدم بين موسكو، من جهة، والغرب والولايات المتحدة، من جهة أخرى، لمنطقة الشرق الأوسط، وذلك عبر تزايد المواجهات العسكرية الخشنة بين إسرائيل وإيران التي تعرف بـ"حرب الظل".

ومثلما قامت تل أبيب بتنفيذ ضربة عسكرية في أصفهان، وفق مسؤولين أمريكيين، بينما استهدفت منشأة عسكرية مرتبطة بتصنيع المسيرات الإيرانية التي تخوض حرباً إلى جانب موسكو في كييف، فإنّ الاعتداء الإسرائيلي على دمشق بدا مغايراً عن سوابقه، والذي كان يقتصر على مواقع أمنية وعسكرية تابعة لميليشيات الحرس الثوري الإيراني في أطراف العاصمة دمشق وريفها، فضلاً عن مناطق أخرى.

الباحث مايكل مورغان: إسرائيل تعمل على إضعاف الذراع العسكرية لإيران

فمن المتعارف عليه في الأوساط الأمنية والاستراتيجية الغربية والأمريكية هو "العداء الشديد" بين تل أبيب وطهران، حيث تهدد الأخيرة دائماً من خلال التأكيد على ضرورة حيازة السلاح النووي والقنبلة النووية لأغراض عسكرية وليست سلمية بـ"نسف إسرائيل من على خريطة العالم"، حسبما يوضح الباحث السياسي بمركز لندن للدراسات السياسية والاستراتيجية، مايكل مورغان، موضحاً لـ"حفريات" أنّ إسرائيل تعتبر بمثابة "الولاية رقم 51 المتواجدة خارج حدود الأمريكيتين وهي بمثابه ذراع الولايات المتحدة الأمريكية في منطقه الشرق الأوسط، كما دافعت الولايات المتحدة الأمريكية، مراراً وتكراراً، عن إسرائيل، بل وقدمت العديد من التنازلات السياسية والمادية والاستراتيجية، لتحقيق أمن إسرائيل. وقد كان الاتفاق النووي مع إيران في فترة الرئيس السابق باراك أوباما منعطفاً أثر سلباً على إسرائيل، حيث قدمت واشنطن لايران العديد من الأموال في عهد الرئيس الأمريكي السابق بينما رفعت عن إيران العديد من العقوبات الاقتصادية، الأمر الذي لم ترحب به تل أبيب وقد صرحت بأنّ تلك الخطوات تعد بمثابة دعم للملف النووي وليس العكس".

الهجوم الإسرائيلي أصاب تجمعاً لخبراء فنيين سوريين وإيرانيين معنيين بتصنيع الطائرات المسيّرة. وبحسب "رويترز" الضربة أصابت المركز الذي كانوا يجتمعون فيه وكذلك شقة في مبنى سكني

وهنا يمكن القول إنّ إسرائيل تستغل أيّ فرصة "لإضعاف الذراع العسكرية لإيران الممثلة في الحرس الثوري، وكذا الوكلاء المحليين لـ"الحرس" في عدة عواصم إقليمية، مثل حزب الله في لبنان، ثم الحوثي في اليمن، فضلاً عن آخرين في سوريا"، وفق مورغان.

إيران وإسرائيل.. الصراع حتى النهاية

ويردف: "التعاون بين تل أبيب وواشنطن يصل حد الشراكة الاستراتيجية، وقد بلغت الأمور درجاتها القصوى عندما قامت إسرائيل بالمشاركة مع الولايات المتحدة في عملية اغتيال قائد فيلق القدس والقيادي بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي جرى استهدافه في نهاية حكم دونالد ترامب في مطار بغداد مع رئيس هيئة الحشد الشعبي أبي مهدي المهندس".

ووفق وكالة رويترز للأنباء، فإنّ المنشأة التي طاولها الهجوم الإسرائيلي بكفر سوسة كان يجتمع فيها مسؤولون إيرانيون لدفع برامج لتطوير قدرات الطائرات المسيّرة أو الصواريخ الخاصة بحلفاء طهران في سوريا. كما أنّ الهجوم أصاب تجمعاً لخبراء فنيين سوريين وإيرانيين معنيين بتصنيع الطائرات المسيّرة. وتنقل "رويترز" عن مصدر سوري قوله إنّ "الضربة أصابت المركز الذي كانوا يجتمعون فيه وكذلك شقة في مبنى سكني. قُتل مهندس سوري ومسؤول إيراني ليس رفيع المستوى".

ووفق الإعلام الرسمي السوري، فإنّ الهجوم تزامن وهجمات جوية أخرى بعدة مناطق بالعاصمة دمشق، الأمر الذي نجم عنه مقتل خمسة وإصابة 15 بينهم مدنيون.

الكاتب السوري شيار خليل، لـ"حفريات: في الفترات القادمة ستسعى أمريكا كما أوروبا وعن طريق إسرائيل إلى تكثيف ضرباتها المدروسة و"الممنهجة" ضد إيران، وتطويق تحركاتها داخل سوريا والعراق

ومن بين القتلى مهندس مدني بالجيش السوري كان يعمل في مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري. وبينما يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقره لندن، المعلومات الواردة بالإعلام الرسمي في دمشق بشأن عدد القتلى، فإنّ المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا، نظير عوض، ذكر لوكالة "فرانس برس" أنّ الأضرار بلغت مداها إلى أبنية تابعة لقلعة دمشق الأثرية "بعد سقوط صاروخ نتيجة العدوان الإسرائيلي". وقال عوض هناك "دمار واسع في المباني" التي تصنف أثرية، مؤكداً أنّ "هذا أكبر ضرر يطال قلعة دمشق منذ بدء الحرب".

عزل إيران عن المنطقة

وفي تعليقه على الضربة الإسرائيلية الأخيرة في دمشق، يؤكد الكاتب السوري شيار خليل لـ"حفريات"، أنّه كانت لها إشارات جديدة وقوية وعاجلة؛ فالضربة كانت بالتحديد تستهدف "اجتماعاً لقيادات إيرانية مع ضباط سوريين موالين لإيران داخل المربع الأمني وسط العاصمة السورية دمشق".

الكاتب السوري شيار خليل: خطر إيران بات يتجاوز الوطن العربي

ووفق خليل، فإنّ إسرائيل وعدة دول عربية تسعى لخفض خطورة إيران على المنطقة وتدخلها في شؤون الدول العربية بكل الطرق، لافتاً إلى أنّ هذا يحدث بوتيرة سريعة بالتزامن مع التسريبات التي تتحدث عن تزويد إيران روسيا بالطائرات المسيّرة في أوكرانيا، وكذا احتمالية دعمها بالصواريخ الباليستية التي أعلنت كييف عدم قدرة دفاعاتها الجوية على التصدي لها.

ويردف خليل: "تدخل إيران في الحرب القائمة بين روسيا، من جهة، وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، من جهة أخرى، سيفرض صراعات متباينة بين تل أبيب وطهران، سواء داخل إيران أو في مناطق نفوذها الإقليمية. وهنا؛ حلبة الصراع باتت أقوى وأوسع، فالضربات ستكون موجهة بشكل أكبر لإيران؛ لأنّ خطرها بات يتجاوز الوطن العربي وامتد إلى بقعة أوروبية لديها امتداد مع أقطاب سياسية عالمية".

وفي تقدير الكاتب السوري، أنّه في الفترات القادمة ستسعى أمريكا كما أوروبا وعن طريق إسرائيل إلى تكثيف ضرباتها المدروسة و"الممنهجة" ضد إيران، وتطويق تحركاتها داخل سوريا والعراق، وذلك بالتزامن مع الحركات الاحتجاجية التي لم تتوقف منذ أيلول (سبتمبر) العام الماضي داخل إيران بعد مقتل الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني على يد دورية "شرطة الأخلاق". كما أنّ القوى الكبرى ستواصل دعمها، في المقابل، للتحركات السياسية الواسعة لأطياف المعارضة الإيرانية في الخارج لفضح سياسات المرشد الإيراني على خامنئي والسلطات الإيرانية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية